ناديا الجردي نويهض
الحوار المتمدن-العدد: 143 - 2002 / 5 / 27 - 09:24
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
2002/05/27 |
|
opinion |
|
المرأة ليست سلعة في إعلان
|
|
هل كنا نتصور ان يطل يوم علينا وقد فرطنا في <<عقدنا الفريد>> فنصبح بلا هوية معيارية أخلاقية، نقلد عشوائيا ومن دون وعي كل ما يصدر لنا الغرب عبر الاعلام من صرعات رخيصة من دون أي اعتبار للأخلاق؟
ان هذا الاعلام الوافد الينا بطوفان المسلسلات والكتب والشرائط المسموعة والمرئية والمجلات الفاخرة المظهر والغريبة المخبر، المنتشرة في أسواقنا، لا يستقيم مع تقاليدنا وأعرافنا ولا يتناسب مع حضارة أمة قدمت للعالم نور الهداية، والحرف ميثاق فكر وحضارة!. ومن المؤسف حقا ان يكون الغرب الذي نادى بشرعة حقوق الانسان وبالمساواة والديموقراطية يجيز لنفسه الاعتداء على حقوق المرأة، وباستعمالها كوسيلة للإثارة والإغراء وللتسويق التجاري والمادي. ومن المستغرب أكثر ان تتبنى الدولة ووسائل الاعلام عندنا هذا النوع من الاعلانات التي تسيء الى سمعة المرأة والوطن.
ان المرأة العربية واللبنانية بوجه عام ترفض هذه الصور المهزوزة المشوهة للمرأة. ولذا يجب التصدي لكل إعلان يسيء لصورتها ومقاطعة كل السلع التي يحمل الاعلان عنها صورا إباحية للمرأة.
فالمرأة العربية واللبنانية لن ترضى ان تتخلى عن وجهها الحقيقي المشرق بالثقافة والعلم وبالأخلاق والرصانة، إيمانا منها بأن الأمم بأخلاقها، ولن نرضى ان يصبح لبنان حقل تجارب لفلسفات واهية، وموطنا للصراعات والانحطاط الخلقي من دون أي اعتبار لإنسانية الانسان.
لكي نقضي على كل هذه السلبيات والسموم علينا ان ننطلق من الموروث المتجدد فينا فنقضي على كل عقدة نقص نتيجة استعمار، او تخلف، او تبعية او تقليد أعمى، وان نرفض كل الافكار والثقافات التي لا تتناسب مع ثقافتنا وتقاليدنا ومجتمعنا.
هنا يعاودني قول غاندي: <<إنني أفتح نوافذ بيتي على كل الثقافات، لكني لا أسمح لواحدة منها ان تقتلعني من جذوري>>.
لذلك وجب علينا المحافظة على جذورنا وأصالتنا وذلك بوضع خطة استراتيجية علمية متطورة لإعادة بناء الوطن والانسان، لا سيما المرأة التي هي حجر الأساس في عمارة الوطن.
لسنا ضد حق المعلن في استخدام أية وسيلة لترويج بضاعته، لكن ليس من حقه ان يشوه صورة المرأة وتأجيج الغرائز بشكل يتنافى مع الحشمة والأخلاق من دون مراعاة لتقاليدنا وكرامتنا، فكرامة المرأة من كرامة الوطن وصورتها هي صورته، وما كانت المرأة العربية واللبنانية في كل عصر وزمان الا موضع احترام العالم، من موقعها كرائدة ومناضلة وباحثة وشاعرة وأديبة و<<حبة البركة>> في صدر أمتها، وهي تسير الى المستقبل بخطى واثقة وتحمل في مسيرتها ثقافة وقيما وفضائل تزرعها في نفوس أبنائها ليقرأها العالم حضارة وتقدما وفكرا خلاقا يفرض حضورها. واذا كان الرجل صانع القوانين، فالمرأة تصنع الأخلاق، وهي نصف المجتمع عددا وكل المجتمع أعدادا، وبهذا هي نقطة الدائرة في التوجيه والتربية وإعداد رجال الوطن.
وحفاظا على الوطن، على كل امرأة عربية ولبنانية ان تطالب وزارتي التربية والاعلام بمراقبة صارمة لكل وسائل الاعلام ومنع كل مسلسل او كتاب او صورة او إعلان مخل بالآداب او أية دعاية تستعمل صورة المرأة للإغراء والاثارة. ان التهاون في أمر هذه الظاهرة الاعلامية الخطرة خطأ فادح، ومنعها واجب وطني وضروري لحماية المفهوم العام للأخلاق. ومن هنا دعوتنا الى وزير الاعلام بأن يعمم على الوسائل الاعلامية ان تجعل ضمن برامجها، برنامجا خاصا للمرأة، تقدم فيه أعمالها من إبداع ثقافي واجتماعي وفني وتربوي وشعري وكل ما يتعلق بسيرة الرائدات اللواتي أدين أدوارا مميزة في مجتمعهن.
ان المرأة اللبنانية والعربية أصبحت على مستوى رفيع من الثقافة والعلم والاطلاع، واستطاعت ان تشغل المراكز المهمة في الدولة، من نيابة وإدارة عامة وقضاء، إضافة الى حضورها في المهن الحرة، ومنهن ايضا المناضلات والفدائيات، فهي الشهيدة وأم الشهداء، وهي الأمثولة في التضحية وكان لها وقفات مشرفة في الحرب والسلم فكتبت صفحة مجيدة في تاريخ وطنها.
هذا هو وجه المرأة العربية واللبنانية وهكذا سيبقى منارة ومدرسة في الاخلاق.
() كاتبة لبنانية.