فاطمة العراقية
الحوار المتمدن-العدد: 2391 - 2008 / 9 / 1 - 08:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة الخامسة عشر من مؤلف الاستاذبهاء الدين نوري(قضاياالعصر)الديمقراطية
على ان الجبهة الكردستانية استعات قدرا من الاعتبار لنفسها حين اجرت انتخابات برلمانية في الاقليم,ورحبت بالجماهير بهذا القرار امنة ان يؤدي في نهاية المطاف الى انهاء الوضع الاستثنائي وايجاد وضع جديد مستقر تقام فيه الحرية والديمقراطية وسيادة القانون .وفي 19ايار 1992جرت الانتخابات وهي كانت الاولى في تاريخ هذا البلد,وابدى المواطنونحرصا كبيراعلى انجاحها وشهور عاليا بالمسؤلية.ازاء القضية ,واسترعت عملية التصويت استيء العراقين الاجانب بما كان فيها من هدوء وتنظيم ومستوى رفيع
غير ان قيادات الاحزاب او البعض منها ,لم ترتفع الى هذا المستوى ولم تنطلق من الحرص على انجاح العملية الديمقراطية قدر حرصها على المكاسب الحزبية الضيقة .فالاخوان في قيادة البارتي اصورا على انا تجري الانتخابات اما وفق النظام الدائري واما نظام تمثيل نسبي مشروط اي على ان يشترط صول الحزب _او القائمة المشاركة على07/0من اصوات مجموع الناخبين لكي يحق له دخول البرلمان واستهدف هذا الاجراء بالطبع منع وصول الاحزاب الصغيرة الى البرلمان ومن المؤسف ان سائر احزاب الجبهة وافقت على هذا الطلب اللا ديمقراطي ,وكانت النتيجة ان حرماكثر من مئة الف مواطن من حق التمثيل في اول برلمان كردستاني ونقلت اصوات الاحزاب الصغيرة الى الحزبين الكبيرين اوك والبارتي وحسمت المسالة على اساس فيفتي _ فيفتي وكان ذلك نتيجة طبيعية لاشتراطالحصول على 07-0من الاصوات في دخول البرلمان كان ذلك اول ضربة موجهة الى الديمقراطية
,وهي في مهدها ,اذ شوه التركيب الطبيعي للبرلمان وحال دون قيام معارضة برلمانية طبيعية ,ان اتفاق الحزبين الكبيرينفي البرلمان كان هو الافضل والاكثر ملائمة لوضع الاقليم ,ولكن كان الصحيح ان يتحقق الاتفاق بينهما في اطار المقاعد الحقيقية الخاصة بهما (وهي 088/0 )وليس اساس مصادرة مقاعد الاحزا ب الصغيرة وهي من 012/0 من المقاعد التي توزع بين اليمين وبين اليسار ..
وايا كانت الثغرات والمشاكل التي رافقت العملية الانتخابية فأن الانتخابات جرت بصورة شرعية والبرلمان ولد شرعيا والحكومة الاقليمية انبثقت من ارادة الشعب الذي صوت بأغلبيته الساحقة للحزبين الرئيسين ,وكان ذلك نجاحا كبيرا لعملية التطور الديمقراطي في بلدنا ,اثر تحرره من ريقة الطغمة التكريتية الفاشية ,بيد ان امور ما بعد الانتخابات وفي عهد ائتلاف الحزبين الحاكمين (فيفتي _فيفتي )_لم تجر على مايرام _كما هو معروف لدى الجميع فالبرلمان رغم انه شكل بصورة شرعية ووفق ارادة الناخبين لم يصبح برلمانا حقيقيا بل بقي جهازا تابعا للحزبين مهمته ان ينفذ ما يوكل اليه من خارجه وظل اعضاءه انفسهم منتظرين الاوامر ,راضين بأن ينفذوا الدور الموكول اليهم ,دون ان يحتفظوا باستقلال شخصيتهم السياسية _ولم يكن مجلس الوزراء بحال افضل اذ تأتي عليه ,هو الامر الناهي ان ينتظر الاوامر الاتية من خارجه وينفذ مايأمر به .وهكذا وبدلا من ان تقام _بعد تلك الانتخابات _الحكومة من جهة اخرى,اانشيء برلمان ومجلس وزراء بصيغة ائتلاف بين الحزبين الحاكمين .لكن هذا الائتلاف لم يكن من ذلك النوع الذي يحدث في بلدان ترسخت فيها التقاليد الديمقراطية ,بل كان غطاءلاكداس من المشاكل والتناقضات الحادة ذات الجذور التاريخية العميقة ,وقد ادت هذه التناقضات الى شلل البرلمان والوزارة الاقليمية كما اعترف بذلك مجلس الوزراء في مذكرة قدمها الى السيدين جلال الطالباني ومسعود البارتي .وبدلا من ان يجري الاحصاء العام لسكان الاقليم وتهيأمستلزمات الانتخابات البرلمانية الجديدة بعد عام او عامين من الانتخابات الاولى ,انفجرت التناقضات في اهلية بين الطرفين الحاكمين وانقسمت الحكومة الفتية في الاقليم الى حكومتين متعاديتين لكل منهما جيشه _ميليشياته _الخاصة واجهزته المختلفة ومناطق سيطرته الخاصة
ومن المؤكد ان الخاسر في ظل هذه المعمعة ,هو الشعب الكردي في هذا الجزء من كردستانوالرابح ليس الا المعاناة والاعداء في بغدادوالبلدان المجاورة ...
ان احدى المهمات الرئيسية التي واجهت الاقليم بعدانتفاضات 1991وبالاخص بعد الانتخابات البرلمانية
وتشكل حكومة الاقليم 1992,انما كانت السعي من اجل انجاح التجربة الديمقراطية في كردستان واغلب الظن ان هذه المهمة قد وصلت الى طريق مسدودعلى الاقل في المرحلة الراهنة _ذلك لان تعايش الحزبين وتعاملهم مع بعضهما على اسس ديمقراطية حضارية امر بالغ الصعوبة كما ان انفراداحدهما بالحكم ,وسط هذا الارث الضخم من التخلف الاجتماعي ومن الصراعات
الحادة الموروثة امر بالغ الخطورة ,ومع ذلك ليس هناك بديل عن النضال بدأب ودون كلل من من اجل الديمقراطية...ان نظاما ديمقراطيا مستندا على دولة القانون ورعاية حقوق الانسان والتعددية السياسية سوف يقام ويترسخ في كردستان والمسالة هي نسالة وقت وحسب ومن اقدس الواجبات الملقاة على كل مخلص لهذا الشعب هو ان يتاضل في سبيل انتصارالديمقراطية...
اسس ومقومات النظام الديمقراطي ..
نحن نتحدث عن قضية التطور الديمقراطي في بلادناويجب ان يكون امامنا نموذج واضح لتلك الدبمقراطية ,التي ننشدها فاالاحاديث اليوم عن الديمقراطية كثيرة ولكنها ليس كلها جدية ان البعض من الانظمة ,التي يحلو لقادتها ومؤسسيها ان يسموها
ديمقراطية ,هي بعيدة عن الديمراطية بعد السماء عن الارض .غير ان امامنا .على اي حال ,امثلة وتجارب عن الديمقراطية بمفهومها الحضاري الحديث .تمامنا صور واقعية لما يجب ان تكون عليه الديمقراطية _ذلكم في البلدان التي قطعت شوطا بعيدا في تطورها العلمي _التكنيكي وفي تطورها الديمقراطي الحضاري ..
بديهي ان لكل بلد خصائصه التاريخية وسماته الاقتصادة _السياسية . واحيانا الجييويو ليتيكية.المميزة
ومن هنا نجد الفوارق النسبية بين اشكال الديمقراطية من بلد لاخر .وعلى سبيل المثال تجد في هذانظاما ملكيا دستوريا كسقف للديمقراطية وتجد هناك نظاما جمهوريا كسقف لها...الخ .وقد يوجد شيء من التباين بين مختلف الانظمة الديمقراطية ,ليس فقط من حيث الاشكال ,بل كذلك من حيث المحتويات .الا ان هناك قاسما مشتركا,او شيئا اساسيا مشتركا اذا فقد فقدت الديمقراطية نفسها ,الا وهو العودة الى الرأي العام فالحديث عن الديمقراطية يصبح مجرد هراء فارغ مالم تقم تلك الديمقراطية على الرأي العام الحقيقي المستنبط بشكل انتخاب عام او استفتاء شعبي حر بديهي ان مفهموم,,الرأي العام ,,يمكن ان يناقش من وجهات نظر مختلفة فألاوساط المتطرفة ,يمينية كانت ام يسارية .لاتعترف أصلا بوجود ما تسميه بالرأي العام في المجتمع بل تعتبر نفسها هي (حتىولو كانت جماعةصغيرة تعد بأصابع اليد الواحدة )ممثلة شرعية مئة في المئة للجماهير الشعبية وتمنح نفسها حق اسكات وقمع كل الذين لا يوافقون على قناعتها ..البعض من هؤلاء المتطرفين يمارس الاستبداد الدموي والديكتاتورية البوليسية دون ان يكلف نفسه عناء البحث عن مبررات مدعيا انه يتصرف وفق مصلحة الشعب وكفى .والبعض الاخر يبرز سلوكه الاستبدادي بذريعة انه يقيم دكتاتورية البروليتارية خصومها من الطبقات المستغلة _في حين يدعي البعض بأنه يتصرف وفق مشيئة الله والكتب السماوية ولا يهمه ما يكون عليه رأي الاخرين .وما نظام حاكم او حزب حاكم أو معارض الا وهو يحاول خداع الرأي العام واستمالته الى جانب الى جانب ذلك النظام او الحزب والتنافس الحزبي السلمي الحضاري شكل من اشكال العمل للتأثير على الرأي العام واستمالته .غير ان محاولات الثأثير على الرأي العام لكي يصوت الى هذا الحزب أو ذلك تكون مبررا عندما تجري بصورة اصولية وضمن الضوابط المقبولة حضاريا .واذا تجاوزت المساعي لكسب الرأي العام حدودها المعقولة,التي تعين بالسبل الحضارية كما حدث في الفضيحة المعروفة عالميا بأسم ,,ووتركيت,,وارغم الرئيس الامريكي على الاستقالة _فأن يصبح شيئا اخر خارج اللعبة الديمقراطية المسموح بها ويجب ان يكون عرضه للحساب والعقاب الاجتماعي ..
ان العودة الرأي العام في صياغتنا واقرار بعض القرارات او القضايا الرئيسية هي البديل الحضاري المتجانس مع التقدم العلمي التنكيكي الحضاري عن حق الحاكم الفرد في ان يتخذ بمفرده او مع فئة ضئيلة من حاشيته جميع القرارات في الميادين السياسية سائدا في معظم بلدان العالم الثالث حتى هذا اليوم..
#فاطمة_العراقية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟