|
موسكو شيفردنادزة وتبليسي ساكاشفيلي
سلام مسافر
الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 05:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مطلع ثمانينات القرن الماضي ، ناشدت نخبة من المثقفين الجورجيين ، ادوار شيفردنادزة ، العمل على استعادة مدونات ووثائق من ارشيف الدولة الجورجية ، كانت ابحرت الى الولايات المتحدة ، مع المهاجرين المناهضين للنظام السوفياتي الذي بسط سيطرته على جورجيا في عشرينيات القرن . كان ادوارد شيفردنادزة ، يشغل انذاك ، منصب الامين العام للحزب الشيوعي الجورجي ، وعضوية سكرتارية الحزب الشيوعي السوفياتي ، ومرشحا للمكتب السياسي ، وقبلها مسؤولا عن جهاز امن الدولة . ويروى مشاركون في اللقاء مع كبير شيوعيي جورجيا ، ان " الرفيق ايديك " نظر مليا في وجوه محاوريه ، وقال مع ابتسامة ذات مغزى : لاتستعجلوا ، قريبا سينهار الاتحاد السوفياتي ، وتنتهي الحرب الباردة ، وسيعيد الاصدقاء الاميركان الارشيف عن طيب خاطر .
وبالفعل ، تحققت " نبؤة " الرفيق ايديك ، الذي صوت بيدين على استخدام القوة ضد العراق ، عام 1991 لاخراج قوات صدام حسن من العراق ، وقبض هدية مجزية ، هتك سر حقيبتها ، سفير متبجح ، في جلسة سمر ، بعد تحرير الكويت ، وابرم بصفته وزيرا لخارجية الاتحاد السوفياتي ، اتفاقية ، اقتطعت جرفا قاريا طويلا من روسيا في بحر بارنتيس ، وقبض وميخائيل غورباتشوف ، ثمنا بخسا ، مقابل المنشات والمباني والثكنات التي تخلت عنها موسكو في المانيا الشرقية ، اثر تهديم جدار برلين ، وخط سياسة خارجية ، جعلت الروس ، وشعوب ماكان الاتحاد السوفياتي يحصلون في العالم ، على لقب " مافيات " بعد عقود طويلة من حيازة قصب السبق في العلوم والاداب والفن والرياضة .. ومقارعة اليانكي .
انسحب ايديك شيفردنادزة ، من المسرح الجورجي مختنقا ، بثورة القرنفل التي قادها العصابي الشاب ، ميخائيل ساكاشفيلي ، وثلة من الليبرليين ، الجورجيين ، بينهم ابناء اولئك المثقفين الذين طلبوا من " الرفيق ايديك " عام 1983 والحرب الباردة بين موسكويوري اندروبوف ، وواشنطن رونالد ريغين ،على اشدها ، الضغط على الاميركان لاستعادة ارشيف دولتهم ، فوعدهم بنهاية قريبة للدولة السوفياتية . وعودة سلسلة لوثائق عزيزة على قلوب القوميين الجورجيين .
ولم نسمع صوت وزير خارجية الاتحاد السوفياتي السابق ، وعضو مكتب غورباتشوف السياسي ، مذ سيطر الليبراليون الشباب على مقاليد السلطة في تبليسي . لكن اهالي زقاق ( بلوتنيكوف ) خلف المبنى الشاهق للخارجية الروسية صادفوا ، اكثر من مرة ادوارد شيفردنادزة ، يتمشى مع كلب تلوح على بوزه ملامح الشيخوخة ، في اماسي موسكو . فالرفيق "ايديك" يحتفظ الى الان بشقة في العاصمة الروسية ، حصل عليها ؛عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي الغابر . ولم يتخل عن جنسيته الروسية ، حتى بعد ان اصبح رئيسا لجمهورية جورجيا المستقلة التي يشتهر اهلها ، بخفة الدم ، والكرم ، وكرع النبيذ ومناسف اللحوم ، وشاعت عنهم مقولة " المهم الصحة والعافية ، وماعداها يشترى " !
الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي ، المغرم ، بقرض اربطة العنق ، اثناء التحدث بالهاتف ، كان وفيا لتقاليد شيفردنادزة الى حد انه كان يعتزم زيادة عديد المرتزقة الجورجيين في العراق الى ثلاثة الاف ، لولا اندحار مغامرته العسكرية في اوسيتيا الجنوبية . وعلى نهج سلفه الكهل ، انخرط في علاقة غرام مشبوبة بطائرات التجسس بدون طيار مع الدولة العبرية التي درب خبراؤها القوات الجورجية الخاصة ، واوفدت ديفيد درزاشفيلي ، الى الوطن الجورجي الام ، وزيرا للدفاع . وكان الصبي داود هاجر مع جدته ، صغيرا الى اسرائل ، ليعود الى تبليسي جنرالا خبر كل صنوف العمليات القذرة ، وطبق بامانة توراتية ،اسلوب الارض المحروقة المجربة ضد الفلسطينين في الحرب على شعب اوستيتيا الجنوبية . كانت " الصدمة والترويع " تقضي بتشريد سكان تسخينفال ، والبلدات المجاورة ، ليحل بدلا عنهم " مستوطنون " على انقاض شعب اوسيتيا الصغير . لقد اختط عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي الغابر ، أدوارد شيفردنادزة قبل عقد من تفكك الاتحاد الاتحاد السوفياتي ، نهجا ساهم في هلاك الامبراطوية السوفياتية ، التي تهاوت مثل اشجار الخريف في قيظ الحرب الباردة لان ورثة البلاشفة ، اداروا عجلتها من عربات مثقلة بالفساد والرشوة وقمع الحريات ، وتكميم الافواه . ولم يخالف ساكاشفيلي القاعدة ، كل مافي الامر ان عراب الديمقراطية ، جورج دبليو بوش ، يتجاهل انتهاكات الرئيس الجورجي المدلل ، مثلما تتجاهل واشنطن ، جرائم حلفائها في مختلف دول العالم ، لان مصالحها الاستراتيجية تتطلب ذلك .
اندحرت قوات حليف واشنطن في القوقاز ، بفضل الدعم العسكري الروسي الذي انعش الامال في ان يستعيد الكرملين عافيته . ولكن هل ستتخلص اروقة الدوائر السياسية في موسكو ، من تركة غورباتشوف وشيفردنادزة ويلتسين وكوزيريف ، وزير الخارجية الذي باع مبان تابعة للدولة الى شركات اميركية وكورية جنوبية بسعر التراب ، لينتهي اخيرا وكيلا لشركة دواء اميركية . مع رصيد مالي ضخم بالطبع . سؤال يدور مثل دورة الاسطوانة بعد ان صمتت المدافع في القوقاز .
لايكفي ان تعلن روسيا ، رفضها لمؤمرات واشنطن ( هكذا بالضبط وفق توصيف بوتين ) في القوقاز . بل عليها ان تتصدى وبوضوح لكل سياسات الغول الاميركي في العالم .
والسؤال هل كان يمكن دحر حليف واشنطن في العر اق ، لولا الضربات الموجعة التي تسددها المقاومة العراقية ، المسلحة والشعبية ، للاحتلال الاميركي ؟
سؤال يهمس به وطنيون روس الان ، وقد يصدح قريبا في دوائر القرار الروسية . والكثير يتوقف على براعة المقاومة العراقية في ادارة الصراع مع الاحتلال الاميركي ، داخل الوطن ، وعلى الساحة الدولية .
#سلام_مسافر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يقرا الروس العراق ؟
-
الباشا سوكولوفيتش والانكشاري بوش
-
حفلة سمر من اجل العراق
-
تعري الحيزبون
-
احزان لادا البغدادية
-
لماذا يخافون ( الشرقية ) ؟
-
نجاسة المنطقة الخضراء
-
اية الله حسن نصر الله
-
الاميركيون يحتقرون العملاء
-
نرمين لاتحزني ذاكرتنا العطرة اقوى من جيفهم
-
احفاد الكاظم تحت قبة البرلمان
-
ماتم بلا حدود واكاذيب بلا رقيب
-
ما لم تقله كوندي
-
العين الدامية
-
التحرش الانتخابي
-
حكومة السراديب
-
عند جون الخبر اليقين
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|