في حقيقة يختار المرء في التعامل مع جملة من القضايا بالمغرب ومن ضمنها مشكلة الفساد، فهناك جملة من الموظفين الصغار المأمورين أذينوا من طرف محكمة العدل الخاصة وشردت عائلاتهم وكان أغلبهم متهمين باختلاس أموال عمومية قد تبدو زهيدة بالمقارنة مع الأموال الباهضة من قبيل ملف القرض الفلاحي وملف الضمان الاجتماعي وملف البنك الفلاحي وملف الضمان الاجتماعي وملف البنك الشعبي وملف وكالة المغرب العربي للأنباء وملق القرض السياحي والعقاري وملفات أخرى، لكن أصحابها لم ينالوا عقابا ولعل آخر المستجدات في هذا الصدد النقاش الجاري بصدد طي ملف البنك الشعبي الذي يتابع فيه مديره السابق عبد اللطيف العراقي ومن معه، وإن ثم هذا فسيكون حيفا كبير في حق أكباش الفداء- الموظفين الصغار- الذين قدموا لمحكمة العدل الخاصة على امتداد سنوات من عمرها.
فهل يعقل أن يعاقب سارق دراهم معدودة وغض الطرف عن سارق الملايير، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد، وإذا كان الأمر كذلك فمن قبيل الإنصاف إعادة النظر في جملة من ملفات محكمة العدل الخاصة المتعلقة بالموظفين الصغار، لاسيما وعددا كبيرا منها لم يستوف شروط المحاكمة العادلة المنصفة، وهذا أضعف الإيمان.
و في واقع الأمر لا يعرف أحد مقدار المال المنهوب فعلا، و ذلك باعتبار أنها أموال حولت على امتداد سنوات في غفلة تامة عن المراقبة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، بخصوص القرض العقاري و السياحي كان الحديث عن أزيد من 640 مليار و بخصوص الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قيل أن هناك ما يفوق 37 مليار، و بخصوص الصيد البحري قيل أنه ساد التلاعب في أكثر من 70 في المئة من الميزانية. و هناك كذلك ملف وكالة المغرب العربي للأنباء و ملف المطاحن و ملفات الوكالات الحضرية لتوزيع الماء و الكهرباء و أبرزها ملف القنيطرة و ملف ابنك الوطني للإنماء الاقتصادي و ملف البنك الشعبي و ملف الجمارك و الضرائب غير المباشرة و ملف القرض الفلاحي و ملفات معامل السكر و ملف شركة السوجيا و شركة الصوديا و ملف وزارة الشبيبة و الرياضة و ملف السياحة. و بعض هذه الملفات تم الكشف عنها رسميا و البعض الآخر تم التستر عليه في الكواليس قبل أن يعرف طريقه إلى الانفجار. كما أنه هناك ملفات أخرى مازالت تعرف التستر.