أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - المثقف والسياسي الكردي ...الإشكالية المزيفة















المزيد.....

المثقف والسياسي الكردي ...الإشكالية المزيفة


دارا كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 739 - 2004 / 2 / 9 - 07:10
المحور: القضية الكردية
    


      إن أنماط التفكير التي لا تنتمي إلى الواقع والعصر الذي تطرح نفسها فيه, تغترب عن هذا الواقع وتطرح مشكلات ليست لها علاقة بحقيقة مشكلاته , حيث تمارس في ذلك هروبا إلى الأمام أو الوراء في مواجهة واقع تعجز عن التفاعل الحقيقي معه, وبالتالي فإنها تصدح صباح مساء بالحلول, لكن حلولها أيضا ليس لها علاقة بالواقع, وتكون النتيجة حالة يسودها الكثير من الضجيج والشعارات والمشاريع ...لكن الحصيلة لا شيء على مستوى الفعل. وأحد المشكلات المزيفة التي تُطرح كرديا هي مشكلة العلاقة بين المثقف والسياسي, والتي سنتناولها فيما سيأتي .
      أرجو أن يعذرني القراء الأعزاء على إعادة طرح هذا الموضوع الذي أصبح رتيبا ومملا وقد يثير الغثيان, نظرا لكثرة  تكراره في المناقشات والجدل المكتوب والشفاهي, وعذري هو أنه مادام الموضوع يطرح  بهذه الدرجة أو تلك فإنه يستحق المناقشة. وما أثارني بشكل مباشر لطرح الموضوع هو أنني حضرت أمسية التقى فيها أمين عام أحد التنظيمات الكردية مع جمع من الحضور من مختلف المستويات الثقافية. لفت نظري أحد الحضور, وكان طبيبا ويعتقد نفسه من المثقفين الملتصقين بشعبه ونضالاته والمضحين في سبيله, هذا الطبيب أكثر من التدخل غير المنضبط لمقاطعة الآخرين, وأبرز تدخلاته كانت سخريته من بعض المداخلات النقدية التي تميزت بشيء من البعد الفكري وقوله " ما دمتم بهذا المستوى من الفهم والدراية لماذا لا تنضمون للأحزاب وتوجهونها و ترفعون مستواها بفهمكم وثقافتكم المزعومة ".
      الكلام السابق يمكن أن يشكل خلفية أو مدخل للجدل الدائم في الأوساط السياسية الثقافية الكردية حول علاقة  المثقف بالسياسي, والتي تصور دائما, أو في أغلب الأحيان،  على أساس أنها علاقة صراعية  بين خندقين متواجهين, يحاول أحدهما الحلول محل الآخر أو احتكار دوره لنفسه. يتحدث السياسيون عن جبن المثقفين وترددهم في خوض صعوبات العمل السياسي, ويتهم المثقفون السياسيين بالجهل والتخاذل.... وما بين هذه وتلك القليل من التناول العلمي الموضوعي لهذه العلاقة.  والسؤال هنا هل هناك مشكلة حقيقة في العلاقة ما بين السياسي والمثقف الكردي؟
      للإجابة على السؤال السابق, لا بد  في البداية من ضبط مفاهيم طرفي المعادلة , وإن بشكل مبسط . المثقف يتعامل مع الشأن الفكري المعرفي نقلا وإنتاجا, وبالتالي يقوم بدوره من خلال دراسة الواقع بأحداثه وظواهره والربط بينها تمهيدا للوصول إلى معرفة علمية تتعلق بهذا الواقع, ومن ثم استشفاف آفاق تطور المستقبل. والسياسي يتعامل مع ضبط الفعل ورد الفعل في التعامل مع الواقع  للوصول بأفضل الطرق إلى المستقبل المأمول بالاستناد إلى المعرفة التي ينتجها أو ينقلها المثقف, وهذا يعني أن هناك دورين مختلفين ولكن متكاملين لكل منهما, فحسن أداء المثقف وإنتاجه ينعكس فكرا ومعرفة مناسبين لكي يضع السياسي بالاستناد إليها برامج عمله, وحسن أداء السياسي ينعكس أداء عاما جيدا على مستوى الفعل الاجتماعي العام الذي يهم المثقف والسياسي, هذا الفعل سيتحول من جديد إلى مادة للتقييم النقدي للمثقف...   وبالتالي فإن هاتان الوظيفتان لا تنفي أحدهما الأخرى, فالمثقف يمكن أن يكون رجل سياسة وبالعكس , ولا بد للمثقف من دور سياسي لكن بحدود, ولا بد للسياسي من حدود دنيا, لكن غير متدنية , من الثقافة.
       إذا كان الأمر كما أسلفنا فما هي المشكلة في الحالة الكردية, لماذا هذه الخندقة والتنافر؟ إن المشكلة الأساسية في الحالة الكردية هي عدم طرح المشكلة كما هي حقيقة, كما أسلفنا, وبالتالي فإن الجدل حولها اقرب إلى الجدل البيزنطي , إذ لا يمكن لطبيب أن يعالج مرضا لم يشخصه بشكل دقيق ولو وصف للمريض أطنانا من الدواء. المشكلة في جوهرها هي في نمط تفكير المثقف والسياسي على حد سواء أولا, وثانيا مستوى أداء المثقف وشكل تجسد السياسي.
      المشكلة تكمن في العقلية الشمولية ذات الجذر القبلي  للمثقف والسياسي معا, بالطبع ليس كل المثقفين والسياسيين ولكن الغالبية, هذه الشمولية هي التي اختلقت المشكلة, وبالتالي يكون من الطبيعي أن نواجه بحالة من العقم في الفعل, تشبه الدائرة الخبيثة التي يصعب كسرها بأي شكل من المعالجة, تبدأ الدائرة بواقع يتطلب فعلا سياسيا ما ولكن الفعل السياسي قاصر لأنه حصر بالفعل الحزبي والفعل الحزبي قاصر لأنه يتسم بالجمود وفقدان, بل طرد, البعد الفكري المعرفي, الفعاليات الثقافية الفكرية مهمشة أو مطرودة من الأطر الحزبية, هذا التسلسل تتغير فيه أدوار السبب والنتيجة لتكتمل الدائرة.
      إن العقلية الشمولية للمثقف والسياسي ترتكز في جذورها على ثلاث مرتكزات أساسية, أو أنها تتغذى من ثلاث ينابيع رئيسية : الأول, البنية الاجتماعية المتخلفة للمجتمع الكردي, حيث أن المجتمع الكردي مجتمع تقليدي(ما قبل رأسمالي) تلعب فيه روابط العشيرة والدم دورا كبيرا, وهنا تطرح نفسها شخصية زعيم أو زعماء القبيلة الذي يقوم بوظيفة القيادة والتنظير بنفس الوقت. الثاني, مكانة الدين الإسلامي في الثقافة الكردية, والشمولية التي يطرح بها الإسلام نفسه, كدين ودنيا, وكون الرسول رجل دين وباني دولة,  وبالتالي فإن رجال الدين, الذين يمثلون المثقفين في بعض الأحيان, يطرحون أنفسه كرجال فكر وعقيدة وقيادة . الثالث, هو الإيديولوجيا الاشتراكية ونمط الأحزاب والمثقفين الذي طرحته وكرسته, حيث الأمين العام, وظلاله, هو القائد وهو المنظر وهو المفكر..... الخ .
       العقلية الشمولية كرست السياسي حزبيا, والمثقف باحثا عن القيادة, وبالتالي فإن مسألة العلاقة بين المثقف والسياسي القائمة على التكامل الإنتقادي, شوهت وأخذت صورة الصراع بين حزبي من النمط اللينيني ومثقف من النمط ذاته على أنه صراع بين السياسي والمثقف, وبالتالي فإن كل التنظيرات والمعالجات التي يمكن أن نقتبسها من الآخرين لتشخيص أو لمعالجة مشكلة, إن كان هناك مشكلة, علاقة الثقافي السياسي, تفقد جدواها ومعناها.
       إذا كانت المشكلة في العقلية الشمولية التي حصرت السياسة بالحزب, ورسمت للمثقف دورا ليس له, فإن المطلوب هو إعادة النظر من الطرفين. من جهة يجب توسيع معنى الفعالية السياسي الكردية لتشمل أطرا وفعاليات اجتماعية وثقافية مختلفة, أي إزالة الاحتكار الحزبي الشمولي للسياسة. ومن جهة أخرى  يجب أن يتفهم المثقف أن دور المثقف المباشر ليس هو القيادة أو الكهانة السياسية  فدوره الأول هو في الشأن الثقافي, بالطبع لا يعني ذلك أنه لا يمكن للمثقف أن يكون رجل سياسة, ولكن يمكنه فعل ذلك عندما يعطي لنفسه دور رجل السياسة وليس المثقف. 

 



#دارا_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هولير وقنابل الارتزاق الانتحاري
- الكرد والشيوعي العراقي .....وكهنة الفكر الشمولي
- العمامة والسياسة.....رب ضارة نافعة
- العقيد القذافي ... داعية كردستان الكبرى ؟
- صداميــــــات كردية
- الشمعة الثانية في بيتنا الآمن
- استئصال الشعوب...... صحوة الليث شبيلات
- كردستان سوريا ....الوطن السوري أم كردستان الكبرى
- الحوار الكردي في إطار الحوار الوطني السوري
- سليمان يوسف يوسف من أوهام الحوار الوطني إلى حقائق الإقصاء وا ...
- هل دشن البراعم عودة الحركة الكردية إلى السياسة ؟!
- نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......
- لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا
- ماذا تريد الولايات المتحدة من الحرب على النظام العراقي ..؟


المزيد.....




- إسرائيل تقصر الاعتقال الإداري على الفلسطينيين دون المستوطنين ...
- بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن ...
- 2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و ...
- خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا ...
- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - المثقف والسياسي الكردي ...الإشكالية المزيفة