أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد صبيح - الجرح النرجسي للكرد















المزيد.....

الجرح النرجسي للكرد


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 744 - 2004 / 2 / 14 - 06:43
المحور: القضية الكردية
    


مهما يوغل العقل في رصده للصراعات بالتجريد والاختزال وإعادة تلك الصراعات إلى اصول محددة، سياسية وعسكرية، لا يستطيع أن يتغاضى عن الأبعاد الوجدانية والنفسية والثقافية التي توسم الصراع أو تنفرز كنتائج ناجمة عنه. فالأثر الذاتي، الفردي والجماعي، لامناص من حضوره في الوقائع الفعلية المادية وكذلك في ثنايا الخطاب الذي يقاربها وينظر فيها. كما إن حالة الامتزاج العاطفي والنفسي في الموقف الفكري تتضاعف أكثر حينما يراكم الزمن الصراع وينوع فيه ويفاقم ويعقد مصادره ومكوناته بسبب من غياب الحلول المنطقية والجذرية. وأيضا تجنح حركة الصراع وتمثلاتها الفكرية نحو الانحياز العاطفي واللاموضوعية حينما تُسقط النظرة أو المنهجية الأيدلوجية على أشكال الممارسة الفكرية – الخطابية، ولاسيما إذا كانت أيدلوجية قومية مثقلة عادة، لطبيعة تكوينها، بمصادر اللاعقلانية كالجوهرة والاطلاقية واحادية النظر الخ.
 هذا التداخل بين المشاعر والرؤية السياسية لحدود الإفراط والتطرف موجود بوضوح في الخطاب السياسي القومي الكردي الامر الذي أورثه بل أثقله بمستوى عال من التجاوز والاختلاط ووسمه باللاموضوعية والانغلاق وعقد أخرى جعلت من هذا الخطاب ينوس بين العدوانية والتحدي المفتعل والابتزاز راسما بهذا إطارا مغلقا لأفق الصراع ومسالك شائكة للحلول من خلال وضعه لاشتراطات تمهيدية افتراضية، لا يكمن ضررها بطبيعتها وإنما بمنطلقاتها واقتصارها على طرف مفترض ومختار الملامح ومحدد الدور، لا تبتعد عن أفق الرؤية المغلقة للمنظور القومي الضيق في معالجة الإشكال الذي هو بطبيعته وأبعاده الموضوعية نابع ومتغلغل في طبيعة التركيبة العامة للمجتمع والهيكل السياسي الذي يتركب من أطراف الصراع جميعها ولا يقتصر على طرف دون الآخر.
أنا هنا أحاول أن أشير إلى الطرح العام الذي يقدمه الكثير من الإخوة الكتاب الأكراد باعتباره هو المعبر عن دو اخل وطبيعة الخطاب الفكري والسياسي الأكثر وضوحا وصراحة من الأدبيات الحزبية الرسمية للأطراف السياسية. فقد دأب الإخوة الأكراد في طروحاتهم من خلال كتاباتهم على تقديم وجهات نظرهم في أوضاع وآفاق القضية الكردية بطريقة جنح فيها هذا الطرح إلى حدود اللاتوازن وصار يختصر النظر إلى الموضوع من زاوية ضيقة تفترض أن أطراف الصراع، وفق الرؤية القومية العنصرية الضيقة التي يحملها جلهم، هما أبناء الثقافة وبالتالي الشعب بمجموعه وعلى إن الصراع هو صراع قومي بين أقوام وثقافات أو كيانات قومية وليس صراعا ذا أبعاد سياسية مصا لحية نخبوية بحتة.  وبهذا المعيار والأرضية المشبعة بالعاطفية والانحياز والإطلاق، سيُنظر إلى ألذات، باعتبارها صاحبة حق مطلق وبالضرورة ممثلة شرعية لهذا الحق، بأنها ذات تختزن في جنباتها كل ماهو خير وصحيح. فالكردي هو الخير المطلق، وان الآخر، - بعد التحريف في هويته وموقعه وبالتالي دوره، وهو العربي المطلق هنا، بغض النظر عن الشكل التمثيلي والتصنيفي الذي يتحقق به والذي يصنعه الخطاب القومي ذاته- هو الذي يجسد الوجه الآخر، النقيض، المصمت والجوهري بدوره، والمجسد للعدوان وسوء النية والتآمر. ففي هذا الخطاب مطلوب من العربي، بعد مماهاته بجسد النخبة الحاكمة الدكتاتورية، التي لا تمثل أحدا سوى نفسها ولا تستمد شرعية إلا من ذاتها، أن ينوب عن تلك الأنظمة- بعد قطع الرجاء منها لطبيعتها النخبوية والاستبدادية- في تقديم النوايا الحسنة والتفهم والاعتراف بالآخر الكردي وتقديم خطوات عملية، تبدو في جوهرها ذات طابع اشتراطي، تستبق اي عملية للتواصل أو الالتقاء بين العربي والكردي. والجلي في هذا الخطاب وتلك الرؤية أنهما لا توجهان نقدا إلى الكردي مهما أوغل في خطيئته حتى إزاء أبناء جلدته كما هو حال المرتزقة (الجاش) والمرتبطين عضويا مع الأنظمة المستبدة. لان ألذات الكردية هنا مستثناة من فعل النقد، فالنقد قرين الخطأ وهو مالا ينسجم مع تعالي ألذات النرجسي، الثاوي في الرؤية القومية،  التي لاتاتي إلا بالصحيح. ولأنها الضحية بالمطلق، ومنطق الضحية يستحضر جلادا سيأخذ في الخطاب القومي الذي لا يحتمل الامشروعه الوجودي بنقائه العرقي، وجه الآخر القومي( العربي). وهنا يبدو لي أن الكرد يمارسون في خطابهم سياسة ويطالبون الآخرين بممارسة مبادئ.
 بهذا الصدد يطرح السيد صلاح بدر الدين في مقاله المنشور على موقع الحوار المتمدن ليوم 11 02 2004 ما يعتبره أوليات للصداقة بين العرب والكرد.
     الوطنيون والديموقراطيون الكورد والعرب مسؤولون عن صيانة وتعزيز العلاقات التاريخية بين الشعبين ، والمسؤولية العربية تأتي بالدرجه الاولى والاساس لكونها تنبع من واقع القومية السائدة بالنسبه للاكراد وما تتطلبه من واجبات اضافيه كسلوك التراجع عن الخطأ في اضطهاد وحرمان شعب صديق خلال عشرات السنين.
تتضمن الفقرة أعلاه، بزعمي، ما عرضت له من لا توازن في الرؤية التي توسم الخطاب الكردي فالكاتب لم يحدد، في التعداد اللاحق للمهام، مسؤولية الكرد إلا في حدود الذكر العام الذي لايعني ربما إلا مراقبة اداء الآخر العربي وقبوله أو استحسانه مما يوحي بتحميل الطرف العربي المسؤولية المركزية وهذا ما تشير إليه ذات الفقرة في شقها الآخر الذي احتوى على إشكال يحيل مسؤولية اضطهاد الشعب الكردي إلى العربي – وهو ما يتناقض مع ما ذهب إليه الكاتب في نهاية مقاله برفعه لتلك المسؤولية!- ومطالبا إياه بالاعتذار كمطلب لا يخلو من بعد ابتزازي وذي حكم جائر على الشريك العربي بفرض إلقاء المسؤولية عليه ومطالبته بالاعتذار، مع إن هذا الاعتذار تأتي ضروراته وشرعيته حينما يكون هناك تقارب فعلي أو قانوني بين السلطة وبين المواطن كأن يكون المواطن منتخبا لتلك السلطة كممثل له وهو الامر الذي يدرك الجميع انه غير متحقق وان المواطن معزول ومهمش ويقف غالبا على الضد من سياسات حكومته.  أو يأخذ هذا الاعتذار مبرراته حينما يكون التقارب والتمثيل أو التخويل حاصل بين السلطة والنخب السياسية والثقافية ذات الخلفية والطروحات أو المشاريع الديمقراطية. فهل يتحمل على سبيل المثال حزب شيوعي في العراق مسؤولية جرائم اضطهاد الأنظمة والنخب الحاكمة للشعب الكردي؟
 ويفرض السياق هنا إبداء التحفظ والاعتراض على ما قام به الدكتور كاظم حبيب وشخص حقوقي أخر بتقديمهما اعتذارا إلى الشعب الكردي بصفتهما عربا. وإذ تبدو خلفيات كل من هذين الرجلين مختلفة وكذلك مبرراتهما حيث يمكن تفهم موقف الدكتور كاظم حبيب بسياق القناعة الفكرية لأنه لا مؤشر على أغراض كسب ومسعى انتهازي أو انجرار عاطفي في سلوكه مثلما هو حال الشخص الآخر، إلا أنهما بسلوكهما ذاك جعلا موقفهما منسجما مع المعيار الخاطئ في تحديد أطراف الصراع الذي تحدده الرؤية القومية على انه صراع قوميات بينما هو في واقعه وبشكله العام والمختصر صراع بين النخب الحاكمة وبين الشعب العراقي بمكوناته المختلفة والتي يشكل الشعب الكردي احد مكوناتها المهمة. وعموما فهذا موقفهما وخيارهما وإذا أرادا أن يتحملا وزر جرائم نظام صدام فهذا خيارهما لكن تلك السابقة أو الممارسة لا تعتبر سابقة ايجابية في تعديل وضع العلاقات بين الكرد ومكونات الشعب العراقي الأخرى.  ويقتضي الحديث عن فكرة تقديم الاعتذار استطرادا بسيطا عن طرح تقدم به احد الكتاب الأكراد في مناسبة أخرى وبذات المنطلقات الضيقة مطالبا مجلس الحكم في العراق أن يقدم هذا الاعتذار ولا نعرف باسم من سيقدم هذا المجلس اعتذاره أباسم الشعب العراقي بمجموعه؟ حيث سينبثق هنا سؤال مشاكس مفاده: إلا يعتبر الأكراد أنفسهم وحسب طروحاتهم في الفدرالية والشراكة إنهم جزء من هذا الشعب. فكيف إذن يعتذر شعب لجزء منه؟  أويعتذر امرؤ لنفسه؟ ثم يعتذر عن ماذا؟ اعن جرائم مجرم منحرف كصدام؟ من لديه استعداد، أخلاقي ومعنوي، لتحمل جريرة جرائم صدام؟
 كما يأخذ صاحب الاقتراح على جلال الطالباني انه لم يسع لطرح مطلب الاعتذار في فترة رئاسته الدورية للمجلس ويبني أملا على أن يحقق الأخ مسعود البارزاني ذلك في فترة رئاسته* متناسيا أو مهملا أن الطالباني لا يسعى إلى منجزات معنوية ترفع من قيمة أو شان الكرد كالاعتذار بقدر ما يهمه المكاسب المادية الجشعة كالنفط والملايين بما يتناسب مع تكر شه( بدانته) الجسدية المخزية، ولأجل أن يحقق طموحاته في السطوة والاستعراض.
 من هنا أرى أن الإلحاح في طرح مطلب الاعتذار هو نوع من الابتزاز وخلط للأوراق مشبع بالنوايا الغامضة وتعبير عن حرقة الجرح النرجسي للكرد. الجرح الذي أنتجه الصراع وآلامه وأورث الكرد حساسية مفرطة أربكت مواقفهم وشوشت رؤيتهم.
لا يتجنى المرء على احد حينما يفترض ويعتبر أن الشعوب هي متعددة المشارب والتوزع الثقافي والنفسي والأخلاقي والفكري والسياسي ولايمكن، بل سيكون ذلك تجاوزا على المنطق والعقل، اعتبار شعب ما أو مكون اجتماعي أو ثقافي انه ذو تركيب متجانس واتساق مترابط في الرؤى والمواقف. وبنفس الوقت يصعب تماما القبول بان خطاب ما أو جهة ما والأكثر فرد ما بامكانهم الحديث باسم المجموع. وهنا تنبثق أهمية الانتباه لخطأ ولا مشروعية الحديث بالنيابة عن الشعب الكردي وهذا ما يقع فيه الكثير من الكتاب والسياسيين الأكراد في تعبيرهم عن مواقفهم الخاصة أو مواقف تياراتهم الفكرية أو السياسية باعتبارها هي التجسيد الحي لطموحات وتطلعات شعبهم أو نخبهم. لان هذه الطريقة في التعميم والإطلاق والدمج ألقسري في المواقف والمكونات ستؤدي، بتصوري، إلى ارباكات يومية وعملية ستورث الضرر للعلاقات بين المكونات المختلفة للمجتمع العراقي أو لمد جسور الصداقة بين الشعبين العربي والكردي.  


هامش
تجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الكرد ينظرون إلى أن أعضاء مجلس الحكم الكرد مناطة بهم في المجلس والحكومة مهمة العمل من اجل القضية الكردية فقط و أن ليس من شانهم التعامل مع الجوانب الوطنية الأخرى، فيؤاخذونهم على دورهم في المجال الوطني العام كتمثيل العراق في المحافل الدولية أو السعي في طرح قضايا وحدة العراق ووحدة القوى السياسية الخ. وهذا تكريسا واضحا للانعزال ورفض للوحدة الوطنية حتى وان كانت بالفدرالية.

السويد
  2004-02-12



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألترهيب الإسلامي
- ثقافة الصنم
- الموقع المهذب
- وحدة الراي واقعها ودورها
- البعث يضع النقاط على الحروف
- نبوءة الخراب وتجلياته
- النقد نقاش وحوار وليس عنفصة إفهام لفريد بن ايار
- مسيحيو العراق الحجاب الاسلامي والمشروع الوطني
- قرارالغاء عقوبة الاعدام وسؤال المشروعية والجدوى
- الاجتثاث بالحوار
- المسالة الكردية الفدرالية والديمقراطية وحق تقرير المصير
- جريمة قتل في شارع عام - قصة مقتل اولوف بالمة
- عالم صدام حسين بين حضور التاريخ وغياب المؤلف مدى شاسع من الذ ...
- غياب المنهج وسطحية المعايير رد على الدكتور احمد البغدادي
- علاقات العراق بمحيطه ضرورية ومشروطة
- في تشريح المقاومة العراقية
- المثقفون لعراقيون تشوش الرؤية في تقييم التجربة الذاتية
- راي في فتوى هدر دماء البعثيين
- الاحزاب السياسية العراقية ودورها في بناء مستقبل العراق
- اعتذار صريح للشعب الكردي


المزيد.....




- بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن ...
- 2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و ...
- خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا ...
- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد صبيح - الجرح النرجسي للكرد