إن الوضع الذي يعيشه المغرب حاليا يتميز بمد يسعى لتسريع وثيرة التغيير ومد آخر يقاوم التغيير السريع. فمن جهة هناك مد ضاغط لتسريع وثيرة تفعيل آليات التغيير الرامي إلى تحسين أوضاع أغلب المغاربة وإعادة الثقة للمؤسسات العمومية، ومن جهة أخرى هناك مد يقاوم هذا المنحى إلا أن المغاربة مازالوا يعاينون إلى حد الآن سيادة رفع الشعارات والتلويح بالوعود الكبيرة لكن بمجرد ما يمر الوقت يتضح أنها لم تعرف طريقها إلى التطبيق، والأمثلة كثيرة في هذا المجال، ولعل آخر ها الإعلان عن القضاء على السكن الغير اللائق والسكن العشوائي، لكن تبين بالملموس غياب الآليات الفعلية الكفيلة بتحقيق هذه الرغبة على أرض الواقع المعيش، علما أن أغلب المجال السكاني المغربي والذي يحتضن أغلب المغاربة، مازال يعد مجالا يحط بكرامة الإنسان.
ورغم ذلك ، وبالرغم كل ما قيل حول ضرورة التصدي لهذه الإشكالية – جاء القانون المالي ليسبح ضد التيار بالتمام والكمال حيث أكد على التراجع عن صرف مبلغ 25 ألف درهم لكل موظف صغير يرغب في اقتناء سكن وهذا مجرد مثال.
ولعل هذا المثال كاف لإبراز الخلل في صيرورة تنفيذ القرارات المتخذة وبالتالي يدعو إلى ضرورة المطالبة بإعادة النظر الجذرية في النهج المتبع في تأطير الحياة العامة بالمغرب، باعتبار أن البلاد غير محكومة جيدا بحجة أن القرارات المتخذة حتى على أعلى مستوى لا تعرف طريقها إلى التنفيذ، وهذا معضلة كبيرة لا يمكن الاستمرار في التفرج عليها لأنها تولد الإحباط تلو الإحباط لدى المواطن المغربي الذي طال انتظاره والإحباط لا يمكنه أن يولد إلى التمرد وفقدان الثقة.