أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!














المزيد.....

تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2398 - 2008 / 9 / 8 - 09:46
المحور: المجتمع المدني
    


"ثقافة الحقوق" هي الثقافة الأضعف لدى المواطن (أو الإنسان) العربي، فكيف له أن يدافِع عن حقٍّ له وهو لا يعيه؟!

وهذا الضعف (التاريخي) هو مقوِّم من أهم مقوِّمات العلاقة بين الحاكم والمحكوم في عالمنا العربي؛ وليس أدل على ذلك من أنَّ هذه العلاقة ما زالت في جوهرها الفكري والواقعي تشبه كثيراً ثلاثية "الراعي والرعية والمرعى"، في معناها "غير المجازي".

إذا كانت تلك الأشياء، التي إذا أفرطنا في الإساءة إلى معاني الكلمات والأسماء، تسمى "منازل"، وإذا ما افترستها كُتَلٌ صخرية جبلية، محوِّلةً إيَّاها إلى مدافن جماعية، فليس من مسؤول عن هذه الكارثة سوى "نظام القضاء والقدر" والضحايا أنفسهم؛ أمَّا "الدولة الراعية" التي لا تهضم حقوق رعيتها فـ "تُسعِّر" الميِّت، وتمنح ذويه (في زمن استفحال غلاء أسعار سلع الغذاء الأساسية) ما يقل كثيراً عن ثلاثين من الفضة، مسمِّيةً هذا المبلغ المالي الزهيد "تعويضاً"، وكأنَّها "تعاقبه" على "الجريمة التي ارتكبها في حقِّ نفسه"!

لقد اعتدنا خطابهم وتبريرهم ودفاعهم، فإذا أنعم علينا "نظام القضاء والقدر" بخير ما فإنَّ "الراعي" لا يتورَّع عن نسبه إليه؛ أمَّا إذا أدار شؤون "رعيته" بما يسبِّب لها الكوارث والمآسي فإنَّ "نظام القضاء والقدر"، مع الضحية، يصبح هو "المتَّهم" و"المسؤول"، وكأنَّ الخير، كل الخير، من عنده، والشر، كل الشر، من عند "غيره"، على كثرة وتنوُّع صُوَر "غيره".

هذا "الراعي" لا يعرف من نمط الحُكْم إلاَّ ذاك الذي يقوم على الفصل التام بين "الحق" و"الواجب"، فـ "رعيته" لا مبرِّر لوجودها إلاَّ "تأدية الواجب"، الذي يُحاط بهالة من القدسية؛ أمَّا "حقوق" الإنسان والمواطن، من رعيته، فهو يفهمها، ويريد لنا أن نفهمها، على أنَّها مِنَّة وإحسان وإنعام ومكرمة.

وكلَّما أدار شؤون رعيته بما يسبِّب لها، أي لغالبيتها العظمى، مزيداً من الإظلام الاقتصادي (فالروحي والأخلاقي والإنساني..) التمع وتألَّق نجم "دولة البرِّ والإحسان"، فإذا عزَّ على الإنسان، أو المواطن، في مجتمعنا، أن ينال حقه في ما يمسك رمقه رأيْنا "الراعي" على هيئة "بابا نويل"، يقيم لرعيته ما يشبه "موائد الرحمان" في رمضان، فـ "الواهِب"، "المانِح"، من الحُكَّام لا وجود له في مجتمع تزدهر فيه حقوق المواطن والإنسان، الفرد والجماعة، ويؤمِن بأنَّ الطعام الصحِّي الجيِّد المُغذِّي حقٌّ أساسي من حقوق المواطن والإنسان ولو تعطَّل لسبب موضوعي عن العمل.

مواطننا العربي كان بالأمس يشتري كثيراً من الأشياء التي تلبِّي له ولأفراد عائلته حاجات أساسية (معيشية وثقافية وحضارية) شاعراً، بالتالي، بأنَّ لديه "حقوقاً"، يتمتَّع بها ويمارسها؛ أمَّا اليوم فشرعت تلك الأشياء تتحوَّل إلى ما يشبه "الهِبات"، تهبها له "دولة البرِّ والإحسان"، التي لا وجه للشبه بينها وبين "دولة الرفاهية الاجتماعية" هناك، وكأنَّ على المواطن عندنا أن يبقى على قيد الحياة بفضل هِبات الواهب، ومِنَح المانِح!

لقد أسَّسوا لنا "الدولة المنفصلة (والممعنة في انفصالها) عن المجتمع"، فَعَرَفْنا من جهاز الحُكْم البيروقراطي أسوأه.

في البدء، سعوا إلى الاغتناء (الاقتصادي فحسب؛ لأنَّهم ظلوا فقراء في الفكر والحلم) من خلال إحكام قبضتهم الاقتصادية، المسمَّاة "القطاع العام"، أو "الاقتصاد الاشتراكي"، على "القطاع الخاص"، فأثْروا هُمْ وعائلاتهم ثراءً فاحشاً؛ ولكن ما أن جفَّت "الضروع"، وتبدَّلت موازين الاقتصاد عالمياً، حتى شرعوا "يخصخصون" ما كان "عامَّاً" من المنشآت والمؤسَّسات الاقتصادية، توصُّلاً إلى الغاية نفسها، وهي "الثراء الشخصي والعائلي"، وكأنَّهم "المنشار" في حركتيه، إلى أعلى، وإلى أسفل!

حتى "الناجح اقتصادياً" من منشآت ومؤسَّسات القطاع العام سعوا في جعله فاشلاً حتى يُذلِّلوا كل "عقبة أخلاقية" من طريق بيعه، وبثمن بخس، لهذا المستثمر أو ذاك، فحصَّتهم من "ثمن البيع" تظلَّ جيِّدة، بحسب "المقياس الاقتصادي الشخصي"، مهما بخس هذا الثمن، بحسب "المقياس الاقتصادي العام"!

وإذا ما ظللنا على هذه الحال من تزايد ارتفاع منسوب "الأميِّة الحقوقية" فلن ننتظر طويلاً حتى نرى دولة "البرِّ والإحسان" تتحوَّل إلى ما يشبه "الإقطاعية"؛ ولكن في مستهل القرن الحادي والعشرين!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العرب الجُدُد- و-العرب القدامى-!
- أُمَّةٌ تبحث عن فلك تسبح فيه!
- ما ينقص -الفكرة- حتى تصبح -جذَّابة-!
- -خيار أوكسفورد- لا يقلُّ سوءاً!
- ثقافة -الموبايل- و-الفيديو كليب-!
- لقد أفل نجمها!
- أسبرين رايس والداء العضال!
- خطر إقصاء -الأقصى- عن -السلام-!
- العالم اختلف.. فهل اختلفت عيون العرب؟!
- -الإعلام الإلكتروني- يشبهنا أكثر مما نشبهه!
- -العلمائيون- و-السياسة-.. في لبنان!
- -إيراروسيا-.. هل تكون هي -الرَّد-؟!
- ثرثرة فوق جُثَّة السلام! -دولتان- أم -دولة واحدة ثنائية القو ...
- ما معنى جورجيا؟
- مات -آخر مَنْ يموت-!
- الصفعة!
- النفط -الخام-.. سلعة أم ثروة للاستثمار؟!
- -قطار نجاد-.. هل يتوقَّف؟!
- -الموت-.. في تلك الحلقة من برنامج -أوبرا-!
- طهران أفسدت -مناورة- الأسد!


المزيد.....




- حماس: تحرير الأسرى من سجون العدو على رأس أولويات صفقة طوفان ...
- -الأونروا-: نقص الأدوية الحاد في غزة تهديد خطر لحياة المرضى ...
- الجنائية الدولية تتخذ إجراءات: عدم امتثال هنغاريا لطلب اعتقا ...
- حماس تدعو لاعتبار الخميس يوما عالميا للتضامن مع الأسرى بسجون ...
- إسرائيل تبدأ عزل أطباء عسكريين وقّعوا عريضة لإعادة الأسرى
- مفوضة حقوق الطفل الروسية تتحدث عن عائلات روسية تخضع لإعادة ا ...
- RT تلتقي معتقلين سابقين لدى الدعم السريع
- فتح: ما يتعرض له الأسرى بسجون الاحتلال لا يقل بشاعة عن جرائم ...
- من قلب طهران.. العالم الإسلامي يناقش الحرية وحقوق الإنسان
- هيومن رايتس وتش: -الاحتجاز التعسفي يسحق المعارضة- في تونس


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!