أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد زيدان - عقل موديل 1200















المزيد.....

عقل موديل 1200


أحمد زيدان

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 03:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فيما مضى أيام الجاهلية قبل الإسلام، و العصبيات الحمقاء... أيام العبيد و الجواري... أيام وأد البنات و السلب و النهب،... و أيام القبائل الهمجية و الحروب بين القبائل، كانت تعيش معظم هذه القبائل على عبادة الأوثان؟؟ هل تدرك أن يعبد إنسانٌ حرٌ صنمًا مقيدًا؟؟ أي يعبد الحرُ المقيدَ، بل و يُقيَد به... خلاصة القول أنّ عقول هؤلاء عرب الجزيرة كانت في قمة الغباء و التخلف - و هذا ما نراه الآن من سلالاتهم المتعاقبة، بكل موضوعية.

هؤلاء العبيد، عبيد رغباتهم، و ساداتهم... عبيد جهلهم، و قحطهم الذهنيّ، عبيد عصبياتهم، و تعصبهم الجارف نحو القبيلة و الجماعة، و التي تتراءى لنا في حروبهم البشعة التي لم تكن رحمة فيها، فهم أخذوا هذه الخشونة و البشاعة لا شك من الصحراء الجرداء التي أكسبتهم مهارات القتال و الميل - كل الميل - إلى العنف و القسوة بالفطرة.

ألا تتخيل معي الآن حجم الصعوبة و المشقة، عندما تضع عقلًا حرًا وسط مجموعة من ثيران صحراوية؟! أو تضع قائدًا حكيمًا متحررًا من عاداتهم وسط قطيع محكم الإنغلاق على تقاليده و إرثه من الحمق و التخلف و العصبية؟!
هذه تمامًا كانت دور دين مثل الإسلام الذي كان ظهوره معجزة وسط هؤلاء؟؟ هل تخيلت عبقرية رسول الإسلام لينشر تعاليم دينية وسط مثل تلك العقول الصلدة الصدئة؟؟

إذا كانت الصورة قد وصلت لك الآن، إذن فالإسلام في المرحلة القادمة أمامه دعوة عسيرة كل العسر لنشرها وسط هؤلاء "البشر." و تخيل أنه في خلال 23 سنة من البعثة، تم فتح معقل قريش أكبر القبائل العربية، و هي مكة، و هذا إن عنى لك شيئًا، فهو أن مثل هذا الدين قد أقيمت دعوته ليس بناءًا على السيف فقط، لأن الدعوة لو أقيمت على السيف فقط، لكانت هُزمت شر هزيمة في أي من غزواتها ثم اختفت من على الوجود، و لكن ما جعلتها قائمًة حتى يومنا هذا هو العقل قبل السيف. فقد خاطب محمد هؤلاء البشر بالعقل، و اجتذبهم لدعوته بالعقل، و انتشر بلُب الدين و عقله - و ليس بأحكامه - و بعقل رجاله الأوائل، مع أنهم كانوا قلة قليلة من شبه الجزيرة بل من العالم. إذن، فالقاعدة الأولى التي قد تكتسبها إذا كنت مسلمًا أو غير مسلمًا أن التفوق دائمًا للعقل و ليس للقوة، و العقل دائمًا في موقع الصدارة، و ليس النقل.
و لهذا - و من وجهة نظري - فقد احتاج هذا الدين بالذات، لمرحلة ابتدائية “Breaking the Ice” أو من مقدمات مقنعة ليجتذب أول ما يجتذب هؤلاء الذين نزل عليهم، بالذات، و هي المقدمات و المقومات التي لا تقتضي بأي شكل من الأشكال على مسلمين من روسيا أو من الهند... إنه فرض على هؤلاء بعينهم أحكام خاصة بهم و بوقتهم لا تُفرض - بالعقل - على أناس آخرين اعتنقوا نفس الدين بعدها بقرون، و لن تُفرض - بالعقل أيضاً - على أناس آخرين سيعتنقوا نفس الدين بعد مئات القرون.
الآن قد وصلنا لمرحلة لا بأس بها من هذه التحليل البسيطة... لأن مرحلة “Breaking the Ice” لن تدم طويلاً، و المفترض أن ننتقل الآن لمرحلة أخرى أكثر تقدمًا بعد الهجرة إلى المدينة... و هي مرحلة نزول الأحكام على هؤلاء الناس بالتحديد لهذا الزمن بالتحديد... و هو ما قد أسلفنا ذكره، لأن وجود الرسول مثلًا بالإسكيمو كان سيتطلب منه ملابس أخرى و من دينه أحكام أخرى.

خلاصة القول أن الإسلام أخذ من الجو المحيط به، ليعطي رد فعل مناسب “Appropriate Response” و لذا جاءت بعض أحكامه فيها شيئاً من الغلظة – و التي تقاس و كأنها رحمة بمقياس أهل الجاهلية هؤلاء.
و لنتناقش في أمثلة بسيطة على ذلك، مثل أحكام الإسلام الشخصية و التي جاءت طبيعية وقت نزولها، مثل؛ الميراث، شهادة المرأة، تعدد الزوجات، مَلكَات اليمين، عدم زواج المسلمة من أجنبي، إلخ... أو مثلًا أحكام أخرى خارج نطاق الأحوال الشخصية، مثل؛ الخراج، الجزية، الشورى، الجهاد لنشر الدعوة.

الآن، انظر لهذه الأحكام بعين العقل و التروي! لتجد أنَّها خاصة جدًا بعصر صدر الإسلام... و الأحكام المذكورة من خارج نطاق الأحوال الشخصية، هي أحكام لا تُطبَّق الآن بالفعل؛ لأن الزمن قد نسخها و لا شك... لأن بكل بساطة، إختراع حديث مثل الإنترنت قد أتاح للناس المعرفة الآن، و المسلمون لا يحتاجون "لغزوة" أو ما شابه لنشر الإسلام، بل تكفي "حملة فيسبوك" واحدة للتعريف به، و بتاريخه.
إذن، فبكل وضوح و صراحة... و إن تغيَّر الزمن الآن، و لا تجبي الدول الإسلامية على رعاياها من الديانات الأخرى الجزية و الخراج و ما شابه؟؟؟ فما الذي يجعلنا نعيش بأحكام أخرى كثيرة قد عفى عليها الزمن، و مرَّ على نسخها قرون و قرون.

أود أن أعلق على حكمة القرآن تجاه المرأة على سبيل المثال، و التي كانت لا تعتبر آدميًا بمقياس أيام الجاهلية، فإذ به - الإسلام - يكرِّمها إلى حدّ معين، و هو حدّ نصف الرجل، و هو حدّ تتقبله هذه العقول وقتها و التي كانت توأدها في التراب... أي أن الإسلام أنزل أحكام لتنطبع بها و تسايرها أقوام الجاهلية الأولى، بطريقة سلسة و مباشرة و في حجم عقولهم... أي أنه لم يصدمهم، و ينزل عليهم بدين هو أشبه ما يكون بصدمة “Shock” ستكون الفرار منها أقرب من الإعتقاد فيها، و لكن على العكس، فقد سايسهم بما يناسب عقولهم حتى تضمن للدعوة الإنتشار فيما بعد، و أنا لا أجد أيّة حرج على مسلمي اليوم بالإكمال العقليّ لمثل هذه الأحكام، فلا أرى على سبيل المثال في المساواة الكاملة بين المرأة و الرجل، إلا تسلسلًا طبيعيًا لما تؤول له الأمور، و مثل ذلك في أحكام كثيرة لا تناسب عقل اليوم على أيّة حال.

إذن فقد اتفقنا على أن أحكام الإسلام تناسبت مع عرب الجزيرة ليتواءموا معها، و لا يفرّوا منها، و تكون الجزيرة قاعدة لانتشار الإسلام، فيما بعد.
و إذا كانت الإسلام كعقيدة - مثل أي عقيدة دينية - تعتمد على الإيمان بالعبادات و الغيبيات كجزء أوليّ و أساسيّ، و منّ ثم تتبعها بعض من المعاملات الحياتية أو التشريعات.
فليت المسلمين يعرفون أن تطبيق التشريعات هو جزء من الزمان و المكان الذي يقع فيه شخص بعينه من التاريخ و حول العالم، على التوالي...

و إن كانت أركان العبادات ثابتة، فإن التشريعات متغيّرة ينسخها الزمن، و ما من شك في ذلك عند كل عاقل سواء كان مسلمًا أو هندوسيًا، و إني أندهش حقًا كيف أن متبعيّ الأديان جميعًا يتفقوا على هذا، بل تصدر الهيئات المسؤولة عن الأديان المختلفة حول العالم تغييرات سنوية أو أكثر تنصح بها متبعيها حتى تواكب تغيرات العالم و العلم الحديث، إلا من الهيئات العليا للمسلمين أو من المسلمين أنفسهم الذين يعتمدون على نفس مصادر التشريع من آئمة فات على وفاتهم أكثر من ألف عام، و لا يعتمدوا التغيير و التعديل اللذان هما أساس الحياة.
فليس من العقل أن نتعدد في الزوجات الآن، أو نعامل المرأة بمبدأ القوامة، و لا أن نشرب من الإربة و نهشِّم الأكواب، و لا أن نستخدم السواك و نترك فرشاة الأسنان، و لا أن نركب الجمال و ننأى عن الطائرات، و لا أن نحارب بالسيوف و نزهد في الأسلحة... إعقلوا يا أولي الألباب... إن كنتم تملكون ألباب 2008.
أمّا لو كنت من ألباب 1200... صُنع في السُنّة... عفوًا فهذه ليست مكانكم التي تقرأونني من خلالها الآن... لأن الرسل بين الأقوام هي سُنّة ثابتة لا تقبل التشكيك، و قد وجب العمل بها، و عدم "هجرها." و من جهة أخرى، "فمارك زوكبيرج" صاحب الفيسبوك ليس من الصحابة!!!





#أحمد_زيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيماناً بالمرأة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد زيدان - عقل موديل 1200