أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - إيمان أحمد ونوس - المرأة العربية في الدين والمجتمع- الجزء الثالث والأخير-















المزيد.....

المرأة العربية في الدين والمجتمع- الجزء الثالث والأخير-


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 09:18
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الفصل السادس- موقف الفقهاء.
يصح القول أن صحة التأويل أمر نسبي، ومع ذلك فقد أخضع المفسرون والمتأولون كثيراً من تعاليم القرآن وأحكامه وتشريعاته إلى تفسيرات مختلفة ومتناقضة في بعض الأحيان، مما اتاح الذهاب بعيداً عن التعاليم القرآنية، والشطط والتطرف في مواقفهم وإخضاع النص القرآني لآرائهم، وتأويله بما يناسب موقفهم أو حدود معارفهم وثقافتهم.
وتماشياً مع مرحلة التطور، والظروف الاجتماعية والاقتصادية القائمة في عصرهم، ومع منظومة القيم السائدة التي أفرزها النسيج الاجتماعي، واستجابة لسيطرة الرجل المطلقة، غيّر الفقهاء تغييراً نوعياً في موقف الإسلام من المرأة، وتجاهلوا في حالات عديدة نصوصاً قرآنية صريحة، وتبنوا روايات وأحاديث أو سنّة عن الرسول مشكوك بصحتها وضعيفة في أغلب الأحيان.
فقد تبنت الكثير من كتب التفسير الرواية اليهودية حول الخطيئة الأولى، مع العلم أن القرآن حمّلها للإثنين معاً.
ومثال آخر عن الأحاديث الضعيفة أو الكاذبة، أن أبي هريرة روى عن الرسول أن الكلب والمراة والحمار تقطع الصلاة إذا مرت أمام المؤمن فاصلة بينه وبين القبلة، وهنا لم تتمالك عائشة زوجة الرسول نفسها من أن تكذبه فردت عليه:
" تقارنوننا الآن بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت النبي وهو على أهبة إقامة صلاته وكنت هناك ممددة على الفراش بينه وبين القبلة، ولكي لا أشرد ذهنه كنت أتحاشى أن أتحرك. وخاطبت أبي هريرة: يا أبا القطة الصغيرة عندما ستشرع في ترديد أحاديث الرسول في مرة قادمة، احترس مما ترويه، إنك تروي أحاديث لم نسمع بها مطلقاً."
وكلما مرّ الزمن، كلما ازداد الفقهاء تزمتاً تجاه المرأة واستخفافاً بها وبحقوقها، فلقد أفتى الإمام الغزالي ان النكاح نوع رق، والمراة رقيقة زوجها. كما قال: " الحصير في ركن البيت خير من امرأة لا تلد."
كما ضخم الفقهاء ورجال الدين حقوق الزوج على الزوجة حتى كادت المراة لا تعرف كيف تؤدي هذه الحقوق، وقلصوا حقوقها حتى كادت لا تجد منها شيئاً.
وفي عصرنا ما زال هؤلاء يدلون بدلوهم ضد المراة ومساواتها، يقول أبو علي المودودي إن رغبة المراة وحدها ليست كافية بالزواج، ولا بد أن يكون رأي لرجال عائلتها. ويتفق كثير من رجال الفقه والدين في أيامنا هذه مع المودودي. كما جعلوا الطلاق حقاً مطلقاً للرجل ولأي سبب كان، بينما استنكروا أن تطلب المراة الطلاق لأي سبب كان، مع أن القرآن سمح بالطلاق وأعطاه للرجل ضمن شروط، وسمح للمراة أن تأخذ هذا الحق إن اشترطت ذلك في عقد الزواج.
أما بشأن الحجاب فقد بالغ الفقهاء في فرضه، وفسروا الآيات وفقاً لقناعاتهم دون أي سند شرعي. لقد أخذوا الحجاب من الفرس الزرادشتيين، وقلدوا البيزنطيين في ظاهرة الانزواء في المنزل، وقد تعزز هذا التقليد كلياً أيام الوليد الثاني الخليفة الأموي، فهو أول من أحدث ركن الحريم في المنزل. وأيام الدولة العباسية ازداد عدد الإماء وملك الموسرون منهن العشرات، فلقد كان للمتوكل أربعة آلاف أمة.
ورغم أن معظم الفقهاء أجازوا تولي المرأة القضاء، إلاّ أنهم لم يجيزوا إمامتها للصلاة- باستثناء الطبري-
لقد هُمِش دور المراة في القرون اللاحقة لصدر الإسلام، وازداد حصار حقوقها وتحولت لملك يمين أو أمة مميزة، فأبعدت عن الحياة العامة والمجتمع.
الفصل السابع- الجواري والحريم والانزواء.
توسعت الدولة الإسلامية وازداد غناها ولا سيما في العصر العباسي، إضافة لتأثر الثقافة العربية الإسلامية بثقافات الشعوب التي امتد إليها الإسلام، مما أدى لنشوء وظهور منظومة قيمية تتناسب مع رؤى الطبقة المهيمنة وممارساتها التي كانت تجد من يفتي لإيجاد مظلة دينية لها بغضّ النظر عن قرب هذه المظلة من الدين أو ابتعادها عنه. واستطاعت الطبقة المسيطرة في كل عصر تطويع الأمور لصالحها مما أدى لقوة نفوذها وغناها تناسباً مع ازدياد قوتها وبطشها، وبمقدار تطور المجتمع وازدهاره ازدادت مباذل الحكام والأغنياء وتحول الدين لدين السلطان، وفي مثل هذه الأنظمة يتحول كل شيء إلى ملك يمين، وهذا ما أدى لتراجع دور المرأة وفاعليته في الحياة العامة مقابل قوته ونفوذه في القصور، وما الشهرة التي نالتها بعض نساء الخلفاء إلاّ بسبب نفوذ وشهرة حصلن عليها لأنهنّ نساء وأمهات حكام متنفذين، فالخيزران كانت زوجة المهدي وأم الهادي والرشيد، وزبيدة زوجة الرشيد وابنة المنصور. غير أنه كانت هناك حالات استثنائية احتلت فيها النساء بعض المناصب بجدارة ولعبن أدواراً هامة شاركن من خلالها مشاركة حقيقية اجتماعية وسياسية مثل قطر الندى زوجة المعتضد التي دافعت عن حقوق ابنها القاصر وسيرت الجيوش وعالجت الأزمة الاقتصادية في البلاد كما تصدرت القضاء، ومثلها شجرة الدر التي تولت الملك وكانت تميل للشورى وإقامة العدل فأحبها الناس.
ومع ازدياد الغنى والنفوذ في المجتمع ازداد التبذير والمباهاة بالملابس ومجالس الطرب، فكثرت الجواري لدى أفراد الطبقتين العليا والوسطى، فاتسعت سوق الجواري ودخلت تجارتهن في قلب الحياة الاقتصادية، وكانت علاقة الرجل مع هذا الواقع علاقة بغاء مستتر وشرعي، وهذا ما دفع بالرجال إلى الغيرة تجاه زوجاتهم فتشددوا في حجابهن، فكان هذا أحد أسباب اتساع وتجذّر نظام الحريم الذي ابتدعه الوليد الثاني في المجتمع العربي والإسلامي، وترسّخ تقليد مفاده عدم مغادرة المراة منزل زوجها دليل على أهميته الاجتماعية، ومازال معمولاً به في بعض الأسر الأرستقراطية الريفية، فتكرست منذ ذلك الحين دونية المراة التي خضعت لأحكام فقهية وقانونية وتقاليد وعادات ماتزال سارية المفعول حتى وقتنا الراهن.
بالمقابل استطاعت المراة في مصر الفاطمية أن تؤكد وجودها بقدر ما أتاحت لها الظروف، فشاركت في الحياة العامة، وحاولت الدفاع عن حقوقها وحريتها، فلم تستسلم للأوضاع القائمة. ومع أن المماليك قد تساهلوا قليلاً تجاه حركة المراة وعلاقتها بمجتمعها، إلاّ أن هذا التساهل لم يُعِدْ لها أياً من حقوقها المهدورة التي منحها إياها القرآن، بل بقي في إطار التعامل اليومي والمشاركة في النشاطات الاجتماعية من بيع وشراء وإخراجها من انزوائها.
في العهد العثماني ازداد قهر المرأة لأن الرجل أصبح أسوأ من أي عهد مضى تجاه المراة وذلك حتى مطلع حركة النهضة العربية.
الفصل الثامن- المرأة في خطاب النهضة في القرن التاسع عشر.
دخلت أحداث وعوامل هامة حرّكت المنطقة العربية أوائل القرن/19/ وزعزعت سكونها، فأحدثت صدمة في مسار تطورها، واضعة البذور الأولى لتغيّرات شاملة فيما بعد، ومن هذه الأحداث( الحملة الفرنسية على مصر، حكم محمد علي باشا في مصر، التدخل الأوربي بالشؤون العربية وخاصة بلاد الشام، الارساليات الدينية وإقامة مدارس وجامعات.)
هذه العوامل دفعت بروّاد النهضة الأوائل للتجديد اللغوي والديني والنهوض القومي، حيث نادوا بموقف جديد من المرأة مطالبين برفع الحيف عنها بعد أن تردت أحوالها، لذا كانت أفكار هؤلاء الرواد نهضوية بمفهوم وظروف ذلك العصر حيث كان مجرد الخوض في مبدأ المساواة بين المرأة والرجل يعتبر شذوذاً عن رأي الجماعة، وعلى ذلك فإن شعار تعليم المرأة الذي نراه اليوم بديهياً قد كان هدفاً سامياً ومطلباً كبيراً يحتاج لنضال وجهود دؤوبة لتحقيقه، خاصة وأنه أمر مستنكر في قيم المجتمع، ومثله عمل المراة والاختلاط وطرح الحجاب، فكيف بالتضييق على تعدد الزوجات والطلاق وحق الولاية على المراة.
في هذه الفترة برز تياران نهضويان في النصف الثاني من القرن/19/ في مجال حقوق المرأة:
1- تيار ليبرالي يضم مثقفون درسوا في أوربا أو زاروها واطلعوا على نمط حياتها وتشبعوا بمبادئ الثورة الفرنسية وفصل الدين عن الدولة من مثل( رفاعة طهطاوي، أحمد فارس شدياق، بطرس البستاني وغيرهم.)
2- تيار ديني متجدد نادى بفهم جديد للإسلام يعود إلى الدين الصحيح من مثل( الأفغاني، محمد عبده، عبد الرحمن الكواكبي وغيرهم.)
اهتم المفكرون العرب الليبراليون الذين شكلوا نواة البرجوازية العربية، والتي استلمت السلطة في أكثر من بلد، اهتموا بمشكلة المراة، فطالبوا بإصلاح وضعها وتعليمها لتستطيع إدارة بيتها وتربية أطفالها بشكل أفضل، لكنهم لم يتعرضوا لقضاياها الأساسية كالمشاركة في الحياة الاجتماعية، او الولاية، والتعدد والطلاق، أو إلى رفع الظلم عن المراة، لن ظروفهم آنذاك لم تسمح بأكثر من التعليم من جهة، ومن جهة أخرى لأنهم لم يروا مشكلة المراة أنها قضية أساسية، لكنهم في مطلق الأحوال قد أطلقوا شرارة تحرير المرأة.
أما التيار الديني التنويري، فقد نادى بفهم جديد للدين يزيل عنه ما علق به من زيف وبدع، وعمل على إعادة حق الاجتهاد والتأويل ليفهم المسلمون دينهم في ضوء المنهج العلمي، فرفض الأخذ بكل ما جاء به السلف، لا سيما في مجال المراة، حيث رأى أن الإسلام الصحيح يخالف ما كان عليه وضعها، كما يخالف القوانين والأحكام الفقهية المعمول بها، فطالب المتنورون بمواقف جديدة وتشريعات من شأنها أن ترفع مستوى المراة وتنصفها وتتيح لها الظروف المناسبة لتقوم بدورها الطبيعي في الأسرة والمجتمع، ومن أهم ما طالبوا به تعليم المراة والسماح لها بالعمل، ورفع الحجاب والتخلي عن الانزواء، وتقييد تعدد الزوجات والطلاق، واعتمدوا القرآن والسنة مرجعية لاجتهاداتهم في هذا الشأن، وهذا ما اعتبر ثورة على ما كان قائماً، ومبادرة رائدة بهدف إعطاء المرأة بعض حقوقها.
لكن لا بد من الاعتراف بأن طرح مشكلة المرأة من خلال طلب المساواة المطلقة بينها وبين الرجل بمفاهيمنا الحاضرة كان أمراً متعذراً لسببين:
1- اعتمادهم القرآن والسنة كمرجعية، وهما لم يقررا هذه المساواة.
2- منظومة القيم السائدة حينها لم تكن لتسمح بأكثر مما طالبوا به.
الفصل التاسع- خطاب المرأة في مطلع القرن/20/
لم يكن هناك مايسمى بحركة نسائية في القرن/19/، وإنما وجدت نساء عملن بالأدب والصحافة والثقافة، وحاولن متفردات الكتابة عن ضرورة تعليم المرأة وتشجيعها على العمل والمشاركة بالحياة الأدبية والثقافية وقضايا المجتمع، ثم تطور خطابهنّ جزئياً فتعرضنّ لبعض القضايا مثل تخليص المرأة من الحجاب واختلاطها بالرجل. لكن هذا الخطاب لم يأخذ قضية المرأة كهدف وهمّ رئيسي من همومه، ولم يكن لينادي بالمساواة أو حتى شبه المساواة.
فمثلاً، كانت عائشة تيمور( 1840-1902) من الرائدات اللواتي نشرن مقالات في الصحف، وكانت تقرض الشعر، كما كانت سافرة منذ وقت مبكر، وتعاطفت مع قضايا المرأة دون أن تتبناها كقضية أساسية.
ومثلها فعلت ماريانا مرّاش( 1848-1919) التي نادت بتعليم الفتيات وشجعتهن على الكتابة، فهي أول امرأة سورية تكتب بالصحافة.
إلاّ أن أعداد النساء المتعلمات والمتنورات ازداد في مطلع القرن/20/ بعد افتتاح مدارس البنات، فكان هذا من العوامل التي ساعدت على نشوء حركة نسائية أخذت تتبلور، لكن عبر مطالب متواضعة وخطاباً إصلاحياً يدعو للتعاطف مع المرأة لم يصل لمستوى ما طرحه قاسم أمين بسبب عدم قدرة هؤلاء الرائدات أن يطرحن القضية طرحاً جذرياً بسبب طبيعة التطور آنذاك وعدم وجود حركة نسائية لها قوة اجتماعية أو قانونية، وأيضاً بسبب قلة عدد النساء اللواتي يساهمن في هذه الحركة.
من رائدات القرن العشرين( ملك حنفي ناصيف، لبيبة هاشم، عائشة عبد الرحمن، هدى شعراوي وغيرهن الكثيرات) غير أن هدى شعراوي تعتبر الأبرز لأن قضية المراة كانت واضحة في ذهنها منذ وقت مبكر، ساعدها أيضاً إخراجها لمظاهرات نسائية عام/1919/ لدعم الثورة، فكانت أول مظاهرات نسائية في تاريخ العرب الحديث.
يُلاحظ أن مطالب النساء الرائدات في هذه الحركة النسائية كانت متواضعة، لكنها ثابتة وناهضة تتسع وتتعمق باستمرار وإن لم تكن لتصل إلى المطالبة بالمساواة أو تربط قضية المراة بقضية المجتمع، إضافة لن معظم هؤلاء الرائدات هنّ من بنات الأسر البرجوازية الناشئة والتي تبنت خطاب أحزابها السياسية.
الفصل العاشر- من البرجوازية إلى الإخوان المسلمين.
ساهمت البرجوازية العربية بالإفراج عن المراة، ووضعتها في أول طريق التحرر لا سيما عندما بدأت تشارك في السلطة مثلما فعل حزب الوفد في مصر، والكتلة الوطنية وحزب الشعب في سورية، وقد شجعت هذه الأحزاب على قيام جمعيات نسائية، وأصدرت تشريعات تسمح بعمل المرأة، وقوانين جديدة للأحوال الشخصية أعطت فيها المرأة بعضاً من حقوقها، كما أعطتها حق الانتخاب فكانت بداية الاعتراف بالحقوق السياسية للمراة.
أما مثقفوا الرجعية الإسلامية فقد تراجعوا مع مطلع القرن العشرين تراجعاً واضحاً عما طرحه قاسم أمين، وتغير خطابهم الذي أخذ طابع المحافظة والحذر مع شيء من مضمون الخطاب السلفي.
إن هذا النكوص كان يمكن أن يكون هيناً لو بقي رأي التيارات الدينية الإسلامية مثلما كان أيام السلف، لكنهم أخذوا يعودون بخطابهم لآراء الغزالي وابن تيمية، منادين بإيقاف الاجتهاد والاكتفاء باجتهاد السلف الذي كاد يصبح مقدساً لديهم، فأعطت الحق لنفسها بتمثيل الاسلام والنطق باسمه، وخاصة الإخوان المسلمين، حيث قرر مرشدهم العام حسن البنا أن الأعوج في المرأة رأسها، والمعتدل قلبها – فأية حكمة هذه التي تقال في القرن العشرين..؟-
أما سيد قطب فيؤكد أن الرجل متفوق، والإسلام قرر هذا التفوق( متى..؟)
كما رأى الشيخ عمر عبد الرحمن أن النظام القانوني الحالي الذي يرفض تعدد الزوجات، ويعتبر الطلاق ظلم للمرأة هو نظام كافر.
وأيضاً رأى محمد سعيد البوطي أن الضمانة الكبرى لبقاء الأمور على نهجها السوي هي أن لا تنزل المرأة إلى ميدان العمل من أجل الرزق إلاّ في أضيق الظروف.
الفصل الحادي عشر- المجتهدون الإسلاميون المعاصرون.
رغم إصرار الإخوان المسلمين على موقفهم المتشدد هذا، إلاّ أنه قد ظهر تيار من المثقفين المسلمين لهم منهج مختلف يعتمد على آراء تنويرية تتخذ من الإسلام الصحيح مرجعية لها، محاولين التأقلم مع متغيرات العصر، وتسلمت مناصب دينية رفيعة( مشيخة الأزهر)
يقول الشيخ محمد الغزالي: إن المسلمين انحرفوا عن تعاليم دينهم في معاملة النساء انتهت بالمرأة المسلمة إلى الجهل والغفلة البعيدة عن الدين والدنيا معاً، حتى قصروا وظيفة المراة على الجانب الحيواني.
كما وقف البعض الآخر من هذا التيار المتنور ضد تعدد الزوجات، وناشدوا المسلمين أن يأخذوا مسألة الطلاق بعين الجد ووجوب أسباب كافية له.
فهمي الهويدي، وهو باحث إسلامي معاصر ربط قضية المرأة بقضية المجتمع ربطاً كاملاً، وتساءل كيف يمكن أن تُصان حقوق الإنسان التي تخص المراة بينما تُنتهك حقوق الإنسان في المجتمع بأسره..؟
وكيف تُحل المشكلة الاقتصادية للمرأة في مجتمع يعاني من التخلف والفساد الإداري والاقتصادي..؟ ولا كيف ننقذ المراة من براثن العنف في مجتمع يُعد فيه العنف لغة الخطاب، ويمارس فيه القمع بحق الجميع، ولا تُصان فيه حرية الرأي.
الفصل الثاني عشر- المرأة في خطاب التيارات القومية والتقدمية.
ظهرت التيارات القومية والتقدمية في البلدان العربية ما بين الحربين العالميتين، ولأنها لم تتمكن من وضع نظرية كاملة وشاملة لمعالجة مشاكل وقضايا المجتمع كافة، وفي هذه الظروف لم تكن مشكلة المرأة مدرجة في سلم أولويات هذه التيارات والأحزاب والتي كانت تكتفي بشعارات المساواة، والمرأة عماد الأسرة والمجتمع. غير أن هذه التيارات لم توضح موقفها من المراة، وتعمق هذا الموقف بعد استلامها السلطة وإصدارها دساتير البلاد وقوانين الأحوال الشخصية، فكانت مواقفها قلقة ينقصها الكثير من الجدية والحزم، غير أن هذا القلق في الخطاب لم يرافقه قلق في الممارسة تجاه قضايا المراة فقد استجاب أنصار هذا الموقف لطبيعة التطور ومارسوا مواقف تقدمية تنم عن إيمان بحقوقها وقناعة بمساواتها نوعاً ما، لكن افتقادها للنظرية الشاملة لم يتح لها إدراج قضية المرأة في برامجها كما كان متوقعاً.
ومع أننا بدأنا نلحظ في العقود الثلاث الأخيرة تعيين النساء كوزراء، وهذه خطوة هامة إلاّ أنها لم تأتِ في سياق خطوة عامة تعترف بحقوق المراة، بل ربما كانت خطوة تُجاري التطور العالمي وتعوض شكلياً عن مشكلة المراة المستعصية، خاصة وأن مفهوم المراة القيادية لم يدخل في مخزوننا الثقافي بعد. من الواضح أن النصوص الدستورية في البلدان التي تولت السلطة فيها أحزاب أو تيارات قومية وتقدمية، خطت خطوات هامة نحو وضع قضية المرأة في إطارها الصحيح إلاّ أن هذه الدساتير نفسها نصت على أن الإسلام دين الدولة، والقرآن والسنة هما مصدر التشريع الأساسي، كما نوهت بأهمية العادات والتقاليد كمرجعية، لذلك جاءت كل القوانين والتطبيقات مختلفة عن النصوص الدستورية أو مخالفة لها في كثير من الأحيان، ولم ترقَ للمستوى الذي وصلته هذه النصوص، ولا تنبئ بالمساواة أو تأخذ حقوق المرأة بالجدية والشمولية التي أخذت بها هذه الدساتير، فمثلاً جميع الدساتير سمحت بتعدد الزوجات، والطلاق أيضاً بقي من حق الرجل، أما الإرث فبقيت الشريعة مرجعيته. وأخيراً فإن ولاية المراة المُطَلَّقة على أبنائها الذين يقعون ضمن حضانتها معدومة، فهي ليست أكثر من مربية وخادمة لهم وما عدا ذلك فليس من حقها.
إن قصور هذه القوانين لا يعود فقط للعادات والتقاليد أو الشريعة، وإنما لعدم القناعة الحقيقية لهذه الأحزاب والأنظمة بقضية المراة وحقها الطبيعي في المساواة والحياة.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية في الدين والمجتمع- - الجزء الثاني-
- المرأة العربية في الدين والمجتمع- عرض تاريخي لحسين العودات- ...
- دروب حريتكِ... معبّدة بإرداتكِ
- الصالونات النسائية عبر التاريخ
- أسرار ما قبل الولادة.؟؟!!
- الأطفال والهاتف النقّال منذ المرحلة الجنينية
- تربية الطفل وثقافته
- المُطَّلَقَة... بين محرقة الدعم ومطرقة المجتمع؟؟!!
- الأخلاق قيمة كلية غير قابلة للتحديث
- الآثار المترتبة على استلاب الطفل للشاشات
- ردّ على إيضاحات الحوار المتمدن الأخيرة.
- أمي...سنديانة الأمان...
- إلى المرأة في عيدها
- العنف الموجه للمرأة عبر الموروث القيمي والأخلاقي
- صعوبات التعلم عند الأطفال
- أدب الأطفال بين الثقافة والتربية- قراءة في كتاب -
- أهلاً .... عيد الحب؟!
- ميشيل منيّر والصين يعيدان الاعتبار إلى لين بياو
- المرأة والشرف مترادفتان متلازمتان بين سندان القانون ومطرقة ا ...
- خالد المحاميد وناكرو الجميل يهود إسرائيل


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - إيمان أحمد ونوس - المرأة العربية في الدين والمجتمع- الجزء الثالث والأخير-