|
من وراء تخلفنا ... شياطين الجن ام شياطين الانس ؟!!
مهند الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 04:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنتشر في مجتمعاتنا الشرقية ظاهرة الايمان بالروحانيات والامور الغيبية حد التولع بها ، ولناخذ على سبيل المثال ايمان اغلب الناس بالجن ايمانا مطلقا لدرجة انهم يتصورون ان للجن القدرة الخارقة والعجيبة على ايذاء البشر ... وسلطانهم القوي على التقريب بين الاحباب وايضا التفريق بينهم اضافة للكثير من القوى الخارقة التي ينسبوها لما يسمى بـ (عالم الجن) والتي لامجال لذكرها لانها تحتاج الى أطنان من المجلدات ، ولكن بمجملها هي تحاول ان تلصق على عالم الجن كل القدرات الخارقة والغير مالوفة عن الطبيعة البشرية المحدودة القدرة . ولكن المشكلة تكمن في ان هذه الافكار تسيطر على عقول أولياء الامور الذين يفترض ان يربوا اولادهم على كل ماهو له اساسات علمية قويمة ومنطقية ، اي ان الامرلا يقتصر فقط على الجدات وقصصهن عن الجان والسعالي التي يخوفوا بها الاطفال اما لكي يناموا قسرا او ربما لكي يفتحوا لهؤلاء الاطفال افق التصديق الغيبي والاعتقاد المطلق بكل شئ يريدون من اطفالهم ان يصدقوه ، مثل الاعتقاد الديني والمذهبي والذي نرى ان التمسك به في جميع مجتمعاتنا العربية يكون بشكل فطري موروث اي بمعنى اخر انه ليس نتيجة اقتناع ملموس وفعلي بحقيقة المعتقد بقدر ماهو ثقافة تقبل الغيبيات التي ورثها ابائهم ايضا كما هم ورثوها . ، ولكن يبقى ان نسأل : متى يأخذ العقل في مجتمعاتنا فرصته لكي يعمل ويجد ويجتهد اذا بقينا نسلم راية قناعاتنا (( الخاطئة)) لأطفالنا وهم بدورهم سيسلموها لاحفادنا ؟؟!! فنلاحظ ان كل من يحاول ان ينبذ هذا المنطق او ان يفند بعض (( واقول بعض لا كل )) المعتقدات الخاطئة يصبح وكانما هو امام للشر وشيطان مريد أو وكانه خائن وزنديق يستحق ان يصلب ويقطع من خلاف وتبقى تلاصقه جميع النعوت المشينة السائدة في مجتمعاتنا الشرقية (( من ذم وسب وقدح وبالطعن حتى بنسبه وشرفه )) مختومة على جبينه الى يوم الدين !! . حقيقة لهو امر مؤلم ومحبط في نفس الوقت اذ معنى هذا ان لا امل في مجتمعاتنا واجيالنا القادمة مادام ان الارث ينتقل من جيل الى اخر وبدون اي رفض للموروثات القديمة الباطلة او على الاقل تشذيبها كحد ادنى . وعودا على ذي بدء (ساحاول ان اضيق الموضوع بالجن لاني لست بصدد الدخول في محور اخر) : البعض يتصور ان الدين ومقدساته هو وحده من كشف له اسرار عالم الجان الدفينة ، وعلى انه عالم حقيقي لا لبس فيه ولا شك .. اي ان لا اسرار ولا غيبيات في الموضوع لانه يتعامل مع واقع ملموس اكثر من ما هو محسوس بالنسبة له!! ، ولكن حقيقة الامر ان أساطير الجن هي موجودة قبل وجود الأديان وتحديدا هي موجودة بوجود مصطلح المنفعة (بكل اشكالها) ، وهي ( اساطير الجن) مثلها مثل اكثر الظواهر الطبيعية الاخرى من التي يجهل الانسان ماهيتها مثل الرعد والبرق والمطر بالاضافة الى جملة من الاشياء التي يجهلها الانسان ,ولانه ( وبحسب محدودية ادراكه ومعرفته) يرى نفسه ضعيف امام جميع القوى الطبيعية وعاجزا عن تفسير الغموض الذي يحومها . فلذلك نراه ميال الى تفسير هذا الغموض وبمزاعم شتى (( وان كانت هذه التفسيرات خاطئة لانه يحاول فقط ان يرضي قناعاته)) , وتراه يحاول ان يرمي بكل هذه المجاهيل ويعزيها الى قوة غير منظورة حتى يستريح من عناء التفكير ومن جهد البحث والتمحيص. ومثل ماكان الكهنة الوثنيين يخبرون الناس عن هؤلاء المخلوقات الغامضة اصبح الامر مماثلا بوجود الاديان السماوية ورجالاتها, فهم لم يبتعدوا بمنطقهم حيال الجن ووجودهم عن سالفيهم ، حيث خلقوا للعامة اساطير وهمية وعلقوا كل العوارض الطبيعية على شماعة الجن(!) . فلو نرى جميع الديانات السماوية مثل اليهودية والمسيحية والدين الاسلامي فانهم تعاملوا بنفس منطق الوثنيين واساطيرهم مع اضافة بعض الاساليب والطقوس العبادية لكي يضفوا عليها مسحة دينية وايمانية تنطبق مع دينهم وهذا ما يتجلى في بعض مايروجه رجال الدين من تغطية راس المراة حين المجامعة كي لايراها الجن وكذلك بعض الترانيم والكلام التي يوجب على الرجل الترنيم والتسبيح به حين يهم بمضاجعة زوجته !! ، لانهم يفترضون بان الجن قد يدخل من دبر الرجل ومن فرج المراة !! وقد نسب رجال الدين" من جميع الاديان" حتى الامراض والأوبئة الفتاكة الى بعض فئات الجن" الكافرة" (!) مثل الطاعون والسرطان وغيرها من الامراض التي لم يعرفوا تفسيرها أي بمعنى اخر اصبح الجن دلالة لهم ونقطة عبور يغطوا بها جهلهم ، وايضا اصبح كوسيلة للاسترزاق من عموم الجهلة ................ وهم كثر في مجتمعاتنا . وما يؤكد هزالة فكر القائلين والمروجين للجان هو انهم اضافوا للجان بعضا من صفات البشر مثل الاسماء والخصال والسمات وكيف ان هناك صالحين مؤمنين وهناك ايضا كفرة مردة (!) .. وحتى بما يخص الافعال كالزواج والعشق والغرام وغيرها من الامور التي يتعاطاها الانسيين بفطرتهم البشرية ، ونسبوا لهم الاديان وربما حتى القوميات !! . ولضمان عدم محاولة البعض اكتشافهم لحقيقة الجن زسبر اغوار ماهيتهم سارعوا هؤلاء بمزاعم ان الجان يسكنون في اماكن مقفرة واماكن وعرة وفي الاجباب والوديان السحيقة وغيرها من الاماكن المخيفة لكي يضمنوا عدم معرفة حقيقتهم . هذا لانهم يجهلون عن ماذا يتكلمون وعن حقيقة ماهية من يتكلمون عنهم (!) .. فهم لو كانو ا يدركوا حقيقة الجن( ان كان لهم وجود اصلا) لاعطونا تفسيرات منطقية وعلمية تدل على وجودهم بشكل اوضح مما اوصلوه لنا ،ولكنهم ولسذاجتهم شبهوا الجن بالبشر فهذا ابعد ما يستطيعون تفسيره واقصى حدود أدراكهم العقلي .
والسؤال الذي اود ان اطرحه :
من منا ومن الذين من قبلنا وعلى مدى العصور الطويلة رأي الجن وبأم عينه ؟ ولماذا دائما نحاول ان نعلق خطايانا على غيرنا من المساكين الذي لا وجود لهم الا في مخيلتنا وعقولنا ؟؟!! فالجن في حياتنا كما هي نظرية المؤامرة المعشعشة في عقولنا لا وجود لها على ارض الواقع لانها ليست اكثر من سراب اعتمد اثارته البعض لغايات في نفس يعقوب وبدقيق التعبير لكي يبقوا جاثمين على صدورنا الى ابد الابدين تحت مسميات شتى . وهل اكون كافرا وزنديقا وعميلا حين اقول بان هذه العقلية سوف لن توصلنا الا الى التخلف والتأخر عن ركب الحضارة ، لاننا لو بقينا نفكر ونؤمن بكل هذه الافكار الساذجة ونترك واقعنا العملي الملموس فسنضيع علينا وقتا استغله الاخرون بامور مفيدة لهم ولمجتمعاتهم , فهم نراهم يتطورون ويرتقون فكريا وعلميا واقتصاديا .. ونحن بقينا على حالتنا البائسة لم نتحرك الى الامام بل صرنا نرجع الى الوراء وبخطوات سريعة ..... نعم ان بقينا بهذه العقلية فهو الخطر بعينه وسيعيقنا هذا الفكر العقيم في التقدم والرقي ،ولنحاول ان نفكر بعقل متفتح ونؤمن بان الحقائق هي التي تكون ناتجة من حراك الواقع ومعطياته لا ان نستجديها من بطون الكتب القديمة الصفراء أو نركن لأفكار معلبة اكل عليها الدهر وشرب .
وختام قولي : أعتقد بان سبب هذا الخمول والتقاعس الفكري هم ليسوا شياطين الجن ولا شياطين الغرب الكافر ، فليسوا هؤلاء هم الذين يعثروا خطواتنا وارتقائنا كما يزعم احبار الامة ومفتيها بل هم شياطين بني جلدتنا الذين يدأبون على ترسيخ كل صور التخلف والجهل في عقولنا وبما يلائم هواهم ومصالحهم والتي تتمثل بالكلام الفضفاض وبالمواعظ الساذجة تلك التي يعبئون بها الجماهير بما يخدم اهدافهم الشخصية واهداف ظل الله على ارضه ((الحاكم)) لكي تبقى مؤخرته المتحجرة لاصقة على العرش التليد وامامه عموم الجماهير وهي تهتف ممجدة باسمه ولاعنة للكفرة المردة من الجن ......................... والانس .
#مهند_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى رحيل عملاق الفكر العراقي الفيلسوف علي الوردي..بين ال
...
-
إذا انت اكرمت الكريم ملكته .... وإذا اكرمت اللئيم تمردا
-
حلا ل لنا .... وحرام عليكم !!!
-
بين عيد المرأة وعيد الام .... وهموم المراة في مجتمعاتنا
-
الفضائيات العراقية .... بين اللطم والردح الطائفي
-
الليبراليين.... والمتلونين الجدد
-
هل الحكم الاسلامي هو بعيد عن صفة الثيوقراطية ؟؟!! ...... 1-2
-
الفتوى بين الكسل ....... والجهل
-
أصحاب الجهل المركب ... وادعاء الحق المطلق !!!
-
ثقافة القطيع .... وعقدة الغريب
-
سبب نكسة الليبراليين في العراق (1)
-
قتلوك يازعيم ....كما يقتلون العراق اليوم
-
هل الديمقراطية شعار أم ممارسة؟؟!!
-
التاريخ الاسلامي مابين التدليس ... والتقديس
-
هل الديمقراطية شعارا أم ممارسة
-
قراءة نقدية في مفهوم الشخصية البشرية عند اصحاب الفكر القديم
-
العِلم اولا ثم الشعر ثانيا ايها العرب
-
منهجية النقاش بين الرفض والقبول
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|