|
مذهب التوحيد
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 06:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في ظل الدول الإسلامية العديدة التي تشكلت بعد وفاة الرسول ( ص ) ظهرت دول قائمة على مفهوم التقسيم المذهبي والعمل بأسلوب متطرف وذلك بغرض تقسيم الشعوب إلى مذاهب وطوائف ومن ثم السيطرة عليها ولكن في المقابل ظهرت دول قائمة على مفهوم التوحيد المذهبي وبرز زعماء حاولوا توحيد العرب والمسلمين في مذهب واحد بفكر متقدم وعمل بعضهم على صياغة مفهوم جديد لم يكن معمول به في الدولة الإسلامية وهى حرية اختيار العقيدة والدين والمجاهرة بذلك أمام الناس ونحن وفي ظل موجة التكفير السائدة في العالم العربي والاسلامي من قبل فقهاء الفتنة والتكفير لكل من يختلف معهم أو يتبنى قناعات لا تتفق مع توجهاتهم المتطرفة نعتقد أننا بحاجة ماسة لتسليط الضوء على هؤلاء الزعماء الموحدين. كان هناك من الخلفاء من هو متسق مع نفسه في سلوكه وفي الدعوة، ففي عام ٦٩٩ م ( ٦٨٣هـ) تولى الخلافة الفاطمية في مصر الخليفة المنصور بالله والذي ما أن تولى الخلافة حتى أعطى لنفسه لقباً آخر هو »الحاكم بامر الله« وقد عمل هذا الخليفة الشاب ( ١١ سنة ) على رفض البذخ في الحكم وترك القصور والملابس المطرزة بالذهب وحاول الحياة بين الناس وكان يجول بنفسه على الرعية ويستمع إلى مشاكلهم وحارب الفساد والرشوة في الدولة ولكن أهم ما قام به هذا الخليفة هو موضوعان مهمان وهما أولاً : أطلق مذهب التوحيد كبديل لمذاهب السنة والشيعة وثانياً : أطلق حرية العقيدة والدين بان سمح للذين دخلوا الإسلام جبرًا أو خوفًا من العقاب أو لمكاسب دنيوية أن يعودوا إلى ديانتهم الأصلية. وفى خلال ١٢ سنة عمل الحاكم بامر الله على تهيئة الناس للمذهب الجديد وهو مذهب التوحيد وكلف بشكل مستمر الدعاة للتجول في كافة البلاد الإسلامية ليهيئوا الناس لدعوة التوحيد وباستخدام العقل والعلم وقد عرف من أهم الدعاة سلامة بن عبدالوهاب السامري ومحمد بن وهب القرشي واسماعيل بن محمد التميمي، وفي عام ٧٠٤ هـ أعلن الحاكم بامر الله عن مذهب التوحيد وسلم رئاسة الدعوة إلى حمزة بن علي وصدر عن الحاكم إعلان واضح وصريح لم يسبق في تاريخ المسلمين إن صدر مثله ويتضمن دعوة الناس إلى كشف عقائدهم الحقيقية دون خوف من العقاب وأعلن ان الناس لها حرية التعبير والاعتقاد الديني دون خوف وإنهم أحرار في خياراتهم. وقد بدأ رئيس الدعوة بتوجيه الدعاة إلى البلاد الإسلامية وكانوا يطلبون من الناس الكشف عن عقائدهم الحقيقية وقد أدى ذلك إلى ان الكثير من الناس الذين دخلوا الإسلام خوفاً وجبراً قد تخلوا عنه ومن شاء تمسك به ودخل في مذهب التوحيد الذي يدعو له الحاكم بامر الله بقناعته الكاملة دون خوف وكانوا يوقعون العهود على أنفسهم بالدخول إلى المذهب التوحيدي ومن ذلك الحين أصبح يطلق عليهم اسم »الموحدون« نسبة إلى مذهب التوحيد، وكان من بين الموقعين غلى الميثاق للدخول في مذهب التوحيد هو نشتكين الدرزي الذي سرعان ما ارتد عن مذهب التوحيد وتخلى عن دعوة التوحيد لأنه في الأساس دخل فيها لأطماع مادية فقط ويؤكد الدروز أنهم ورثوا الاسم منه عنوة فأصبحوا يلقبون بالدروز بينما هم في الأساس كما ذكرنا اسمهم »الموحدون«، وقتل نشتكين الدرزي بعد إن حاول قتل الحاكم بامر الله، ولكن بعد مقتله عادة الدعوة إلى مذهب التوحيد مستمرة كسابق عهدها. ولكن الانتكاسة الكبرى جاءت بعد غياب الحاكم بامر الله دون معرفة السبب بعد إن كان في رحلة إلى مدينة المقطم المصرية، فاستلم الخليفة الظاهر (الأمير علي) مقاليد الحكم وقام بأكبر حملة تنكيل »الموحدون« وقتلهم وصلبهم وعلق رؤسهم على أسنة الرماح فتوقفت الدعوة، ثم مع ذلك استمرت الدعوة لبضع سنوات ولكن نتيجة الضغوط وغياب الحاكم بامر الله توقفت الدعوة لمذهب التوحيد. وهنا فان هذه الدعوة لمذهب التوحيد وان كانت في قرون سابقة إلا أنها متقدمة جداً فيما تطرحه من دعوة لتحرير الإنسان وأعمار العقل والعلم وحرية العقدية واختيار الدين دون خوف ورفض أن يكون بين المسلمين من دخل الإسلام جبراً أو خوفاً من عقاب أو رغبة في مزايا مادية ورفض هذا التعصب الأعمى من قبل بعض المذاهب، ولكن يبدو أننا اليوم وفي القرن الواحد والعشرين وفي زمن العولمة نعيش تراجع كبير في العالم العربي والاسلامي عن زمن الخليفة الحاكم بامر الله فالصراع المذهبي والطائفي يجتاح المنطقة ودعوات الردة والتكفير تجتاح أقطارا أخرى حتى أصبحت عودة قبطي إلى ديانته الأصلية تشكل مدخلاً لفتاوى القتل وأصبح كتابة مقال فيه رأى لكاتب يمثل مدخلاً لفتاوى الردة بينما كان المسلمون يعيشون في زمن الحاكم بامر الله في ظل حرية العقيدة والدين دون خوف وشكل الدعاة مداخل لتوحيد السنة والشيعة عبر مذهب التوحيد وكأننا اليوم نعود إلى الوراء إلى ما قبل عهد الحاكم بامر الله ففي اي زمن يعيش المواطن العربي ؟ وهل يحتاج الناس إلى إن يصرخوا بأصواتهم ويطالبون بحاكم بامر الله جديد يطبق ما لم يكمله الخليفة السابق ؟.
#فاضل_عباس (هاشتاغ)
Fadhel_Abbas_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصارحة العقيد القذافى
-
صفحات من تاريخ الاخوان المسلمين
-
خداع الاخوان المسلسمين
-
مزايدات الاخوان المسلمين حول فلسطين
-
فسادالاخوان المسلمين فى التعليم
-
مزاج الرئيس
-
ثقافة الكراهية 00 البعد الاخر
-
الكذب السياسى
-
تصحيح أخطأ حماس أولاً
-
بوش ليس المشكلة
-
مقاومة حماس للبيع !!
-
بيان رابطة العقلانيين العرب
-
الوطن للجميع
-
الحوار المتمدن .. رمز الحرية والفكر الجديد
-
محاكمة فقهاء التكفير
-
صناعة الارهاب فى تاريخ الاخوان المسلمين
-
وحدة القوى اليسارية والقومية البحرينية
-
تنظيم سن الزواج ليس مؤامرة !!1
-
دور وسائل الاعلام فى مكافحة الفساد
-
الاقليات ... من الاضطهاد الى التخوين !!1
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|