جعفر الغرابي
الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 06:47
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لم تناقش قضية الحواس الغائبة والتي تعد كقوة زائدة عن حاجة الانسان كفهوم ثابت المعايير لتصفية مالم تدركه الحواس الخمس المعروفة لدينا . وقد تشعبت الاراء بين المفكرين منذ زمن القدماء كارسطو ومعاصريه الى يومنا هذا بين مثبت وناف لقضية الحاسة السادسة والمكاشفة التي يعدها البعض مصدر مهم من مصادر المعرفة الخاصة,وقد يكون القول بالحاسة السادسة قول خرافي بالنسبة لي ولا اعتقد بوجوده الا ان الضروة الفعلية للقضية المستدل عليها بالاثار والاعراض تتطلب الخروج عن الحواس الخمس وفقا لملازمة النسبية في ادراك القضايا المستدل على وجودها من خلال العرض,وذالك لانه لايوجد ترابط على متسوى محمول وموضوع بين قضية الموجود واثاره في هذه القضية التي سوف ندرسها وهي قضية الخالق ,فكما هو معروف ان الموجودات على شكلين مدرك الوجود بالحس ومدرك الوجود بالتعقل والخالق يُدرك وجوده بالتعقل لابالحس ومن هنا يفترق طريق الاستدلال للمعرفة .فمن حيث ان الادراك اصبح بالتعقل بواسطة الاثار لايمكن ان تمزج دراسة الاثار ومنشئها الذي هو الخالق على نحو قضية محمول وموضوع .بل يجب ان يكون دراسه مفاهيمها ايضا بالتعقل ويستوجب الخروج من قبضة الحواس الخمس لادراك صفات الخالق,ويجب عدم الاعتقاد بالارتباط المادي التكويني في هذا الجانب لانه يوقع في شوائك ومطبات وقع بها من المفكرين والعلماء امثال الغزالي وغيره,وان دراسة الصفات الذاتية للخالق يجب ان تخرج الى ارضية فعلية للوصول الى طريق يفهم من خلال المعايير التعقلية باحكام لاترتبط بقضايا المحسوسات .وهذا هو الاساس الاول لظمان اصولية الادراك .الا ان المشكلة التي يعاني منها الوهابية والتي وقع بها احمد الكاتب على نحو اخر هي قضية الادراك التعقلي مع اثبات الصفات تحت موضع المحسوسات. وهكذا اصبح هذا الخلط عند الوهابية موقع انطلاقة للتجسيم والاعتقاد بصفات الخالق على النحو الذي يرسى عند المحسوس المادي لا التعقلي. فقالوا ان الله له يد ويركض ويضحك الخ من الصفات التي لاتستوعبها القواعد التعقلية الاولى التي كانت هي مصدر المعرفة الاساس للخالق.وهذا الخلط في المنهج يعود لعدم توافق طرق المعرفة في التوجه فمن حيث ان الخالق عرف بالتعقل فيجب ان تدرك قضايا صفاته بالتعقل لا على نحو الحواس التي توقع في مطب مادي بحت لايبتعد على الايماء بالسفسطة والتقوقع في منهجية دوغامائية ثابتة,ومن اجل خلق استبانة حقيقية ومثالية للوصول الى مبتغى محدد.فيجب دراسة الموجودات وفق الطرق الغير مبعثرة والاعتماد على الطرق النافذة,ولااعتقد ان هناك طريق اخر يستطيع العقل من خلاله ان ينفذ الى معرفة خاصة كصفات الخالق دون اجهاض التقوقع في المادة واحكام المادة,
نظرة الفكر الوهابي الى الخالق
تقترن الصفات الذاتية في الخالق على شكل محمولات وتتجسد فيه على نحو صفات لا تنفك ولاتتخلف.ومن جهة اخرى تكون بذاتها وسائط تابعة للخالق يثبتوها جوهرا لاعرضا . فمن حيث ان الذات الالهية لها وجود في الفكر من خلال تعقل خاص. فالتصور الذهني عند الوهابية يتخلف في حال التصديق بنحو المحسوس والمنفعل,فاليد التي يضعها الوهابية صفة حقيقية للخالق هي التصديق على صفة تصورية ذهنية تم اثباتها وفق احكام المحسوسات .وبهذا يكون الجانب التصوري عند الوهابية تجاه الخالق ذو مفترقين الاول ذهني خارج عن الحكم ولكن في حال الحكم الفعلي على الصفات يتحول هذا التصور الى تصديق يقع تحت احكام الماديات ,وفي هذه الحالة وقع الوهابي في خلط بين الاحكام المادية وغير المادية بسبب الافكار الذهنية الخاضعة والمنفعلة بالفاعل الخارجي المتمثل بالنص المذكور في كتاب الله الحكيم او الاخبار الواردة عن النبي الاعظم,وهذا الاسلوب في التفكير والاتجاه نحو نيل المعرفة هو الذي جعل الوهابية في كفة الخط المتطرف في التجسيم واثبات صفات الانسان على الخالق,ومن ثم تلازمت هذه الاتجاهات المادية في جميع مدركات عقولهم حتى وصلت الى اجزاء اخرى من العقيدة الاسلامية فتراهم يضعون احكامهم دائما بصورة متطرفة وغير موزونة فاتهام الاخرين بالشرك هو ناتج عن سقوطهم في التجسيم .وتكفيرهم المذاهب الاخرى من المسلمين ناتج على هذا التصور المادي ايضا, ..انتهى
الاسس المنهجية الصحيحة للاتجاه الفكري
تُدرك طبيعة القضايا الوجودية بالتعقل على نحوين محسوس وغير محسوس. والغير المحسوس هو الخالق كما بينا سابقا. اما المحسوس فهو يتفرع الى ثلاث جهات جهة استدلالية وجهة اخبارية وجهة واقعية اما الاستدلالية هو ما يصل اليه العقل من ادراك والحكم على الغيبيات مثلا الحكم بوجود عالم اخر او حياة اخرى على بعض الكواكب من خلال الوقوف على بعض المظاهر..اما الجهة الاخبارية فعلى سبيل المثال ما اخبرنا الله به في قرانه الحكيم من غيبيات وامور تخص الانبياء السابقون وانباء عن الاقوام السالفة. اما الواقعية فهو مانعيشه ونشاهده بانفسنا ونحكم عليه حكما تاما وفقا لحواسنا. وهذا هو الاتجاه المادي الخالص من بين هذه الجهات الثلاث والذي سيكون موضوع بحثنا لارتباط اتجاه وفكر احمد الكاتب به ارتباطا مباشرا,
مشكلة احمد الكاتب
يتوجه احمد الكاتب في كتاباته على نحوين نحو سردي يتعامل معه وفق احداث معروفة ومسلمة ومدروسة قديما ويعد البحث بها امرا مستهلكا وقد اسهب الكثير من الناس الحديث بها على نحو مفرط, اما النحو الاخر فهو طرح على شكل استشكال و راي خاص بدون بيان منهجية معينة للاستدلال,وقد يرى البعض ان اتجاه احمد الكاتب في افكاره وتوجهاته هو منطلق من اساس...خالف تعرف...الى اننا لانريد في بحثنا هذا ان نقف على دراسات شخصية او نفسية بقدر ما نريد توضيح مشكلة التوجه المادي الواقعي الذي يعاني منه فكر احمد الكاتب في كتاباته,فيلاحظ في جميع كتابات صاحبنا الكاتب الخوض في المسالة الغيبية فقط وهي قضية الامام المهدي عليه السلام دون الخوض في الخلافات الاساسية او التي تشكل الاصول في العقائد.علما ان قضية الامام المهدي عليه السلام قضية فرعية في الفكر الاسلامي الشيعي وليست قضية تقف بين اقواس اصول الدين ,ولهذا يحاول الكاتب في اطروحاته المكررة تناول القضايا الغيبية والتي لايمكن تحصيلها وفق الاطار الواقعي الذي يسير الكاتب على خطاه ,والامر الذي يجعل الكاتب حاصرا حواراته وقضاياه التشكيكيه بهذا الشكل هو التوجه الواقعي الذي عرفناه انفا.علما ان هذا التوجه لايتفق تماما مع منهجية البحث الاسلامي لانه توجه مادي خالص لايمكن ان ينفذ به صاحبه الى اي نتيجة ونقاط الوصول التي فيه تستمد مقدماتها من امر مادي واقعي ليس من امر غيبي .فالحكم على الغيبيات بامور مادية حكم متهافت جدا يفتقد القوام الاساس في القضية العلمية ولايوجد ترابط بينه وبين مقدماته.وهو يشبه من جهة ما الماديين المحدثين الذي قالوا بالمنطق الوضعي ورفضوا الحقائق التي لاتدرك بالحواس القريبة.ومن هنا تظهر كثير من الامور الاشكالية على اتجاه احمد الكاتب اولها واهمها الاعتقاد بالفكر الاسلامي الذي يكون برمته امر غيبي بين قوسين ..موجبة كلية..ورفض الفكر الاسلامي الغيبي بخصوص الامام المهدي بين قوسين.. موجبة جزئية...وفي هذا المجال يقع فكر احمد الكاتب في زاوية جمع النقائض والتهافت في الاستدلال العلمي الذي وقع به الوهابية مثلما بينا انفا,ومن هنا يبان الينا السبب الذي يجعل شبهات احمد الكاتب زائفة و ركيكة تجاه الشيعة ...
#جعفر_الغرابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟