محمد كليبي
الحوار المتمدن-العدد: 2413 - 2008 / 9 / 23 - 05:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت جالسا أمام شاشة التليفزيون في فترتي اليومية المخصصة لمتابعة الأخبار عبر تلك الشاشة الفضية . عندما عرضت الشاشة خبر اعصار " آيك " الذي يجتاح الولايات المتحدة الاميركية , وتحديدا ولاية " تكساس " , وأكثر تحديدا منطقة " بوسطن " . وكانت أمي معي ذي ذات المكان , فلفت نظرها المشهد المدمّر , فدار بيننا الحوار التالي
أمي : ما هذا ؟
أنا : هذا اعصار , أي رياح شديدة وقوية تحطّم كل شيء أمامها
أمي : أين ؟
أنا : في أميركا
أمي ( مباشرة وبدون تردد ) : يستحقوا
أنا ( بسرعة ) : لماذا ؟
أمي ( مباشرة أيضا ) : كفّار !!؟؟
ثم استدركت أمي بعد لحظات قائلة : أليس هنالك مسلمون ؟ في اشارة منها الى أنّ لديها بعض الاشارات البسيطة عن وجود مسلمين في أميركا
أنا : نعم . نسبة بسيطة
أمي : الله يحفظ المسلمين !!؟؟
أنا : والآخرين ؟
أمي ( مرّة أخرى ) : يستحقوا
فكرّرت معها ذلك السؤال ( والآخرين ؟ ) وان بصيغ مختلفة في محاولة مني لافهامها أن الآخرين أناس طيبين ولا يستحقوا أن نتمنى لهم الشّر . فكانت اجاباتها هي هي : يستحقوا , كفّار !!!؟؟؟
فهذه هي أمي . ذات السبعين خريفا . الأميّة . التي لا تفقه شيئا في السياسة والعلاقات الدولية . ولا تعرف الفرق بين الحرب الباردة والحرب الساخنة , ولا تعرف ماهيّة الأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي ...
وهذه هي الثقافة الاسلامية . ثقافة كراهية . ثقافة عنف . ثقافة تطرّف . ثقافة ارهاب . ثقافة تعتبر ان غير المسلمين هم الآخرين , هم الكفار والمشركين و... يستوي في ذلك المسيحيين واليهود مع الهندوس والبوذيين ... وغيرهم . فالمؤمنين هم المسلمين , والمسلمين فقط .
قد يقول قائل : لماذا لا أبذل جهدي - وأنا المثقف العلماني المتنوّر - في بيتي وفي أسرتي أولا قبل أن أتوجه الى الآخرين , ففاقد الشيء لا يعطيه ؟ وهذا سؤال بديهي ومنطقي وفي محله ولا غبار عليه . لكنه , في ذات الوقت سؤال مردود عليه
أنا فعلا أبذل جهدا , وجهدا كبيرا , في نشر ثقافة التسامح وثقافة الحوار وثقافة قبول الآخر المختلف , وذلك سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع . وأنا أحقق نتائج جيدة , على الاقل في المستوى الأول , مستوى الأسرة . لكنني اعترف أن ذلك النجاح محصور في الجيل الصغير , في الجيل الجديد , مع أن التحديات كبيرة ومتعددة , فهنالك المدرسة المتخلفة , والشارع الهمجي , والجامع الماضوي , وحتى جهاز التلفاز لا يساعدنا بل يقف ضدنا .
أما الجيل القديم , جيل الآباء والامهات , مثل امي , فان كل المحاولات معهم فاشلة . لماذا؟
لان الثقافة الاسلامية , ثقافة الكراهية , قد تغلغلت في دمائهم . لقد اصبحوا ( مبرمجين ) على الكراهية للآخر , أي آخر غير المسلم !!!!!؟؟؟؟؟
#محمد_كليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟