|
عن التحول الديني والمؤرخين الامناء .
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 01:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكتابة الأمينة للتاريخ تختلف بالطبع عن غيرها من الكتابة الحلزونية . الكتابة الأمينة عن التاريخ لا تعرف الوثب بين السطور . تاركة سطورا لتتوقف عند اخري .. ! . التحول الديني يختلف عن التحول من ري الحياض للري الدائم ، أو التحول من الري علي المطر الذي شح للري علي الآبار الجوفية .. مثلا .. التحول الديني يختلف عن التحول عن استعمال الحذاء الخشبي المنزلي لاستخدام الحذاء البلاستيك الخفيف – التحول الديني يختلف عن التحول عن استخدام الآلة الكاتبة لاستخدام الكمبيوتر .. وهكذا .. لأن التحول الديني موضوع مرتبط بالعقيدة الدينية .. والعقيدة الدينية تختلف عن الاشياء السابق ذكرها وما يشبهها .. لأن العقيدة الدينية هي ما تقوم بسببها المعارك . فيمكن لأب أن يبحث عن ابنه ليمزقه بيديه ما لم يعد للدين الذي تحول عنه ! – والد " محمد حجازي " . مصر - تجدون ذلك علي الانترنت – ويمكن لشقيق ان يقتل شقيقته ويشوه وجهها ويحرقه بسبب تحولها عن دين العائلة - شقيق فاطمة المطيري . السعودية - وتجدون ذلك علي الانترنت . ويمكن لأم ان تطرد ابنها فلذة كبدها من المنزل وتقاطعه . حبا منها في جمال الدين ولأجل حلاوته ! – أم " كريم عامر " - ، ويمكن أن يقتل الأخ أخاه ويقاطع الابن أباه وتمتنع البنت عن زيارة أمها .. ! أو الأم تتبرأ من ابنتها بسبب الدين ولأجل عيون الدين ..!
لأن التحول عن العقيدة الدينية عند شعوب الشرق بصفة خاصة وعند العقيدة الصلعمية - السمحاء ! - بصفة أخص . عار يشبه عار فقدان البنت لبكارتها - بل اشد عارا - أو كزواجها من وراء ظهر ذكور العائلة وبدون رضاهم .. اذ يعد هتك للعرض تراق لاجله الدماء ... هذا هو معني التحول الديني سواء عند الأفراد أو الشعوب .. فالامر لا يختلف .
فالشعوب لا تتحول دينيا في يوم وليلة .. وانما بعد قصص حروب فردية وعائلية و.. دولية أيضا ! ، وضغوط ومأسي ودماء وارواح تهدر وخصام وقطيعة بين العائلات وربما المدن او القري .. وتمضي الحروب والعداوات لسنوات قد تأخذ قرونا حتي يكتمل التحول الديني التام أو شبه التام ولكن : اذا لم نفهم بوعينا كيف يسير التاريخ وتداعياته لان التحولات الماضية . تفصل بيننا وبينها قرون من الزمان .. فلا نقدر علي تصور كيف كان وكيف سار وكيف تم التحول .. وان لم تسعفنا بصيرتنا علي قراءة الحاضر البسيط لاستشفاف الماضي البعيد والكبير منه .. باعتبار الحاضر بأحداثه البسيطة صورة مصغرة حية مما حدث من مئات السنين .. مالم نعي ذلك فسوف نستهين ونهون من التحول الديني للشعوب – أو التحول اللغوي . فيمكن لكل صاحب بصيرة . عندما يعرف ما يفعله العراقيون المحمديون بالعراقيين الصابئة المندائيين أو بالايزيديين وغيرهم ن الاديان الاخري . من قتل واستحلال أموال وأعراض وحرق معابدو تخيير بين التحول عن العقيدة لصالح العقيدة المحمدية الصلعمية . أو التهجير من الارض والبلاد أو .. نقول يمكن لصاحب البصيرة أن يفهم كيف تحول اجداد هؤلاء المحمديون وأغلب أهل العراق عن العقيدة السابقة للمحمدية من 1400 سنة مضت عندما اعتدي أهل الحجاز البدو علي اهل العراق واحتلوا وطنهم وفرضوا عليهم الديانة البدوية بالسيف والجزية – أي : الضغوط العسكرية والاقتصادية - ... وأكيد منهم من اضطر للتحول . وما يحدث بالعراق ينطبق علي غيرها .. كي لا نثير غبارا كثيرا . ومن يتابع ما يتعرض له شيعة الحجاز من أخوتهم أهل السنة . من اضطهاد ومحاولة ابعادهم تماما عن أرضهم ووطنهم بسبب الدين ، وصل الي حد محاولة احلال يمنيين من السنة بدلا من الحجازيين الشيعة المواطنين ! – وأكيد منهم من يتعب من ذاك الاضطهاد والاذلال فيتحول طائفيا – وفي المقابل : من يعرف ما يتعرض له اهل السنة بايران من أخوتهم الشيعة الايرانيين – نفس الشيء – سيعرف كيف يتم التحول الديني اضطراريا . فسوف يستنتج كيف يتم التحول الديني للمجتمع كما للفرد وبعده المجتمع ، فما المجتمع سوي جمع افراد ..
محاكم التفتيش ومنع التحول الديني : ان محاكم التفتيش للكنيسة الرومانية الكاثوليكية في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين والارهاب الذي مارسته من قتل وحرق وتعذيب مئات الآلاف بعدة دول اوربية .. منعت تحولا دينيا جماعيا ربما كان يمكن أن يحدث . وثبتت وضعا دينيا ربما كان يمكن أن تتغير ويذهب . كل هذا - منع تحول ديني جديد وقرض ا البقاء علي تحول سابق . حدث بالقوة والارهاب . وما فعلته كنيسة روما في القرنين 15 و16 .. سبقتها فيه الي حد ما الكنيسة المصرية بأكثر من عشرة قرون كاملة . تجاه الديانات السابقة للمسيحية بمصر ومعابدها الرومانية الوثنية التي هدم منها الكثير .
حد الردة ومحاكم التفتيش الاسلامية قديما منذ عهد عمر بن الخطاب وحتي الآن علي يد الأزهر بمصر وجماعة الأمر بالمعروف في السعودية . وما حدث ويحدث من مصادرة الكتب وحرقها . وسجن وتعذيب وقتل المتحول دينيا أو مطاردته . يمنع التحول الديني الاختياري الفردي الذي يتطور ليكون جماعيا . ويثبت بالارهاب والاكراه حالة دينية قد يمكن زوالها تلقائيا بالتفاعل الحر و السلمي بين الأديان المختلفة .
والفرق بين محاكم التفتيش المسيحية ومحاكم التفتيش الاسلامية . هو أن محاكم التفتيش في روما والغرب عامة في القرن 15 و16 الميلادي وفي مصر في القرون الأولي للميلاد . قد توقفت تماما . . بينما محاكم التفتيش الاسلامية متواصلة وطوال أكثر من 1400 سنة . ولا زالت سارية .. لتمنع التحول الديني الجماعي منعا بالقوة وبالارهاب . ولتفرض الابقاء علي تحول ديني قديم – عمره 1400 سنة - فرضا وبالقوة وبالبطش .
الناس علي دين ملوكهم :
عندما استولي الفاطميون علي مصر كان كل المسلمين المصريون يبعون المذهب السني . فتحولوا للمذهب الشيعي ...
وعندما استولي صلاح الدين الأيوبي علي مصر – وهو يتبع المذهب السني - حول الشعب مرة أخري للمذهب السني .. فكيف تم التحول ؟! طوعا ؟! أم كرها .. مرة بذهب المعز وسيفه ، ومرة بسيف صلاح الدين الأيوبي .. : (( أحتلت مصر من عائلة الفاطميين المسلمة وظلت مصر تحت حكم الإحتلال الإسلامى الفاطمى لمدة ما يقرب من 200 سنة من 969م حتى 1160 م - والمضحك المبكى أن أحد خلفائهم وهو الحاكم بأمر الله الفاطمى أستطاع أن يحول سكان مصر المسلمين من المذهب السنى إلى المذهب الشيعى وأصبحت مصر تدين بالمذهب الشيعى الإسلامى حتى غزا مصر الأيوبيين وأستطاع صلاح الدين أن يحول مسلمى مصر من المذهب الشيعى إلى السنى بين ليلة وضحاها )) http://www.coptichistory.org/new_page_93.htm
ولكن لأن تلك القصة مضي عليها مئات السنين . فهناك من لا يحسنون قراء أحداث الحاضر الصغيرة ليستشرفوا بها الماضي وأحداثه وتحولاته الكبيرة .. ومن يهوون القول الحلزوني . أو القفز بين سطور التاريخ . فانهم بصورون التحول الديني كان يتم بعد دعوات عشاء .. ومسامرات مسائية يتم فيها تجاذب اطراف الحديث والاتفاق الودي علي التحول الديني الجماعي !.. ..
عندما تحول اهل مكة عن دياناتهم تحولا جماعيا لديانة نبي السيف . تحولوا لأنهم فوجئوا بالسيوف فوق رقابهم جميعا . بعدما نقض محمد اتفاقية الصلح معهم وخلق حججا لتبرير الغدر بهم . فوجدوه واصحابه فوق رؤوسهم بالسيوف ، ومحمد صلعم يقول لهم مهددا : ماذا تظنون اني فاعل بكم ؟ ! فهادنوا ورققوا كلامهم وقالوا " خيرا " وتحولوا دينيا كلهم . بحكم السيوف المشهرة فوق رقابهم ! .
وعندما تحولت باقي قبائل العرب عن اديانهم لدين صلعم . كان التحول بعدما خاض معهم هو وخليفته الاول من بعده : عشرات الحروب . وكانت الدماء تجري انهارا ..
عندما اراد " اخناتون " فرعون مصر . عمل تحول ديني للمصريين بتوحيد الآلهة في الاله الواحد " آتون " كانت النتيجة حرب اهلية .. وانقسام مصر الي جزءين وعاصمتين احداهما في طيبة – الأقصر والأخري في : تل العمارنة – قرب ملوي - . اي أن التحول الديني الجماعي لا يحدث ببراءة وتلقائية . وكونه قد أضحي تحولا جماعيا لا يعطيه حتما صفة البراءة والتلقائية ! . حتي العقائد التي لا تدعو – أو لا تكاد – تدعو للعنف وتنبذه . ارتكب كهانها الجرائم لأجل نشرها أو لحمايتها من التحول عنها . أو لحجب نور العلم عنها . بالتنكيل بالعلماء . كما ذكرنا من قبل عن كنيسة روما . ومصر أيضا . ان قبول شعوب ما للتحول للغة المستعمر العقائدي الحجة . ورفض شعوب اخري لتلك اللغة وتمسكها بلغتها ليس بالضرورة دليلا علي حب الشعوب المتحولة اللغة . أو عشقها لتلك اللغة وليس بالضرورة لمناسبة تلك اللغة لهم ولا لقربها بالضرورة من لغتهم ، ولا لانهم أحبوا لغة مستعمرهم حبا من أول نظرة . ولا لأنهم وجدوا في ديانة مستعمرهم ما لبي احتياجات كانت تنقصهم . كما يزعم الزاعمون ..!.. ولكن لظروف كانت ابنة الوقت . مثل طبيعة الوالي ممثل المحتل . أو للطبيعة المتخاذلة لكهنة الدين القائم وقتها . وطبيعة كل شعب زمن تحوله دينيا ، أو تحوله لغويا .. الشعوب التي عاشت ألف عاام يتداول بلادها المستعمرون . مستعمر تلو آخر . .. من السهل أن تتحول دينيا أو تتحول لغويا . – لأية لغة .. ولأي دين - .حسب لغة أو عقيدة الغالب ، فهي شعوب مغلوبة – ولمئات السنين – فكيف نفسر تحولها علي أنها وجدت في لغة ودين المستعمر ضالتها التي كانت تبحث عنها ووجدت ما لبي احتياجاتها الملحة ؟!
وان كان بلد ما يعيش في حضارة ورقي وتقدم . مع وجود دين له تاريخ أسود قديم في الارهاب والاجرام . هنا لا يجوز ولا يفيد النبش ( اأو : الحفر ) في التاريخ القديم للدين . ما دام المجتمع حقق تقدما ورفاهية تليق بالعصر . وما دام الدين صار أليفا مستانسا . أما ان كان الدين لا يزال كما كان قديما . وهو المسئول عن ( تنقيب الحاضر ) و ( تحجيب المستقبل ) ! . وزعزعة امن وأمان المجتمع .. فهنا يكون التخلف عن الحفر حول جذور ذاك الدين لتعريتها وبترها بترا . هو واجب ، التقاعس عنه خطيئة كبري .
العقيدة هي ولغتها اللتان لا تقودان الشعوب التي تتبعهما لثمة شيء آخر سوي الجهل والتخلف وتعوقان نهوض الشعوب المنكوبة بهما . . محاولات تجميلهما - الدين واللغة - والدفاع عنهما وتبرير خطاياهما القديمة والحديثة والتهوين من قيودهما المانعة للنهوض . هو عمل ليس من مهام الثقافة ولا من واجبات المثقف بل هو تضليل لوعي الشعوب - و لو بدون قصد ، أو بدون وعي ، او لسؤ فهم - . وهو دفاع عن الظلام ، يخدم فساد الحكام ، وكهنة الدين المتحالفين مع كل حاكم ظالم .. ************
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاعر الجغرافيا ! افسد علما فجعلوه رمزا ! – 7
-
الناس والحرية -11
-
شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا ! / 6
-
دين الرحمة . نبي الرحمة - 2
-
شاعر الجغرافيا ! أفسد علماً فجعلوه رمزاً! - 5
-
الاستنجاد بالشعب !
-
شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا ! - 4
-
الأراضي الطاهرة
-
شاعر الجغرافيا ! افسد علما فجعلوه رمزا ! - 3
-
شاعر الجغرافيا ! افسد علما فجعلوه رمزا ! - 2
-
شاعر الجغرافيا ! -1
-
الناس والحرية - 10
-
اضحك مع لغة اهل الجنة
-
الناس والحرية 9
-
نوادر بوكاسا ( مسرحية ) الحلقة 8
-
سعودي يتعجب من المصريين الذين تدروشوا ..!
-
ضبط ثعلب اصولي بالسعودية / قيد الابعاد
-
الناس والحرية - 8
-
منوعات 5
-
اعتقال البشير وتضامن الطغاة
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|