أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - ثقافة المحاكمة والتخوين














المزيد.....

ثقافة المحاكمة والتخوين


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 744 - 2004 / 2 / 14 - 06:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من وجهة النظر النقدية تُعد السجالات والمعارك الفكرية والثقافية، وحتى السياسية، دليلاً على حيوية وجدلية هذه الميادين المعرفية، وعاملاً من عوامل إغناء وتكريس الجوانب الإيجابية فيها. بيد أن انزلاق هذه السجالات إلى نوع من المهاترات والمناقشات الشخصانية العقيمة، الخالية من روح النقد العلمي الموضوعي، والممتلئة ضغينة ضد الآخر، المختلف معه، يدفع بها نحو هاوية التجهيل والخواء والاستغلاق. وهذا بالضبط ما حدث ولا يزال يحدث، في أوساطنا الثقافية والاجتماعية، مع كل هزة من الهزات، التي تتعرض لها الحياة السياسية العربية، إذ سرعان ما تتحول، تلك الثقافة، إلى " ثقافة محاكمة وتخوين" على حد تعبير الباحث السوري تركي علي الربيعو، الذي يناقش هذه الظاهرة بإسهاب في كتابه "عقلية التخوين في الخطاب العربي المعاصر" وذلك جراء ميلها الدائب إلى نفي الآخر وتخوينه وإقصائه، إن لم يكن تشريده وطرده.
ومثلما كان ديدن الاستشراق " وضع الشرقي في المحكمة والتأديب" حسب استخلاص أدوارد سعيد، ورثت الثقافة العربية، عن الاستشراق، ذلك الميل، الذي يكاد أن يكون علامتها الفارقة لمحاكمة الآخر وتأديبه، بصرف النظر عن موضوعة الحوار وطبيعة الاختلاف. وكما يقول  الربيعو فإن من يريد أن يتجشم عناء البحث في أروقة العقلية التآمرية، التي طبعت الثقافة العربية، سيعثر على مادة ببلوغرافية مرعبة تتصدرها عبارات التخوين ويتضمنها ذلك النزوع إلى محاكمة المثقفين لبعضهم البعض ومحاكمة الذات المجتمعية باعتبارها مصدراً لكل الشرور والآثام.
إن عيوب الخطاب الثقافي العربي وإشكالياته ومرجعياته المؤدلجة، التي حولته، طوال العقود المنصرمة، إلى خطاب تخويني متمترس في ذاته يرفض الحوار والرأي الآخر، تتجسد اليوم، كما بالأمس، في ذات "العقلية التآمرية" التي طبعت الثقافة العربية منذ نكسة حزيران 67  وحتى اليوم. فمن تسعفه الذاكرة، أو المصادر، سيتذكر حتماً تلك السجالات الصاخبة، التي اندلعت في أعقاب هزيمة حزيران، وكيف أصبح المجتمع العربي برمته ميداناً لتجريب الأفكار والنظريات، ومرتعاً للأحكام الانطباعية والمحاكمات الجائرة، حتى تحول، ذلك المجتمع، إلى " فأر" اختبار جرّب عليه الجميع طروحاتهم الثورية ووصفاتهم الجاهزة، وإذا به مصاب بألف عقدة سيكولوجية لا تنفع معه أساليب التحليل والعلاج النفسي، وكأنه كارثة إنسانية أكثر منه مجتمعاً بشرياً، على حد تعبير المفكر برهان غليون.
وها نحن نرى اليوم كيف يراد تحويل المجتمع العراقي إلى " فأر" جديد لاختبار النظريات والشعارات الثورية عبر خطاب التهييج القومي وثقافة المحاكمة والتخوين، وعبر طريقة التفكير الانفعالي، التي  تغزو الحقل الثقافي وتسيطر عليه وتدفعه، بالتالي، إلى حالة من التمترس تلقي بظلالها على مجمل نتاجات هذا الحقل وإبداعاته، مغلبة الجزئي على الكلي ومستبعدة النقد الذاتي ومحتفية بالشعاراتية وإعلاء شأن القوة المجردة وتغييب أرضية الحوار الموضوعي.
وإذا كانت هذه هي مفردات وآليات الخطاب الثقافي العربي في تجلياته السياسية فإن تجليات هذا الخطاب على الصعيد الفكري والإبداعي ستبدو أشبه بالفضيحة في ظل تهافت المناهج النقدية وغياب المرجعيات المعرفية، الأمر الذي يجعل من الفوضى قاعدة ومن الحرفية استثناءً، فيما تصبح الشعاراتية سقف التاريخ والواقع حقيقة عابرة ومنفية.



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى مهدي خوشناو


المزيد.....




- بكلفة مئات الملايين من الدولارات..ما أبرز اللحظات بحفل زفاف ...
- أردى بعضهم قتلى.. غموض بعد جريمة صادمة لأب أطلق النار على وا ...
- باكستان تعلن عن حصيلة القتلى والجرحى في الهجوم على مسجد بسلط ...
- Politico: نموذج السويد للتجنيد العسكري يجذب الدول الغربية وس ...
- يوم عاشوراء في مصر.. من المياتم والأحزان إلى البهجة وأطباق ا ...
- بايدن وترامب -مدمنان- على السلطة - صحيفة التايمز
- بيربوك تروج من السنغال للشراكة الأوروبية الأفريقية
- إعادة انتخاب المحافظة المالطية ميتسولا رئيسة للبرلمان الأورو ...
- لقطات من داخل سيارة -لادا أورا- يقودها بوتين أثناء تفقده طري ...
- حريق الغابات المميت يلتهم منطقة سياحية في إزمير غرب تركيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - ثقافة المحاكمة والتخوين