أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الزهيري - مجتمع الخوف














المزيد.....

مجتمع الخوف


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 2402 - 2008 / 9 / 12 - 10:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من الملاحظ أن مجتمعات الإستبداد تبني في أساسات وجودها وتراكمها التاريخي علي منتجات متعددة من الخوف , وهي في ذاتها تحدث لها تراكمية تاريخية تؤسس لهذا الخوف وتنظر له من أجل سيطرة الخوف علي المجتمعات في مقابل إستمرارية ممالك وجمهوريات وسلطنات الخوف في وجودها علي هذا التراكم التاريخي من منتجات الخوف , ولذلك كانت الثورات ضد منتجات الخوف التي هي في حقيقة الأمر هي الإستبداد والمظالم الإجتماعية والسياسية بجميع أنواعها والمصنوعة بإرادة الفساد والظلم الإجتماعي والإستبداد , والمبنية دولته علي فكرة الإستلاب للمجتمع وإهدار مقدراته لصالح سلطة الحكم المؤسسة علي الفساد والظلم والإستبداد بإرادة الخوف الإجتماعي .
ومن الملاحظ أنه في مجتمعات الخوف تبدأ الفكرة في تأسيسها علي أولي بذور المجتمع وهي الأسرة , والتي تعتبر أكبر منتج للخوف , وتستعين بتكديس الفائض من هذا الخوف الأسري بمخازن الخوف المقامة بدور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس والجامعات والمعاهد العلمية بجانب مخازن الخوف التي يصعب حصرها والملحقة بدور العبادة كالمساجد والكنائس .
فما بين مساحة الخوف ومساحة الحرمان يتربي الفرد في مجتمعاتنا داخل تلك المساحة الكبيرة التي تتسع بإضطراد منذ الميلاد ويكبر إتساعها ليصل هذا الإتساع إلي مرحلة خط القبر , وهذه هي المساحة والمسافة الحقيقية التي قننت لها الأسرة منذ البداية مع الميلاد وحتي الوفاة , بل واصبح الخوف والحرمان الملازم للفرد حتي داخل القبور وإلي مابعد قيام الساعة إنتظاراً ليوم الحساب الموعود حيث الجنة والنعيم أوالناروالعذاب والجحيم المتمثلان في قمة هرم الخوف وهرم الحرمان .
وهكذا كانت التربية الأسرية مبنية علي الخوف والحرمان , ولذا فإن كافة المنتجات التي تنتجها الأسرة هي منتجات تعزز فكرة الخوف , وتؤبد فكرة الحرمان .
ومع هذا الرصيد الهائل المؤصل للعلاقة الجدلية بين ظاهرة الخوف وظاهرة الحرمان اللتين يمكن لهما أن تزولا من حياة الأسر وبالتالي من حياة المجتمعات , إلا الفاعل الرئيسي في إستمرارية هذه العلاقة الجدلية بين الخوف والحرمان هي مؤسسة الأسرة ذاتها ويتم تفعيل ذلك بواسطة الحساب الآني , أو العقاب اللحظي .
ولذلك فإن منتجات الخوف والقهر والقبول بالظلم الإجتماعي والعسف السياسي الإستبدادي , تكون منتجاتها أقل من منتجات الأسرة , وهذا ناتج من الفارق بين العقاب الأسري الآني أو اللحظي , وبين عقاب الدولة الذي قد يكون في غالبية حالاته مؤجل أوغير آني .
وجمهوريات الخوف والرعب هي المستفيد الأول من توظيفات الخوف والحرمان بإعتبارها منتجات أسرية إجتماعية لها الريادة في إستمرارية وبقاء جمهوريات الخوف والحرمان والتي تستند في ترسيخ هذين المفهومين بواسطة من تم التوافق الإجتماعي علي تسميتهم برجال الدين , أو رجال الأمن لدرجة أن النوعين يمكن أن يتم التعارف علي تسميتهما بأمراء الخوف , وأمراء الحرمان , وهذا هو الدور الوظيفي المٌجرم للدولة المركزية التي تم وراثة أنظمتها الحاكمة من مواريث الإستعمار دون إجراء أي تعديل أو تغيير عليها ليتوافق هذا النظام مع المتطلبات الإجتماعية والحياتية الغريزية للإنسان بإعتباره إنساناً ولد حراً ويتوجب أن يموت حراً , ومابين مسافة ومساحة الحياة والموت ,عليه أن يعيش بلاخوف وبلانوازع الشعور بالحرمان .
لعل أخطر أنواع الخوف في مجتمع من المجتمعات هو الخوف المتولد عن تحمل المسؤلية تجاه الأسرة والمجتمع , ولما لا مادامت الأسرة تقوم بالفعل القاهر للصغار متمثلاً في نهر الصغار وتوبيخهم ولومهم وتوجيه الإهانات العقابية لهم والتي قد تصل إلي حد اللطم باليد علي خدود الأطفال والضرب بالعصي أو بأي أدوات أخري , وفي أحيان يصل الأمر لقتل الصغار كنوع من أنواع العقاب سواء كان بقصد التربية أو بقصد القتل كنتيجة لمطالب الصغار بتعويض الآباء لهم من بعض نواحي الحرمان الذي لايمكن للآباء أن تسعفهم مقدراتهم المالية والإقتصادية حتي علي مجرد إبداء الرغبة في تحقيقها في المستقبل .
والأسرة تصل إلي قمة درجات الإهانة في بعض المراحل الحياتية عندما تنعدم مسؤلية الأسرة تجاه المجتمع والدولة بل ويتحول الأمر إلي مرحلة الخوف من المسؤلية تجاههما , لأن الدور أصبح منعقداً للدولة الحارسة للقيم والمثل , والراعية للإيمان والتقوي , كبديل فاشل عن حراسة الدولة للدستور والقانون , إذ لادستور ولاقانون في ظل دولة تحرس العقائد وتقوي الإيمان وتضمن للمواطنين جنات النعيم المقيم .
إن الدولة حينما تتحول من دولة حارسة للدستور والقانون إلي دولة حارسة للإيمان والعقائد , سالبة هذا الأمر من هيئات المجتمع ومؤسساته المدنية المنوط بها هذا الأمر , فليس هناك من شك أن القائمين علي أمر الدولة ليسوا إلا في غالبيتهم مجموعة من اللصوص توظف الإيمان كسبيل للإستلاب والإستبداد , حيث تتغيب المسؤلية الفردية وتضيع المسؤلية الجماعية في غياهب الوصاية الدينية والوصاية السياسية, ويكون البحث عن نص للإحتماء به كتفسير سياسي أو إجتماعي للهروب من تلك المسؤليات وغالباً مايكون النص حاضرً وفارضاً تفسيراته الدينية وتأويلاته الهاربة من المسؤلية حيث إستمراء الخوف واستمراء الحرمان , ومن ثم يحرٌم التساؤل عن الخيانة والعمالة والتجسس لصالح أنظمة الفساد والإستبداد الموظفة لدور الخوف والمؤصلة لداء الحرمان .
فمتي يتم التحرر من نير إستعباد الخوف والحرمان , وماهي كيفية الوصول إلي نتيجة في هذه المعادلة المجرمة , حيث ثنائية الخوف والحرمان ساكنة في أعطاف الإيدلوجيات الدينية والسياسية المحكومة بها تلك الدولة أوهذه المجتمعات ؟!!
أليس التطرف والإرهاب والإجرام من منتوجات ثنائية الخوف والحرمان ؟!!



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل سوزان تميم : ماهو الباعث علي الجريمة ؟!!
- أزمة الهوية
- حريق الشوري
- أيكون المؤمن كذاباً .. وماذا عن التزوير؟!!
- المعونة الأمريكية وسمعة مصر : لماذا حبس سعد الدين إبراهيم ؟! ...
- تراث العرب ومحاضرة الأنبا توماس : أين الخطأ ؟!!
- الإيديولوجيا
- أزمة البشير هي أزمة الثقافة العربية
- من يستشعر العار
- منهم رجال لايستحون !!
- خريف المآذن .. مرآة عالمنا العربي ... شهادة
- 25 مايو : ذكري الأربعاء الأسود
- 4 مايو: تحية للمضربين : ولكن من هم ؟!!
- 1مايو
- بين جاهلية الإخوان وقبلية المعارضة السياسية واستبداد النظام ...
- التمييز الديني
- علي خلفية الإعتقالات والمحاكمات : الإنفجار قادم
- حماس ومحاكمات الإخوان
- جورج إسحاق
- نقابة الصحافيين : هل هي حصن الحريات ؟!!


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الزهيري - مجتمع الخوف