يتعلم أطفالنا في المدرسة وفي التلفزيون ووسائل الإعلام كثيراً عن حقوق الطفل وكما ورد في كتاب الصف الخامس الابتدائي عن أول الحقوق «حق الطفل في الحياة والاسم والجنسية والحفاظ على الهوية».
ويكتشف الأطفال أن كتبهم تكذب كذبات كبيرة وصغيرة ومن مختلف الأحجام، والأشكال. من هؤلاء مَن قال لأمه الكتاب لا يكذب يا ماما، ليس صحيحاً أبداً أنه لا تحق لي الجنسية، من هو الكذاب يا ماما؟
لماذا أنت لديك هوية وأنا ليس لي، لماذا لا تدافعين عني يا أمي؟
لكن الحقيقة أن الأم ليست المتهمة فمن هو المتهم؟
ورد في اتفاقية حقوق الطفل:
المادة 7
1- يسجل الطفل بعد ولادته فوراً ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.
2- تكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقاً لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان ولا سيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك.
محرومة من علامة التربية العسكرية!
●أم خوام: أنا أم لثمانية أطفال كنت أتمنى لو كان أولادي يحملون الجنسية مثلي فأنا سورية وأطفالي أجانب كيف ذلك؟ العلم عند الجهات التي حرمتهم من الجنسية وجميعهم يكملون تعليمهم رغم الويلات التي واجهتنا في تأمين الأوراق اللازمة لمدارسهم وجامعاتهم وهذه الصعوبات نفسها ساعدت على إخراج آلاف الأطفال من المدارس، لعدم قناعة البعض بجدوى التعليم في ظل وضع كهذا. وعند بداية العام الدراسي الجديد نعرف أن رحلة العذاب قد بدأت لتأمين الأوراق الضرورية وكل عام يخرجون بقرارات جديدة كلها تعقيد في تعقيد .وإحدى بناتي تحصل سنويا على المرتبة الثانية في صفها لأنها محرومة من علامة التربية العسكرية.
الطريقة الوحيدة للدفاع عن وطننا!
● ف: طالبة في كلية الحقوق
بعد دخولي إلى الجامعة أدركت كم هو ضروري الآن حل مشكلتنا نحن المحرومين من الجنسية لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن وطننا من التهديدات الأمير كية المتواصلة لسورية.
والطفل المحروم من الهوية أو الجنسية أو ما يسمى بالأجنبي واقع بين نارين فإن ترك المدرسة أصبح أميا وإن استمر في الدراسة دخل في جيش العاطلين عن العمل فما العمل؟
هوية والدهم الحمراء
● قمر حسام: المدرسة وحدها كافية للحديث عن هذا الموضوع فقد خضنا معركة طويلة عريضة على مدار ثلاث سنوات لاثبات أن أولادنا هم أولادنا وتكلفنا بأكثر من عشرين ألف ليرة سورية أجور محامين ومتابعات دون فائدة. في المدارس لا يعترفون بهوية والدهم الحمراء بالرغم من توكيل محامٍ في دمشق وآخر في الحسكة لمتابعة سير الأوراق والنتيجة واحدة الرفض وراء الرفض.
وبعد كل هذا العذاب ماذا نستطيع أن نفعل أنا وزوجي، بعد أن أصبح عنده شعور بعدم اإمكانية تسجيلهم. فهو يقول: حتى لو ذهبوا للمدارس ستكون نهايتهم عندي على البسطة في أزقة السوق. أين مستقبل هؤلاء الأطفال ؟
الاغتراب بعينه
● أم عمار: «أنا من دمشق، تزوجت من شاب لا يحمل الجنسية السورية أي من أجانب محافظة الحسكة كما هو مدون على إخراج القيد الذي يحمله (قيد فردي مكتوب عليه عازب) وعندنا الآن طفلان وهو ممنوع من السفر خارج القطر كحال جميع أجانب محافظة الحسكة. وتحملت مشقة إقناع أهلي بزواجي وخاصة والدي أن الطريقة الوحيدة حالياً هي رفع دعوى بعد الزواج لتثبيته أي «وفق القانون». كما قال المحامي بأنني سأسجل أولادي باسمي وهذا ما لم يتم حتى الآن وابني الآن في الصف الرابع.
وتسجيل الولد في المدرسة يكلف أكثر من تسجيله في الجامعة فعلينا قطع مسافة أكثر من ألف كيلومتر لتأمين شهادة تعريف من عند المختار ولا أملك دفتر عائلة مثل كل الناس، والورقة الوحيدة التي بحوزتنا هي ورقة كتب كتاب الشيخ ولو اضطررنا النزول في يوم من الأيام في أحد الفنادق سيكون كل واحد منا في غرفة حيث لا توجد هناك أي صيغة قانونية تربط أحدنا بالآخر نحن أفراد هذه الأسرة. أليس هذا هو الاغتراب بعينه؟
أرفض تسمية أولادي بالأجانب!
● أم صباح سعدون: أرفض تسمية أولادي بالأجانب والأصح هم مكتومون ومحرومون من الجنسية وجميعهم لم يتجاوزوا الصف الثالث الابتدائي عدا بنت واحدة الآن في الصف السابع وان بقي الحال على ما هو عليه فمصيرها لن يكون أفضل حالا من مصير إخوتها وعندي ثماني أحفاد وأمهاتهم جميعا عازبات على الهوية وأنا أم لثمانية أطفال وأحفاد وأنا مثلهم عازبة على الهوية أي قانون هذا؟ لا أعلم، أسألوا من كان بها خبيراً.
من أي دولة أجنبية
● سلامة رشيد: من كثرة الحديث أمام أطفالنا عن أوضاعهم الصعبة فقدوا الأمل في التعليم والدراسة فأي مستقبل ينتظرهم
حاولنا مؤخرا تسجيلهم على اسم والدهم لكن الروتين والقتال على الدور لأيام وأسابيع لم يسعفنا على الاستمرار بالأوراق وبعد أن قطعنا شوطا طويلاً مزقنا الأوراق والسجل المدني كان بطيئا، الأضابير كثيرة أمامهم والمعاملة بحاجة إلى عدد من الشهود والعديد من التواقيع أحيانا ليست لها ضرورة لكن الجميع سيلحس إصبعه من هذه الطبخة كما يقولون.
وتبدأ رحلة البحث عن شخص له علاقاته الخاصة في الدائرة لتسيير الأمور لكن بأجر مختلف، هكذا حال عشرات الآلاف من العائلات وهنا في دمشق نتعرض للكثير حين دخولنا لبعض الجهات التي لا تعرف عن وضع الأجانب ويسألونك من أي دولة أجنبية وجوابنا واضح لأي جهة تسألنا. وهو أنتم تعرفون من نحن! وكل مااتمناه هو أن يحصل أولادي على جنسيتهم السورية بأقرب فرصة لأن هويتهم هي الضمانة الحقيقة لوجودهم.
قبر والد جدي
● مجاز قانوني مع وقف التنفيذ يقول: تخرجت من جامعة دمشق كلية الحقوق، ولا يحق لي الانتساب إلى نقابة المحامين مع أنني ولدت في سورية من أب وأم وجد وجدة سوريين وقبر والد جدي في قريتنا شاهد على ذلك وأنا الذي لم أغادر سورية طوال عمري التصقت بي كلمة أجنبي فمن أين أتت هذه التهمة؟ وما مصير أولادي وجميعهم الآن في مرحلة الدراسة الثانوية ؟
ولست إلا واحدا من مئات الحقوقيين الذين لا قدرة لديهم على الدفاع عن أنفسهم قبل الدفاع عن غيرهم فكيف نساعد من ليس له معين ونحن مكبلون ومحرومون من جنسيتنا.
علاقة غير شرعية!
● سوسن: تزوجت وأنجبت طفلة واحدة من زوجي المحروم من الجنسية، وأشارت علي إحدى المحاميات بحل لم أقبله ألا وهو أن أسجلها على أنها دون أب أي حصيلة علاقة غير شرعية لكنني لم أقبل أفلا يكفي ظلم مطبقي القانون فنصاب بتشويه السمعة أيضاً، ولمَ يحق للطفل عديم الأب جنسية أمه، وللطفل معروف الأب والأم الحرمان، والحرمان فقط؟؟ هذه المفارقة لا أفهمها أبداً.
مليون ليرة تكفي!
● نهى: أم لطفلين
الحقيقة عندما قررنا الزواج أي أنا وزوجي المحروم من الجنسية، كان لدي المنطق القائل بأن الظلم لا يمكن أن يدوم، ويكون هو القاعدة، وأنه ليس من حق أحد أن يقرر هذه الشؤون الإنسانية المتعلقة بمن نتزوج ومن نحب ومن نكره، فهذا أبسط حقوقنا كبشر، ولكن المسألة لا تتوقف عند هذا الحد، فصحيح أننا تقدمنا بطلب زواج أي إضبارة رسمية كتلك التي يقدمها كل الناس عند رغبتهم في الزواج، لكن لم يأت رد لا سلبي ولا إيجابي من وزارة الداخلية حتى الآن رغم مضي عشر سنوات على زواجنا الفعلي ولدينا الآن طفلان يحلمان بالذهاب إلى بيروت أو عمان لزيارة بعض الأقارب أو ألأصدقاء لكنني علمت ابنتي أنه لا يمكنها الحصول على جواز سفر وهو المطلوب للسفر، إذ أن سعره يبلغ مليون ليرة سورية، ونحن لا نملكها حالياً وعندما يصبح معنا مليون ليرة تستطيع السفر بجواز سفر، لأنني لا أستطيع أن أقول لها أنت غير موجودة يا عزيزتي على هذه الأرض ليس هناك من يعترف بوجودك ككائن بشري له حقوقه أما بشأن المليون ليرة فهي ليست كذبة فعلياً لأن رشوة مليون ليرة تكفي للحصول على جواز سفر مزور يلجأ له البعض. وقد حصلت على حكم محكمة يقضي بحصول أطفالي على الجنسية السورية لكن تنفيذ وزارة الداخلية جاء على عكس قرار المحكمة ومتجاهلاً لكل القوانين بتسجيلها في سجل أجانب محافظة الحسكة بعد نضال سبع سنوات في دوائر الدولة.
تطبيق القانون
● يقول المحامي حسين عيسى: «في القانون السوري هناك أسس لاكتساب الجنسية، هناك حق الدم: ويكتسب الجنسية السورية كل من ولد لأب سوري، وحق الإقليم: كل من ولد على أرض سورية من أبويين مجهولين، وحق الأم: يكتسب الجنسية السورية كل من ولد لأم سورية وأب مجهول وكل من ولد لأم سورية وأب عديم الجنسية.
أعتقد أن معاناة الآلاف تنتهي إذا تم تطبيق القانون وخاصة ما يتعلق بالفقرة الأخيرة التي ذكرناها ولكن يتعطل تطبيق القانون بقرارات يجب أن تصدر عن وزارة الداخلية.
وهنا لابد من التأكيد على إعادة الاعتبار للقانون الموضوع أصلاً، واستقلاليته ومن ثم تحديث القوانين بما يتناسب مع المعاهدات والمواثيق الدولية، أخص بالذكر اتفاقية إلغاء إشكال التميز ضد المرأة والذي تم التوقيع عليها من قبل الحكومة السورية مع بعض التحفظات فمن المعروف أنه عندما يتم التوقيع على معاهدة أو اتفاقية دولية يوجد فيها نصوص تتعارض مع النصوص المحلية يصار إلى تعديل النصوص المحلية بما يتناسب مع نصوص الاتفاقية الدولية».
وهنا يمكننا القول: إذا كانت الأم السورية لا تستطيع إعطاء أطفالها الجنسية وهي المواطنة السورية التي هي أم في نفس الوقت لأطفال عديمي الجنسية ماذا سيكون حال أطفال أم أجنبية عديمة الجنسية تزوجت كذلك من شخص عديم الجنسية فكلا الحالتين وجود أطفال لا يحملون الجنسية ومحرمين من كافة حقوقهم الطبيعة وبعض هؤلاء يطلق عليهم قيد الدرس والبعض مكتوم والبعض يحمل ورقة من عند المختار كشهادة تعريف ومهما تلونت هذه الحالات فالغاية واحدة هي حرمان المرء من حقوقه الطبيعية خلافا لجميع شرائع الأرض.
■ ابراهيم نمر
[email protected]