أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - مكرمة السيد مجلس الحكم !















المزيد.....

مكرمة السيد مجلس الحكم !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 743 - 2004 / 2 / 13 - 04:11
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


                                     أصدر مجلس الحكم بيانا صحفيا غير مهم ، ما كانا له أن يصدر منه ، حتى لكأن المجلس أراد أن يذكر الناس في العراق بقرارات مجلس قيادة ثورة صدام الساقط ! أو بمهازل مكارم السيد الريس  حفظه الله ! والتي كان من بين تلك المكارم ( المهازل ) دجاجة واحدة تمنح لكل أسرة عراقية بمناسبة أحد الأعياد !
واليوم يعود مجلس الحكم ، ويهب بما لايملك ، فيمنح رئيس جمهورية العراق السابق ، عبد الرحمن محمد عارف ، الذي سلم مفاتيح القصر الجمهوري لصدام والبكر في ثورتهم البيضاء ! راتبا تقاعديا مقداره ألف دولار أمريكي شهريا ، ومع مكافأة مقدارها خمسة آلاف دولار أمركي ، مع العلم أن عبد الرحمن عارف قام بجريمة بشعة ، و هو مطالب بدماء زكية سالت على أرض كلية التربية من جامعة بغداد في مطلع سنة 1969 م ، فقد أمر قواته المتمركزة في وزارة الدفاع بضرب الطلبة المضربين في تلك الكلية ، وبمختلف الأسلحة ، وذلك حين استباحت أربع مدرعات عسكرية اسماؤها على التوالي : عمر ، ابو بكر ، عثمان ، علي ، حرم الكلية ، وأسقطت ثلاثة طلاب وطالبة جرحى ، جرح أحدهم كان بليغا ، والطلاب هم : يحيى من الموصل ، أنور من أربيل ، عبد الحسين من بعقوبة ، بالاضافة الى الطالبة : ميسون من الديوانية .
لقد استمرت قوات عبد الرحمن عارف بقيادة آمر ألانضباط العسكري ، تصبب رصاصها على الطلاب الذين تحصنوا في اقسام تلك الكلية لساعات ، على الرغم من أن ممثلي الطلبة اتصلوا به شخصيا ، لكنه لم يحرك ساكنا ، ثم عُرض الطلاب بعد ذلك لعملية امتهان قاسية، نالهم فيها ضرب مبرح ، بعدها نقل جنوده أكثر من خمسين طالبا منهم الى أقبية دائرة الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع ، وعُرضوا فيها لصنوف من التعذيب الوحشي ، وكان النظام العارفي يتصور أنه سيخيف الحركة الطلابية بتلك الأعمال الهمجية . وبعد يومين من ذلك صعّد الطلاب مواجهتم مع النظام ذاته ، وذلك بالتجمع عند أكاديمية الفنون الجميلة ، والانطلاق بمسيرة احتجاجية صوب رئاسة جامعة بغداد ، لتسليم رئيسها عبد العزيز الدوري مذكرة احتجاج على الأعمال الوحشية التي قام بها الجيش ضد الطلاب ،  والسكوت المطبق الذي لاذ به رئيس الجامعة نفسه على تلك الانتهاكات القمعية .
لقد حاولت الأستخبارات العسكرية منع قيام مثل هذه المسيرة بكل ما أتيت من أساليب ، وذلك بمنع توجه الطلاب من كلياتهم الى نقطة التجمع التي حُددت لانطلاق تلك المسيرة ، خاصة وأن جميع كليات جامعة بغداد قد انضمت الى الأضراب تضامنا مع طلاب كلية التربية التي انطلق الأضراب منها .
لقد فوت الطلاب الفرصة على مخابرات عارف العسكرية ، وذلك من خلال التوجه الى نقطة التجمع على شكل مجموعات صغيرة ، لا تتعدى الأربعة اشخاص ، وحين انطلق المسيرة الكبيرة صوب رئاسة جامعة بغداد صرخ مسؤولو دائرة الاستخبارات العسكرية بوزارة الدفاع  بدورياتهم العاملة في مناطق باب المعظم والكسرة والوزيرة : كيف مرّ الطلاب؟
كان رئيس الجامعة قد فرّ من الباب المطل على نهر دجلة قبل وصول المسيرة الى مبنى رئاسة الجامعة ، والتي كانت بنايتها في الأساس هي البلاط الملكي ، ساعتها لم يبق أمامنا إلا المطالبة باستقالة رئيس الجامعة ، ولهذا فقد دوى هتاف الطلاب : ( كوم استقيل يا عزيز الدوري !) ثم رفعني طالبان على ظهريهما امام باب مقر رئيس الجامعة ، والقيت أنا قصيدتي التي نظمتها قبل ليلة على مسامع ألالاف من الطلبة ، وأمام عدسات كامرات عملاء المخابرات العسكرية العارفية ، وقد كان منها هذا البيت العالق في الذاكرة :
لا خير في هذا الشجاع وسيفه
إذ راح يقتل في بنيه ويعقر
وقد أعقبني من الطلاب خطباء وشعراء ألقوا بخطبهم وقصائدهم قبل أن يقرر الطلاب الانطلاق في مسيرة صامتة صوب شارع الرشيد ، لكنها تحولت الى صائتة فيما بعد حين اصطدمت بجنود النظام ودباباته عند وزارة الدفاع ، حيث جرت اشتباكات عنيفة بين الطلاب وبينهم ، وقد تعرف علي وعلى زميل آخر ازلام مخابرات عارف ، ففررنا من بين أيديهم ، ودخلنا سوق هرج ، ومنه الى أزقة الحيدرخانة التي نعرف التحرك بها جيدا ، ومن هناك ركبنا أنا وزميلي سيارة نقل سوية . أنا الى البصرة ، وزميلي الى أهوار العمارة ، وفي الطريق عزمت على المضي الى جامعة البصرة لالقي قصيدتي ذاتها فيها ، بعد أن اضفت لها أبياتا على مقدمتها منها :
للبصرة الفيحاء جئت أبشرُ
صوتا يهزّ الظالمين ويقبرُ
أمُّ الرشيد تضرجت بدمائنا
أفما أتاك حديثها والمخبرُ
وبعدها انحدرت أنا الى أهوار الناصرية ، وبقيت فيها شهرين ، ثم عدت الى بغداد ، وكان الاضراب ما زال متواصلا في جامعتها .
هذه الأحداث التي رويتها على هذه العجالة جرت في عهد عبد الرحمن عارف ، وفي عهد معاون مدير مخابراته العسكرية ، والقريب من دوائر المخابرات الغربية ، المرحوم عبد الرزاق النايف ! كما يترحم عليه مجلس الحكم ، في بيانه الصحفي المرقم 188 ، وبطريقة تستفز مشاعر مئات الالوف إن لم أقل الملاين من ضحايا النظام العارفي ، فعبد الرزاق عارف هو الذي قال مرة من انه مستعد لتسليم بغداد الى الصهاينة وغير مستعد لتسليمها لقوى اليسار ، وأضاف أنه سيحرق بغداد إذا جرى منهم ( اليسار ) تحرك لاستلام السلطة! وهو الذي أتى بالبكر وصدام الى القصر الجمهوري في ثورتهم البيضاء ! وذلك بعد أن أختبرت الدوائر الغربية ، الانجليزية والأمريكية ، قوة اليسار العراقي وقتها ، وخاصة جماهيرية الحزب الشيوعي وتصاعد شعبيته ، فسمحت سنة 1968 م باجراء انتخابات طلابيه في عموم جامعات العراق ، والتي فاز فيها ممثلو الحزب الشيوعي بنسب بلغت التسعين في المئة ، تلك النسب التي افزعت تلك الدوائر في العراق ، وأوعزت للنظام العارفي بالغاء نتائج الانتخابات على عجل ، تزامنا مع حملة شرسة شنتها صحافة النظام نفسه على الحزب الشيوعي صبيحة اليوم الثاني على ظهور نتائج الأنتخابات ، حتى أنني لا زلت أتذكر تعليق الدكتور داود سلوم ، استاذ النقد في كلية التربية على تلك النتيجة بقوله : يا جماعة هل استولى الحزب الشيوعي على ثانويات العراق ، فكل الطلاب يأتون الى جامعة بغداد ، وهم يحملون افكارا شيوعية !
وباعتقادي أن نتيجة الانتخابات تلك هي التي عجلت بصناعة الثورة البيضاء ، ثورة17-3. من تموز ! كما كان يحلو لطبول اعلام بعث العراق أن يسميها ، وذلك من خلال ركائز المخابرات الغربية في الجيش العراقي ، وبالتعاون مع خلصائها في حزب البعث ، خاصة وإن النظام العارفي كان على درجة كبيرة من الضعف .
واليوم يُعطى عارفا ألف دولار ، وزوجة عبد الرزاق النايف خمسمئة أخرى منها ، في وقت لا تزال فيه آلاف من ألأسر العراقية التي نُكبت بآبائها وأبنائها ، زمن النظامين : العارفي والصدامي ، تعاني الفقر المدقع ، وتعيش مشردة في وطنها ، وهي لا تملك حتى سقفا تستظل به من حرّ ، أو تحتمي به من قرّ ، فلماذا يجازى المسيء ويحرم البريء يا مجلس الحكم ؟ ثم لماذا تشغلون أنفسكم بأمر تافه كهذا ؟ أما كانت مديرية التقاعد العامة هي الأولى به منكم ؟ ثم لماذا بالدولار ؟ فهل تريدون التقليل من قيمة العملة الوطنية ( الدينار ) في أعين الناس أم أن مجلسكم لا يثق بسعر صرف دينار عمل هو على اصداره؟
لقد قيل إن الدكتور أياد علاوي هو الذي اقترح على مجلس الحكم مضمون بيانه الصحفي المار الذكر ، والحقيقة ليست هذه ، فعارف والنايف ورغم تعاونهما مع الأمريكان إلا انهما كانا من ضحايا أمريكا في العراق ، حين اقتضت مصلحة أمريكا ألاتيان بنظام بطش وقتل تمثل بنظام البكر – صدام ، وذلك من أجل تحقيق أهدافها في العراق ، وفي المنطقة عموما ،  ولهذا فقد جاءت اشارة صرف الراتب التقاعدي من بريمر كرد اعتبار لاعوان أمريكا المضحى بهم ! وعلى حسن نية فقد حمل علاوي الاشارة هذه من بريمر كاقتراح الى مجلس الحكم !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة العراقيين والحزب الشيوعي العراقي !
- ظرف الشعراء
- قومية النفط !
- ظرف الشعراء ـ 1 ـ العرجي
- الحجاج مظلوما !
- قصيدتان
- اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !
- عن المهر والنهر والفكر المستورد !
- المقهى والجدل
- تهديدات السستاني على لسان المهري والرد الأمريكي !
- قرار الكاشير ولغة الغطرسة !
- مكروا فمكر بريمر !


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - مكرمة السيد مجلس الحكم !