حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 03:15
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الإدارةُ، فنُ تسييرِ العملِ في إطارِ القوانينِ واللوائحِ وأيضاً في حدودِ القواعدِ السلوكيةِ والأخلاقيةِ، بمعني أنه عند تطبيقِ القوانينِ واللوائحِ فمن الضروري أن يكونَ الهدفُ منها صالحَ العملِ، لا إضرارَ باشخاصٍ بعينهم أو تقريبَ البعضِ علي حسابِ زملائهم مع تفادي المكائدِ والدسائسِ والإيقاعِ بين زملاءِ العملِ. العملُ الإداري متعددُ المستوياتِ بدءاً من رئيسِ الوزراءِ مروراً بالوزراءِ وغيرِهم وغيرِهم.
مع شيوعِ مبدأ اسنادِ الكراسي الإداريةِ لأشخاصٍ تتوفرُ فيهم صفاتٌ شخصيةٌ أكثرُ منها إداريةٍ، سادَت في العملِ الإداري سلوكياتُ لا تقيمُ اعتباراً لأخلاقياتِ الزمالةِ ولوجوبِ اكتسابِ احترامِ المرؤوسين والزملاءِ، من الطبيعي أن يكذبَ رئيسُ العملِ، أن يدعي فعلَه كذا وكذا لمصلحةِ موظفٍ أو جهةِ عملٍ، وهو واقعاً لم يفعلْ أو فعلَ العكسَ تماماً. من المعتادِ في رئيسِ العملِ أن يسبَ وينضحَ لسانُه بكلِ ما بداخلِه من مثالبِ سلوكيةٍ ونفسية. النفاقُ وانعدامُ الرأي الذي يبديه رئيسُ العملِ لمن بيدِه المدُ له أو ترقيتُه يتناقضُ تماماً مع ما يبديه من فظاظاتٍ مع المحيطين به.
الوزراءُ علي سبيلِ المثالِ، لا يعنيهم إلا رضاءَ من عينهم، يُسرفون في التصريحاتِ التي لا يساندُها واقعٌ، منهم من يُثيرُ السخطَ العامَ باعتبارِه أحدِ مسبباتِ إبقائه، علي الأقلِ من وجهةِ نظرِه. لم يُنسْ بعد هتافُ فاشل، فاشل الذي ردَدَه المعلمون في وجهِ الوزيرِ، هتافٌ لا يتعلقُ بالوزيرِ وحدِه لكنه ضد نظامٍ كاملٍ يقومُ علي اختيارِ عناصرٍ يستحيلُ أن تؤدي في ظلِ مناخٍ عامٍ من الاحباطِ والفسادِ وقلةِ الحيلةِ علي مستوي الدولةِ والشعبِ، إضافةً إلي صفاتِها الشخصيةِ التي تجعلُ قبولَها علي مستوي العلاقاتِ الاجتماعيةِ مستحيلاً فما بالك علي مستوي العملِ.
للأسفِ، يتربعُ الكذبُ علي قائمةِ السلوكياتِ المرزولةِ التي اجتاحَت العملَ الإداري علي كافةِ مستوياتِه، يتناقلُه الإعلامُ وجهاتُ العملِ والمجتمعُ كلُه. مجتمعٌ اعتادَ الكذبَ فصارَ سلوكاً مألوفاً، لا يثيرُ الغضبَ، بل يجدُ التفهمَ، يمارسُه ببراعةٍ من غزا الشيبُ مفرِقَهم ومن المؤكدِ أن يورثونَه ولو حضوا علي الصراحةِ وادعوا غرسَها. عندما يُقابلك رئيسك أنا أرسلت لك الدعوةَ الفلانيةَ ولم تجدْها، فاعرف أنه يكذب عليك وأنه سبقَك بالكلامِ حتي لا تحرِجُه بعتابِك له علي تخطيك، هو لا يجدُ في الكذبِ غضاضةً بل يعتبرُه مهارةً ونصاحةً وسرعةِ بديهةٍ، الكذبُ أصبحَ مرادفاً لها. عندما يدعي رئيسك أن سمعَ عن رئيسِه كذا وكذا وكذا فاعلم أنه كاذبٌ وأنه يريدُ إضفاءَ مصداقيةٍ يفتقدُها في شخصِه وأقوالِه.
كارثةٌ والله، نظامٌ إداري تاجُه الكذبُ، الدويقة وقبلُها العبارةُ أبسطُ نتائجِه،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟