ان تحليل الخطاب السياسي للجماعات السياسية والدينية المنظوية داخل مجلس الحكم وهو الهيئة الانتقالية التي شكلت بعد الاحتلال الامريكي للعراق وانهيار النظام الفاشي يتطلب التحري السوسيولوجي لبنيان هذا الخطاب والاطر المرجعية (الثقافية والسياسية) التي تكون داخلها حيث سيشكل مفهوم الديموقراطية حجر الزاوية في الخطاب السياسي لهذه الجماعات. فأن رؤية نقدية لتفحص هذا المفهوم السحري تصل الى نقطة اشكالية نظرية لدى منتجي هذا الخطاب عن الديموقراطية, فهم يقعون في الوهم السياسي بأن الديمقراطية تعني تماثل الدولة او المؤسسات التمثيلية مع تركيبة المجتمع العراقي (الخارطة القومية والدينية والطائفية والعرقية) لكون هذه التركيبة تمثل أصالة المجتمع العراقي المخترع سياسيا من قبل هذه الجماعات. ان هذه التركيبة تؤدي الى نتائج مأساوية لانها تفتقد الى سيرورات التمركز السياسي للمجتمع العراقي حول نواة صلبة مهما اختلفت التيارات السياسية او تنوعت اتجاهاتها.
ان هذا الخطاب السياسي الناجم عن تراث الفكر البلقانوي(نسبة الى منطقة بلقان) والذي تم اعادة انتاجه عبر آليات الهويات القومية والدينية والطائفية والعرقية والاصالة والتفرد في المخيلة الأيديولوجية يؤدي الى تقسيم العراق الى طوائف وقوميات (سنة, كرد, شيعة, تركمان, اشوريين) وتوترات سياسية لدى الجماعات الاخرى المهمشة والمقصية عن السلطة والثروة. اننا ندعو الى فهم جديد لمفهوم الديموقراطية, ووحدة اليسار العراقي لفضح هذا المشروع البلقاني المفخخ!