أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد علي ثابت - هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟















المزيد.....


هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 06:43
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لعلنا لم نكن بحاجة حقيقية إلى التصرفات الروسية المتغطرسة الأخيرة في القوقاز للتأكد من أن ثمة تغيرات يمكن وصفها بالجذرية – على مقياس نسبي – آخذة في التشكل والصعود في نمط العولمة الراهن القائم على نظام الأحادية القطبية أو الهيمنة الأمريكية المطلقة. فموسكو لم تبال كثيراً بدعم أمريكا وحلف شمال الأطلنطي العلني لجورجيا ولرئيسها وهي تقوم بإجراءات عسكرية قاسية واستباقية ضد جورجيا حليفة الغرب الوثيقة في القوقاز، ولا وهي تعلن – عبر برلمانها – اعترافها الرسمي باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في تحد إضافي للخطط والمصالح الغربية في نفس الإقليم، ولا حتى وهي تعلن عبر وزير خارجيتها أن ردها في حالة نشر الدرع الصاروخية الأمريكية على أراضي الدول المجاورة لها – بولندا وأوكرانيا ومولدافيا – سيكون "رداً خاطفاً وحاسماً" مع عدم استبعاد الخيار النووي فيه. ورغم أن تلك التصرفات الروسية يمكن إرجاعها جزئياً إلى ثقة إدارة ميدفيديف-بوتين في أن الإدارة الأمريكية الحالية، وواشنطن الآن على أعتاب حملة انتخابات رئاسية ساخنة، باتت أشبه بـ "بطة عرجاء" – وفق المصطلح السياسي الشهير – غير قادرة على الفعل الحقيقي وميالة إلى الاكتفاء، ولاسيما في حالة اندلاع أزمات دولية من العيار الثقيل، برد الفعل أو بالخطوات الاحتوائية المحدودة التي ليس من شأنها المخاطرة بفرص نجاح المرشحين الجمهوريين (جون ماكين ونائبته سارة بالين) في الوصول إلى البيت الأبيض.. رغم ذلك إلا أنه من الأهمية بمكان النظر إلى تلك التصرفات الروسية من منظور تحليلي أوسع بوصفها انعكاساً لشعور إستراتيجي روسي بأن ثمة فرصة سانحة، في اللحظة الراهنة بالتحديد، لتهديد نظام الأحادية القطبية وتقويض الهيمنة الأمريكية الشاملة على المقدرات الإستراتيجية الكبرى في عالم ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.

وفضلاً عن المواقف الروسية الأخيرة في القوقاز التي انطوت على تحد حقيقي وسافر للهيمنة الأمريكية على المسرح الدولي ولـ "قواعد الاشتباك" التقليدية مع الغرب، فإنه يمكن الاستدلال على بدء تراجع أو انحسار نمط العولمة ذي القطب الواحد بالعديد من الشواهد الأخرى التي أخذت تتشكل على نحو مستقل ولكن متداخل على مدى الأعوام القليلة الماضية. وتتمثل أبرز تلك الأمثلة أو الشواهد في تطورات ووقائع محددة من نوعية الفشل المتكرر منذ العام 2001 وحتى الآن لمفاوضات جولة تحرير التجارة التي تجري في إطار منظمة التجارة العالمية والمعروفة باسم جولة الدوحة؛ والتنامي المستمر في النفوذ الإستراتيجي والعسكري لعدد من الدول والقوى الإقليمية والدولية المؤثرة مثل الصين وإيران وحزب الله؛ وترسخ حالة الإحراج والخسائر التكتيكية والإستراتيجية التي تعرض ومازال يتعرض لها الجيش الأمريكي في العراق وإفغانستان؛ وصعود اليسار المعادي للولايات المتحدة صعوداً قوياً من جديد في دول أمريكا الجنوبية والوسطى (فنزويلا والبرازيل وأوروجواي وتشيلي وبوليفيا، فضلاً عن كوبا بطبيعة الحال) وهي المنطقة التي طالما اعتبرت الفناء الخلفي الوديع المسالم للولايات المتحدة؛ بل وبوسعنا الإشارة أيضاً – في معرض تدليلنا على أن طوفان العولمة المتصاعد منذ أواخر السبعينيات بدأ أخيراً يعرف الهدوء والانكسار – إلى اتجاه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) إلى الخفض التدريجي لأعداد اللاعبين الأجانب المسجلين في قوائم الفرق المختلفة في جميع البطولات الكروية المحلية.

إن عالمنا ييدو الآن كما لو كان يتجه صوب النقطة التي ستصبح عندها الولايات المتحدة هي القطب العالمي الأكبر وليس الأوحد، أو صوب المرحلة التي نستطيع القول فيها إن الإرادة الأمريكية المنفردة ما عادت تلعب الدور المحوري أو الحصري في تشكيل القرارات الإستراتيجية الكبرى على المسرح العالمي وأولويات الأجندة الدولية المعاصرة. ولعله لم يكن من الغريب أن يقول الرئيس التركي عبد الله جول في تصريح حديث له إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تقبل بحقيقة أن عالمنا لم يعد عالماً ذا قطب أوحد وأنه يجب عليها الاعتراف بأن هناك عدداً من القوى الدولية الكبرى – ومنها تركيا بالطبع – التي من حقها المشاركة بشكل أكثر وضوحاً وتأثيراً في صياغة القرارات الإستراتيجية الدولية. ولعل الرجل بتصريحه ذلك كان يشير، ضمناً، إلى أنه ليس من حق إدارة بوش الحالية وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة أن تشعل الأوضاع في الشرق الأوسط بقيامها بعمل عسكري مباغت ضد إيران التي هي جار تركيا القوي اللدود.

فهل يمكننا إذن القول إنه في حال استمر وتصاعد هذا الزخم الدافع باتجاه مزيد من التعددية في عالمنا فإن ظاهرة العولمة برمتها ربما تكون عرضة لخطر الفناء أو ربما تكون مرشحة للانحسار والتراجع بعد نحو عقدين من الصعود المستمر؟

حقيقة، فإن الإجابة على السؤال السابق بالإيجاب لن تعدو أبداً أن تكون محض خيال عبثي. فالعولمة ليست ظاهرة أو حركة اجتماعية دولية من ذلك النوع من الظواهر أو الحركات التي سرعان ما تبدأ رحلة التراجع والضمور بمجرد وصولها إلى ذروة نشاطها وتأثيرها، وإنما هي ظاهرة دولية ترتبت بشكل طبيعي على عدد من العوامل الموضوعية المتداخلة غير المرشحة للتراجع أو الأفول على مدى المستقبل المنظور (مثل صعود الشركات المتعددة الجنسيات، والتقدم المطرد في تقنيات الاتصالات والمواصلات، وتنامي تأثير المنظمات الدولية المشتركة مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي). وعليه، فإنه طالما استمرت تلك العوامل على حالها الفعالة الراهنة فإنه لن يكون من باب الواقعية أبداً القول بإمكانية تراجع ظاهرة العولمة نفسها – المترتبة على تداخل كل تلك العوامل المؤسسة معاً – في أي مدى زمني منظور، حتى وإن كان عالمنا يبدو ظاهرياً كما لو كان يتحرك بشكل متسارع تجاه مزيد من التعددية في توازنات قواه. فما الذي يمكننا توقعه، إذن، في ضوء هذا التنامي في تأثير العوامل الدافعة باتجاه التعددية في عالمنا في اللحظة الراهنة؟

إن الدلائل والمؤشرات المتشكلة أمامنا في هذا السياق حتى وقتنا الراهن تفصح – في رأينا – عن أننا بصدد التحول من نمط الأحادية القطبية المطلقة إلى نمط آخر من الأحادية القطبية النسبية أو غير التامة، بمعنى أن الولايات المتحدة ربما تجد في لحظة ما من المستقبل القريب من ينافسها ويشاركها بفعالية، ولو من بعيد، في إدارة شؤون العالم، سواء على الصعيد الدولي أو على الصعد الإقليمية المختلفة. ولكن في الحالتين – سواء استمر النظام العالمي الحالي على ما هو عليه من هيمنة أمريكية شبه تامة، أو تحول نظامنا العالمي تدريجياً إلى نظام أكثر تعددية وتوازناً وتمثيلاً – فإنه من المؤسف حقاً أننا لن نشارك في صياغة آليات صنع القرار على المسرح العالمي حتى عندما يتعلق الأمر بنا وبمصالحنا.. وبالتالي فإنه سيكون من الغباء المراهنة على أن تصاعد نذر اندلاع الحرب الباردة من جديد بين روسيا والغرب هو أمر من شأنه إكسابنا – في العالم العربي – قدرات تفاوضية وإمكانيات مساومة إستراتيجية أكبر. فلعبة توازنات القوى التي كانت صالحة للتطبيق في الستينيات ما عاد ممكناً تطبيقها اليوم أبداً.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد علي ثابت - هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟