ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2394 - 2008 / 9 / 4 - 02:14
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا يكفي دمشق التي تبدو راغبة بشدة لعقد المزيد من القمم واللقاءات ، لا يكفيها إشارات الود التي تلقتها من عواصم الغرب إثر اقتناعها بضرورة مراعاة المصالح الغربية في الشرق الأوسط ، والتقليل من حدة الصدام معها للحيلولة دون الوقوع في أسر العزلة .
هاهي فرنسا تفي بوعود الانفتاح على دمشق ، أوفدت وزير خارجيتها برنار كوشنير والآن توفد رئيسها نيكولاي ساركوزي ، ويبدو كل هذا غير كافي ، فهناك عقدة فتح الطريق نحو البيت الأبيض الأميركي ، ليس مع إدارة بوش التي شارفت على الرحيل ، إنما مع الإدارة الجديدة ، ولعل التقرب من فرنسا يسهم في إزالة العقبات التي تعترض هذا الطريق ، والسبيل لذلك الخوض المفاوضات بلا نهاية مع إسرائيل ، وإظهار رغبة حقيقية بالسلام .
لفرنسا حاجة عند دمشق ، ولسورية حاجة عند باريس والحاجتين تتطلبان انفتاحاً مشروطاً وحذراً بالغاً نحو بعضهما الآخر ، فحاجة فرنسا من سورية ، إبعاد يدها عن لبنان ، وهو ما تدركه دمشق جيداً ، أما حاجة سورية من فرنسا ، تسليك انخراط الغرب معها ، وهو ما تأخذه باريس في حسبانها وتضعه على الرف .
ما يقوم به النظام السوري بشكل حثيث ، وبمساعدة الجار التركي واللاعب القطري ، يظهر كتعويض عن فقدان الجار العربي ، بما يوضح أن سياسة الممانعة ، قائمة فقط ضمن العلاقة السورية – الإيرانية لاعتبارات تمليها الأحداث التي تمور بها الساحة العربية وبقاعها الساخنة في لبنان وفلسطين .
أما حينما يرتبط الأمر بواقع السلطة السورية ، وما أدت إليه سياسة الممانعة من عزلة وإقصاء دوليين ، فإن اتجاهها يتحول اضطرارياً نحو سياسة الانفتاح بعيداً عن إيران ، أو بالتنسيق معها ، فإيران تعيش إلى جانب واقع العزلة واقع عقوبات يزداد ضيقاً عليها كلما جرى البحث في ملفها النووي .
قد يكون ممكناً فهم الخطوة التي خطتها دمشق إزاء لبنان ، فالهدف الواضح منها التقرب من الغرب رويداً رويداً ومن البوابة الفرنسية إن أمكن ، ولا تستبعد إيران من ذلك ، فعندما فشلت الاتصالات الفرنسية مع دمشق لحل الأزمة اللبنانية ، اتجهت مباشرة نحو إيران لما لها من تأثير طاغي على حزب الله يفوق تأثير دمشق .
تبقى أسباب هذا الانفتاح معلقة بلا جواب ، فيما إذا كان تكتيك سوري – إيراني مؤقت يهدف إلى التقاط الأنفاس استعداداً لما هو قادم ، أو ما إذا كان خطوة جادة لا تحمل أدنى قدر من التراجع سعياً وراء كسب الغرب .
مهما تعددت الخطوات وتسارع وقعها ، يظل هاجس دمشق الأساسي هو دفن شعور العزلة ، واستيلاد شعور جديد من شأنه تبديد هواجسها ، للاعتياد على انتفاء الحاجة إلى بعض العرب .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟