لقد كان البيان الشيوعي,الشبح الذي جال أوربا,فأيقض,وأخرج من قمقم طبقيتها, القوة
الكامنه في الطبقة العاملة للقارة الأوربيه وكادحيها,حتى تحولت الى قوة جبارة فـــــــي
التنظيم والنضال من أجل الحصول على حقوقها وضمان مستقبل أبنائها..وفي العـراق
وفي العقد الثاني من القرن الماضي جال الشبح الشيوعي من خلال كتابات عـــــــــــدد
من العراقيين..لقد أيقضوا بكتاباتهم تلك, القوة الكامنه في الكادحين العراقيين,عمـــــالا
وفلاحين ومثقفين ثوريين..ومنذ تلك الأيام والشيوعية في العراق تجوب أعطافة كلهــا
شمالا..جنوبا..شرقا..وغربا.ولما تشكل الحزب الشيوعي ,تشكل من كل مكـــــــــونات العراق,فقد ضمت صفوفه,العربي والكردي والآشوري والكلداني والتركماني..المسلـــم
والمسيحي والمندائي والأيزيدي,لم يضع نظامه الداخلي أي حاجز بين أعضاءه,فقــــــد
كان يتطلع فقط الى القيمة الأنسانية الزاخرة بالخير والعطاء لدى الأنسان..لقد كان ولا
يزال الحزب ينظر الى الأنسان بأعتباره أثمن رأسمال في الوجود,ولما لم تتغير هــــذه
النظرة لديه,أزدحمت تنظيماته بكل الطيف العراقي,ولعمري هي واحدة من مفاخـــــــر
الشيوعية في العراق,التي لم يألفها أي حزب سياسي لحد الأن.
لم يتوقف النسيج الشيوعي العراقي من الأمتداد وفي كل الجهات..فنضالاته هي الــتـي
أسست لثورة14 تموز الخالده,وصانها مذ لحظة ولادتها,ففي عمرها الوجيز ســـــــير
الحزب أكبر تظاهرة مليونيه للطبقة العاملة العراقيه بعيدها في الأول من آيار 1959,
أزدهرت الحياة النقابية..أستضاف العراق أكبر محفل للسلم في العالم..قانون رقم 80
الخاص بتأميم الحقول النفطية المملوكة لشركات النفط الأجنبيه..قاون الأصـــــــــلاح
الزراعي..توزيع الأراضي على الفلاحين..توزيع الأراضي السكنية للفقراء وبالمجان
..الخروج من حلف بغداد..تحرير العراق من الجنيه الأسترليني..أول أمرأة تستــــوزر
في الوطن العربي..الجمعيات الفلاحية تعم كل المناطق الزراعيه..ألغاء قانون العشائر.
..قانون جديد للأحوال الشخصيه..الاف ا لبعثات الدراسيه الى الخارج..وعشرات من تلك المشاريع التي كانت تؤسس لقاعدة صناعية عراقية فاعله..والشيوعيون ماضــون
بكل حيوية الى الألق الذي تضيئه وطنيتهم وحرصهم على منجزات الجمهورية الفتيــه,
حتى غدت الشيوعية في العراق,صفحة يقلبها يوميا الآف العمال والفلاحين والكســـبة, في الشارع..في المدرسة والكلية والمعسكر..في البيوت الطينية والصباخ..لقد استحال
الشبح الشيوعي الى أنسان يرىفيه كل ملامح الأخلاص..وكان ديدنه الحفاظ على مـــا
أنجزته ثورة 14 تموز..الجمهورية العراقية.
وبالقدرالذي تعددت الجهات المستفيدة من الواقع الجديد الذي أخذت ترسي دعائمه ثورة
14 تموز,لاسيما الطبقات الأجتماعية الكادحة,كالعمال والفلاحين والبرجوازية الوطنيـة
والمثقفين وسواهم من الفئات الشعبية,وبالتأكيد فأن الممثلين السياسيين لمصالح هــــــذه الجماهيـــر,وهي الأحزاب السياسية, قد تحقق لها أنتعاش,وبالتحديد الحزب الشــيوعي العراقي,فغدت الشيوعية في العراق مدا لايقاوم,ولم يكن الا الشغيلة وحلفائهــــم أدوات
ومادة ذلك المد الذي أرعب أرعب أعداء الثورة وأعداء الشيــــــــــوعية,فأتحدت قواهم الشريرة بدءا من العام 1959فعرقلوا ما عرقلوا,وأغتالوا ما أغتــــــــالوا,ولأن سياسة الدولة لم تكن حاسمة بذلك القدر,ولأن نفس الأنفراد طغى على اليات عمل الســـــلطة
وبالأخص رموزها الفاعلة,فلابد للثورة أن تأكل أبنائها,وفعلا أكلت الثورة أبنائها.
أبان عمر الثورة القصير أعتبر الحزب الشيوعي العراقي أن تلك المرحلة هي مرحــلة
الثورة الوطنية الديمقراطية,ولابد من جهد وطني لأنجازها,فوضع على جدول اجنــدته
السياسية والتنظيمية,برنامجه الوطني لأنجاز تلك المرحلة.غير ان قوى الثورة المضادة
ومن يقف خلفها,من عرب عاربه وعرب مستعربه,كانت هي الأخري لها أجندتهــــــــا
المكتوبة خلف ظهر الثورة وناسها,فغمدت نصـــــلها المسمــــــوم في ظهــــر 14تموز ومنجزاته العديده,فكان يوم 8 شباط من العام1963, اليوم الأكثر سوادا وحلكــــــة في تأريخ العراق..ويعيد التأريخ نفسه,ولكن بمأساوية أكبر,فقد أعدم تحت التعذيب قــــادة
الحزب..ســـــلام عادل ..جمال الحيدري..محمد صالح العبلي,وعشـــــرات من الكوادر
المتقدمه في الحزب..عبد الجبار وهبي..عبد الرحيم شريف..حسن عوينه..محمد حسين
أبو العيس..متي الشيخ...محمد الوردي..مريم الكاظمي..سعيد متروك..توفيق منيــــر.. الست حميدة..وفي كل يوم من شباط كان الدم الشيوعي يروي حقول الشــــــــهادة في
العراق,حتى تجاوز أعداد الشهيدات والشهداء الآلاف..لقد كان يراد ليوم 8 شــــــــباط
الأسود أن يكون عرس دم للشيوعية,وكان لهم ما ارادوا,غير ان الشيوعية كما قـــــال
مؤسس الحزب, الخال فهد أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق..كان الحزب الشيوعي قويا,وسرعان ما ضمد جراحه,وعاود هديره..وطن حر وشعب سعيد,لتبقى
راية الشيوعية على أديم العراق زاهيتا بلونها الأحمر.
ومنذ ذلك اليوم الأسود لم يعرف العراق الأستقرار,طحنت طاحونة الفاشســــــت مئات
الآلاف من أبناء العراق الشرفاء,وهجرت مئات الألوف خارج العراق..توزع عـــدوان
الفاشيين العفالقه,حتى على جيرانهم وحلفائهم..لم ينجو من الهمجية احد..عووا بكـــــــل
حناجرهم" العراقيون بعثيون وأن لم ينتموا"..أحكموا سلطان فاشيتهم..داسوا كرامـــات
الناس بالمداس..جعلوا الأم تنكر حليبهاوالأب يخاف نميمة طفله في المدرسة..ســـــعوا
الى تشويه الأخلاق وتدميرالنفوس,لم يكن الا لون واحد الذي يريدون..اللون العفلــقـــي
الصارخ بكل وحشيةالحيوان.
ما العمل؟ أجاب الحزب على هذا السؤال الأزلي بأن رفع شعار الكفاح المسلح كأحـــــد أشكال النضال,لمواجهة الفاشية التي فرخها العفالقة في العراق,شأنه في ذلك شـــــــأن العديد من الفصائل الوطنية,وكانت جبال كردستان العراق حاضنة ذلك النوع الجديـــد مــــــــن النضال الذي استمر أكثر من عقد من السنين,والشيوعيون العراقيون رفيقات
ورفاق,مهندســــــــــون وأطباء ,علماء وفنانين,عمالا وفلاحين,طلابا وكادحين,مثقفين وحالمين ..الاف من الشيوعيــــــــــــــــات والشيوعيين, حملوا السلاح أستجابة لوجهة الحــــــزب,وسكنوا سفوح الجبل ومغاراته ..وأيضا سقت دماء الشــــيوعيين شجرتهم اليانعه الوارفه..لقــــــد أستشهد المئات من الأنصار ,أنصار الحزب الشيوعي العراقي,
أستشهد العشرات من الرفيقات والرفاق,ولعل أكثرها هولا ,هي مجزرة بشت أشــــان..
من لايذكر الشهيده موناليزا..من ينسى الشهيده عميده عذبي..من ينسى الشـــــــــهيده أم ذكرى..من لايبتسم لملح الشهيد أبو كريم..من يضاهي الشهيد أبو سحر طيبته..من لا
يتذكرالفنان المسرحي الشهيد شهيد رضا..من لايسرح برسومات الفــــــــــنان التشكيلي
فؤاد يلداوتخطيطات الشهيد معتصم عبد الكريم..وأبووطفاء الشاعر الشهيد..القائمـــــــة
مزدحمة بالشهداء الأنصار..أنصار الحزب الشيوعي العراقي .
ورغم انهيار الأتحاد السوفيتي وحل الحزب الشيوعي السوفيتي,وأنهيــــــــار المنظومة الأشتراكية,حصن الأشتراكية والحركة الشيوعية العالميه,ورغم أنحسار الشيوعية في
العالم,وتقلص أمكانات عمل الأحزاب الشيوعية وأنكمـــاش ساحتها,وأرتفاع الأصوات
الداعيه لحل الأحزاب الشيوعيه,او تغيير أسماءها..أو..أو من البدائل الكسيحه..لم يكن
الحزب الشيوعي العراقي,غير مكترث بما يجري,وكان يستمع لكل ما يقال ..قلب الأمر
وعقد العزم وعقد مؤتمره الخامس,والذي سماه المؤتمرون بمؤتمر الديمقراطيــــــــــــة والتجديد,وبذلك شهدت ربوع كردستان العراق مؤتمر الحزب الخامس,الذي وضــــــع
الشيوعيين العراقيين أمام عتبة جديدة من النضال,نضال يأخذ بحسبانه كل المتغيرات التي عصفت بالعالم ويرسم سياسته على ضوء المتغير والجديد,كيف لا والمادية الجدليه تقول " الظروف الموضوعية تلغي القوانين الوضعيه". ومنذ ذلك المؤتمر الى
هذه الأيام التي يستعد فيها الحزب لعقد مؤتمره الثامن,أتفق الشيوعيين العراقيين على
عدم تغيير أسم الحزب,لأن اسم الحزب الشيوعي العراقي له رنين وجرس مميز في
ضمير وذاكرة العراقيين,فسبعين عاما من النضال من أجل مصالح الكادحين قد بنت
في الوجدان العراقي حقيقة أن للشيوعية في العراق حضور دائم.