مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 08:09
المحور:
حقوق الانسان
من جبل المقطم في القاهرة حيث دفن الناس أحياء و هم نيام إلى هايتي و غيرها من جزر الكاريبي حيث ذهبت الرياح و الفيضانات بأجساد و أرواح عشرات غيرهم إلى باكستان بين أفراح الرئيس القادم إلى كرسي السلطة و بين أجساد العشرات الذين قتلهم الأمريكان عن بعد كما لو أنهم مجرد مشاركين في لعبة كومبيوتر أميركية , هكذا يستقبل رمضان الفقراء بعيدا عن احتفالية فضائيات البترودولار المصابة بالشيزوفرينيا , كم هو غريب كل هذا الاحتفال الذي يستمر على الرغم من كل هذا الدم الرخيص , حتى موت الناس لا يجبر الكبار على الانتباه لوجودهم , فكيف بكل ذاك العذاب الذي يشكل تفاصيل حياة الملايين الذي اعتادوه لدرجة أنه يبدو و كأنه الشكل الوحيد الممكن للحياة , صراخ الكبار و نخبهم الخاصة و العامة ما يزال مرتفعا بصدد جورجيا , ماكين و أوباما , لم يفسده هذا الغياب المفجع الذي أصبح طقسا عاديا غبيا لا معنى له..كم هو مستغرب ذلك الالتزام الغريب بقواعد السلوك بين الملوك و الأباطرة و القياصرة و الجنرالات أو ما سموه منذ القدم بأخلاق الفرسان على العكس تماما من "قواعد حكمهم" لشعوبهم بالذات , تذكروا فقط كيف عامل صلاح الدين عدوه ريتشارد , في نفس الوقت الذي عين فيه صلاح الدين قراقوش واليا له على مصر , قراقوش هذا سيصبح مضرب مثل كوالي غبي لا يفقه أكثر من تنفيذ أوامر زعيمه أو قائده , و في الوقت الذي أصدر فيه حكما قطعيا لا عودة عنه بقتل السهروردي الذي كان جرمه أشد في نظر صلاح الدين و في نظر الملك الذي يمثله من جرم ريتشارد , لكن كان هناك أيضا ابن المطران طبيب صلاح الدين المسيحي الذي كان يعامل صلاح الدين نفسه بندية و حاشيته بأنفة في الوقت الذي كان يعامل فيه الفقراء بإجلال أكبر مما كان يبديه لصلاح الدين نفسه , كان على صلاح الدين احتمال مزاج ابن المطران لأنه كان يثق به كطبيب و يشعر بحاجته لمهارته في إطالة عمره..من الواضح أن الأرض ليست بعد بيئة مناسبة لحياة البشر الفقراء , من الأكيد أنها ليست بعد مكانا يمكن للفقراء أن يعيشوا فيه إلا كخدم , كأتباع , ككادحين من المهد إلى اللحد , و كموتى لا يثير موتهم الجماعي الكارثي و لو شيئا من الضجيج , هذا هو الإرهاب الذي يمارسه الملاك الحاليون للعالم بحق الفقراء , هذا ال 11 سبتمبر اليومي الذي يمر دون أن يلفت نظر أحد حتى ضحاياه في أكثر الأحوال و بالتأكيد الذي لا يسمح له بإزعاج عالم السادة , لن يتغير شيء حتى يشعر هؤلاء السادة بالانزعاج أولا قبل أن يصبح لموت كل هذا اللحم البشري الرخيص أي معنى.....
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟