- التعويض هو حق معترف به حسب القانون الدولي وحسب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهذا القرار يتطابق مع قواعد القانون الدولي وهناك 40 حالة دولية مماثلة تم فيها دفع التعويض دون شروط لأن التعويض حق قائم بذاته .
- والتعويض المقصود به حسب القانون الدولي يقوم على قاعدة قانونية أساسية وهي ( أن كل ضرر يقابله الإلتزام بإصلاح الضرر )
- وقد تم إدراج هذا الحق في القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه العدد الأكبر من دول العالم وتم إدراجه في مؤتمر القانون الدولي الذي نظمته اللجنة الدولية للوضع القانوني للاجئين الذي عقد في القاهرة عام 1992 ، وقد صدر عنه إعلان مبادئ القانون الدولي لتعويض اللاجئين وخلاصة هذا الإعلان أنه إذا طردت دولة مواطنيها بشكل مباشر أو غير مباشر فإن لهم الحق بالعودة و التعويض مجتمعين .
- والحجة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين لم يكونوا مواطنين في دولة إسرائيل وبالتالي لا ينطبق عليها هذا الإعلان يعتبر حجة غير مقبولة حسب رأي خبراء القانون الدولي لأن الفلسطينيين كانوا مواطنين على الأرض التي قامت عليها دولة إسرائيل ، والدولة التي تعلن السيادة على أرض ما ملزمة بواجباتها تجاه من يعيشون على هذه الأرض ومن هذه الواجبات منحهم حق المواطنة ويترتب على ذلك الحق بالتعويض ، وهذا التعويض يشمل التعويض عن سلب المواطنة والحق باسترجاع هذه المواطنة
- والبروفيسور ( جون كويجل ) يقول بأن عدم حيازة الفلسطيني لحق المواطنة في اسرائيل لا يحرمه من حق التعويض ومن الحق بالعودة إلى بيته .
والمثال : على ذلك واقعة التتار في جزيرة القرم عام 1944 .
فالتتار ثم طردهم من أرضهم وكانو يحملون جنسية الإتحاد الروسي ، وعندما بسطت اوكرانيا سيادتها على جزيرة القرم عام 1953 أعادتهم لها رغم أنهم لا يحملون الجنسية الأوكرانية .
- اما موضوع اللاجئين الفلسطينين فإن عودتهم إلى موطنهم الأصلي يشكل الموضوع الوحيد الذي يربط بين قضية فلسطين التي تم احتلالها عام 1948 ، واحتلال بقية أرض فلسطين عام 1967 ودون بحث هذا الموضوع فإن أية مفاوضات أول اتفاقات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ستكون اتفاقات ناقصة لأنها ستعالج في أحسن الأحوال نتائج حرب 1967 وليس معالجة القضية الفلسطينية .
- والشواهد في القانون الدولي و الأمثلة كثيرة حول حق اللاجئ بالعودة إلى أرضه وحقه بالتعويض عن استلاب هذا الحق ، أي التعويض لللاجئ عن حق الانتفاع طوال فترة حرمانه من تمتعه بحقه بالحياة على أرضه .
- وإذا كانت هناك أفكار عربية أو إقليمية تروج لفكرة التوطين في البلاد العربية تحت حجج وذرائع مختلفة ، ونغمات تعزف على وتر بأن الإصرار على حق العودة كلام غير واقعي ، مع أنه واقعي حسب الأعراف والقوانين الدولية ، وهناك سوابق عملية وسياسية ، والأفكار التي تتحدث بالنيابة عن إسرائيل بأنها لن تقبل بحق العودة ويجب البحث عن بدائل تفاوضية أخرى ، وكأن المطلوب من الفلسطينيين إيجاد حلول لأزمة المفاوض الإسرائيلي وإيجاد حل مناسب له لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، وإذا كان البعض يسعى بشكل رسمي أو غير رسمي ( وثيقة جنيف ) لحل هذه المشكلة عبر أفكار واقتراحات تجزئ وتشتت وتلغي حق العودة سياسياً وعملياً فإن القانون الدولي والأعراف الدولية والحوادث والتجارب تؤكد بأن حق اللاجئ الفلسطيني في مقاضاة اسرائيل ومطالبتها بحق العودة والحق بالتعويض لا يسقط بتوقيع أية اتفاقية ، فهو حق فردي مطلق ، ليس له حد زمني
- وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة :
- لدى تأسيس وكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 302/4 تاريخ 8 كانون الأول عام 1948 ، كان الهم الأكبر لوكالة الغوث ومن يقف وراءها هو محاولة دمج اللاجئين الفلسطينيين في عجلة الحياة الاقتصادية والنسيج الاجتماعي للمجتمعات التي لجاوا إليها ، بهدف نسيان قضيتهم وتصميمهم على حقهم بالعودة ، هذا الحق الذي تكلفه وتحميه قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 194 .
- لذلك انحصرت مهمات وكالة الغوث ( الأونروا ) بالتركيز على القضايا الخدمية للاجئين وتجمعاتهم في بلدان الشتات وعلى رأسها الخدمات الصحية والتعليمية وقضايا التأهيل ، وتقديم المساعدات والمعونات الإنسانية طيلة الفترة الماضية ، لكن وكما أسلفنا فإن ( الأونروا ) تتأثر وتخضع لسياسة الدول التي تمولها والتي توجه سياساتها .
- حيث أخذت هذه الدول خلال السنوات الأخيرة بتخفيض المبالغ والموازنات التي تقدمها ( للأونروا ) مما دفع الوكالة لتخفيض خدماتها تدريجياً ، والهدف من ذلك هو الضغط على اللاجئين الفلسطينيين بل مزيداً من الضغط للقبول بالحلول السياسية المطروحة .
- فالوكالة خلال السنوات الماضية ألغت العديد من الخدمات الصحية والتعلمية التي كانت تقدمها بحجة عدم وجود موازنات ، حتى أنها أخذت مؤخراً تحاول إلزامهم دفع جزء من تكاليف الأعمال التي تقوم بها الوكالة ( أعمال مهنية إصلاح مدارس ) والهدف من وراء كل ذلك ، هو انسحاب الوكالة والدول التي تضع سياستها تدريجياً من التزامها حيال اللاجئين الفلسطينيين كقضية سياسية وليست إنسانية أو خدمية فقط .
- والحديث عن وجود عجز في موازنة الوكالة ، هو كلام غير صحيح والغرض منه ( ذر الرماد في العيون ) لأن الوكالة تتفق وبسخاء على المشاريع التي انبثقت عن مشاريع السلام وذلك انسجاماً مع سياسة الدول التي تريد أن تفرض هذا السلام وتحاول الآن القيام بمشاريع ثابتة ونهائية للفلسطينيين في أماكن اللجوء ، والقيام بإنشاء مشاريع للتأهيل والتوطين للاجئين الموجودين في غزة والضفة ، وتسليم منشآت الوكالة ومؤسساتها تدريجياً في غزة والضفة للسلطة الفلسطينية تسهيلاً لتوطينهم ، ونزع فكرة العودة من عقول اللاجئين الفلسطينيين .
- ولكن هناك العديد من القضايا التي يجب الإنتباه لها أهمها .
1) أن وجود وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين ارتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية اللاجئين وحقهم بالعودة .
2) محاولة إلغاء خدمات الوكالة من خلال تخفيضها تدريجياً يهدف إلى إلغاء حقوق اللاجئين تجاه الأمم المتحدة وتحديداً حقهم بالعودة ، وبالتالي لا يجوز القبول بإنتهاء خدمات الوكالة ، ليس انطلاقاً من الحاجة لخدماتها فقط ، وإنما تمسكاً بحق اللاجئين بالعودة ، فالقضية سياسية بالدرجة الأولى وليست خدمية ، لذلك فإن التمسك بالوكالة وخدماتها ومقاومة سياسة التقليصات بكافة الوسائل ، يعني التمسك بحق العودة الذي ارتبط تأسيس وتشكيل وكالة الغوث به ، وعلى اللاجئين أن يدركوا دوماً أن الوكالة هي رمز لتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته حيالهم ، وهذا المجتمع الذي ساهمت بعض دوله وحكوماته بتشريد الفلسطينيين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، لذلك فإن استمرار الوكالة هو بمثابة استمرار للالتزام الدولي بقرارات الأمم المتحدة تجاه اللاجئين وتحديداً حقهم في العودة إلى ديارهم وحقهم في تقرير المصير كجزء من الشعب الفلسطيني فالشعب الفلسطيني لا يرضى بأقل من حقه في تقرير المصير والعودة وتحقيق حلمه بالاستقلال رافضاً بذلك كل مشاريع التهجير أو التوطين التي يحاولون فرضها عليه .
* محمد عمورة
محامي فلسطيني مقيم في دمشق