|
اللاذقية والاشتراكية الفطرية
عصام خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 09:58
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لا استطيع كتمان مشاعري تجاه مدينة اللاذقية، فرغم زيارتي عدد كبير من دول العالم "من البرازيل للهند" فاللاذقية بنظري هي الأجمل والامتع، هذا على الرغم من كثرة الاستدعاءات الأمنية لي فيها، وتنوعها في كل شهر. فشعبها الطيب والكريم والمضياف والمرح علامة فارقة بين مدن سوريا قاطبة، كما أن اللاذقية هي المدينة الأغنى بسمات الاشتراكية في سوريا رغم حملة الاستثمارات الجديدة فيها.
الاشتراكية الفطرية في اللاذقية:
أغلب سكان هذه المدينة موظفين ويعملون بعد انتهاء دوامهم الوظيفي، على قيادة سيارات صفراء اللون سميت سيارات أجرة، وقد سعى المحافظ الميمون على عدم توقيف رخص سيارات العمومي في المحافظة لتتجاوز بعددها عشرة آلاف سيارة. وقد وفرت هذه السياسة فرصة تساوي المراتب الوظيفية بعد انتهاء الدوام الفعلي، فقد ترى مدير مدرسة يقود سيارة وحاجب المدرسة يفعل الأمر ذاته في سيارة أخرى، وفي حال كان المدرس شريفا ولا يقدم دروس خصوصية فإنه سيعمل على سيارة أجرة. نعم أغلب اسر اللاذقية تمتلك تكسي خاصة لها، ولو نظرت إلى المدينة من الأعلى ستراها متفاوتة اللون بين الأبيض "الصحون اللاقطة" والسيارات الصفراء التي تغزو الشوارع. ولمزيد من التأكد حول اتساع الاشتراكية الفطرية في اللاذقية ننوه بالتالي: - يبلغ متوسط عدد أفراد الأسر اللاذقانية 6 أشخاص، ويعمل على سيارة الأجرة سائقين أحدهما يكون المالك والثاني سائق بأجرة يومية أو نسبة متفق عليها، مما يدلل أن السيارة الواحدة مسؤولة عن عيش أسرتين معا، بالإضافة لأعمال أخرى للسائقين. مما يجعل كل سيارة مسؤولة عن 12 شخص، مما يجعل ثقافة السيارات الصفراء مسؤولة عن معيشة 120 ألف نسمة من محافظة اللاذقية. - يضاف إليها وجود قطاع تخديمي "صيانة" في المدينة الصناعية يتجاوز تعداده تخديما ليصل الى تأمين معيشة أكثر من 600 أسرة أي ما يقارب 3600 نسمة في المحافظة. - يضاف إليها فئة التجار أصحاب معارض السيارات التي تقوم بعملية بيع السيارات لقاء فائدة قد تصل شهريا إلى 3%. وتعداد هذه المعارض يفوق 60 معرض، يعمل في كل واحد قرابة الأربع عمال، مما يجعل هذا القطاع مسؤول عن تأمين نفقات 1440 نسمة في المحافظة. - يضاف إليها عدد العمال العاملين في محطات الوقود وغسيل السيارات وتغيير الزيت والذي يتجاوز عددهم 500 شخص سيكون هذا القطاع مسؤول عن تأمين ما يتجاوز عن 3 آلاف نسمة في المحافظة. مما يجعل قطاع السيارات وحده مسؤول عن تأمين ما يقارب 128040نسمة ويضاف إليهم الفئة المعنية في تخليص أمورهم الإدارية في قسم المرور، وبعض ميسري المعاملات بالإضافة للموظفين المرتشين بهدف المباركة لاقتنائك سيارة صفراء جميلة أو غير جميلة. مما يجعل قطاع السيارات الصفراء مشروع قادر على حضن ما يزيد عن 130 ألف نسمة في محافظة اللاذقية وحدها. وبما أن تعداد سكان محافظة اللاذقية لا يتجاوز المليون نسمة فإن قطاع السيارات الصفراء يمتص ما يزيد على 13% من نسبة سكان المحافظة.
وبما أن سكان مدينة اللاذقية مشهورين بإبداعهم، ويقتضي الإبداع تزايد في مفهوم التأمل القائم على قلة العمل، فقد تجد بين كل عشر موظفين موظف واحد يقوم على العمل على سيارة أجرة، مما يجعل تسع أشخاص من القطاع الوظيفي هم الفئة الفاعلة بالنسبة للعامل على قطاع السيارات الصفراء، ونتيجة لزيادة العزوف عن الزواج فمن التسع أشخاص قد نرى أربعة أشخاص يكونون اسر، مما يجعل نسبة هذه الفئة "24% متزوجين + 5% غير متزوجين" ووفق هذه النسبة نستطيع تقسيم المحافظة إلى: 24% من المواطنين يتنقلون بالحافلات الحكومية لأجرتها الرخيصة، و5% يتنقلون بالسيارات الصفراء من مبدأ عدم التزامهم بمبالغ مادية محددة كل شهر "وعدم قدرتهم على الالتزام بدفعات منزلية أو لهدف اقتناء سيارة". من هذا الواقع نستدل أن قطاع السيارات الصفراء وحده يحدد لنا تعداد 42% من سكان محافظة اللاذقية "واغلبهم سكان مدن". إن جميع أبناء هذه النسبة متساويين في حياتهم وفق نظرية الرفاه. لأن الدولة الكريمة منعت صاحب السيارة الصفراء من تحقيق فائض مادي كبير من خلال ضرائبها المتنوعة ونهاية نحو قانون السير العظيم الأثر والابداع في الاستنزاف المادي. فتحققت الاشتراكية الفطرية بقدرة قادر. وفي حال قررنا توصيف نسبة 20% من سكان المحافظة دون السوية المادية للفئة الصفراء سالفة الذكر "وهم فئة المزارعين اصحاب الملكيات الزراعية الصغيرة"، ونسبة 20% فئة قد تعلو ماديا بقليل على أبناء الطبقة الصفراء "وهم اصحاب السيارات الملونة، الذين يأخذون سيارات حديثة بمساعدة فوائد البنك الكريمة". فإن نسبة 8% من سكان المحافظة هي الفئة الثرية نسبيا، وكل الاقتصاد الحر قائم على هذه النسبة. من هذا التصنيف نجد أهمية الإحصاء الرسمي لنمر السيارات. فتخيلوا لو خسرنا السجلات الرسمية لهذه السيارات، نعم لو خسرناها لكانت دراسة السوق الاجتماعية في مهب الريح، وستخسر الحكومة كل مواردها التخمينية في عملية النهوض بالفرد، وستفقد سياسة التنمية الاجتماعية رقما صعبا في معادلة الإنماء الاجتماعي. أرجوكم حافظوا على سياراتكم الصفراء وزيدوا بعددها، حتى لو أصبحنا جميعا صفر الوجوه والمضمون... وتأكدوا أن 8% من محافظتنا سيعينوا المستثمرين على خطواتهم الرشيدة، وسيستثمروا استهلاكيا داخل استثماراتهم المباركة.
#عصام_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإدارة المحلية تأمل وتطلعات
-
سلطات دينية وجاهلية حديثة.... وعولمة!!
-
الأرثوذكسية والحكم الرشيد
-
الشام تحمل عروسا
-
المريخ ووزراء العالم الثالث
-
الغريب والأغرب والحكمة لمن يحتكم
-
تحقيق الصرف الصحي رسميا
-
الضجيج وأذان الجوامع
-
جمهورية بلا كرامة
-
الحمضيات في الساحل السوري
-
الإعجاز العلمي للشيخ أحمد حسون//مجال الاقتصاد//
-
الإعجاز العلمي للشيخ حسون //مجال المرأة//
-
لبنان وبن لادن يحكمان العالم
-
119-120 رقمي فقراء سوريا
-
الأكراد وحق تقرير المصير
-
سوري بامتياز
-
الأسد بين الداخل وضغوطات الخارج
-
الحق في الغذاء و...الفقراء
-
الأسد ومنحة العيد والخلل الإداري
-
حقوق الملكية الفكرية في سوريا
المزيد.....
-
السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت
...
-
وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا
...
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|