أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك















المزيد.....

الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 00:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


من الملاحظ أن النظام الاقتصادى للدولة يتحول رويدا رويدا إلى اقتصاد السوق. لقد شهدنا تحول هيئات قومية إلى شركات وكيانات تخضع لاعتبارات الربح والخسارة والآليات التى تحكم الأسواق. وتأتى هيئات التليفونات والكهرباء والمياه على رأس الهيئات التى تحولت إلى شركات خلال العشر سنوات الماضية. لقد كانت الحكومة تتحكم فى أسعار السلع التى تقدمها هذه الهيئات غير أن الوضع يختلف الآن خاصة بعد أن تحولت هذه الهيئات إلى شركات تهدف إلى تحقيق الأرباح ولكنها فى الغالب لا تهتم بتجويد المنتج ولا تلتفت لرغبات ومطالب المستهلكين. وهذا مرده إلى أن هذه الشركات تحتكر السلع التى تقدمها ومن ثم فإنها لا تلقى أية منافسة لها فى السوق. ولا نبغى سوى الحقيقة حين نقول إن الشركة المصرية للاتصالات التى مازالت تدار بذات العقلية القديمة هى التى تسبب الصداع الأكبر للمواطنين، إذ إنها تسعى بين الفينة والفينة إلى رفع أسعار السلعة التى تحتكرها ولا تتعامل بنفس الحماس والحيوية حين يتعلق الأمر بمشاكل المستهلكين.

لقد تحولت الهيئات القومية التى أشرنا إليها إلى شركات خلال السنوات العشر الماضية. ففى عام 1998 تم إنشاء الشركة المصرية للاتصالات لتحل محل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية. وفى عام 2000 صدر القانون رقم 164 الخاص بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة القابضة لكهرباء مصر. أما الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي فقد تأسست بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 2004م. من المعروف أن هذه الشركات تقدم سلعا إستراتيجية دون أن تلقى منافسة حقيقية من شركات أخرى. مثلا لقد بلغ عدد مشتركي الخطوط الثابتة أكثر من 9 مليون مشترك لتكون الشركة المصرية للاتصالات بذلك من أكبر شركات الاتصالات في الشرق الأوسط. الجدير بالذكر أن هؤلاء المشتركين لا يستطيعون نقل اشتراكهم لشركات أخرى لسبب بسيط هو أنه لا توجد شركات أخرى تقدم نفس الخدمة أو السلعة ومن ثم فإن هذا يقدم لنا مثالا صارخا للاحتكار. فالشركة المحتكرة للسلعة تعرف عدة حقائق: 1- أن السلعة لا يمكن الاستغناء عنها أو حتى مقاطعتها لفترة طويلة: هل يستطيع مواطن أن يعيش دون مياه أو كهرباء؟ 2- أن السلعة غير متوفرة فى أى مكان آخر. من الواضح أن شركة الاتصالات تختلف عن الشركتين الأخريين فى أن الخطر الذى يهدد الشركة المصرية للاتصالات قد يأتيها من شركات المحمول وعددها ثلاث شركات فى مصر حيث تجاوز عدد مشتركى المحمول 32 مليون مشترك. وقد أدى التنافس بين هذه الشركات إلى تخفيض قيمة المكالمة من محمول إلى محمول لتصل إلى 15 أو 20 قرشا فى الدقيقة وهذا يمثل خطرا على الخطوط الثابتة إلى الحد الذى قد يدفع بعض المواطنين إلى إلغاء الاشتراك فى التليفون المنزلى.

لا شك أن معظم المواطنين لا يشكون من الكهرباء أو المياه بنفس القدر الذى يعبرون فيه عن استيائهم من شركة الاتصالات التى تتفنن لإفراغ جيوبهم من القروش القليلة المتبقية فى نهاية كل ثلاثة شهور. لقد قررت شركة الاتصالات مؤخرا رفع تعريفة المكالمات بين التليفونات الأرضية داخل المحافظات بنسبة 50%. وفى المقابل فقد سعت جمعيات أهلية "حركة مواطنون ضد الغلاء وعدد من جمعيات حماية المستهلك" لمقاطعة التليفون المنزلى لفترة من الوقت. ومما لا شك فيه أن الشركة المحتكرة لا تهمها سوى تحقيق الأرباح ولن تضيرها المقاطعة والدليل على ذلك ما أرويه فى السطور التالية. كانت أسرتى تستعد للمشاركة فى هذه المقاطعة وفور وصولها إلى الشقة بالجيزة اكتشفت أن التليفون مصاب بالسكتة الكلامية وباءت كل محاولات الإنعاش والإفاقة بالفشل فتوجه نجلى يوم الأحد الموافق 6 يوليو 2008م إلى سنترال المريوطية بالهرم حيث ابلغ عن العطل وترك البيانات اللازمة ثم غادر بعد أن تلقى وعدا بفحص العطل. وبقى الفتى فى المنزل منتظرا عمال الصيانة دون جدوى. وقد تكرر هذا السيناريو السخيف خلال الثلاثة أيام التالية: وعود.. وانتظار بلا فائدة. ولما استبد به اليأس توجه فى اليوم الرابع (الخميس 10 يوليو) لمقابلة مدير السنترال الذى أشار إليه لمقابلة المهندس المسئول الذى وعده بإصلاح العطل قبل انتهاء النهار. وفى الواقع لقد عاتبت نجلى على زياراته المتكررة واستجداء مسئولى السنترال لإصلاح العطل لأن عدم إصلاح العطل معناه أن التليفون سيظل فاقدا للنطق والسمع مما يمثل فائدة لنا وخسارة للشركة.

مما سبق يتبين لنا أن هنالك مشكلة تعانى منها هذه الشركات الحديثة وهى أن هذه الشركات مازالت تحتفظ بنفس العقليات التى كانت تعمل فى ظل النظام القديم الذى لا يعير اهتماما لمصلحة المستهلك ويتعامل معه كما لو أنه لا يدفع مقابل ما يحصل عليه من سلع أو خدمات، عقليات تغذت على التنبلة والإهمال وعدم المبالاة والحرص على تلقى الإكراميات. وفى ظنى لقد تحولت الهيئات إلى شركات دون أن تتأقلم أفرادها وتتدرب كوادرها على هذا التحول. فى الماضى، وقبل أن تتحول هيئات الكهرباء والتليفونات والمياه إلى شركات، كان المواطن تحفى قدماه للإبلاغ عن الأعطال وربما يضطر إلى مقابلة أكثر من مسئول ثم ينتظر عدة أيام قبل أن يأتى من يتعامل مع العطل. هذا فى رأى لا يتسق مع النظام الاقتصادى الحالى حيث تمثل هذه الأعطال خسائر لهذه الشركات التى تحتكر السلعة. فلو افترضنا جدلا أن التيار الكهربى انقطع عن حى من الأحياء أو قرية من القرى فإن الانقطاع ليس معناه حرمان القرية من الخدمة فحسب بل معناه —فى عرف اقتصاد السوق—أن العدادات قد توقفت وهذا يمثل خسارة فادحة للشركة المنتجة للسلعة. فى مثل هذه الظروف نتوقع أن تسعى الشركة للحفاظ على ثقة المواطنين ولتفادى الخسائر المتوقعة من خلال سرعة إعادة الخدمة حتى تستعيد العدادات عافيتها وقدرتها على الدوران دون انتظار أية استغاثة أو استجداء من المواطن. أذكر عندما كنت فى الولايات المتحدة فى الثمانينيات أن سعيت لإجراء مكالمة تليفونية من خلال تليفون عام حيث وضعت بعض العملات المعدنية التى لا تتعدى قيمتها دولار ونصف الدولار ورغم أن التليفون لم يمانع فى ابتلاع العملات إلا أننى فشلت فى إجراء المكالمة وفى الوقت نفسه فشلت فى استعادة العملات فوقفت حائرا لا أدرى ماذا افعل فاستغثت بأحد المارة الذى نصحنى بالتحدث إلى الاوبريتر "عامل/عاملة التليفون" بالضغط على زر "O". وبالفعل اتصلت بسيدة ذات صوت هادئ والتى طلبت معلومات بسيطة كعنوان المنزل والشارع الذى به كابينة التليفون. وبعد عدة أيام فوجئت بشيك بنكى يصل إلى عنوانى لاكتشف أن شركة التليفونات تقوم برد قيمة العملات المعدنية التى وضعتها فى الكبينة دون إجراء المكالمة. لقد اتخذت الموظفة قرارها برد المبلغ للمستهلك دون مشاورة رؤسائها فى العمل وذلك لأنها متدربة على كيفية التصرف فى مثل هذه المواقف.

من الصعوبة بمكان أن يتم التحول من نظام إلى آخر من دون تدريب كوادر قادرة على العمل فى ظل نظام يقوم على المنافسة ويرعى مصالح المستهلكين قبل أن يفكر فى زيادة الأرباح والمكاسب من خلال التفكير المستمر فى رفع سعر السلعة.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان
- دروس اولمبياد بكين
- من ينقذنا من أخطاء الأطباء؟
- لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات
- النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب
- رفقا بهذا البلد
- قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى
- أضواء على الانتخابات الأمريكية
- ظاهرة الطوابير فى كل مكان
- كرة القدم والاستقرار السياسى والاجتماعى
- باراك أوباما والانتخابات الأمريكية


المزيد.....




- الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد
- صندوق النقد يرحب بالإصلاحات المصرية
- مدفيديف: الغالبية العظمى من أسلحة العملية العسكرية الخاصة يت ...
- -كلاشينكوف- تنفذ خطة إنتاج رشاشات -آكا – 12- المطورة لعام 20 ...
- إيلون ماسك يحطم الرقم القياسي السابق لصافي ثروته.. كم بلغت ا ...
- اتهامات أميركية لمجموعة أداني الهندية بالرشوة تفقدها 27 مليا ...
- تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس ...
- مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
- القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه ...
- قفزة مفاجئة في سعر الذهب الان.. تحديث غير متوقع


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك