أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مالوم ابو رغيف - الدين جزء من المشكلة وليس من الحل















المزيد.....

الدين جزء من المشكلة وليس من الحل


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 737 - 2004 / 2 / 7 - 05:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قبل سقوط النظام كان اغلب العراقين على استعداد للتعاون مع الشيطان من اجل الخلاص من نظام البعث الهمجي . كل المؤشرات كانت تدل على ذلك ،سواء كان ذلك بالتعبير عن مقتهم للنظام بواسطة الرحيل الذي يحف بالمخاطر الى اصقاع العالم النائية او بالمقالات اتي يكتبها الاف العراقيين الموجدين ببلاد المهجر او عن طريق الرسائل والاحتجاجات الى اغلب المنظمات الانسانية والدولية  ،اشكال متعددة لا يمكن للمراقب السياسي ان يجهلها اذا توخى الحقيقة

ولا يختصم اثنان حول كراهية العراقيين وبغضهم للبعث ومجازره ووجرائمه وفضائحه . واستعداهم التام والكامل للتعاون مع اي جهة كانت للتخلص والانعتاق . وحتى لو حاول الاعلام العربي ان يستر  حالة الفرح  والسعادة التي احس بها الفرد العراقي ساعة سقوط النظام فانه لا يستطيع  تفسير امتناع  كافة طبقات الشعب عن  المشاركة بالدفاع عن النظام . ربما لا يستطيع الفرد العربي ادراك ذلك لانه غارق لاذنيه في الاحلام القومية ،واسطورة التفوق المعرفي الاسلامي على العلوم الانسانية  ، ولانه يحلم بالجنة اكثر مما يحلم بتحسين وضعة المعاش على الارض . ولكن الواقع العراقي انذاك اغنى العراقيين  عن هذه الاحلام الزائفة ،لذلك لم تكن القومية  او الدين اختيارا لهم

يمكن الاشارة الى نوعين من المواقف العراقية ، موقف الذين يعيشون في الخارج ،وموقف الذين يعيشون في الداخل تحت قمع الهمج . واذا كان موقف عراقي الخارج يطمح بجعل العراق واحة للحرية والمساواة والديمقراطية وتطبيق الاسس الحديثة المتحظرة لادارة الدولة والمجتمع ،فان  الهم الاول لعراقي الداخل كان في رفع الظلم والاضطهاد عنهم ،واعطائهم الفرصة مرة اخرى ليشعروا بأنسانيتهم .لم يكن هناك مشروعا ايدلوجيا  او دينيا مطروحا على الساحة العراقية .ولم تدعي اي جهة من جهات المعراضة العراقية انذاك مقدرتها على تخليص الشعب حتى ولو  عن طريق اجراء اصلاحات  تمس شكل النظام وتوضع حدا ولو بسيطا لامتهانة والحد من تسلطه على الناس  . ولم يبرز اي دور للدول المجاورة او للدول العربية في هذا المظمار  ،بل ان هذه الدول اخذت بالتعاون مع النظام  وامداده  ابسباب البقاء عن طرق الاعلام واستقبال قادته او من خلال معارضتها للحرب  وتجيش المسيرات المليونية المدفوعة  الثمن  مسبقا ، لايهام العالم بعبثية تظلم  العراقيين وشكواهم المستمرتين  ،وشنت حملات  اعلامية مسعورة ضد الشخصية العراقية للنيل منها واعتبارها شخصية تميل لاستخدام العنف اكثر من المنطق  وانها لا يمكن ان تُعقل الى بلجام  يكون طرفه الثاني  بيد ديكتاتور

وحقيقة  اخرى لا يمكن دحضها ولا انكارها  وهي ان امل العراقيين على  مختلف  ايدلوجياتهم ومذاهبهم ،عدا اؤلئك  الذين ربطوا مصيرهم بمصير النظام أو  الخاصة المستفيدة من بقاء الاوضاع كما هي عليها او تلك التي تميل الى اجراء مساومة مع النظام ، او التعاون معه ومحاولة تسويقه .، كان  الامل  ملقى على  نية الامريكان بتغير النظام ، حربا او سلم ،وبدى البديل الوطني الذي طرحته بعض الاحزاب اليسارية مشروعا لا يملك قوة التحقيق وسط جزع الانسان العراقي وانتظاره الطويل لاحلال التغيير .

كانت الديمقراطية والحرية  وحقوق الانسان والفدرالية  ،  الاسسس التي   اجتمعت عليها  جميع القوى الوطنية في جميع مؤتمراتها المعقودة في الخارج او في الداخل . ولم يبرز المشروع الديني  او حتى البناء عليه في جميع وجهات النظر المطروحة انذاك ، ما عدا اعتماد وجهة النظر التي تقول بضرورة  احترام الاسلام كدين وتقاليد  وشعائر وليس كأساس للحكم

لكن ما يحدث الان امر يثير الانتباه حقا ،فالتيارات الدينية بجميع مذاهبها شيعية او سنية تطرح تصوراتها  ومشاريعها وكأنها الممثل الوحيد لمكونات الشعب وهي صاحبة الفضل في اسقاط النظام بعد ان ارجع المسلمون سقوط النظام على يد القوات الامريكية  الى مشيئة الله وحده ولا فضل لقوات التحالف. ، وكأن الاضطهاد البعثي كان مسلطا على الاسلاميين فقط ولم يشمل كل الاحزاب والمنظمات ولاديان وانماط التفكير العقلاني وغير العقلاني ولا التجار ولا الرياضة ولا الغناء وامتهان الفن وتسخيره ولا النساء ولا الاطفال .الظلم كان شموليا واسوء انواعة هو امتهان الانسان لنفسه .

هذه المشاريع المطروحة على الساحة والتي تقسم العراق الى طائفتين سنة وشيعة ،وعبر احزاب اسلامية  في محاولة لادعاء تمثيلها للناس وفق مذاهبهم التي لم تنقذهم من همج البعث  ، والفوز بنصيب الاسد او المناصفة على هذا الاساس ،هي في المحصلة العامة تسير ضد ارادة العراقيين ورغبتهم . هي محاولة لافراغ الانسان العراقي من تاريخة الحضاري  والثقافي والانساني والاجتماعي وابراز تصورا مغلوطا عنه بوصفة لا يستطيع ان يعيش الا في  شرنقة المذاهب وطائفيتها المقيتة واعطائه صبغة دينية لا تتلائم  ولا تنسجم ابدا مع النفسية العراقية التي لم تكن يوما نفسية متدينة  منغلقة على نفسها  .

والحقيقة ان الاحزاب الاسلامية استفادات من الدكتاتور نفسه  ، بقيادته للحملة الايمانية البغيضة التي اجبرت العراقيين  على ا لذهاب الى المسجد  واظهار علامات التقوى وحب القائد .واصبح السفور نشازا  و الحجاب ظاهرة  ، بعد ان اختارت ساجدة خير الله ان تلف شعرها القبيح  بغطاء لا يستر قبحها ولا دمامتها  وان كان الحجاب مصنوعا من اغلى انواع الاقمشة الفاخرة  ثم تبعتها كل المنظمات الحزبية البعثية  النسائية.

واستفادت هذه الاحزاب الاسلامية من الاجواء الدينية التي خلقها الدكتاتور وتهيئ ارضية التدين للشباب ،لا يعني هذا انه لم يكن موبقا او كذابا ،فالدكتاتورية هي تماما عكس ما تدعية وبالضد مما تشيعه . لقد كان الدين احد الوسائل التي التجأ اليها الدكتاتور في فرض سيطرته على الشعب والهاء الناس في ذكر الله ونسيان انفسهم ،والتوجه الى الله ليخلصهم من الظلم والاضطهادا بدلا من اخذ الامر بيدهم  والثورة عليه ، و استفاد الدكتاتور باشاعة  ثقافة  الوهم باستخدام الدين ورجاله  .ورغم ان المساجد في ايام الجمعة كانت  تغص بمئات الاف المؤمنيين ، ولكنها لم تصبح  مكانا لانطلاق احتجاجات الغضب ضد الاجرائات التعسفية ولا انسانية ضد الناس .. لم تفرز حركة التدين في العراق حركة احتجاجية واضحة المعالم رغم بعض المحاولات التي قامت بها الحركات الاسلامية  لضرب النظام في البدايات الاولى للحرب الايرانية العراقية ، الا انها لم تصل الى خلق وضعا  ثوريا يزعزع دعائم النظام التي تسنده ومنها الدعائم الدينية ورجال الدين السنة على وجهة الخصوص ، الذين تعاونوا وبشكل مفضوح مع النظام وسندوه  في قتل اخوانهم المسلمين الشيعة  بسكوتهم المطبق عن ذلك . افلا يجدر ان ُيهدم ما بناه الكدتاتور من افكار غيبية  تعتمد على القضاء والقدر بدلا من تغيير الواقع  والاعتماد على البشر.؟

واليوم عنما يراد تقسيم العراق على اسس مذهبية باستغلال التبعات التي خلفها النظام الجائر من نفسيات مهمشة لا تستطيع تقدير عواقب الامور،ولا نتائج ومعنى سيطرة الاحزاب الاسلامية على الساحة في وسط احداث سريعة يتأجج فيها الحقد الطائفي والتثقيف الطائفي على حساب تجذر الهيوية  العراقية  ،فان ذلك يعني خلق ارضية لاحتراب قد يكون مؤجلا ولكنه سيتخذ طابعا عنيفا اذا استمرت هذه التيارات  في جعل المذهبية  الاساس في تحديد الهوية العراقية .أذ ان  النية تتجه الى اجراء  تعداد سكاني  على اساس مذهبي  في القسم العربي  من العراق ، وبالتالي تحويلنا  الى دولة طائفية من الدرجة الاولى ، يكون معلمها الرئيس الولاء للمذهب اولا  ولربما حتى في الحصول على وضيفة او دخول جامعة او معهد ستراعى فيها  الحصص التي  سيخلقها هذا النوع من الاحصاء . فتكرار مصطلح الاغلبية والاقلية من الطرفين ما هو الا خلق روح  انعزالية طائفية  وتهميش للهوية العراقية التي حاول نظام البعث قتلها واحلال سياسة الولاء بديلا عنها  تحت شعار العراقي الجيد هو البعثي الجيد .

الوضع في العراق يعطي صورة واضحة عن الدين ودوره في تمزيق الشعور الوطني  اذا اسئ استخدامه واُدخل في اللعبة السياسية  ،فهو يفرق ولا يجمع ،يباعد ولا يقرب . المشكلة الاساسية في العراق اليوم هي الدين نفسه ودوره في المجتمع فالارهاب في العراق يختفي خلف ايدلوجيات وشعارات  دينية معروفة مثل الجهاد والشهادة ،  لها من يدعمها من بين  اوساط رجال الدين العراقيين والاجانب  ،والخلافات على المستقبل السياسي ونوع الحكم هي خلافات دينية ،والدعوى الى الانصاف تاخذ لونا وبعدا طائفيا وليس انسانيا فلا ينصف الكورد مثلا في مطالبتهم بحقهم في الفدرالية واكثر الرافضين لهذا المشروع هم رجال الدين من جميع المذاهب الاسلامية المتواجدة في العراق ، بل حتى علاقات هذه الاحزاب فيما بينها او  مع الدول المجاورة تنطلق من مفهوم ديني  طائفي مصلحي ، ولحد الان لم نرى فائدة الدين ولا التدين في المجتمع . فلم يمنع تدين العراقيين ومسيراتهم المليونية او تجمعاتهم في مساجد طائفية بغيضة امثال مسجد  سيئ  الذكر ابن تيمية او ام القرى  او الفلوجة ،لم يمنعهم من السرقة وتخريب المباني الحكومية  وتخريب البنى الاقتصادية ولا من  جرائم اختطاف الاطفال واغتصاب النساء والتزوير والتهريب والاغتيالات التي طالت رجال الدين انفسهم  ولا قتل المسيحيين . فمتى ياتي دور الدين اذن ومتى نلمس  فائدته ؟، بل متى يأتي دور الله وسط هذا الخراب  التام والشامل.؟ . واين هي الاخلاق الدينية  التي في كل مرة يشير لها المتدينون من ان المجتمع العراقي هو مجتمع ديني يعتز بثقافته الدينية ويسير على هداها ؟

فاذا كان الدين والتدين لم يحل المشكلة ، بل هو اساسها فلماذا يرغب البعض في جعله اساسا وهوية لوطن سوف لن نبنيه اذا كان الدين اساسا له.؟

 اليس من الاجدر ان نركز على متطلبات الشعب العراقي في الحرية والديمقراطية والفدرالية ؟  اليس من الاجدر ان نحاول بناء ما خربه الاضطهاد داخل نفسية العراقي بدل  من زيادة جراحاتها باستخدام معاول الطائفية والمذهبية .؟ الا يجدر بنا  ان نبني نظاما ، للمواطن فيه الكلمة الاولى وليس للمذهب .؟ اليس الانسان اخبر بشؤون دنياه كما قال الرسول محمد ابن عبد الله .؟  اليس العلمانية هي الاساس لحل كل هذه الخلافات المذهبية التي تنذر بخراب ودمار واحتراب اذا لم نتدارك الامر ونتنافس كاحزاب سياسيسة وليس دينية او مذهبية ؟



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة العمائم
- تشويه المفاهيم ..العلمانية نموذجا
- المرجعية الدينية والمرجعية السياسية
- اخطار لم تنتبه اليها المرجعية الدينية في دعوتها للانتخابات
- احترام الاسلام والانسان يعني العلمانية
- الفدرالية ،الديمقراطية والعواطف الطائفية والقومية
- خفافيش مجلس الحكم ..ومصباح بريمر


المزيد.....




- مصر.. الداخلية: القبض على شخص نشر -عبارات مسيئة- على شاشة إع ...
- ألمانيا تحظر مجلة يمينية بدعوى نشرها الكراهية ومعاداة السامي ...
- 4 قتلى وجرحى آخرون جراء إطلاق نار بمحيط مسجد بمنطقة الوادي ا ...
- الجمهوريون يسمون ترامب مرشحا لهم والأخير يسمي نائبه المنتظر ...
- رجل أعمال روسي يعرض مكافأة مالية كبيرة لإسقاط أول طائرات -إف ...
- مركز الأمن البحري العماني: 16 مفقودا بعد انقلاب ناقلة نفط قر ...
- -علاج خفي- محتمل للسرطان
- وسائل إعلام: ماكرون سيقبل استقالة حكومة أتال هذا المساء
- مصر.. مقطع فيديو لمقتل شخص في حي شعبي يثير جدلا
- وزيرة إسرائيلية تلوّح بإسقاط الحكومة إذا انسحب الجيش من محور ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مالوم ابو رغيف - الدين جزء من المشكلة وليس من الحل