ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 04:10
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
خروج سورية من حالة الصمت إزاء ما يحدث من تطورات إقليمية ساخنة يعد تحولاً سياسياً غير تقليدي، وكسراً جريئاً للتقليد السياسي الذي امتازت به معظم النظم العربية تجاه مختلف التطورات البعيدة عن ساحتها التي لا تلقي بظلالها الكثيفة
إلا ما ندر.
بالوقت الذي بدأت فيه تركيا حربها المفتوحة على حزب العمال الكردستاني (pkk ( المتمركز في شمال العراق ، سارع الرئيس السوري بشار الأسد بالذهاب إلى تركيا معلناً تأييده لخطوات الحكومة التركية ما أمّن الغطاء الإقليمي الداعم للحرب ضد الكردستاني ، الذي كادت العلاقة السورية الملتبسة معه أن تدفع الجار التركي لاجتياح مدينة حلب عام 1998، بينما خيم الصمت على مواقف الدول العربية من التحرك التركي ، حتى إيران الحليف الأقوى لسورية والجار القديم لتركيا لم يصدر عنها ما صدر من تأييد سوري حط ركابه في عاصمة القرار التركي ، تأييداً ودعماً فوق العادة .
كما لم يلاحظ أي موقف عربي لافت على ضوء ما حصل في أزمة القوقاز بين روسيا وجورجيا حول إقليمي اوسيتيا وابخازيا الانفصاليين ، مثلما هو عليه الموقف السوري الذي صب خانة الموقف الروسي في ظل تحفظ المواقف الأخرى توازياً مع زيارة الأسد الأخيرة لموسكو ، فالزيارة لم تأت من فراغ ، لها ما يحركها ، رغم ما أشيع من أنباء حول تسليح روسي متطور لسورية أو موافقة الأخيرة على استقبال منظومات صاروخية روسية (اسكندر) على أراضيها .
قد يكون موضوع السلاح عامل استفزاز لإسرائيل تسعى من ورائه سورية ، رغم النفي الرسمي، بالضغط على إسرائيل قدر ما استطاعت لتليين موقفها المتصلب من عملية السلام ، وهذا احتمال ضعيف ، أو لشد أنظار واشنطن إلى خطورة ما تتعرض له إسرائيل من تهديد مسلح ينبغي وقفه بالطلب المباشر من الكرملين وبملاقاة سورية والجلوس معها ملياً ، وهذا الاحتمال أقوى ، ولربما هو ما دفع أيهود اولمرت لمحادثة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف واعداً إياه بوقف تسليح
جورجيا مقابل الكف عن تسليح سورية .
مصدر هذا التأييد السوري نحو تركيا وروسيا نابع من رغبة النظام السوري في تحريك عجلات الديبلوماسية بشكل أكثر حيوية تجاه جميع العواصم ، أما الهدف الأكبر من وراء التأييد فهو لكسب المزيد من شرعية الأصدقاء (الترك - الروس) في سبيل البحث عن مكان دائم بينهم وبالتالي إقناع الآخرين (الغرب ) بجدوى التحرك السوري أو لإغاظتهم في حال الرفض ، أو لإيجاد البديل الجاهز عن إيران في حال انفرط عقد التحالف معها ، مع استبعاد فرضية حاجة روسيا للتحالف مع سورية ، على غرار ما هو حاصل مع إيران ، فما يهدد روسيا كدولة ، يختلف عما يهدد سورية وإيران كأنظمة ، وإلا بماذا نفسر غوص سورية – دائماً ما تبرر ما يحصل في لبنان بأنه شأن داخلي - في أزمات الآخرين ، أليس ما تقوم به تمايزاً يبتعد عما يقوم به العرب ؟.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟