أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال احمد سعيد - النزعة العدوانية في العراق















المزيد.....

النزعة العدوانية في العراق


طلال احمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 00:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل العراقي عدواني النزعة ؟؟
حتى نجيب على هذا السؤال علينا ان نتذكر ونستعرض الظروف التي عاشها هذا الشعب منذ فترة بعيدة من تاريخه , فمنذ سقوط الدولة العباسية قبل اكثر من ثمانية قرون تعرض العراق الى سلسلة متعاقبة من موجات الاحتلال , بدأت بأجتياحه من قبل جنكيز خان وهولاكو ثم احتلاله من قبل الدولة الصفوية والدولة السلجوقية , وخضوعه لسيطرة الامبراطورية العثمانيه لفترة استمرت اربعه قرون , نال فيها شعب العراق صنوف الظلم والفقر والابتزاز , وقد انتهى حكم العثمانين عام 1917 وحلت بريطانيا محل الامبراطورية المهزومة وحكمت العراق حسب نظام الانتداب الدولي الذي اقرته عصبة الامم المتحدة , وفي العام 1921 نصب الملك فيصل الاول ملكا على العراق , بهدف اقامه نظام مدني وطني عراقي حديث لاول مرة , وبألرغم من ان الصفة الغالبة لذلك الحكم كانت وطنيه الا انه لم يكن كذلك , حيث ظلت بريطانيا تدير البلاد من وراء الكواليس , وبذلك كان استقلال العراق ناقصا وغير ناجز . وجاءت ثورة 14-تموز-1958 لتنهي كل انواع السيطرة الاجنبيه على البلاد , الا ان تلك الثورة لم تخلو من اعمال العنف والقتل و السحل و الاعدام , ثم انها تعرضت الى العديد من المحاولات الانقلابية التي انتهت بانقلاب عام 1963 الفاشي , حيث بلغ العنف قمته عندما مارس الانقلابيون ابشع انواع التصفيات الجسدية و القتل ضد خيرة ابناء هذا الشعب فأصطبغ الشارع العراقي بدماء ابناءه , ثم عاد الفاشيون ليحكموا العراق مرة اخرى عام 1968 فكانت صفحة جديدة من التصفيات الجسدية و القتل , وقد مارست دولة البعث كل وسائل القمع و الاذلال اتجاه هذا الشعب المنكوب , حتى ان يدها امتدت الى اموال الالاف من المواطنين فصادرت املاكهم واستحوذت عليها تارة بحجة انهم من التبعيه الايرانيه وتارة اخرى بحجة انهم متأمرون على الحكم او لمقتضيات المصلحة العامة التي شرعتها السلطة . وكان اخر فصل من فصول الحكم البعثي سلسلة من الحروب الطاحنه تبعها حصار اقتصادي جائر فرضته اميركا و الامم المتحدة , وكان حصارا فريدا من نوعه عندما اصدر مجلس الامن الدولي حوالي 70 قرارا تهدف الى عزل العراق وافقاره وتشديد الحصار عليه .
انا لست مؤرخا ولا اريد ان اخوض في بحثا في التاريخ , غير اني ارغب ان اعرض صورة عن معاناة هذا الشعب ومدى وعمق المآسي والضغوط التي تعرض لها وقد كان على مر عصور عرضة للقهر والاستغلال والابتزاز وظل يحلم بالمعجزة التي تأخذ بيده وتنقلة الى عالم جديد من الحياة الحرة الكريمة .
هذا الشعب المثقل بالآلام و الفواجع الذي انتظر يوم الخلاص , جاءت له الفرصة فجر يوم 9-4-2003 وبدلا من ان تنطلق يد الرحمة لمساعدته والنهوض به , انطلقت الوحوش الكاسرة من عقالها تزيده مآسي وفواجع من نمط جديد لم يألفها من قبل .
التغيير الذي قادته ونفذته الولايات المتحدة في العراق كان بمثابة اعصار اشد فتكا من اعصار كاترينا وغوستاف , واكثر دمارا من الزلازل والكوارث الطبيعيه , وكانت حصيلته المزيد من التمزق والضياع والمزيد من العنف الفساد, وبتحريض من المحتل وتحت حمايته تفجرت غرائز همجيه وعدوانيه مكبوته وكأنها تريد ان تسترجع حرمان السنين التي خلت بساعات , لايهمها كيف تحقق ذلك , فانطلقت الالاف من بقايا حروب صدام و الخارجين على القانون من اللذين لايفهمون غير لغة السلاح و الدم , انطلقت تحرق الاخضر و اليابس وتقتلع كل مابناه العراقييون من حضارة و منجزات لم تفلت من يدها حتى المتاحف و الرموز التاريخيه ومن العجيب ان تتحول هذه الكتل البشرية المجرمة بأقصى سرعه الى ميليشيات مسلحة تدعمها و تقودها الاحزاب الدينيه كي تحدث في البلاد المزيد من الفساد والتمزق , وقد اتجهت هذه المجاميع الى عمليات جديدة تهدف الى كسب المال عن طريق الاغتيالات والسلب و النهب والاختطاف و الترهيب .
لقد اصبح لدينا سجلا حافلا بأمتياز بالدماء التي نزفت بسبب النزاعات المناطقية و الصراعات السنيه الشيعيه المفجعة , وبالرغم من مرور اكثر من خمس سنوات على التغيير فقد تأكد ان كلما تم تأسيسه انطلق من نقض النظام السابق دون ان يفكر احد ببناء عراق جديد , عراق للمحبة والتآخي مؤهل بان يخرج من هذه الدوامة القاتله . لقد سادت ثقافة الخداع وانتشرت مباديء العودة الى الماضي والبكاء على الاموات و الاطلال , وساد الجهل مكان العلم . وتراجع الوعي الاجتماعي , وسحقت الطبقات التي تحمل دلالات الحضارة و التقدم وحلت محلها دولة الطوائف والفكر الصفوي والسلجوقي وثقافة بني عثمان .
افلام وثائقية كثيرة تعرض يوميا على الفضائيات تعكس مدى عدوانيه وهمجية مايرتكب بحق المواطن العراقي بغض النظر عن هويته و انتماءاته , والملفت للنظر ان العدوان على الاغلب يرتكبه عراقيون وهذا يجرنا الى السؤال المطروح في بداية هذا المقال ( هل ان العراقي عدواني النزعه ؟ ) . العراق الان اصبح البلد الاول في العالم بعدد اليتامى و الارامل والمهجرين و اللاجئين وان الباحث و المحلل السياسي يقف مكتوف الايدي امام المشاهد التي يراها او يسمع بها يوميا وقد لايجد لها تفسيرا مقنع . عوائل منكوبه ومهجرة تعود لتستلم مساكنها واذا بالمساكن منهوبه ومهدمه ومحروقة , هذا العمل يدل على مدى همجيه وعدوانيه اولئك الناس اللذين شغلوا هذه الدور والمفترض بهم ان يكونوا هم ايظا مهجرين من مناطق اخرى.
ويعود سؤال اخر يبرز هل ان شعب العراق تعود على تحدي القوانين والأستخفاف بالقيم الأنسانية هل نلوم الانسان العراقي ام نلوم الحكام والانظمة العراقية السابقة و اللاحقة .
العراقي يقف منذهلا امام هذا السيل من الاغتيالات التي تنال علماءه من اطباء ومهندسين و قضاه واساتذة جامعه ومفكرين و مثقفين .
العراقي يقف منذهلا امام هذه المفخخات و المتفجرات التي تحصد المئات في المقاهي و الاسواق و الشوارع بلا تمييز .
العراقي يقف منذهلا امام مليارات الدولارات من ثروته التي تختفي وتسرق من قبل لصوص اوباش ثم تتسرب الى الخارج دون حساب اوعقاب .
العراقي يقف منذهلا وهو يرى حضارة بلاده قد انكبت وحلت محلها شعارات التخلف و الرجعيه .
العراقي يقف منذهلا امام مشهد المراة العراقية المتألقة الطبيبه والمهندسة و القاضية و استاذة الجامعه وهي تعود مكللة بالسواد الى عشرينيات القرن الماضي.
العراقي يقف منذهلا امام المئات من المجرمين و القتلة يلقى القبض عليهم يوميا ولا احد يدري من هم وماهو عقابهم والى اين يأخذون .
يقولون ان الديموقراطية شي مبهر وعظيم في حياة الشعوب ولكن ديموقراطية العراق شوهتها العملية السياسية التي بددت بريقها وسط فوضى عارمة بين اطراف العملية نفسها سرقت تطلعات العراقي نحو مستقبل سعيد .
العراق بلد بأشد الحاجة كي يعلن كمنطقة منكوبة تستدعي من المجتمع الدولي ان يقدم له المساعدة لأطفاء الصورة المؤلمة التي يعيشها واعادته الى طريق الحضارة والابداع .
العراقي حسبما نعتقد ليس بحاجة الان ان يشيد اعلى دولاب هواء في العالم كما يرغب امين بغداد انما بحاجة الى من يزيل الخراب الذي حل بمدنه وبعاصمته الجميلة بغداد . العراق بحاجة الى من يبعث الطمأنينه في النفوس و يطهر الذات من العدوانيه و البداوة . العراق بحاجة الى اذكاء الشعور بالمواطنة ودحر وادانه موجات الطائفية و الظلامية و التخلف . العراق بحاجة الى من يعيد الابتسامه الى شفاه ابناءه بعد ان فارقتها عقوداً من الزمن .



#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر الفيحاء وفيدرالية البصرة
- درس من باكستان
- البصرة اول الغيث
- كركوك .. العقدة و الحل
- العراق البلد اكثر تعاسة
- وقفة عند قانون انتخابات مجالس المحافظات
- الدولة الدينية والدولة المدنية ( 3 )
- المرأة والمادة 49 من الدستور
- الديمقراطية وانتخابات مجالس المحافظات
- الاحزاب العراقية والقانون الغائب
- الديمقراطية والحالة العراقية الراهنة
- من يقتل النساء في البصرة
- في ذكرى التغيير
- الدولة الدينية والدولة المدنية 2
- على اعتاب السنة السادسة
- الدولة الدينية والدولة المدنية في العراق
- مستلزمات بناء مجتمع مدني ديمقراطي
- العلمانية هي الحل


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال احمد سعيد - النزعة العدوانية في العراق