مهدي سعد
الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 09:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
موجة كاسحة من التدين الشعبوي تغزو العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، ومما لا شك فيه أن هذه الظاهرة تعتبر من أهم الأخطار التي تواجه بنية المجتمعات الإسلامية في عصرنا وتقف عائقًا أمام اندماج المسلمين في الحداثة والتطور.
التدين الغوغائي هو نمط متخلف من التدين يأخذ بقشور الدين وشكلياته ويبتعد عن الحقيقة الروحية للدين. لا شك أن انتشار هذا الشكل من التدين يعود في جزء كبير منه إلى انتشار نفوذ وسيطرة الحركات الإسلاموية الأصولية على عوام الناس والطبقات الشعبية المتأخرة. هذه الحركات الرجعية تنظر إلى الدين نظرة ماضوية تنزع منه حيويته العصرية وتجعله أداة قمع اجتماعي وسياسي في يد زمرة من رجال الدين الذين يستغلون سلطان الدين من أجل تحقيق أهداف دنيوية لا علاقة لها بالعقيدة الإسلامية الصحيحة.
ولعل أبرز ما تفرزه هذه الحركات الهدامة والتدين الشعبوي الناتج عنها هو تكفير كل من يخالف نظرتها الظلامية للحياة وإباحة دم أبناء الديانات والمذاهب الأخرى، وهذا أدى إلى انتشار ظاهرة الإرهاب الإسلامي حول العالم بحجة واهية وهي "الجهاد في سبيل الله"!. وكنتيجة للتطرف الإسلامي بات ينظر إلى الإسلام نظرة سلبية تجعله "دين متخلف يرفض الآخر".
إن أهم ما يحتاجه العالم الإسلامي اليوم هو روحنة الدين وعَلمنة السياسة، بمعنى إعادة الدين إلى ينبوعه الروحي الأصيل المتمثل بالقيم والمبادئ والمثل الإنسانية العليا التي أشاعها الإسلام من جهة، وفصل الدين عن السياسة والحياة العامة وإنشاء أنظمة حكم مدنية عَلمانية تطبق المبادئ الديمقراطية وتحقق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.
تحقيق هذه النقلة النوعية يتطلب قيام ثورة فكرية تشيع المبادئ العقلانية والثقافة المدنية في صفوف المسلمين، وتجعلهم يعيدون الاعتبار إلى الجانب الروحي والأخلاقي للدين الإسلامي الذي تم إغفاله لمدة طويلة بفعل انتشار التدين الغوغائي. إن من شأن هذه الثورة في حال حصولها –وهذا ما أتمناه- أن تحدث تغييرًا عميقًا في الرؤى والمفاهيم على الصعيدين الرسمي والشعبي، وبالتالي تؤسس لعهد تنويري جديد في العالم الإسلامي تسود فيه قيم التسامح والاعتدال والانفتاح.
#مهدي_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟