اتفاقيات وانقسامات ....

ميروز الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 2383 - 2008 / 8 / 24 - 05:49
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

لا أدري ان كانت هذه القصة التي رواها لي صديق تفيد المتجادلين بشأن الاتفاقيات الستراتيجية طويلة الامد او تلك الاخرى غير الستراتيجية طويلة او قصيرة الامد ..... الا ان اهم ما فيها انها تجربة واقعية وحديثة تعكس التكوين والبنية النفسية للمواطن والمسئول من جهة كما تعكس بشكل مصغر الصراعات التي تجري على الساحة بشكل دائم وطبيعة التعامل معها ....
حصل في كلية علمية لجامعة احدى المدن العراقية انها تشكو نقص حاد في تجهيز المختبرات الضرورية لتغطية الجانب العملي والمهم من مناهج التدريس في تلك الكلية .....وهو امر موجود بشدة في اغلب الكليات وخاصة المستحدثة منها ... وكان لدوائر الاعمار والاغاثة التابعة لقوات الاحتلال نشاطات حذرة في تلك المدينة من تجهيز المستشفيات والدوائر ودعم المشاريع التي تقتنع بضرورتها .....
وبلا اطالة عرضت هذه الدوائر تجهيز تلك المختبرات بشكل كامل وحديث ....

وامام هذا العرض انقسم كادر هذه الكلية بين مؤيد ومعارض لهذه المساعدة القيمة حيث ان التجهيز من قبل الوزارة والجامعة يحتاج الى التنافس و توسلات التخصيص وعلى مدى قرون ....هذا عدا عن دوامة لجان الشراء والتدقيق والاستلام وما فيها من محاذير غش الشركات التجارية في المواصفات والمنشأ وشكوك نزاهة هذه الصفقات وما يلاحقها من لجان تحقيقية وتهديدات لجان هيئة النزاهة .....

وهذا الانقسام لكادر الكلية .... كان بالشكل التالي ....
القسم الاول كان يؤيد بشدة استنادا على مبدأ ( أحبك يا نافعي ولو كنت عدوي ) ....
القسم الثاني كان معارض بشدة ورفض اي مناقشة للموضوع متأثرا بفيلم ( الايام الطويلة ) ....
القسم الثالث انزوى صامتا وبدون موقف اقتداء بالقولين الدارجين ( النة الصافي وبالهزيمة غنيمة )
اما القسم الرابع كان محتارا ومتخبطا بين عدم رغبته بوضع يده بيد ملطخة بدم ابناء بلده ...وبين فائدة كليته و طلبته وابناء بلده ...
وبعد دراسة لسلبيات وايجابيات كل من الرفض والقبول قرر الموافقة على اساسين :
الأول : ان هذا التعامل يكون لخدمة الطلبة اواي شيء يصب في هذا المجال ودون فوائد شخصية ....
الثاني : ان يكون مبدأ القبول هواعادة مال المسروق من السارق وليس مساعدة طرف لطرف اخر ....

وبينما جلس القسم الاخير يعد قوائم التجهيزات ويدرس التفاصيل والمواصفات التي تتطلبها من جميع النواحي العلمية والعملية .....
اتجه القسم الاول الى ملازمة ابواب هذه الدوائر ليلا ونهارا للتنعم بشكل شخصي و باكثر ما يمكن من هذه العروض بينما اتجه القسم الثاني الى تحريض باقي مؤسسات وكليات الجامعة والتنديد والتهديد والخروج بمظاهرات تتوعد المتعاون مع المحتل بغضب السماء وتطالب المسؤولين بتطهير المؤسسة من العملاء والخونة ... فبدأ هؤلاء المسؤلين بدراسة كيفية العقوبات والتحضير لاعداد لجان التحقيق خوفا من تلك الجماهير والاحزاب الواقفة خلفها ....
حدث مالم يكن في الحسبان ....ان طلبت دائرة الاعمار تلك اسماء المنتسبين المتميزين على مستوى تلك الجامعة لتكريمهم وكان مستوى التكريم ضخم بشكل لا يوصف .....
فاخذ القسم الاول يسبقه القسم الثاني والثالث برئاسة المسؤولين ..... التسابق في ادراج اسماؤهم ضمن قوائم المنتسبين المتميزين.....
اما القسم الرابع الذي كان بعد تفكير وحيرة ...صاحب قرار وموقف مدروس بعيدا عن التحليق في سماء الشعارات او السقوط في حفر التملق والانتهازية .... شطب اي اسماء واردة له في هذه القوائم وبقى بعيدا يحرص على اكمال انجاز تجهيزات مختبرات كليته على افضل وجه .....

#ميروز_الصفار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات