|
إنتقاد مشروع البرنامج
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 08:11
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
يركز هذا الإنتقاد على إيضاح أخطاء مشروع البرنامج الجزئي المقدم إلى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني وتحديد أهمها في مجالات السرد وذكر الوقائع وإحصاءاتها وحصف الأزمات والمشكلات الناتجة عنها ووصف العلاج الموضوعي لها. وهي أخطاء موصولة بأن مشروعات الدستور واللائحة والبرنامج المقدمة إلى المؤتمر الخامس - وهي خطوة إلى الأمام من تيه النقاش العام- كان منطقاً أن تكون في قلب ذاك النقاش إن لم تكن في أوله ولكن هذا الوضع المتأخر لها جعلها في هذه المرحلة متأثرة بكل الأخطاء التي شابت بداية النقاش العام وأهمها فقد المعايير الموجهة، كما أن بعضها وضعت مسوداته قبل نهاية النقاش العام وتقديم وتقويم الإنتقادات الموجهة إليه، وبعضها متأثر بالجانب الليبرالي فيه أي الجانب الذي لا يهتم كثيراً بأزمة نظام حرية تملك الأفراد لموارد حياة الناس، وهي الأزمة الأولية المولدة لكل التناقضات الرئيسة في الحياة العامة.
1- إنتقاد عام للتقديم:
في الفقرة الأولى لمشروع البرنامج كان الأنجع محاولة علاج الأزمة الطبقية - الإقليمية في السودان بداية من القيام بتوصيف الظاهرة (الأزمة) وتحديد تناقضاتها وأسبابها ثم وصف إمكانات علاجها وبداية هذه المحاولة في المشروع بتناول أمر البنية التحتية في النظام الإقتصادي – الإجتماعي وصولاً إلى بنيته الأعلى السياسية. لكن مشروع البرنامج سار ضد النسق المنطقي لتغيير الأمور بصورة جذريةً حيث إختار البداية من نتيجة الأزمة وشكلها متناولاً السقف السياسي للسودان وعدم إستقراره السياسي! بهذا الإختيار المقلوب إرتكب المشروع بفقرته الأولى خطأ مميتاً في تصور طبيعة الإستقرار وطبيعة التطور السلمي الديمقراطي: إذ خالف المشروع الحقيقة الموضوعية لإستقرار نظام حرية الملكية والسوق في السودان وأغمض العين عن تطور هذه الحرية حتى صارت طغيانا. ومن هذه المخالفة والإغماض بالغت صياغة المشروع في دور التغيرات الشكلية أو الفوقية لحكومات النظام الإقتصادي-الإجتماعي الليبرالي وتراوحها بين المدنية والعسكرية، والعلمانية والدينية. يقول المشروع في وضعه هذه النتيجة قبل سببها:((انقضى أكثر من اثنين وخمسين عاماً منذ ان نال السودان استقلاله السياسي دون ان ينعم بالاستقرار والتطور السلمي الديمقراطي.)) ! هنا تحتاج مجهولية السبب الأساس في عدم الإستقرار والتقدم السلمي الديمقراطي إلى إيضاح الطبيعة الرأسمالية المحلية والدولية التي حكمت الأساس الإقتصادي للسودان وأنتجت دورة التغيرات الشكلية في تركيبة حكمه.
في الفقرة الثانية للتقديم يلوم المشروع البنى العليا للحياة الإقتصادية الإجتماعية ممثلة في الديكتاتوريات السياسية المدنية والعسكرية دون أن إيضاح طبيعة وأصل الديكتاتورية الإقتصادية الإجتماعية التي إنتجتها يقول:((رزح السودان معظم تلك السنين تحت نير أنظمة شمولية مستبدة تتحمل جل المسؤولية عن المعاناة التي يكابدها السودانيون اليوم. فقد كانت وما زالت السبب الرئيسي في تغذية وتوسيع وتعميق التوترات الاجتماعية التي تحولت الى حروب أهلية ضروس، نتجت عنها خسائر بشرية ومادية طائلة، وتلوح نذرها ألان في مناطق أخرى، مهددة وحدة الوطن –شعوباً وأرضا- ومنذرة بتفتته وانفراطه.)). وفي هذه السطور الجميلة تغبيش لعلاقة النظام الإقتصادي الإجتماعي الرأسمالي التبعي في قاعدة الإنتاج والمجتمع وسيطرة ديكتاتورية التملك والسوق وهيمنة ثقافتهم ودورهم كل هذه المسآئل في إنتاج وتفاقم الأزمات الإجتماعية في السودان والعالم. ويسهم تغبيش هذه الحقائق التاريخية مع فقرات أخرى في توالى مشروع البرنامج مع النظام الإقتصادي الإجتماعي الليبرالي الذي إنتج الأزمات الجاري الكلام عن علاجها في ذات المشروع.
في الفقرة الثالثة يواصل المشروع تجنب طرح أزمة الإستغلال الرأسمالي المتفاوت كمصدر رئيس لأزمات السودان متحدثاً فقط عن مظهر ونتيجة هذا الإستغلال الرأسمالي في التخلف والفقر يقول: ((وانتهجت الحكومات المتعاقبة سياسات اقتصادية أهملت مهام بناء مقومات الاستقلال وانتشال البلاد من وهدة التخلف والارتقاء بنوع حياة المواطنين. وكانت النتيجة تكريس الفقر وإشاعته وإحكام تبعية الاقتصاد السوداني لدوائر الاستعمار الحديث، حتى أصبح السودان يصنف بعد نصف قرن من الاستقلال ضمن اكثر البلدان فساداً واقلها تنمية يعيش أكثر من 95 % من سكانه تحت خط الفقر)) فرغم إيضاح المشروع طبيعة هذه السياسات لاحقاً فهنا إيضاح شديد ودقيق للنتيجة وتعميم مبسط للسبب (= سياسات إقتصادية أهملت...) دون تعريف محدد لهذه السياسات ولنمط الإنتاج الذي أنتجها! مع إن من الضرورة لسلامة منطق البرنامج كشفه العلل ومحاولته تقديم وصفات لعلاجها أن يقوم بتعريف السياسات ونمطها الرأسمالي وذلك كمعلومة ضرورة وموضوعية للإفصاح عن المنطق الإجتماعي الإقتصادي في تجنب هذه السياسات وفي تغييرها مستقبلاً.
في الفقرة الرابعة بين المشروع تغيرين في الإقتصاد هما: 1- تغير تركيبة البضاعة المركزية في الإنتاج من القطن إلى النفط و2- تغير في نوع النشاط الرأسمالي (من الحالة الموصولة بالإنتاج) إلى النوع (الموصول بحالة الطفيلية) مع فشل النوعين في قيادة نهضة صناعية زراعية يعرفها بالألف واللام (النهضة)َ! وقد طرح المشروع من هذا الفشل ضرورة قيادة طبقية جديدة (تعبر) عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين. وكل هذا مع عمومه صحيح، ولكن مشروع البرنامج غيب إيضاح علاقة الرأسمالية التبعية المحلية والعالمية التي بلورت "النظام الليبرالي" أي نظام حرية تملك بعض الأفراد مالاً لموارد حياة المجتمع وهو النظام الذي ولد القمع والسياسات الإقتصادية الخاسرة وظروف تخلف الزراعة والرعي التي تجعل للإنتاج الحرفي والصناعي وعماله دوراً مائزاً طليعياً في القيام بتنمية متوازنة ضد هذا الوضع المختل،لكن المشروع في سرده وقائع التغيير ترك هذه الحقيقة التاريخية الحاضرة.
في الفقرة الخامسة إتجه المشروع في إكتفاءه بالإصلاحات الشكلية والإرتكاز إلى النظم والقوى التقليدية لإجراء تغييراته الإصلاحية (الإسعافية!) إلى تجاهل عرض إمكانات التغيير الموضوعي (الجذري) بدعوى غائمة هي: ((مواصلة وتعميق منهج المؤتمر الرابع في الدراسة الباطنية أو الميدانية للمتغيرات في التركيب الاقتصادي والاجتماعي والطبقي في البلاد)) .كأنما الوضع العام للعناصر الرئيسة في التركيب العام الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد غير معروف (أيحتاج وجود النهار إلى دليل؟) ولكأنما لا وجود للدراسات التي شكلت الأساس لتقدم الصياغة بمشروع البرنامج. وهناك أراشيف كاملة لهذه الدراسات في الجامعات ومراكز البحوث وفي الحزب الشيوعي السوداني، فكيف يُغيَب طرح الأمر الرئيس والأساس بحجة إنتظار الثانوي؟ وإلى متى؟ مع العلم ان التغييرات الثانوية متصلة مستمرة إلى الأبد! وأن وضع البرامج العامة يعتمد على المعلومات الأساسية لا على المعلومات الثانوية والتالية واللاحقة التي تواصل التراكم حتى تبلغ حالاً قد تتغير به المعلومة الأساس.
في الفقرة السادسة والسابعة والثامنة: يجد عضو المؤتمر ومن يمثلهم وبقية قراء هذا المشروع سطوراً سياسية صرفة أقرب للحشو تتحدث عن عسف الحكم القائم وديكتاتوريته وعدم وفاءه بعهوده ومواثيقه، خضوع الإقتصاد لوصفات المؤسسات المالية الدولية وسياسات تحرير الإقتصاد التي خلقت أسس إفقار غالبية أهل السودان والترابط بين سياسات.الخصخصة والأسلمة. بينما كان الأنجع إيضاح أساس النظامين الإستعماريين القديم والحديث الحاكمين لهذي السياسات وهو حرية تملك الأفراد للموارد الضرورة لحياة وعيش المجتمع. فهذا التملك الإنفرادي هو الذي يخلف التفاوت والتوتر في المجتمع ويسمح بتكون وسيطرة الأقوى والمركزي في السودان والعالم ونهبهما مثروات البلاد وأغلبية السكان. فالأمر أكبر من إلقاء وزره على (القوى التقليدية) مع فداحة إثمها فيه، كما إن لنا نصيبنا من أسباب الخراب حيث لم تذكر صياغة المشروع بأي شكل إن الفصل العام وحتى النسبي -في وثائق حزبنا- بين عملية تطوير القوى المنتجة وعملية تغيير علاقات الإنتاج أدى مع العوامل الأخرى إلى إستمرار توليد نظام التبعية المحلي والدولي وإنتاجه التخلف ومضاعفته. كذلك تطرح صياغة المشروع في الفقرة الثامنة من المقدمة أن الأزمة السودانية قد صارت أو أضحت [لا أصبحت] (( أزمة وطنية عامة، مركبة وشاملة ومتفاقمة، لايمكن تبسيطها أو تجزئتها)) ولكن مع هذا القطع الموضوعي الثاقف تجد في مقدمة مشروع البرنامج وتفاصيل جزئه الأول أعداداً وأنواعاً من التجزئة يصعب إجتماعها وشمولها كافة قضايا السودان شمولية موضوعية دون أن يناقض واحداً منها الآخر مثلما سيأتي ضمن الفقرات اللاحقة في هذا الإنتقاد.
في الفقرة الأخيرة من الجزء المتعلق بالظروف المحلية لتقديم مشروع البرنامج الجديد: ((لجماهير الوطن متضمناً رؤيته لتجاوز الواقع المزري الذي نعيشه ولبناء سودان حر ديمقراطي موحد، ترفرف فوقه رايات السلام والعدالة الاجتماعية.)) نجد طمساً لشعارات ومهمات التغيير الموضوعية لصالح شعارات غائمة من نوع الحرية والديمقراطية والسلام والعدل الإجتماعي. وفي هذه الشعارات المبهمة والمستهلكة لا يمكن القبول بتغيير شعار "الإشتراكية" الذي يفيد إشتراكية الناس في السلطة والثروة بصورة قائمة على حسابهم للموارد العامة والحاجة الإجتماعية لها وقدرتهم على إعادة إنتاج مايحتاجونه وتنظيمها، وتبديل هذه الضرورة بشعار مبهم مسطح مثل شعار العدالة الإجتماعية !؟ كذلك فإن تأخيره غير منطقي: إذ لا حرية ولا ديمقراطية ولا وحدة ولا سلام مع بقاء أسس الإستغلال والتهميش والتبعية المحلية والدولية وكيف تكون البلاد حرة مستقلة مالم تكن الطبقة العاملة والأقاليم حرة؟ كان الأفضل لصياغة المشروع أو لطرحه على المؤتمر أن يذكر: هذه رؤيتنا لتغيير الوضع من حالة الإستغلال والتهميش إلى حال أفضل لإشتراك المواطنين في السيطرة على موارد حياتهم وسلطات تنظيمها، ولحرية وتساوى الأقاليم في الحقوق والواجبات.
2- الطرح المختل في مشروع البرنامج للتغيرات في العالم : قدم مشروع البرنامج تغيرات الوضع الدولي بإعتبارها: (أ) إنهيار المعسكر الإشتراكي و(ب) نجاح للرأسمالية و(ج) هيمنة الولايات المتحدة و(د)حركة ضد العولمة . و(هـ) صحة الماركسية (دون ذكر اللينينية).. [ الفقرات مذكورة بتصرف] لتوازن المعلومة كان على المشروع أن يذكر بذات القوة التي ذكر بها التغيرات السابقة (أ) التقدم الوطني الديمقراطي في الصين وفي قارة أمريكا الجنوبية ، و(ب) فشل الرأسمالية في الخروج من أزمتها الموضوعية (= إرتفاع تكاليف الإنتاج وإنخفاض قدرات الإستهلاك) بل وتفاقم هذه الأزمة منذ نهاية القرن العشرين وحتى الآن أغسطس 2008 ، (ج) فشل الولايات المتحدة في تأمين سيطرتها وهيمنتها مع منازعة القوى الدولية والمحلية الأخرى وفشل سياساتها في حل قضايا فلسطين ويوغسلافيا والعراق وأفغانستان، فمع تهدم النظام العالمي القديم لم تنجح الولايات المتحدة في بناء نظم وطنية أو عالمية مفيدة في حل الأزمات الرئيسة في العالم (د) نشاط الحركة ضد الرأسمالية في قلب الحركة ضد العولمة بكل منتدياتها الإجتماعية وإستعادة الأحزاب الشيوعية لحيويتها وتفتح حركات المقاومة المدنية والمقاومة العسكرية وإنتصار بعضها في أمريكا الجنوبية، نيبال، قبرص، إضرابات غانا، ومصر، وكينيا..إلخ) و(هـ) تفتح منافسة قوى دولية جديدة في مجال الإقتصاد الرأسمالي العالمي. وهذا الطرح المختزل لتغيرات الوضع الدولي الذي يقدمه هذا الإنتقاد أكثر توازناً من الطرح الوارد في المشروع الذي يبدو إنه تم وضعه قبل زمن طويل مع إضافة تغيرات الصين وأمريكا الجنوبية والحركة ضد العولمة بصياغة ضعيفة (عمومية) في فقرة وضعت بائسة مفردة عن الفقرات اليمين التي أوردها الصائغ بإحكام وقوة وتميز.
3- تغبيش الأزمة في الأحزاب الشيوعية: حاول مشروع البرنامج تناول قضية مصطنعة هي قضية حرية أو سجنية أو ضيق "التفكير الماركسي- اللينيني" [لا كما قال: "الفكر الماركسي"] وهي قضية منشفية مفبركة ضد الإتجاهات اللارأسمالية الناجحة في عهد إستالين. فالمشروع كما هو في نص فقرته المعنية يطرح وجود جمود في ما يسميه وآخرين خطأ بإسم "الفكر الماركسي" وفي جهة أخر يقر بإنفتاحية هذا الفكر وسلامة إستنتاجاته الأساسية!!؟ للخروج من وحل هذا الإتهام الضعيف وهذه الصياغة النقيضة لذاتها كان على صائغ المشروع إظهار الأزمة الرئيسة في تاريخ التفكير والنضال الشيوعي وهي: أزمة التناسب الزماني والموضوعي بين تغيير حالة القوى المنتجة وتغيير حالة علاقات الإنتاج، أي أزمة الصراع حول زمن وطبيعة الثورة وطبيعة الإشتراكية الذي بدأت بواكيره في كل ثورات الحداثة ضد الإقطاع قبل الماركسية وتطور عبر إنقسام رابطة العدل وعصبة الشيوعيين حيث أُتهم ماركس وأنجلز بالجمود وحيناً بالنزعة السياسية وحيناً بالنزعة الإقتصادية وغيره مما تطور بعد ذلك إلى صراع المناشفة والبلاشفة حيث كان المناشفة يمثلون البرجوازية واليهودية السياسية ضد الإقطاع والقيصرية وكان البلاشفة يمثلون النزعتين العمالية والوطنية ضد الإقطاع وضد الحداثة الرأسمالية، ثم تطور الأمر في ظروف محلية إتسمت بالحرب الباردة بين اليهود والروس وقوميات المسلمين وظروف دولية إتسمت بالمنازعة الأمريكية لعرش الإستعمار البريطاني ثم بلغ الأمر داخل روسيا بعد المؤتمر العشرين لحزب السوفييت (فبراير1956) حالة التحول إلى ضد ومع المؤتمر مما لم ينتهي حتى الآن لا بحل الإتحاد السوفييتي ولا بتقدم الصين وإن ظهرت بعض معالمه الموجبة في تغييرات أمريكا الجنوبية وتقدم حركات الهامش في العالم وفي السودان تطالب بالإشتراك في ثروة الموارد وفي سلطة تنظيمها وحكومتها، أما في حزبنا فلم نزل نرى رفع مستوى القوى المنتجة مع تأجيل تغيير علاقات الإنتاج لحين توفر ظروف وإمكانية نجاح التغيير فيها، بينما من غير المنطقي رفع مستوى القوى المنتجة بالعلاقات التي تولد تخلفها!!؟
بالطبع الحديث عن إستغلال الرأسمالية وتهميشها للموارد المادية والبشرية والثقافية ولحاجات وقدرات المجتمع يفرض موضوعياً تغيير علاقات الإنتاج، ولكن الإتجاه البرجوازي الصغير ربيب المدن السائد في أول وآخر مشروع البرنامج الجديد كان ولم يزل يميل إلى تغيير النظام المطفف للحياة والمعيشة في السودان بالتوافق أو بالتعاون مع القوى الرئيسة في السودان منصرفاً عن الثورة عليها توخياً لسلامة الحزب والمجتمع من التغييرات الشديدة العاصفة وهو في هذا التوخي إنما يختار بالفعل الموت البطئي والهجرة لأهل المدن، والموت الأسرع والنزوح لأهل الريف.
4- الإختيار اليميني من المتناقضات في برامجنا ووثائقنا السابقة: في ناحية شكلية لتوكيد المحلية والوطنية والواقعية وحتى في نزعة غرور أكد المشروع :((يمثل هذا البرنامج خلاصة ما نادينا به للتغيير السياسي الاجتماعي الديمقراطي، وينبثق من واقع ما راكمنا من خبرات عبر نضال يومي مرير لأكثر من ستين عاماً وسط الجماهير، تجسيداً لهمومها وبلورة لتطلعاتها المشروعة. )) ((وهكذا فإننا نواصل السير قدماً على خط تطوير ما طرحنا من برامج متعاقبة وما أصدرنا من وثائق. نسقط ما عفي عليه الزمن ونجلي ما لا يزال ضمن مهام الفترة القادمة.)). هنا أسئلة: كيف تحول هذا المشروع إلى "خلاصة "؟ وبأي عمليات حذف أو إضافة وفي أي موضوعات؟ ما هي حيثيات ذلك؟ أمجرد إنتقاء بالحدس والتخمين دون حيثيات؟ وإن كان هذا المشروع الذي إنطلق في تسمية نفسه برنامجاً هو "خلاصة" ما هي فائدة تقديمه إلى مؤتمر؟ كيف حدد فيه أن شأناً طبقياً كعلاقات الإنتاج عفا عليه الزمن؟! وهل تحل التناقضات الرئيسة والثانوية بكشط عليه ملاحظة عفى عليه الزمن؟ ما هي الأدوات الموضوعية التي حدد بها المشروع ملامح الفترة القادمة ليكون إنتقاءه لما عفى عليه الزمن في علاقات الإنتاج إختياراً منطقياً ؟؟
عدد المشروع وثائق الحزب التي ركن للإقتباس أو الحذف منها في عملية تنقيح مفترضة كأصل لإيجاد مشروع البرنامج بأنها: ((برنامج الحركة السودانية للتحرر الوطني(1949) وبرنامج المؤتمر الثالث (1956) ووثيقة المؤتمر الرابع الأساسية (الماركسية وقضايا الثورة السودانية) ودستور الحزب الصادر عنه(1967) ومساهمة عبد الخالق محجوب نحو المؤتمر الخامس (حول البرنامج) (1971) وبرنامج الحزب الانتخابي بعد الانتفاضة(1986) والوثيقة التي أعدها الحزب ليقدمها أمام المؤتمر الدستوري الذي لم ينعقد بعنوان ( ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد)(1989) وما أسهم به الحزب مع فصائل التجمع الوطني الديمقراطي، خاصة في مؤتمر القضايا المصيرية (1995)وجملة وثائق دورات اللجنة المركزية للحزب خلال الفترة (1967-2008)) وهي بالطبع وثائق متناقضة بعضها ضد الطريق البرلماني وبعضها معه، وبعضها مع التأميم كضرورة لتخطيط الإقتصاد وبعض منها ضده كمنفر لحرية الإستثمارات الإجنبية، وبعضها ضد الطائفية كأصل في الحياة السياسية وبعضها متوافق معها! هنا يبرز سؤآل أساس: كيف حل المشروع كل تناقضات هذه الوثائق؟ كان أفضل لو ذكر بوضوح إنه للأسباب 1-...و2-... و3-...تبنى من هذه الوثائق الخط الإصلاحي ورفض خط التغيير الجذري! ولكن القول بأنه مستند في وزنه للأمور وفي تقديره لقوى ولإتجاهات الحركة الإجتماعية ولقوى وإتجاهات الحركة السياسية إلى مجموعة وثائق فيها تناقضات أساسية إستخلص منها ما يراه صالحاً فقول ضعيف المنطق.
5- ضمن هذا المنطق الإنتقائي الضعيف إعتمدت مقدمة المشروع لتبرير وجوده بهذا الشكل المتناقض إطارين متناقضين دون أن تطرح إمكانية المطالبة بالتغيير فيهما وفي إتجاهاتهما في سياق تقدم مجتمعات السودان من حالة الحاجة لضرورات العيش والحياة والتكالب عليها إلى حال الحرية والكرامة من هذه الحالة. تلك الحرية التي تشكل فيها الديمقراطية الإقتصادية الإجتماعية أساس التخطيط والتنمية والتنظيم العام للحكم في ديمقراطية شعبية تختلف عن الديمقراطية الليبرالية القائمة على حرية تملك الأفراد لموارد المجتمع وحرية متاجرتهم بها! وقد كان الإطارين النقيضين لبعضهما هما:
1- إطار بعض إصطلاحات إشتراكية حددها: "الحزب"[دون تعريف شيوعي أو غيره]، "الماركسية" [دون لينينية]،"العلم"[دون إيضاح سياقه الطبقي] "التغيير الاجتماعي" [دون هوية طبقية] "السلطة الوطنية الديمقراطية"[دون طبيعتها الطبقية]، "الأفق الاشتراكي"[بينما الإشتراكية ضرورة للتقدم الإجتماعي من حالة الحاجة إلى ضرورات الحياة]، "الإصلاح الزراعي"[بدون هوية طبقية] والرأسمالية الطفيلية [وهو إصطلاح متناقض المنطق]، و"الاستعمار الحديث"[مع قبول حرية تملك الأفراد لموارد المجتمع ] وفي هذا الإطار الإصطلاحي الضعيف يستبعد صائغ المشروع دور علاقات الإنتاج في توجيه الإنتاج والحياة الإقتصادية-السياسية وثقافاتها إذ أخرجها الصائغ من الإعتبار بربط مبهم لصلاحية الإصطلاح العلمي وقراره في البرنامج بـ((عشرة الجماهير معه !!)) حاكماً وجود إلإصطلاحات الإشتراكية العلمية بالإلفة والعشرة مع الناس في بلاد تعاني فيها الأمية من الجهل ويعاني فيها الجهل من الأمية.
2- الإطار الثاني الذي عمده الصائغ كظرف لمشروعه وطبيعة وضعه بهذه الصورة المتناقضة هو الإتفاقات الإمبريالية التي فرضت بوقائع السياسة والضغوط الدولية على أطراف الصراع الطبقي- الإقليمي في السودان: ((إتفاقات نيفاشا والقاهرة وابوجا واسمرا، بطابعها الثنائي الذي يشكل المهدد الرئيسي للوحدة الوطنية والذي يمكن تجاوزه بعقد مؤتمر قومي لتطويرها وإزالة نواقصها. )) هنا سؤآل: إن كان المؤتمر القومي المنشود سيحل أزمة هذه الإتفاقات فلماذا نستند إليها الآن وهي مأزومة؟ كان الأفيد أن نقدم كحزب شيوعي ضمن مشروع البرنامج الخطوط العامة الطبقية والإقليمية لحل الأزمة الرأسمالية في السودان مع شيئ من التفصيل، بحيث تكون هذه الخطوط هي البديل لنظام إحتكار الثروة والسلطة القائم في السودان منذ ما قبل (الإستقلال).أو التمام الموضوعي لما نقص في بنية وتفاصيل هذه الإتفاقات الموقوتة.
إضافة إلى إهمال الصياغة إن هذه الإتفاقات ذات آجال زمانية موضوعية منقضية تموت بها فعليةً مثل كل المواثيق والعهود والدساتير التي أكلتها الظروف والقوى والشروط الرأسمالية في السودان مثل إتفاقية أديس ابابا للسلام (3-3-1972) التي كان اجلها الزماني سرمداً وكانت ذات ضمانات دولية تبخرت وقت الحاجة إليها فكذلك عملية وضع إتفاقات جديدة بإسم إتمام نواقص الإتفاقات الثنائية كان يتطلب جاهزية أفضل في مشروع البرنامج بدلاً من ترحيل الموقف إلى حالة تلتيق ولفق شغل ملتق ملفق.
2- إنتقاد محتويات مشروع البرنامج:
1- إنتقادات تناول المشروع لموضوع الديمقراطية:
(أ) تصوير"الديمقراطية" كنظام للتنوع والتعدد دون إيضاح تفاوت مضمونها الطبقي في كل مجتمع: في تقديم الجزء السياسي ذكرت الديمقراطية بصيغة عموم دون إيضاح الفرق بين الديمقراطية في النظام الليبرالي الذي تحكمه حرية تملك الأفراد لموارد حياة المجتمع، والديمقراطية في نظام الحكم الشعبي الذي يسيطر فيه المجتمع على موارد حياته، وهو فرق هائل. ومع الإستغراق في ذكر التنوع والتعدد غُيبت حقيقية ان الديمقراطية بشكل عام هي نظام لحكم المجتمع بواسطة أكثرية الأشخاص المصوتين في إنتخاباته ونمط لإدارة الأرآء في شؤون الحكم وفق قوانين مساوية بينها دون ذكر طبيعتها الطبقية، قال: ((قام حزبنا منذ الاستقلال بطرح موضوعة الإقرار بواقع التعدد والتنوع كسمة شاملة للسودان باعتباره ضرورة لا غنى عنها لتأسيس مشروع وحدوي للنهضة والتطور. والآن تكاد كل القوى السياسية والفكرية تجمع على إن السودان وطن متعدد ومتنوع الأعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات. ولم يعد هذا مجرد أطروحة في مجالس الدوائر المستنيرة والدراسات، بل أصبح كثيف الحضور في خضم الصراعات السياسية والاجتماعية الدائرة بمختلف الأشكال.)) في هذه التعديدات أسقط الصائغ الإنقسام والتعدد الطبقي في المجتمع وأثره الضار على الوحدة الشعبية والوطنية وإعاقته التمازج القومي ومع إغفال الإنقسام الطبقي لم تهتم الفقرة طبعاً بضرورة علاج أسبابه .
في سطور البرنامج لم توضح مقدمة الجزء السياسي للمشروع بصورة إنتقادية مختصرة الأسباب التحتية أو الأساسية لفشل الديمقراطيات الليبرالية الأوربية والأمريكية في تجاوز عمليات الإستعمار القديم وعمليات الإستعمار الحديث، أو أسباب فشلها في الحل الجذري لتواصل إنحدار مستويات المعيشة والضمان الإجتماعي لضرورات الحياة بالنسبة لأكثرية سكان دولها، أو لفشل الديمقراطيات الليبرالية في حل أزمات الإستعمار الداخلي (آيرلاند، إسكوتلاند، ويلز، كورسيكا، الباسك، كاتالونيا، ويلز، بلجيكا..إلخ ) أو أزمات التطور المتفاوت والتبعية الداخلية في بلادها وسوء توزيع الموارد!!. كذلك في المستوى السوداني أغفلت مقدمة المشروع الأسباب الأساسية لفشل النظام الديمقراطي الليبرالي ثلاثة مرات ونصف في السودان ولأكثر من هذا العدد في عموم المنطقة الأفريقية والعربية، كما أهملت الطبيعة الحاضرة للتغيير ضدالليبرالية وأسسها في قارة أمريكا الجنوبية..
لإيضاح موضوعية الحل الثوري الوطني الديمقراطي ولإجتناب غموض وضباب تقديم الجزء السياسي كان من الملائم أن يقدم في سطر واحد أو سطرين إيضاح بسيط للحاجات الأساسية لأكثرية السكان في السودان، وفشل النظم القديمة في علاجها ومن ثم تحديد الشكل السياسي الديمقراطي الشعبي لأحوال تملك اناس موارد ووسائل حياتهم وطبيعة نفعهم بها ومن ثم أسلوبه لإقرار و إدارة التنوع في المصالح والأرآء. أما القول المطلق بأن الديمقراطية = التعدد حاف! ففيه تغبيش لتفاوت المضمون الطبقي والثقافي الإقتصادي –الإجتماعي لكل نوع من أنواع الديمقراطية وفيه مساوآة بين الحلول الإصلاحية بطابعها الفوقي والشكلي والجزئي والحلول الجذرية بطابعها التأسيسي والتغييري الشامل. كذلك تجاهل العلاقة بين الحاكمية في المجتمع وأسسها والحاكمية في الدولة وأسسها، مما لا مخرج ديمقراطي منه إلا بنظام "الحكم الشعبي" وإنتخاب المجالس الشعبية والتنفيذية من القرية والبادية وصولاً إلى الجمهورية ومن ثم إلى إتحاد جمهوريات، لتأخذ الديمقراطية المضمون الشعبي لها طبقياً وإقليمياً دون تمايز أو إنفصال بينهما.
(ب) إسقاط دور "نظام تملك الموارد" و"الوضع الطبقي" في تفاقم حالة الإستغلال–التهميش في مجتمعات السودان وأقاليمه:
بتجاهل الجزء الأول من مشروع البرنامج الدور الأساس لنظام تملك موارد العيش والحياة والآليات الطبقية لتوزيع الموارد والجهود والمنافع المنتجة منها بين الناس حصر الجزء السياسي من المشروع إجراءاته في إحترام التعدد والتنوع في المجال الثقافي الشكلي وفي القانون وفي دعوة عموم للتمييز الموجب لمهمشي الوطن كافة (النساء والمجموعات الإثنية دون العمال والزراع) وليس لإلغاء أسس التهميش!؟: قال: (( 1-. أن يشكل التعدد والتنوع المكوّن العضوي لثقافتنا الوطنية، بمنابعها وتعبيراتها المختلفة دون قهر او وصاية . وأن يشكل ذلك بالتالي عظم الظهر لكل السياسات الإعلامية والتربوية والإبداعية . 2-. إدانة الاسترقاق وتجارة الرقيق بوصفهما وصمة في جبين الإنسانية ودملاً خبيثاً في تاريخنا الوطني. 3. جعل التمييز والاستعلاء بدوافع العرق او الجنس او اللغة او الدين او الثقافة فعلاً محرماً ومدموغاً على مستوى القانون ومستوى الوعي الاجتماعي الثقافي العام. 4-. التمييز الايجابي لمهمشي الوطن كافة: النساء والمجموعات الإثنية في المناطق الأكثر تخلفاً.)) والمشروع هنا -كما في المقدمة العامة- يسقط أهم مقومات التاريخ الإجتماعي وأسسه الموضوعية المادية في الإنتاج وفي العلاقات الطبقية لهذا الإنتاج مواشجاً بهذا الإسقاط تصفية الحزب الشيوعي من المقومات الموضوعية لكينونته بدعوى أن يكون حزباً لكل الطبقات!
كان الإنجع لموضوعية وشعبية الحزب وشيوعيته بدل المخاتلة أن يقوم الجزء السياسي من المشروع بإيضاح طبيعة وأسباب الإستعلاء والدونية في توزيع الموارد العامة فهما -كما كل البلاد الشبيهة- نتيجة للآتي:
1- الطبيعة الطبقية الرأسمالية لنظام التملك المالي للموارد وتوزيعه المطفف المبخس لجهود إنتاجها والمحتكر لمنافعها،
2- تفاوت التحكم في توزيع الموارد بين المنتجين والمُلاك، وكذلك بين المركز والهامش وتضاعف هذا التفاوت وتفاقم آثاره من مجافاة القسط في تقسيم ثمرات الإنتاج ومنافعه.
بعد سطرين أوثلاثة يوضحان الطبيعة الطبقية لعملية الإستغلال والتهميش وتبلورها مركزاً وأقاليماً كان للمشروع أن يقدم النظام السياسي المختلف الذي يرومه الحزب الشيوعي السوداني لتغيير هذا الوضع. لا أن يجعل النظام السياسي والإقليمي مفصولاً من الحقيقة التاريخية لوجود الطبقات والنظام الطبقي في السودان زالفاً لنتيجة الإستعلاء والتهميش النابعة من هذا النظام، مما صار به حال المشروع وحال الحزب هو التعلق بالفروع الصغيرة وبالنتائج الثقافية العنصرية دون الأسباب الطبقية.
2- تجاهل الفرق بين الديمقراطية الليبرالية كشكل للتسلط وديمقراطية الحكم الشعبي كشكل ومضمون للحرية:
وضح الجزء السياسي من مشروع البرنامج جهد الحزب الشيوعي في صقل كينونته الديمقراطية جهة النقابات والتكوينات الإجتماعية لينفذ من تعدديتها إلى نتيجة إفترضها المشروع هي القبول بالتعددية في صيغتها الليبرالية! وإن أضمرت وأدغمت هذه الصيغة الليبرالية في إصطلاح "التعددية" التي إن أخذت في سياق صياغة الفقرات السابقة واللاحقة لوضح إقتناع صائغ المشروع مشروع البرنامج والذين وافقوا عليه بعد تمحيص بحرية تملك الأفراد موارد المجتمع.
كان الأولى في مشروع البرنامج بدلاً من القيام بمهمة الأحزاب الليبرالية في الدعاية الفجة لتعدد حزبي شكلي أن يقوم بعرض مكون من بضعة سطور يقدم به المقومات الموضوعية لضرورة الحكم الشعبي وإمكان لجمه التفاوت الطبقي والإقليمي.
بدلاً لذلك إتجه المشروع لتعديد إستنتاجات تتعلق بفشل نظام الحزب الواحد، دون أي إستنتاجات تتعلق بفشل نظام التعدد الحزبي أو بالأدق فشل نظام الديمقراطية الليبرالية، مكتفياً عن هذا بمناهضة شكلية لنزعة الإنقلاب العسكري على أسلوب إدارة الحكم، إذ إبتعد المشروع عن تناول السبب الرئيس للإنقلابات العسكرية وهو فشل النظام الرأسمالي (الليبرالي) سواء كان حزبياً أو كان عسكري الشكل في حل أزمات العيش والحياة بالنسبة لأكثر الناس والمناطق مما ينهي بالفعل صلاحية الديمقراطية التي تصونه. كذلك لم يذكر الجزء السياسي شيئاً عن تخلف النشاط الشيوعي -لظروف عددا- عن تحقيق تغيير هذا النظام بداية من أضعف حلقاته في مناطق التماس بين الريف والمركز في ضواحي المدن وفي مناطق الصراع الصريح. وفي كل أغفل صائغ هذا الجزء من مشروع برنامج الحزب ان الإنقلابات نتيجة لأزمات المعيشة وفشل السياسات الليبرالية في علاجها ولفقد نظام التحزب صدقه بإجتماع المصالح التجارية والسياسية في أحزابه وحكوماته الرأي والحكم فيه دولة للأغنياء!
الحل الأمثل مع إحترام حقوق الإنسان هو في تفعيل الحكم الشعبي بتحرير تمويله ونشاطه من السيطرة المركزية والرأسمالية
3- في تثبيت دولة التهميش الرأسمالية بإنتقال شكلي آخر إلى التعدد الحزبي والعلمانية!
أ- حصر صائغ هذا الجزء من مشروع البرنامج أهداف الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع في:((انتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي)) ومثالب هذه الفقرة هي:
1- إغفال أن نظام تعدد الأحزاب والعلمانية فشل في البقاء في الظروف الرأسمالية وتدهورت معها أمور الحكم والمجتمع.
2- تجاهلت الفقرة أن مصالح التراكم والنشاط الرأسمالي الدولية والمحلية أدت بأشكال مباشرة وغير مباشرة إلى تحور الدولة العلمانية المتعددة الأحزاب إلى دولة أكثر واحدية في إطارها العام وأكثر تمزقاً في تكوينها الثقافي الطبقي والسياسي.
3- خطأ الدعوة للإنتقال السلمي من هذه الحالة بواسطة برنامج ليبرالي لا إشتراكي سواء كان محلي الصناعة أو بواسطة الضغط والتدخل الدولي فهي دعوة متأخرة عن طبيعة المرحلة والفترة التاريخية التي يعيشها المجتمع فإضافة إلى ربط الكثير من تكوينات السودان التحتية والفوقية بالنشاط الرأسمالي وتحويله محوراً لعيشها فرضت الدولة القائمة بإتحاد قوى رأس المال والجيش والأمن وجهاز الدولة في الحكم والسوق الطابع العسكري على أسسها وعلى مستقبل البلاد.بحيث لا يمكن الفكاك بشكل واحد سلمي أو غيره من أسرها؟ كما إن إسقاط السلطة بالإنتفاضة والعصيان هو عمل غير سلمي شكلاً ومضموناً، وكذا إسقاط السلطة الحاكمة بتضافر القوى الثورية والوطنية في المدن مع القوى الثائرة في الريف أمر يخالف الرؤية السلمية لصائغ مشروع البرنامج.
كان الأسلم لمشروع برنامج الحزب الشيوعي إيراد فقرة تقر بحالة تعدد وسائل النضال في مختلف مجتمعات السودان وأن توزع وتنوع هذه الوسائل والزيادة العددية والنوعية في نشاطاتها تلزم الحزب بتغييرات تفعل تكوينه ونشاطاته ضد الإستغلال والتهميش
ب- بدلاً للإقرار والإعتراف بحالة تعدد وسائل النضال وإختلاف أشكال مقاومة المظالم في مجتمعات السودان نحت صياغة مشروع الجزء السياسي من البرنامج إلى المطالبة بإصلاحات سياسية وقانونية ليس بالإمكان تحققها دون تغيير شكل التمثيل السياسي في السودان ودون وجود حزب شيوعي: ففي 16 فقرة أوردت الصياغة أهمية كل من: ((المواثيق الدولية ، حقوق الإنسان، الإصلاح القانوني، إستقلال القضاء، النقابات، محاربة الفساد، حرية التنظيم، حرية الصحافة، حرية وقومية الإعلام، الحرية الأكاديمية، حقوق المغتربين، قومية الخدمة المدنية، عدالة الأجور ، إقرارات الذمة، خفض تكلفة إدارة مؤسسات الدولة، قسط نشاط الأجهزة الأمنية، جمع السلاح وحل المليشيات، قومية ورقي القوات المسلحة وتأهيلها)) مع هذه الأمور المهمة كان من الضرورة لإيضاح موضوعيتها وتحقيقها:
1- إيضاح الأزمة السياسية الأساس في السودان وهي إنفصال شكل التمثيل السياسي عن الطبيعة الإقليمية والطبقية للمجتمع.
2- المطالبة بإعادة تكوين الدولة على أسس إتحادية وبتمثيل مباشر للنقابات والإتحادات المهنية في البرلمان،وتمثيل للمؤسسات العلمية، وكذا تمثيل مباشر للقوات النظامية في الدولة، وأيضاً لممثلين مباشرين لمجلس عام لمنظمات المجتمع المدني.
3- بيان ان عدم تمثيل هذه القطاعات من المجتمع في الجهاز السياسي المركزي للعملية الديمقراطية أدى لأن تكون كينونة الدولة دولة بين الأغنياء لا صلة لقياداتها بأوجاع وآمال القطاعات المنتجة والمهمة لوجود وإدارة المجتمع. ولا بالتوازن بين أقاليم السودان في الحقوق والواجبات، وان الواجب العام على حزبنا بشأن هذه الحالة هو المطالبة بتغييرها لا تجاهلها وتفتيت حقائقها.
4- المصالحة مع النظام الليبرالي الذي يولد الإنقلابات والقمع والتعذيب:
في ثلاثة فقرات مثلت حوالى 21 سطراً سردت صياغة هذا الجزء من مشروع البرنامج إنتهاكات النظام الحاكم لحقوق الإنسان في مستوى المعارضين السياسيين وكذلك ضد عموم السكان وبينت الإتفاقات التي عقدت ونكص قيادة الحكم عن إنفاذها والدستور المتصل بها وبقاء ذلك الإنفاذ مهمة للدفع الجماهيري! ثم قفزت الصياغة من هذه المهمة التي تركت لشأنها لتتحدث في 22 سطراً عن تفاصيل عملية مصالحة ناجحة،! ناسياً المهمة الموضوعية لمشروع البرنامج في علاج الوضع السياسي الإقتصادي الذي أنتج نظام30 يونيو 1989 بكل إنتهاكاته. ميل المشروع إلى التصالح السياسي تم بتهميشه الوضع المتناقض للمصالح الطبقية والإقليمية، وحتى بإستغلالها كغطاء سياسي للعودة إلى الوضع السابق لـ 30 يونيو 1989رغم ظهور تناقض القوى والمصالح والمطالب الشعبية مع أساس النظام الليبرالي الماثل في حرية تملك الأفراد لموارد حياة الناس. فمرة أخرى يتجه تفكير صياغة هذا الجزء من البرنامج بشكل مثالي عجوز إلى علاج المظهر والنتيجة دون علاج السبب والعلة الأساس وهي الظلم والقهر الطبقي والإقليمي!
5- في اللامركزية وإستقلال وإتحاد جمهوريات السودان:
أقر مشروع البرنامج في 9 فقرات بجدوى إستقلالية أقاليم السودان والوضع الخاص للجنوب وجدوى الشكل الإتحادي للدولة ولكنه مع كل هذا التفصيل غفلت الصياغة عن أهم النقاط التي حدت تبلور مشروع اللامركزية في الحياة السودانية وهي:
1- مسألة التمويل فلابد من إستقلال كل إقليم بموارده العامة ثم الدخول بها في حساب قومي مشترك خاضع لإدارة ديمقراطية شعبية مما يختلف عن النظام المركزي الذي يجمع الموارد المالية في الخرطوم ثم يوزعها وفق إرادة أصحاب السلطة المركزية وإن كانت ذات شكل إتحادي وهنا ضرورة قيام مشروع البرنامج بتوكيد ان لامركزية المالية العامة هي عصب النظام اللامركزي.
2- في القسم المتعلق بضرورة الأسلوب اللامركزي لصلاحية حكم السودان والنسق الشعبي المحلي والإقليمي لهذا الحكم من المهم التقدم بإيضاح بسيط للحقيقة الموضوعية التي صاغها مع أخرين من علوم الإدارة العامة المرحوم د. جعفر محمد علي بخيت حول ضرورة اللامركزية المالية لأمور الأقاليم لقيام نظام لامركزي حقيقي في مجال إدارة أقاليم الدولة لشؤونها وعلاقتها بالدولة وإلا تحول حكم الأقاليم إلى مجموعة وظائف نفقتها أكثر من كسبها.
3- لصدقية تغيير وقائع الحياة السياسية السودانية وإخراجها من حالة الإستغلال والتهميش والتمزق كان ضرورة تقدم مشروع برنامج الحزب الشيوعي بطرح إستفتاء لكل أقليم في السودان حول إستقلاله كجمهورية وإتحاده مع الأقاليم | الجمهوريات الأخرى على أساس السوية بين هذه الأقاليم|الجمهوريات في الحقوق والواجبات والإسهام النسبي لها في تقويم الدولة الإتحادية لجمهوريات السودان والإشتراكية بينها في موارد الدولة الإتحادية وسلطاتها وجهودها ومنافعها ، فلا يمكن تقدم دولة بأقاليم تابعة مستضعفة.
6- قيام صياغة الجزء السياسي بتحوير طبقي لطبيعة "السلطة الوطنية الديمقراطية" ومسخها إلى سلطة ليبرالية:
بدلاً أن يوضح مشروع البرنامج سعى الحزب الشيوعي لتأسيس شكل تغيير جذري إقتصادي إجتماعي سياسي ثقافي جديد سمت صياغة مشروع برنامج الحزب الـ(؟؟؟؟)عملية الرجوع إلى النظام الديمقراطي الليبرالي ((تأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية)) !؟ إسماص على غير مسمى وأهم ما يكشف طبيعة ليبرالية هذه السلطة إبهام الصياغة العلاقة بين المضمون الإقتصادي الإجتماعي وطبيعة السلطة وعناصرها حيث قال: ((1. تعبر تركيبتها السياسية الاجتماعية عن تحالف عريض لكل التنظيمات السياسية /القوى الوطنية الديمقراطية ولا ينفرد بها أي منها.2-.لا تتقيد بأيدلوجية بعينها. .3 تعتمد السلطة الوطنية الديمقراطية سياسات ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية والثقافيـة .4-الديمقراطية البرلمانية تدعم بالديمقراطية المباشرة التي تمارسها الجماهير عبر تنظيماتها.5-. تبتكر مختلف الآليات والقنوات المحكومة بالقانون واللوائح من اجل تعميق المشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية وإتاحة الفرصة إمام أوسع القطاعات للتعبير عن رأيها بحرية ولممارسة حقوقها في المواطنة وصنع القرار)) ] في هذه الفقرة الخماسية الخالية من أي ملمح طبقي لارأسمالي إقتصادي إجتماعي ثقافي يلاحظ بها إدغام الشكل السياسي الوطني الديمقراطي بالشكل والمضمون الليبرالي الذي إستمر فشله في حل أزمات الإستغلال والتهميش ونتائجها تبعية وتخلف وفقر وأمية التي عاقت تقدم السودان من سنة 1899 وإلى مستقبل سنة 2099
لتجاوز موضوعي في هذه الفقرة لآيديولوجيا نهاية التاريخ وإغلاقه على النظام الليبرالي المضاد بطبيعته للتنمية المتوازنة وبدلاً من تشبث صائغ هذا الجزء من المشروع بأسس وشكليات النظام الليبرالي وحرية تملك الأفراد لموارد حياة المجتمع تحت المسمى التمريري المخاتل "تأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية" ، كان مهماً إدراك أن مهمة برنامج الحزب هي فتح آفآق المستقبل لا إجترار الماضي والعزف على أوتاره التي إهترأت بمآئة سنة ويزيد من الإستغلال والتهميش وتفاقماتهم. ومن الوعي بهذه المهمة كان الأجدى لمشروع البرنامج أن يطرح في سطور قليلة مسألتان هما:
1- ضرورة حدوث تغيير جذري في طبيعة الحياة السودانية.
2- ان هذا التغيير تلزمه سياسة حديثة وسلطة وطنية ذات مضمون إجتماعي وإقليمي موصول بحاجات وقدرات أكثرية الناس مثلما تلزمه ديمقراطية جديدة تعبر عناصرها وآلياتها عن عملية رفض بنية الإحتكار الرأسمالي في الإقتصاد وفي الحكم.
إنتقاد الفصل الثاني المتعلق بالاقتصاد
1- بعد الإقرار بفشل الرأسمالية، مواصلة الصياغة في تجديد التبعية لسياساتها :
أكد مشروع البرنامج بوجه حسن على فشل التنمية الرأسمالية التابعة قال ((لم تفلح سياسات التنمية الرأسمالية التابعة في انتشال البلاد من وهدة التخلف، إذ فشلت في توحيد البنية الاقتصادية المفككة وفي إقامة السوق الوطنية الموحدة مترابطة الأطراف، وفي تحقيق الاستقلال الاقتصادي. بل كرست التخلف والتبعية لمراكز الرأسمالية العالمية)). وبشكل طفيف تم إيضاح التوافق في مشروع الخصخصة بين رأس المال العالمي والإسلامي ثم بين بالأرقام معدلات فشل التنمية بالأسلوب الرأسمالي فوضح معدل النمو العام = 4.2%مقارناً بمعدل زيادة السكان = حوالى 2.6% دون إيضاح معنى زيادة السكان في زيادة إستهلاك الموارد لنفهم فقر نسبة النمو العام.
في جانب أخر قدر المشروع ان الزراعة تشكل حوالى 30% من الإنتاج وأن النفط يقدم حوالى 15% من الموارد بإختلاف عن أرقام حزبية أخرى تقدر إسهام النفط بأكثر من 60% من جملة الدخل الوطني! ووضح أن التجارة والخدمات تقدم 40ِ% من الناتج القومي وهي مسألة ضارة بالمجتمع، تحتاج لإيضاح وتصحيح طبقي كذلك بينت فقرة المشروع تدهور المواصلات، وإرتفاع الإتصالات . وفي الختام أوضحت الفقرة ان جملة هذا الوضع تعني ان إنتاج السلع الأولية هو السمة المائزة في الاقتصاد وان القطاع التقليدي رغم أزماته التي يواجهها [الأصح الأزمات التي ينتجها وجوده البطئي في جملة الإقتصاد السريع] لم يزل يمثل مصدراً لمعظم الإنتاج الزراعي – النباتي والحيواني والغابي – والصادرات غير النفطية، ولكن المشروع لم يوضح معنى إشارته إلى قوة القطاع التقليدي؟
في جانب للنتائج من حديث الأرقام البسيط الفصيح أوضح مشروع البرنامج في جزئه الإقتصادي ان:((95%-98% من السكان تحت خط الفقر، وإن الأجور الحقيقية تدهورت 66.6% من سنة 1990 وحتى (2008)، وإن معدلات البطالة في الريف والحضر 10.2% إلى 29.4% )) ولكن الصياغة لسبب ما لم توضح الفارق في الدخل بين المدينة والريف بل تركته وأصوله إلى موضوع ان ((النازحون والفقراء ينفقون حوالي 40% من دخولهم للحصول على كميات قليلة من المياه متدنية النوعية. ومع تخلي الدولة عن مسؤولياتها : تبلغ المديونية الخارجية للبلاد حالياً ما يزيد عن .931 مليار دولار. وإن الإنفاق على الصحة = أقل من 1% من الناتج القومي، وعلى التعليم أقل من 0,3 مع ان النسبة في الدول الأفريقية والعربية 5-6% كذلك أوضح التسرب في مرحلة التعليم الأساس يصل إلى 48% ومن الأولي إلى الثانوي 87.4% ومن الثانوي إلى الجامعة 89,2 % وأن هذا موصول بالتفاوت الطبقي والإقليمي الثروة للأقلية والفقر الدقع للأغلبية حيث الـ50% من السكان لهم أقل من 8% من الناتج العام)) أوردت صياغة هذه الإحصاءات بتصرف.
هذه الأرقام الغزيرة تشكل عضم دارسة الجوانب الإقتصادية الإجتماعية للحياة السودانية وهي توضح وفاة الدولة وتهدم المقومات الرئيسة للتنظيم الإجتماعي في السودان ومع ذلك يخرج المشروع بمحاولة أخرى للإستمرار في الطريق الليبرالي الذي خطه بدقة من بداية المشروع يسميه هنا "برنامجاً إسعافياً" مماثل في الإسم والمحتوى الهيكلي لوصفة المؤسسات المالية الدولية حتى في الدعاية لها يقول الصائغ إنه بالبرنامج الإسعافي سيطوق آثار الأزمة ويخفف معاناة الجماهير!
أخطاء الفقرة: يقول الصائغ إنه يطوق بالبرنامج الإسعافي آثار الأزمة ويخفف معاناة الجماهير دون أن تنفي صياغة مشروع البرنامج الأسباب الطبقية والإقليمية التي أنتجت هذه المعاناة وهذه الأزمة التي أكدت مقدمة نفس المشروع إنها أصبحت أزمة مركبة شاملة لا يمكن علاجها بحلول جزئية!؟
ولكن لإبعاد الإنتقاد بالليبرالية أرفق المشروع فقراته بنفي مغلظ قال:(( مؤكدين في ذات الوقت علي ان السياسات التي كرست التخلف والتبعية بأنها غير مؤهلة لتحقيق تطلعات شعبنا في العيش الكريم وارتياد آفاق التقدم. البديل الموضوعي لتحقيق تلك التطلعات المشروعة هو البديل الوطني الديمقراطي للتنمية الذي نبشر به وندعو جماهير شعبنا لمساندته وتبنيه.)) ولكنه بعد هذا التوكيد سار في نفس خط سياسات التخلف والتبعية تحت مسميات الوطنية والديمقراطية بينما المشروع في جانبه الإقتصادي ليس سوى إصلاح في النظام الليبرالي يهمل التغيير الضرورى في علاقات الإنتاج وتوزيع ملكية موارد ووسائل وجهود ومنافع الإنتاج في المشروعات الزراعية والصناعية والبنوك والسيطرة الإجتماعية الإقتصادية على مفاصل التجارة الداخلية والخارجية
2- التخلي حتى عن مجرد الدعوة لتغيير علاقات الإنتاج في ما سمته الصياغة "البديل الوطني الديمقراطي" !؟: إبتعدت مقدمة فقرة البديل الوطني المزعوم عن مجرد الدعوة لتغيير علاقات الإنتاج مطالبة وحاصرة هذا البديل المزعوم في عملية تنمية حددتها بأنها:((تنمية واعية ومستمرة ومتصاعدة تؤدي إلى إحداث تحولات هيكلية وتوليد قوة دفع ذاتية في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد وخلق روابط عديدة ووطيدة بين قطاعاته وداخلها. وان هذه العملية تشترط توطين التكنولوجيا الحديثة وبناء قاعدة تكنولوجية وطنية باعتبارها أهم مصادر رفع الإنتاجية ووسيلة الاستغلال الفعال للموارد، لبناء اقتصاد وطني متماسك تتعدد قطاعاته وتتنوع منتجاته، يلبي الاحتياجات الإنتاجية والاستهلاكية، وتتوفر فيه الكفاءة لإنتاج وإعادة إنتاج قدراته بوتائر متزايدة، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. هذا البديل يطرح تنمية ديمقراطية، ومتوازنة ومعتمدة على الذات)) ولكن فقرة المشروع تناقض نفسها بإسقاطها تنمية علاقات الإنتاج مع أن الإنسان لا يمكن ان يطور أي آلة تقنية أو إجتماعية ما لم يطور الصلات أوالعلاقات بين عناصرها.
أخطاء الفقرة: كيف تكون الدعوة إلى تنمية متوازنة ضد التخلف والفقر البنيوي دعوة صادقة وموضوعية دون الحديث عن تغيير علاقات الإنتاج المشوهة والمتخلفة الرأسمالية التابعة التي تنتج مآسي التخلف والفقر السائدة على الطبقات وعلى الأقاليم المستغلة و المهمشة؟
3- إلأقليمية في المعاناة والجهود والنضال والتحرير والمركزية في إدارة الثروة!!: في تخبط موصول بالموقف الشكلي من حرية الأمصار والأقاليم والموقف الساكت عن المركزية المالية ذهبت فقرة المشروع إلى الحديث عن التمييز الإيجابي للمناطق التي تضررت من الحرب ولكن مع مبدأ "قومية الموارد" ووفق سياق ما سبق فالمعني هنا هو نمط السلطة والإدارة المركزية للموارد والإستمرار في تجريد الأقاليم من حقها في السيطرة على مواردها وخنق حرية إرادة سكان كل إقليم في إدخال إقليمهم في تعاهد تكوين دولة إتحادية تتساوى فيها الأقاليم في الحقوق والواجبات العامة. مع هذا الإلتباس إنطلق صائغ المشروع في ذر الوعود متحدثاً عن:((تعزيز علاقات التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين أقاليم ومناطق البلاد المختلفة لتصبح هذه التنمية الديمقراطية المتوازنة بحق أداة لصيانة وحدة الوطن وتعزيز السلام الاجتماعي.)) للتاكد من هذا الطرح تنشأ أسئلة هي:
1- ما هي حقيقة السلام الإجتماعي دون أسس طبقية وإقليمية في موصولة بتغيير علاقات الإنتاج التي أهملتها فقرة المشروع
2- ما هي الحكمة في أن يناضل أهل الريف بأموالهم وأولادهم للتخلص من ظلم المركز ليأتوا إليه مرة أخرى لإدارة ثرواتهم؟!
4- إقصاء تغيير علاقات الإنتاج من عملية زيادة الفائض الاقتصادي!: في موضوع وسائل حفظ الفائض الإقتصادي أو زيادته فإن عملية الإنتاج وزيادته عدداً ونوعاً بواسطة الطبقة العاملة والفئات الأخرى للعاملين في الإنتاج تؤدي دوراً رئيساً إستبعده صائغ فقرة مشروع البرنامج بكل هدوء مستغنياً عنه بسياسات فوقية إصلاحية مستهلكة وقديمة للضبط والتنظيم في المجال التجاري والإداري والمصرفي والمالي ومبادرات الجماهير!
خطأ الفقرة:
1- إقصاء تغيير علاقات الإنتاج من عملية زيادة الفائض الإقتصادي، رغم إن تغيير هذه العلاقات هو الأساس الموضوعي لا لزيادة الإنتاج فحسب بل ولتحقيق أي تنمية متوازنة متناسقة الأسس والوسائل والأهداف.
5- تجاهل دور المال كعامل للخلل أو (للتوازن) بين الهيئات السياسية للإنتاج (الدولة والقطاع الخاص والقطاع التعاوني): في حوالى 20 سطراً من ثلاث فقرات قدم مشروع البرنامج العناصر السياسية لتنظيم الإنتاج وملكية موارده وهي "الدولة" و"القطاع الخاص" و"القطاع التعاوني"، منادياً بتفعيل دور الدولة في المستويين الرئيسي والإنتاجي المباشر وفي مجال الخدمات ونبه لضرورة التحسين العددي والنوعي في وحدات القطاع التعاوني وحماية وتشجيع القطاع الخاص المنتج قال:(( تنحاز السياسات الاستثمارية والمالية والنقدية والتجارية دون مواربة للمنتجين بغض النظر عن انتمائهم القطاعي أو الاجتماعي)) ولكنه في فقرة لاحقة في مجال التمويل نحا لتشجيع الرأسمالية في القطاع المصرفي بينما ممارسات المصارف الخاصة ممارسة معروفة في السودان العالم كله بأنها ضد تنظيم الإقتصاد والتجارة حيث تربح البنوك من عمليات المضاربة أسرع وأكثر مما تربح من عمليات التنظيم ! الأدهي ان البنوك الخاصة تشكل أغلبية التمويل والإدارة في البنك المركزي (بنك السودان) وهي بالتالي المحدد الفعلي للسياسة. هنا لابد من إسعاف الإقتصاد بتأميم البنوك أما الحديث عن دور فعال للدولة والقطاع الخاص والقطاع التعاوني فحديث عام يغيب أهم وسيلة في إدارة وتوازن الإقتصاد السلعي النقودي وهي ملكية وتوزيع الموارد المالية.
أخطاء الفقرة :
1- تجاهل الدور الهام لحيازة وتوزيع الموارد المالية في خلل أو في (توازن) ظروف وهيئات الإنتاج ونشاطاته.
2- شكلية الحديث عن فاعلية القطاعات الثلاثة بلا تغييرات ضرورة في علاقات الإنتاج الناظمة لعمل هذه القطاعات.
3- تجاهل دور التأميم في ضبط الأسس المالية والعلاقات الداخلية والخارجية للإقتصاد والحد من الأنشطة الضارة بتناسقه.
6- تكرارالسياسات القديمة في تجاوز السبب الرئيس لخلل الدولة ولخلل السوق في إدارة الاقتصاد: إنصرف مشروع البرنامج عن الدعوة إلى تغيير علاقات الإنتاج الحاكمة والسائدة في مجالات الملكية والعمل بحجة تعدد التكوينات الإقتصادية الإجتماعية التي صورها ((لا تزال سمة رئيسة للاقتصاد السوداني)) وان ((مراعاة هذه السمة تعتبر شرطاً لا غنى عنه في تحديد أسلوب إدارة الاقتصاد)) مع خلل السوق وخلل الدولة في ((حشد الموارد وتخصيصها وإعادة تخصيصها بين الاستخدامات المتعددة للوفاء باحتياجات الإنتاج والاستهلاك وفقاً لأسبقيات إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية.)) ((مما يستدعي أن تجمع إدارة الاقتصاد بين أساليب التخطيط التي تلائم مستوى تطور البنية الاقتصادية وعلاقات السوق وقوانينها التي تراعي هذا المستوى من التطور وكذلك تجزؤ السوق الوطنية وضيقها لذلك فإن إدارة الاقتصاد التي تأخذ بها السلطة الوطنية الديمقراطية، تجمع بين استخدام التخطيط الجزئي الإلزامي، والتخطيط التأشيري إلى جانب قوانين السوق)) ((يتم تنفيذ إستراتيجية التنمية على مراحل وفق خطط مرحلية تنطلق من الواقع السوداني وخصوصيته تعني هذه الاستراتيجية في مراحلها الأولى بتلبية الاحتياجات الأساسية للجماهير من غذاء وملبس وسكن وصحة وتعليم.))
نقاط ضعف الفقرة :
1- تصورها عدم وجود علاقة إنتاج رئيسة وحاكمة وسائدة في السودان! وهي العلاقة الرأسمالية في شكليها الأساسيين وهما : شكل "رأسمالية الدولة" وشكل "الرأسمالية" الصرفة أي التملك الفردي لموارد المجتمع ووسائل وجهود إنتاجه وثمراته.
2- قصور تقديم الفقرة لفاعلية أسلوبي التخطيط الجزئيين دون التخطيط العام، وبلا إيضاح منها لمجالات وحدود عمل هذين الأسلوبين في الزراعة وفي الصناعة وفي مجالي الخدمات: مجال الخدمات العامة ومجال الخدمات التجارية والمالية!
3- سكوت صائغ الفقرة عن ذكر العناصر والقوى والمصالح الإجتماعية اللازمة لتحقيق "إستراتيجية التنمية" وخطتها العامة.!
7- صياغة فقرة الصناعة تدني الإنسان المتعلم الفنان كمحور للتنمية وترفع التصنيع كـ(جوهر) للتنمية!؟ إصطلاح "الجوهر" أو الحقيقة الباطنية خطأ إذ ينفي الوحدة العامة لوجود المادة والعلاقة العضوية بين شكلها العام وتكوينها ولكن مع ذلك تصر الفقرة: ((التصنيع يشكل جوهر التنمية)) بمعنى :((دخول الآلات والأجهزة والوسائط في قطاعات الاقتصاد كافة ورفع تقنية هذه القطاعات وما يصاحب هذه العملية من تأهيل كوادر بشرية ورفع القدرات المؤسسية رقياً بكفاءة استخدام الموارد وزيادة إنتاجيتها)) ثم إستمرت الفقرة في ذكر حسن لأهمية تنوع وتكامل مجالات وقطاعات وأنواع الصناعة الأساسية والوسطى والنهائية بكثافة تقنية أو بكثافة بشرية، وبالحجوم الصغرى والوسطى والكبيرة و..الهائلة.
أخطأء الفقرة هي:
1- تجاهل أن محور التنمية هو وجود الإنسان المتناسق الإمكانات المتعلم ذي الحساسية الفنية والجمالية الراقية وتقدمه!
2- عدم ذكر الفقرة بأي شكل لطبيعة علاقات الإنتاج –التملك التي تؤدي لنهوض البنية الأساسية للصناعة وتقدمها!
3- تجاهل الشروط الإجتماعية الإقتصادية –السياسية والثقافية لتحقيق التنمية المتوازنة في قطاع الإنتاج الصناعي!
8- خطأ تصور تجديد وضع النفط في إقتصاد ذي آليات قديمة: تقول فقرة النفط:((تحويله إلى إضافة حقيقية لاقتصادنا الوطني بتوظيف عائداته لتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية بتوسيع القطاع نفسه.)) ((الاتجاه نحو تغيير هيكل الصادرات البترولية لمصلحة المشتقات بدلاً من الخام.)) ((وإقامة صناعات بتروكيميائية ترتبط بالزراعة والصناعة التحويلية. توجيهه لزيادة الادخار ولتضييق فجوتي الموارد المحلية والتجارة الخارجية، ومورداً لزيادة الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والنقل والبنى الأساسية الإنتاجية والاجتماعية وبخاصة التعليم والصحة)). إعتمدت الفقرة في طرحها تحقيق ذلك على الدعوة إلى الشفافية ضد الإحتكار : بخصوص معلوماته ، أطرافه، قوميته، توجيهه نحو التنمية
أخطاء الفقرة :
1- توجيه النفط لسد فجوة الموارد المحلية والخارجية مثلما هو قائم مجرد تكرار للسياسة الحاضرة الفاشلة مع بعض التحسين
2- إقصاء ضرورة تاميم قطاع النفط
3- تصور إمكان تعديل وضع النفط في ظل إقتصاد ذي علاقات إنتاج مخسرة وتبادل خارجي مطفف، وعملة غير مستقلة، وإقتصاد مرهون بديون خارجية ثقيلة ونفوذ مالي أجنبي في البنوك والبنك المركزي وقيود رأسمالية دولية على إجراءات الحماية من حرية التجارة وعلى إجراءات الحد من حرية الإستثمار، وكثير من المثاقل الإمبريالية المطففة على التمويلات والتجارة الدولية بما فيها تمويل وتجارة النفط .
9- تصور إمكان تجديد البنية الأساسية للإنتاج دون أي تغيير في العلاقات المؤسِسة والناظمة له : ذهبت الفقرة المعنية بالبنية الأساس للإنتاج إلى تصور إمكان إحداث تغييرات جذرية أو مهمة فيه دون تغيير علاقاته في ظروف الإستغلال والتهميش الدولي والرفض المحلي والرأسمالي العالمي الأوربي والأمريكي لإسهامات الصين، مع إغلاء هؤلاء الروافض لمتطلباتهم للإسهام في عملية كهذه قالت الفقرة في صدد تنمية البنى الأساس للإنتاج: ((التناسب والاتساق مع تطور القطاعات الإنتاجية والخدمية.)) = ((تعزيز قدرة وكفاءة الخزانات والسدود والحفائر ومحطات المياه وقنوات الري وإنشاء المزيد منه بغرض الاستغلال الأمثل لموارد البلاد المائية، مع مراعاة العوامل والآثار الاجتماعية والبيئية والالتزام بالمعايير الدولية المعتبرة ومشاركة الجماهير الفاعلة. التأكيد على أهمية توسيع وتطوير قاعدة إنتاج الكهرباء من المصادر المختلفة لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وتوسيع شبكة النقل بكل أنواعها، إعادة تأهيل السكك الحديدية وتطويرها وتوسيع شبكتها بجانب تطوير النقل النهري والبحري والجوي وقطاع الاتصالات والمعلوماتية لخدمة القطاعات الإنتاجية في المقام الأول)). النص (صريح) بسعيه إلى تحقيق هذا العمل الضخم في الظروف المحلية والرأسمالية الدولية السالبة دون أي تغيير في علاقات الإنتاج بين القوى المنتجة وهيئات تخديمها وكذا دون تغيير في العلاقة بين الأقاليم المعنية وجهات إدارة الإقتصاد العام في الدولة!؟
أخطاء الفقرة:
1- تأسيس التغييرات الكبرى في البنية الأساس للحياةوالإنتاج على بنية إجتماعية منهارة بفعل علاقات مهترئة في مجال العمل.
2- تأسيس التغييرات الكبرى في البنية الأساس للإنتاج على قاعدة علاقات إقليمية إستغلالية وتهميشية
الحديث عن ان هذه التغييرات ستلي الإصلاح السياسي وانها سوف تأتي بعد تحقيقه حديث ضعيف لأن الإصلاحات السياسية المشار إليها في مشروع البرنامج لاتتضمن تغييراً موضوعياً في بنية القوى والعلاقات الإجتماعية الإقتصادية الضرورة لتقدم الإنتاج وتناسق علاقاته مع متطلبات هذا التقدم .
10- خطا القول المرسل بإمكان تنمية النظام المصرفي لصالح التنمية المتوازنة دون تغيير النظام المالي للدولة: عددت فقرة النظام المصرفي بعض العيوب الرئيسة في النظام المصرفي قالت:((لأوليات التنمية في الوقت الذي تستولي فيه البنوك على قدر كبير من الفائض الاقتصادي والموارد المالية، توجه نحو أنشطة طفيلية تحقق معدلات ربح عالية خلال فترات زمنية قصيرة.)) ((إزدواج النظام المصرفي المزدوج يعرقل حركة رؤوس الأموال والاستثمار داخل البلد الواحد)) لحل هذه الأزمة ركز صائغ المشروع على خمسة عناصر هي: 1- الحفاظ على وجود الدولة في القطاع المصرفي وتنشيط هذا الوجود وتوسيعه. 2- تشجيع القطاع الوطني الخاص للاستثمار في هذا القطاع. 3- التأكيد على دور البنوك المتخصصة، والحرص على انتشار نشاطها في الريف لتمويل صغار المنتجين. وتوجيه اهتمامها نحو المرأة هناك لثقلها النسبي في قوة العمل الريفية. بجانب تقديم المؤازرة الفنية فضلاً عن التمويل. 4- انتهاج سياسة مصرفية موحدة تقوم على أساس النظام المصرفي المعروف عالمياً وكذلك النظام المصرفي الإسلامي هذه السياسة تسمح للنظامين بالعمل في كل أنحاء البلاد. 5-إنتهاج سياسة نقدية منحازة للقطاعات الإنتاجية تضمن انسياب موارد البنوك نحو هذه القطاعات ما يتطلب تعزيز دور البنك المركزي والحفاظ على وجوده داخل قطاع الدولة.
أخطاء الفقرة:
1- خطأ تصور نجاح وجود نظامين مصرفيين في الدولة عام وخاص كل منهما ضد للأخر في أسسه وأهدافه .
2- خطأ تصور فعالية رأس المال في مجال البنوك في ظل إستراتيجيات تنمية موجهة لمصلحة الإحتياجات الأساس للمجتمع
3- خطأ التوكيد الشكلي على دور البنوك المتخصصة وتوجيهها في ظل حرية السوق
4- خطأ تصور فاعلية النظام المصرفي (المعروف عالمياً والإسلامي ) وسط عملية تنمية متوازنة بنسيان الأسباب المصرفية-الإستثمارية للأزمات المالية في العالم، وبتجاهل كامل لأسس النظام المصرفي الإشتراكي الضروري للتنمية المتوازنة.
5- عدم وجود آليات لتعزيز دور وإستقلال البنك المركزي مع سيطرة البنوك الخاصة على مجلس إدارته وفق موجهات النظام المالي الدولي.
6- تجاهل أهمية تأميم القطاع المصرفي بالكامل وتحويل ملكياته للهيئات العامة السياسية والإدارية والإنتاجية والتعاونية للمجتمع في الأقاليم وفي الدولة.
7- تجاهل تأسيس مصرف دولي لدول المنطقة ومجموعة من آليات التمويل في الحزام السوداني من أفريقيا تمتد مؤسساتها ونشاطاتها من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلنطي وتعمل على تنظيم شراكة عالمية في هذا النطاق..
8- تجاهل ذكر الإجراءات والآليات الضرورة لإستقلال العملة الوطنية بشكليها (عملة التبادل المحلي وعملة التعامل الخارجي) --------------
9- تكرار مشروع البرنامج لسياسات ليبرالية (= حرية) مضمون وإتجاه العلاقات الاقتصادية الخارجية ركزمشروع البرنامج على تطوير أُسس وإتجاهات التجارة الخارجية وعلى أُسس وإتجاهات القروض والإستثمار الأجنبي وضبط عمليات الإقتراض والديون، و تفعيل دول السودان في التكتلات الإقتصادية والمنظمات الدولية
أخطاء الفقرة:
1- عدم إيضاح وضع التجارة الخارجية قبل تمام عملية تطوير وتنويع القاعدة الإنتاجية
2- إسقاط أهمية تأميم التجارة الخارجية ووضعها تحت إدارة قطاع تعاوني كبير مكون من الدولة ورأس المال والتعاونيات
3- أسقطت الفقرة أهمية منح علاوات مالية وعلاوات عينية تصاعدية لتحويلات العاملين بالخارج إلى الداخل
4- أسقطت الفقرة إرتباط آليات تنمية السياحة بتنمية البنية الأساس للإنتاج والخدمات (مياه نظيفة، كهرباء، طرق، نظافة)
5- تجاهلت الفقرة إيضاح آلية تحكم المجتمع في الواردات في ظل إتفاقات حرية التجارة الدولية وشروط التمويل الدولي.
6- نست الفقرة تناقضها مع الفقرة الأسبق المتحدثة عن تشجيع رأس المال في القطاع المصرفي والتأثير السالب لرأس المال المصرفي على إمكان تحقيق أي إنضباط في مجال القروض وعلى تحقيق سياسة مصرفية متزنة وإضراره بالتالي بإمكانات تحقيق تنمية متوازنة .
7- إسقاط إلزام المستثمرين الأجانب بخطة وآليات التنمية المتوازنة، وإقتصار نشاطهم على ما تعجز عنه الدولة والتعاونيات.
8- الإشتراك مع عدد من الدول في بناء إستثمارات في الدول الدائنة كجزء من آلية دفع دول العالم المدينة للديون التي فرضت عليها
9- أهملت الفقرة التنبيه لتفعيل دور السودان في التكتلات الإقليمية والدولية بتركيزه على قطاع إنتاج الآلات الحرفية والصناعية وعلى دفع الإستثمارات والصلات الدولية في هذا المجال، وعلى الدعوة إلى صياغة نظام إقتصادي عالمي جديد.
10- (فقرة) الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي:
مركزان لمشروع البرنامج
من ناحية فعلية جعلت هذه (الفقرة) مشروع البرنامج متذبذباً بين رأيين الرأي الأول يتعلق بأن (الصناعة جوهر التنمية) والرأي الثاني يتعلق بـ(محورية القطاع الزراعي في الحياة عامة والحياة الإقتصادية ) يقول:((القطاع الزراعي أساس تأمين الغذاء للسكان، والمواد الخام للصناعة الوطنية أو للصادر، والفائض الاقتصادي للتوسع في الإنتاج. ويعتبر الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي شرطاً ضرورياً لتبديل الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المتردية للعاملين بالإنتاج الزراعي، وللارتقاء المتواصل للإنتاج الزراعي بالبلاد. )) ولكن الرأي الثاني يختلف أيضاً عن الأول في انه يرى ضرورة تغيير علاقات الإنتاج ويشرح بدقة شديدة أهمية هذا التغيير قائلاً:(( ويعني تطبيق الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي اتخاذ مجموعة متكاملة من التدابير الاقتصادية الزراعية في سبيل التغيير النوعي لعلاقات الإنتاج والأوضاع الاقتصادية للإنتاج. ويترتب على ذلك نشوء علاقات جديدة في ملكية وسائل الإنتاج))، وبعد ان حددت الفقرة اهداف الإصلاح الزراعي في إحداث تغيير الجذري في أحوال تملك موارد ووسائل الإنتاج والتحكم في تطوير وتوزيع جهوده ومنافعه الأدوات بينت الفقرة الخراب الرأسمالي الذي جعلها تيمم وجهها جهة التغير الجذري والعلاج الموضوعي لا مجرد القيام بإسعاف سطحي لمريض مزمن قالت :(( يستند المدخل الأساسي لمعالجة قضايا الإصلاح الزراعي على ابتداع أنماط جديدة للإنتاج الزراعي تتلاءم مع الخصوصيات المحلية لواقع الزراعة السودانية مصحوباً بالنهوض الفعال بمستوى القوة المنتجة مع مراعاة تعدد أنماط الإنتاج الزراعي السائدة، والتداخل والتأثير المتبادل في ما بين تلك الأنماط المتعددة وانهيار المزايا النسبية لصادرات السودان الزراعية كنتاج للثورة العلمية التقنية، والتهميش والتحلل المتسارع لبنية الزراعة التقليدية، والتطور المتعاظم لنظم الحيازة الاستغلالية، واتساع نفوذ وتحالفات الرأسمالية التابعة مع رأس المال الأجنبي، ومساهمة مجموعة التدابير الاستثمارية والتشريعية في تفكيك دور الدولة في مشاريع الزراعة المروية من خلال تحرير أسواق الأرض والتمويل، واختلالات البنية السكانية وبنية الملكية الزراعية بسبب النزوح والهجرة الداخلية المتعاظمة))
طرحت الفقرة نقاطاً قوية في برنامج متكامل للإصلاح الزراعي لا تستغني فيه بالأولى عن الرئيسي ولا بالثانوي عن الأساسي، كان الأفضل أن تكون هي الميسم العام لكل مشروع البرنامج بدلاً عن تحوله لبرنامجين نقيضين برنامج إصلاحي ضعيف هين في شؤون السياسة وإقتصاد المركز وبرنامج ثوري قوي ومتكامل وموضوعي في شؤون الزراعة وإقتصاد الريف والمناطق المهمشة.
المهمة التي يوجبها الرشد والتكامل الموضوعي الذي جاءت به صياغة فقرات برنامج الإصلاح الزراعي:
1- إعادة صياغة مقدمة مشروع برنامج الحزب الشيوعي بتوافق مع موضوعية صياغة برنامج الإصلاح الزراعي 2- إعادة صياغة الفقرات السياسية والإدارية والصناعية والمالية وفق موضوعية تغيير نمط الإنتاج وعلاقاته المنتجة لأحوال الإستغلال والتهميش في السودان وهي العلاقات التي تسبب تخلف أحوال المجتمعات وتعزز تبعيتها ومهانتها للمركزين الرأسماليين المحلي والعالمي
إنتقاد الفصول الأخيرة :
11- البيئة :
الخطأ الفادح في فقرة البيئة:
أسقطت الفقرة بشكل مريع إعتبار أثر التغيير في علاقات الإنتاج الإستغلالية والتهميشية في سلامة الإنتاج وإستدامة التنمية وتقليل إضرارها بتوازن البيئة.
12 الصحة:
فقرة متكاملة الموضوعية صحيحة البدن والذهن واضحة التأسيس والوسيلة والهدف جيدة الصياغة سوى بعض الضعف السياسي في عرضها لقضايا الهامش في هذا المجال مما يحتاج لتقويته بالآتي :
1- عرض جانب من الإحصاءات التي توضح الفوارق الهائلة بين المدن والأرياف في عدد الأسرة والأخصائيين واللوزم الصيدلية والأجهزة الطبية. وفي ظروف التغذية ومعدلات المواليد والوفيات 2- ترك الفقرة عرض أثر الحرية النقابية في ترقية أحوال المهن الطبية وتقدم عملية تنمية الخدمات الصحية والعلاجية، وأهمية التمثيل المباشر للأطباء وجميع عاملي الحقل الصحي في البرلمان
13 التعليم والبحث العلمي
أخطاء الفقرة :
1- عدم الإشارة بوضوح إلى ان هدف التعليم هو خلق إنسان صحيح البدن والذهن متعلم بإستمرار عارف بقوانين تكون وتغير الطبيعة وبسنن الطبيعة الإجتماعية ذي توسم جمالي في مجالات الطبيعة والحياة .
2- الخطأ التاريخي في التصور الجزئي لقيام الثورة الصناعية على أكتاف التعليم الفني! فهي نتيجة تاريخ طويل لتضافر النشاط الحرفي والتجاري في تشكيل نمط عيش وإنتاج سوقي مع تقلص فرص الحياة والعمل اليدوي في الزراعة وضيق إقتصادها، وبداية توسع الإستعمار القديم، وتطور الدولة والإنتاج بأثر هذه العوامل وبتطور الإنتاج العلمي نفسه في الفلسفة والحقوق وتطور حاجات الإنتاج ولم يكن لأبناء عشرات ملايين النازحين والمهاجرين سوى الإنسحاق في الورش بإسم تعلم الحرف لقاء طعام أو مبيت أما أكثر معاهد التعليم الحرفي والمهني النظامية فقد ظهرت كنتيجة واثر لتبلور الثورة الصناعية والحاجة السوقية والإستعمارية لتكثيف إستغلال البشر. ولكن بدلاً لهذه الحشوة التاريخية كان الأفضل للفقرة في ظل تقدم حاجات المجتمع والإنتاج وتقدم التقنيات وتنوع أساليب العيش الإشارة إلى حيوية جميع أنماط التعليم وتوكيد ربط السياسة التعليمية بتطور الحاجات والقدرات الإجتماعية .
3- .إيضاح النظم التي تكفل إستقلال الجامعات جهة الرساميل الخاصة والمؤسسات الأجنبية ، إضافة لإستقلالها عن الدولة.
4- إيضاح النظم التي تكفل الحياد الموضوعي العددي والنوعي في مناهج ومقررات وموضوعات التركيبة الإجتماعية للعلوم الطبيعية وتخديماتها ومناهج ومقررات وموضوعات البحوث والعلوم الإجتماعية والآداب والإنسانيات والعلوم الحقوقية والقانونية والعلوم الثقافية والدينية.
5- إغفال الفقرة لمهمة ربط تعليم الدين بتعليم الحكمة (الفلسفة) في كل نواهجه ومقرراته
6- تمثيل الهيئة النقابية لأساتذة الجامعات والهيئات النقابية لأساتذة المدارس ورياض الأطفال، والهيئات النقابية الأخرى المتصلة بالتعليم تمثيلاً مباشراً في البرلمان. إضافة إلى تمثيل مباشر للهيئات العلمية ومراكز البحوث بصفتها الموضوعية.
14- فصل الثقافة الوطنية عن طبيعة الحياة وتحويلها لمباهم:
بعض أخطاء الفقرة:
1- الخلل في التوازن بين غلبة إتجاه الصياغة الى الماضي وميلها المضمر إلى المستقبل دون تحديد أفق ومضمون إقتصادي إجتماعي سياسي لهذا المستقبل مما يحعل عملية الثقافة رهن حالة عشواءلإنتقاء ((عناصر تقدم وثورية)) مبهمة المعالم.
2- عدم تحديد السياق الإقتصادي الإجتماعي لـ ((الفكر الإنساني العلمي)) الذي ((يعتصم)) به ((بعث التراث)) و((بعث الوعي)) ((منهجاً وأدآة)) !!؟؟
3- ذكر الفقرة عدم الإنقطاع عن الإرث التحرري بداوع يسارية أو شوفينية، فبدلاص لهذا السياق الإتهامي السالب كان الأفيد هو إيضاح إرتباط الثقافة الوطنية الديمقراطية بتنمية إمكانات الذهن بالعناصر والنظم الفلسفية والمعرفية والجمالية التي تتيح له إدراكاً موضوعياً لوجود وحركة عناصر الطبيعة والمجتمع والقوانين الناظمة لها وسنن قرارها وتغيرها .
>4- ((اللغة وسيط للثقافة وحاملها، لذا فإن رعاية اللغات السودانية دون تمييز والتوسل بها في التعليم الأساسي أمر لا بد منه)) بدلاً لهذه الطلسمة والمراوغة التاريخية كان الأفضل إيضاح الكينونة الحياتية للثقافة كأسلوب حياة يشمل نمط الإنتاج ومظاهر عناصر الحياة الموصولة به الأكل والسكن والإشتغال واللبس وأشكال التواصل ولسانياته، وأن الثقافة تتعزز كلية بتعزز نمط عيشها وإنتاجها وتنهدم إلى لغات محنطة وفلكلور زينة أمام سيطرة نمط العيش والإنتاج (الأجنبي). ومن هنا فإن بعث التراث ليس عملية تنقيح حكايات تاريخية أو إنتاج لغات متآكلة معزولة بل هو بعث لأسس الإشتراك الإجتماعي القديم في ملكية الأرض ومواردالعيش مما يتطلب في سودان ما قبل تخريب سوبا وما بعده وتأسيس المملك العربية الإسلامية في سنار والعباسية والمسبعات ودارفور وفي أراضي الشمال كشف حجم التعويضات الإقتصادية والثقافية الضخمة والهائلة التي يجب أن تدفعها عناصر الثقافة الغالبة المسيطرة والمهيمنة لعناصر الثقافات التي تم إستعمارها وتهميشها منذ ذاك الزمن وحتى الآن في كل المجتمع وفي داخل حزبنا الشيوعي . فدون الكشف عن حجم وأساليب خراب الثقافات التليدة والقديمة في السودان والإعتراف بحدوثها والتعويض عنها لا تنفك أحاديث التجديد وإحياء اللغات عن أن تكون إما مصالحاً مهنية ضيقة أو كلام ساكت.
5 - وجود فقرات مبهمة تحتاج إلى إيضاح مثال لها السطر الآتي:((الثقافة الديمقراطية هي منهجنا ليلحق شعبنا بعصر الثورة العلمية التكنولوجية المعاصر، عصر انتصار العلم والعقلانية)) ماهي الثقافة؟ وماهي الديمقراطية؟ وما هو العصر؟ وكيف يتم وصفه؟ ولم يُمنح صفة العلمية وحدها مع كل مظالمه وحروبه؟ وإذا كان العلم والعقلانية قد حققا إنتصارهم فكيف نتجت الأمية في بلادنا التي كانت أول منارات الحضارة العلمية في العالم؟ ولماذا تهاجر منها العقول؟ وما فائدة هذا البرنامج مع نصر العلم والعقلانية ؟
6- الخروج من عقلية المتاحف والآثار في التعامل مع عناصر الحضارة السودانية القديمة بإعتبار عقلاني حاضر لحقيقة وجودها وتدهورها الشامل في حياتنا بداية من إنهيار وتدمير المرحلة الأخيرة من نظامها الإنتاجي والمعيشي وهي مرحلة الدولة الهرمية والفرعونية في هذا الخروج هناك ضرورة لمقاومة ثلاثة دعاوى هي:
• دعاوى الانغلاق والعزلة والانكفاء على الذات التي سممت الحضارة السودانية القديمة
• -دعاوى الإنمساخ في الكينونة العربية المركزية وإيضاح الأصل والإسهام السوداني في تكوين أقوام وحضارات حمير وسبا وحضارة خِم (خمت) بلاد السواد = مصر) وحضارة السومريين التي أثرت في تشكل الحضارة الفينيقية،وتعلم بعض أساطين اليونان في بلاد النوبة أو إفادتهم من علومها في جنوب مصر وكذ إيضاح الأصل السوداني لظهور فكرة الدين بتعدداته وتوحيداته في المجتمعات البدائية وإنتقالها من عشواء وعنف ووحشية البداوة القديمة إلى الحياة المدينية الحضرية وكذلك إيضاح موقعنا الهامشي في التشكيلات العربية والأفريقية حاضراً وأهمية الإرتقاء بدورنا الحضاري في الإنسانية من خلال تغيير جذري لمختلف أسس وعلاقات وبُنى حياتنا المادية والثقافية، ومواجهة الخوف من الفشل بمواجهة حقيقة موت الدولة السودانية وإدراك ان وجودها الحاضر مثل وجود الملك النبي الوارث سليمان (ع) مجرد مظهر لجسد ميت تسنده عصا نخرها أخيراً نمل الأرض .
• دعاوى الذوبان في ما يسمى بالحضارة الإنسانية بطابعها الرأسمالي الإستغلالي والتهميشي الأوربي -الامريكي.
5- خطا الفصل بين قضية الثقافة والمحتوى الإقتصادي الإجتماعي للنشاط السياسي وطبيعة الإنتاج القائم وعلاقاته
6- خطأ الفصل بين كينونة الثقافة ومدى توفير المناهج العلمية والأدوات والمباني وتنظيم وتنويع إمكانات الرياضة الذهنية والبدنية
7- إغفال التقدير المعنوي والعيني والمالي المنظوم والمستدام والراقي لجهود الأساتذة في مجالات وقطاعات التعليم وللتميزات الإبداعية في مجالات العلوم والأدآب والفنون السبعة والصحافة والرياضة والكتابة بأنواعها النمطية والإبداعية والإنتقاد.
8- تمثيل المجالس أو الإتحادات الثقافية العامة تمثيلاً مباشراً في البرلمان
15 إهمال بعض النقاط الضرورة للفصل بين قدسية الدين ودنيوية السياسة:
أخطاء الفقرة:
1- نست الفقرة وجود الديانة اليهودية في السودان وأن كان الأفضل في حديثها بشكل عام عن الأديان أن يكون دون تسميات.
2- إهمال إيضاح الفروق بين التفكير العلمي القائم على حساب عناصر الأشياء والأمور وعلاقاتها وتوليد المنافع منها بزيادة أو نقص أو قسمة أو مضاعفة هذه العناصر وإختلاف هذا الحال عن التفكير الديني القائم على محاسبة النفس على إلتزامها بالدين.
3- إهمال الفقرة ربط تعليم الدين بالحكمة (الفلسفة) وبالمحتوى الإجتماعي الإقتصادي للأحداث والأوضاع التاريخية الكبرى
4- إهمال تطوير مناهج الدراسات الدينية لدعم قضايا الطبقات والأمصاروالأقاليم المستضعفة وحريتها من ظلم تطفيف موازين الإنتاج وتبخيسات المراكز المحلية والدولية وتحرير التفسيرات الدينية من آثار عهود الإقطاع القديمة ومن تقنين طاغوت النظام السلعي النقودي بالبنوك والتجارة الضارة المطففةوالمبخسة لموارد وجهود المجتمع.
5- تطوير النضال الإشتراكي وسط الأشكال السياسية للتدين.
6- تطوير خزين الدراسات النفسية الإجتماعية لظواهر التدين السياسي.
16- الفرق بين "الضرورة" و"الأفق" في فقرة تجديد المشروع الاشتراكي:
أخطاء الفقرة:
1- تصوير الإشتراكية بصورة صعبة معقدة وهي في بساطتها إشتراك الناس في إدارة موارد حياتهم ومقاليد سلطتها!
2- تصور إن بالإمكان إسعاف البنى المنهارة بنفس العلاقات الإنتاجية التي سببت فيها الفساد والخراب والقمع والدمار والدم! وهو تصور ناتج من خطأ الفصل غير النسبي بين المهمات الوطنية الديمقراطية والمهمات الإشتراكية في تأميم الصناعات والمشاريع والبنوك وفي توطيد ملكية المجتمع لموارد ووسائل عيشه وحياته وتحكمه بالإنتخاب في مقاليد تنظيمها والسلطة عليها!
3- تصور إمكان تحقيق تنمية متوازنة بعلاقات إنتاج مختلة!
4- تصور البرلمان طريقاً وحيداً للإشتراكية!
5- التصور المديني بل والجلابي لطبيعة نضال المجتمعات المختلفة في السودان مرة بتجاهل هذه الفقرة لذكره ومرة بالسكوت عن أسبابه القائمة في مواجهة ظلم الإستغلال والتهميش!
6- الخلط بين الديمقراطية الليبرالية والديمقراطية وشرط الفقرة تحقيق الأولى أولاً لتحقيق الإشتراكية بينما هناك فرق كبير بين الديمقراطية الليبرالية ومحورها حرية تملك الأفراد مالاً لموارد المجتمع والديمقراطية (الشعبية) ومحورها ملكية المجتمع لموارد عيشه وسائل حياته.
7- عدم إيضاح ضرورة إشتراك الناس في موارد عيشهم وحياتهم وسلطتهم عليها وشيوع خيراتهم عليهم كأساس لوجود الحزب الشيوعي وإعتماده النهج الوطني الديمقراطي ضد الإستعمار القديم والإستعمار الحديث وضد التركز والطغيان الرأسمالي من المركز بكل ما فيه من عنصرية وإستبداد وقمع وإهدار مباشر وغير مباشر لحقوق الإنسان.
8 عدم إيضاح ان الرأسمالية تنمو في ظل الحكم الليبرالي سواء أكان متعدد الأحزاب أو ذي صبغة عسكرية أما الإشتراكية فتتحقق وتنضج وتثمر بالديمقراطية الشعبية (الحكم الشعبي) وفاعلية مجالس هذا الحكم الشعبي (مجلس = سوفييت باللغة الروسية) وهي فاعلية تتحقق بالتقليص التاريخي لدور بيروقراطية الدولة في الحياة وتخفيض دور هذه البيروقراطية بالوسائل التقنية وبالوسائل المدنية الإجتماعية وبتطور ثقافة التعاون والعيش المشترك وبتقليص التبادل السلعي-النقودي وخفض تقسيم العمل (مع زيادة التخصص والروابط ) وبتقليل الفروق بين المدينة والريف في الخدمات العامة والحقوق والواجبات، وبداهة الحرية الفردية دون إستغلال أو إيذاء لأحد وسيادة مناخ من الجمال الإنساني والفني ونمو روح الصداقة بين الشعوب وبين الدول. 9 توهين قضية السلطة الوطنية الديمقراطية بفصلها عن معيار الحاجة والمصلحة والقدرة الإجتماعية ((وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري))!!؟؟
خاتمة محاولة هذا الإنتقاد:
1- الجزء الأول والأهم من مقدمة وحيثيات مشروع البرنامج وفقراته المتعلقة بالدولة والحكم والإدارة والفائض الإقتصادي والصناعة والتمويل والبنوك والعلاقات التجارية الخارجية حافل بالتناقض المنطقي والجزئية والإلتباسات والمباهم والنواقص وبذلك يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير من المثالب والمسالب على ضوء الإنتقادات الموجهة إليه.
2- الجزء الأوسط المتعلق بالزراعة والإصلاح الزراعي والتعليم والصحة قوي متين مع الإنتباه للأخطاء الواردة.
3- الجزء الأخير وفقرته الخاصة بقضايا الثقافة يحتوى على مفارقات تاريخية حول قضية الثقافة والحضارة والحياة الإنتاجية المشكلة لهم وعلاقة الوضع الثقافي بأسس الإستغلال والتهميش القائمة التي تنتج الأمية والجهل والتعصب والعنصرية والحروب.
4- ترك هذا الإنتقاد تناول فقرات قضايا الشباب وقضايا المرأة لسبق تناولها بتفصيل شديد في سياق ملتحم بقضية الثقافة ووجود الحزب الشيوعي مما تم نشره في "نقاط في دستور ولائحة وبرنامج الحزب" في موقع الميدان (نوفمبر 2007)
5- تركت مناقشة قضية إستقلال المؤسسات السياسية وإستقلال المؤسسات الدينية وعلمانية الدولة لنقاط أخرى عرضها الإنتقاد وتجاهلتها الصيغة المقدمة في مشروع البرنامج.
ملاحظة :
1-يمكن تمحيص هذا الإنتقاد بالإطلاع على نصين أساسيين هما :
• نقاط في دستور ولائحة وبرنامج الحزب وهو منشور في موقع "الميدان"(نوفمبر 2007) وفي موقع "الحوار المتمدن" (حوالى 25 صفحة ذات الحجم المالوفA4 بخط عيار 13 تصير عند التصغير والطباعة بالمستوى الأفقي للورقة حوالى 15 صفحة صغيرة ذات الحجم A5 = 7ورقات ونصف ورقة.)
• مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني المقدم إلى المؤتمر الخامس وهو منشور في موقع "الميدان": فهرس الأخبار ( النسخة المطبوعة الواردة لي سيئة التجهيز وهي -بعد التصغير- تساوي حوالى 45 صفحة إن لم تك هناك نسخ أخرى!.)
2- هذا الإنتقاد ككل كتابة في الدنيا لا يمثل قولاً فصلاً ولا نهائياً إنما هومحاولة تنبيه لأخطاء وردت في مشروع البرنامج قد يكون الإنتقاد نفسه مخطئاً في نظره إليها أو في تمحيصه عناصرها وعلاقاتها أو قد يكون عاثراً في عرض نتيجة عمله بشانها، فالذي أوقع الأخطاء في مشروع البرنامج يوقع الأخطاء في محاولة الإنتقاد، نسأل الله السلامة للحزب وللمشروع ولهذا الإنتقاد.
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحول الديمقراطي في معسكر كلمة
-
تغبيش الحقيقة
-
خمسة تناقضات
-
إنتقاد مقالات السر: حياة الوطن في تقدم الحزب الشيوعي لا في ع
...
-
التنمية الصاح والتنمية الكشا مشى
-
ياااا حسن!! (2 )
-
يا اا حسن!
-
إلى إحيمر الثوري ضد إحيمر السياسي (بتاع لا نسبية أحمد وحاج أ
...
-
الناس دي جنت ولا شنو ؟؟؟!!!
-
رفع الكلاش
-
تقدم إلى العدالة وأترك الحق والإنصاف لشعبنا
-
الفدائي حين يُمتَحنُ
-
واجبات القائد الشيوعي حين يلاقي إنتقاداً
-
إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين
-
النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العا
...
-
الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة
-
!!!!!!!!!
-
42 مسألة إنتقادية لمشروع التقرير السياسي
-
جورج حبش
-
نجوم
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|