|
عقلانية العرب: عبد الرزاق عيد أنموذجاً
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 00:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في اللارد على عبد الرزاق عيد لا يسعنا إلا أن نطلعكم ومن خلال هذا الرابط على أحد معارك العقلانيين العرب وحفلات ردحهم وأبطالها على شاكلة ميشيل كيلو وعبد الرزاق عيد ومن لف لفهم من الكلمنجيين والسفسطائيين والعقلانيين وغير العقلانيين( يعني لمة عرب)، وذلك قبل الدخول إلى سيرك العقلانيين العرب في هذا المقال، ولكن قبلها تابعوا هذا الرابط:
http://middleeasttransparent.com/old/texts/majd_abdelrazak_eid_vs_michel_kilo.htm
كنت دائماً أردد وأقول، وعلى سبيل التندر والدعابة لتفسير كثير من الظواهر الغامضة والسلوكيات الغريبة وردود الأفعال اللاعقلانية والصبيانية في مجتمعاتنا، أن في أعماق كل منا بدوياً صغيراً، كامناً وهاجعاً في أعماق اللاوعي والجين والشيفرة الوراثية لكل منا، وبما فيهم طبعا العقلانيون العرب( عرب وعقلنة!!! العمى كيف ظبطت هذه معهم)؟ ولكن وما إن تحن اللحظة، وتنضج الشروط ، وتكتمل الظروف حتى ينتفض، ويخرج ذاك البدوي من قمقمه ويسفر عن وجهه الصفراوي الصحراوي البدوي الشنيع، ومهما تكن الشخصية التي قبع في لا وعيها ذاك البدوي الصغير، سواء كانت عضواً في رابطة العقلانيين العرب، أو طرطوراً متشرداً على قارعة الطريق، ومع الاحترام دائماً لقارعة الطريق، فهو-البدوي- من نفس النوع والدرجة والطراز والتركيب التي لا تقبل التغيير.
وبداية، نعرف جيداً ما يحرك السيد عبد الرزاق عيد وأمثاله، ونستطيع أن نحدد له بالضبط أن يقبع ذاك البدوي الصغير في أعماق أعماق لا وعيه الباطني، ومتى يمكن تحريكه وكيف يمكن تنويمه وما الذي يلهيه وبغض النظر عن العشرين كتاباً التي يتفاخر في تأليفها في كلام سفسطائي عجين "لا يودي ولا يجيب" فذاك البدوي الصغير أقوى منهم أجمعين؟ وإذا كان البحث عن بطولات فارغة وأوهام سلطوية عابرة وإرضاء أوساط عقائدية، وسياسية إقليمية متعددة يقتضي كل هذه اللاعقلانية والانفلات الخلقي والتحلل الوطني فلا يملك المرء إلا الأسف والأسى للحال الذي وصل إليه العقلانيون العرب في رحلتهم مع العقل السقيم. ويتساءل المرء في سره بذهول وعجب، كيف لم تستطع كل تلك النظريات الفكرية الرائدة والتجارب الإنسانية العظيمة وأوابد وشواهد الفكر العالمي الشاهقة في زحزحة ذاك البدوي الصغير من أعماق العقلانيين وغير العقلانيين العرب ولو قيد أنملة، أو في إحداث أية نقلة نوعية وتركيبة العقل البدوي، وظل ذاك البدوي الصغير يتحكم في وعيهم ولا وعيهم ويسيطر على سلوكهم بشكل لا شعوري ولا إرادوي( هذه من عند عيد نفسه وللأمانة الأدبية). وبغض النظر عن الكثير من الحيثيات التي أتت في حفلة التشنيع السوقية التي تناولت المكونات السورية، فلا أدري إذا كانت الألفاظ الدونية والسوقية الجارحة والطائفية التي خرجت من الدكتور عبد الرزاق عيد تدخل ضمن أية عقلانية ومنطق وتصور بشري؟ ولا ندري فيما إذا كانت كمية لك السمية والغل والحقد الأسود والسب والشتم للمكونات المجتمعية في المجتمع السورية هي من الشروط الواجب حيازتها للتأهل لنيل شرف العقلنة العربية التي يعتبر السيد عيد من وجوهها البارزين وتباهي هو نفسه في ذلك في أكثر من منازلة، والتي ساهمت، وبينت للجماهير العربية معنى أن يكون المرء عقلانياً في المجتمع العربي؟
وفكرت مراراً هل من الممكن أن تتعايش العقلنة والعروبة في يوم ما، وهي الموسومة ومسكونة بذاك الكم والقدر من القبلية والبدونة والموروثات السامة القاتلة التي تعشش في وجدان، وروح العربي، وتقتل صاحبها قبل غيره، والدليل "أهو قدامكم"، شيخ من شيوخ العقلانية العربية يهذي بطريقة عصابية ومضطربة ونفس مريضة مسكونة بأشباح التفوق الطائفي العنصري التليد الذي لا يرى نفسه سوى سيافاً وقاطع رقاب ومخوزق للآخرين، ويمارس الازدراء المهين والمعمم لمجموع مكونات وطنية، وكل ذلك في رحلة بحث العقلانيين العرب عن دولة المواطنة التي لا يجدوها إلا في لعن الآخرين، ودوسهم، وتحقيرهم، والحط من قدرهم وشأنهم ورميهم بأقذع الألفاظ التي لا تجدها في أوسخ وأحط التجمعات البشرية والقواميس. وها نحن الآن أمام اختبار حي وملموس يبرهن لنا عن وجود شعرة وحد فاصل صغير بين الهلوسة والعقلنة، ألم يقل نزار قباني ذروة العقل يا حبيبي الجنون؟ ألا يقتفي السيد عيد أثر بعض من زملائه العقلانيين السوريين وعلى مبدأ "إذا جن ربعك ما عاد ينفعك عقلك"؟ وإذا كانت هذه هي حال العقلانيين العرب، وواحد من وجوههم البارزة، فما هو حال المجانين العرب، والسوقيين العرب، وأولاد الحرام والزناة ووحوش العرب؟ وإذا كانت العقلانية العربية تقتضي هذا الكم من السمية، والسوقية، والعنصرية، والطائفية، وشرشحة الذات فكم من الحاويات تقتضيها اللاعقلانية والجنون والانحطاط والعهر العربي؟ وما هو موقف رابطة العقلانيين العرب من تصريحات أحد أعضائها لاسيما أنه تحدث باسمها في غير مناسبة وردت أثناء حفلة الردح والسب الطائفية في ما سمي بحوار مع موقع شفاف الشرق الأوسط الذي يديره الأستاذ بيار أبي عقل، (احد أقطاب الكتائب وجماعة الرابع عشر من آذار اللبنانية والذي توسط، كما علمنا لاحقاً، للأستاذ عيد لكي يعمل ابنه في الجامعة الأمريكية عند أحد أقطاب المال الحاملين لجنسية خليجية كبيرة ويتزعم تياراً سياسياً، ونتيجة لذلك كان أن كافأ المفكر "العقلاني" الكبير الجمهور السوري ببلاغته المعهودة بحفلة سباب من النوع الثقيل لاقت استهجاناً، واستنكاراً في صفوف جميع المكونات السورية التي لا تتخذ من العقلانية العربية طريقاً لها في الحياة). لقد خبرنا العقلانية العربية وعرفناها جيداً، وها هو الأستاذ عيد يبدو كواحد من أروع تجلياتها. وصدقاً لم أكن أعرف ما ينطوي عليه مصطلح العقلانية العربية من مضامين إنسانية وتقدمية و(ثوروية ويساروية، وحثالاتية وهذه من عند عيد نفسه، وليست من عندي، ولا شرف لي أدعيه، الله وكيلكم)، حتى لمستها لمس اليد، وعرفت ما تحتويه في مقابلة السيد عيد العقلانية جداً، فهنيئاً لكم بعقلانييكم، والعقبى لغيره من العقلانيين.
لقد أشار السيد عبد الرزاق عيد في حفلة العقلنة السوقية البذيئة إلى الدواويث الذين يستمرؤون ويستمتعون بوطء نسائهم أمام ناظريهم،(هكذا ومن مقتضيات العقلنة فلا تؤاخذوه)، ولا أدري أولاً أين رأى هؤلاء الدواويث وكيف اجتمع بهم، فيا لحسن حظ البعض، وديوث من مال الله، وسحقاً لحظوظنا وأقدارنا التعسة، ألا يستلزم الأمر هنا بعض الخبرة؟ المهم، وما علينا، لكن يبرز سؤال هام ما هو حكم العقلانيين العرب في "دواويث الأوطان"، الذين يرون جورج بوش ووكلائه الإقليميين والمحليين وكتاب النصف كم، وهم نازلين عمال على بطال، شتماً وسباً وتهديداً لسوريا وأهلها وشعبها ووحدتها الوطنية، وهم عون لهم، و"يسهلون" لهم المهمة، ويتلذذون بمن يحاول أن ينتهك حرمة وسيادة وأمن سوريا؟ من هو الديوث هنا؟ وهل الديوث هو فقط من يسهل لزوجته أم يدخل معه من يسهل لوطنه أيضاً؟ هل ندخل هنا في باب "الدواثة الكبرى" على رأي الفقهاء؟
فعبد الرزاق عيد فشل كثيراً في استفزاز النظام الذي تعامل معه بلامبالاة تقديراً لوضعه "العقلاني" الشديد، ولم يأخذه، البتة، على محمل الاهتمام والجد،( ولأسباب لا يعلمها إلا الله والمخابرات، والراسخون في العقلنة)، ولم "يقبضه" كثيراً، ولم يتعامل معه كما تعامل مع غيره من النشطاء المحظوظين وغير العقلانيين طبعاً، فلم يجد غير تلك الطريقة الشتائمية الدونية التحرضية ضد مكونات سورية وطنية ليصفها بالحثالات الرعوية والطائفية؟ وعبد الرزاق عيد الذي حلم بمنازلات دونكيشوتية مع النظام في فورة الهجمة البوشية البدوية ضد سوريا لم يقبض منه سوى قبض الريح، ولم تلاقيه "أجهزة النظام" بالأحضان والزنازين( ربما الرجل لا يستأهل ذلك)، وحسناً فعلت، ولم تلاقه سوى بإشاحة طرف على اعتبار أنه "هدف صغير"، وليس من ضمن اهتمامات النظام الكبرى، وخاب أمله في تحقيق أي زعامة موروثة مفقودة كان يمارسها أجداده ضد هؤلاء الحثالات الرعويين، وفشل في جلب المريدين والأتباع حوله، فلجأ إلى أسلوب التحريض الطائفي، عله يجد في هذا التكتيك أنصاراً ومريدين من حوله من الرعاع والدهماء والساقطين الطائفيين. فالتحريض الطائفي واللعب على أوتار المذهبية بخبث المفكر العقلاني هو آخر أسلحة العقلانيين العرب في معاركهم الدونكيشوتية للأخذ بالحداثة والتنوير. فعبد الرزاق عيد، وكما غيره، ولمن خبر النظام جيداً، ليس خطاً أحمراً ولن يخجل لا منه ولا من غيره، وليس هناك من داع منطقي لاستثنائه من "مكارم" النظام الأمنية، فهناك "شنبات" أثخن وأكبر بكثير من "شنبات" عيد حظيت بقدر من "الاحترام" والإهتمام وأكثر مما حظي به السيد عيد بكثير. ثمة سر يبدو غير عقلاني في الموضوع. فهل في هذا أي تفسير للسيد عيد نفسه قبل غيره يا أولي الأمر العقلانيين؟
هذا لا حوار مع، ولا رد على عبد الرزاق عيد، لا أنني لم أعتد الرد والحوار مع العقلانيين، فأنا لست منهم، كلا وحاشا لله رب العالمين، إلا أنه توصف حي ودقيق لتحرك ذاك البدوي الصغير الكامن في لا وعي العيد أدى لفضح المستور ولسقوط آخر مدو لواحد ممن يسمون بالعقلانيين العرب في زمن الجنون العربي الكبير، وأي سقوط مريع، وفي أي درك وضيع؟
ملاحظة هامة: لن تروا هذا المقال في أي من مواقع المعارضة أو المخابرات السورية، وفهمكم كفاية.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصريحات جنبلاط وإعلان دمشق للتغيير الديمغرافي
-
لماذا صوم رمضان فقط؟
-
مهند ونور، وهشام وسوزان
-
11/9 جديدة: اللهم شماتة
-
المعارضة السورية وسياسة التضليل
-
هل يكرهوننا حقاً؟
-
هل انتهت مغامرة خدام؟
-
لماذا سيخافون من الإسلام والمسلمين؟
-
الحقيقة وطلاب الحقيقة في سوريا
-
لبنان الكرامة والشعب العنيد: عذراً فيروز ومعذرة
-
العرب وغربة الأولمبياد
-
مذهب زغْلول النجّار
-
موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة
-
الهروب إلى إسرائيل
-
قراصنة الخلف الطالح
-
فضائية خدّام
-
الحوار مع القردة والخنازير: فاقد الشيء لا يعطيه
-
التطبيع العربي العربي أولاً
-
نعم لاتحاد من أجل المتوسط
-
اعتقال البشير: ومن البترول ما قتل
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|