|
قصتي مع مصحف فاطمة
بشير المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 02:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البدء اعلن انني لم اكتب او اروي قصة من قبل لكنني سوف احاول ان اسرد الاحداث كما وقعت وكما شعرت بها . بعض التفاصيل دونتها في مذكراتي وبعضها قد سكن عميقا في ذاكرتي ، بدات قصتي مع فاطمة الزهراء ومصحفها في كافتريا الجامعة حينما اثار احد الزملاء موضوعا حول القران والمصاحف ، في البداية لم اكن مباليا بالموضوع لكن سخونة الجدل اخذت تثيرني بعد ان انزلق بعض الزملاء بمهاجمة عقائد التشيع جملة وتفصيلا . لم اكن طرفا رئيسيا في حمى الجدال التي تصاعدت ابخرتها ، لكنني بدات اسجل التساؤلات وادونها في مفكرتي . وانفض المجلس بالاتهامات المتبادلة ورشقات من الاحكام التي اطلقها كلا الفريقين وعادت كل جماعة ببطلها متبخترة . ولم يكن ذلك الجدل لا اول ولا اخر جدل تضج به موائد الكافيتريا لكنني في مساء ذلك اليوم وحين فتحت كراستي للمذاكرة وجدت نفسي اعيد قراءة تلك التساؤلات من جديد ، ومن دون ان اشعر بدات اسطر كراستي تولد اسئلة واسئلة ، وفي الصباح اكتشفت ان تلك التساؤلات قد التهمت صفحات كثيرة . تناولت فطوري وقررت ان اغلق باب السؤال واحتفظ بتلك التساؤلات للذكرى . مرت اسابيع والحيرة خلف ذلك الباب الموصود تكبر وتكبر ، راجعت بعض المجلات والكتب الدينية ولكن دون جدوى ، شكوت لصديق لي ما اعاني من حيرة حول هذه التساؤلات التي راحت تتعطش لجواب يرويها ، وقضينا بعض الاماسي في مناقشتها عسى ان نصل الى اجوبة حاسمة ومع مرور الوقت بدات اكتشف ان هذا الموضوع ليس عابرا بل ان اهتمامي به يتضاعف بشكل كبير ،ويبدو ان حالتي اقلقت صديقي فدلني على قريب له يدرس في كلية الشريعة الاسلامية . تطلع طالب الشريعة الى كراس الاسئلة وقلبها بتمعن ثم انفجر ضاحكا حملقنا فيه طويلا قبل ان يتشبث بالكلمات وهو يقول: لو اجبتك على هذه الاسئلة لحصلت على شهادة الدكتوراة. سحبت الكراسة من يده ، فاعتذر بلطف، وقبل ان نودعه لطم صدغة وهو يقول :وجدتها. ولم نبالي به لكنه صرخ وهو يقول : صدقوني . سوف تحصل على ماتريد من اجوبة من شخص فاهم عالم . - تقصد رجل دين ؟ ابتسم ساخرا – اقول لك فاهم عالم ......لكنه لايصرح بذلك -ماذا تقصد؟ -انه شيخ اقصد رجل كبير في السن لديه محل لبيع الكتب ، لا يتحدث كثيرا مع الزبائن ولا يعاملهم .. -اذن كيف سأسأله كل هذه الاسئلة؟ -عليك ان تحاول وتجد الطريقة ، وانا سوف اكتب لك العنوان.. * رسمت عشرات الصور لذلك الشيخ واحدة بلباس رجل دين واخرى بملابس بيضاء وحزام اخضر او اسود وثالثة بلحية كثيفة وشوارب مصفرة وبالطبع فأن الدكان هو نفسه ، محل ضيق تتكدس فيه الكتب الصفراء وكرسي خشب قديم . بعد عدة ايام حملت كراستي وذهبت بحسب العنوان ، ولم يكن في الشارع أي محل لبيع الكتب بحسب ما تصورت ، ترى هل اعطاني طالب الشريعة عنوان خاطيء هل هذه ، نكتة من نكاته ، قررت العودة وعلى ناحية الشارع خرجت فتاة تحمل مجموعة من الكتب ، لكنها المكتبة غير المكتبة التي تصورتها فالرفوف فضية والديكورات زجاجية والانوار تعكس الوان اغلفة الكتب و المجلات والأقراص الليزرية . بدات أقرأ عناوين الكتب من خلف الواجهة الزجاجية وانا افكر فيما عسى ان يفعله شيخي في مثل هذه المكتبة وسرعان ما خرج رجل كبير السن يلبس صدرية جلدية وبدأ يسقي شجيرات الزهور امام المكتبة . - اذن فهو عامل بسيط في معرض الكتب هذا. دلفت الى داخل المكتبة كانت خالية من الزبائن ، دخل الرجل المسن الى قاعة المكتبة كنت اراقبه بطرف عيني متظاهرا بقراءة العناوين. اختفى عن ناظري في غرفة جانبية بضع لحظات خلع فيها صدريته وعاد يجلس امام جهاز الحاسوب . - هذا هو شيخي: عصري جداً ، لكني كنت احبه بالثياب القديمة والكتب الصفراء والدكان الضيق ذو الرطوبة الخانقة ولكن لماذا علي ان اتصور ان كل من يفهم في الدين فيجب ان لاينتمي للعصر الذي يعيش فيه ، هل كان الائمة المعصومين يلبسون الا ما يلبس الناس في عصرهم ويتحدثون لغتهم ويتخاطبون بما يعرفونه من العلوم والفنون . كان الزبائن يدخلون ويخرجون وانا اقلب الكتب او اقف لدقائق طويلة امام الرفوف ، كنت أخشى أن أقول له ما اريد فيعتذر ، بل كنت اصلا لااعرف كيف ابدأ ، كان الظلام قد حل وتحولت الانوار الى شموع وهاجة شعرت به يقترب مني ... قال : البحث في عناوين الكتب لن يريحك . اشتري الكتاب الذي تحتاج اليه وانا اعينك بسعره لاادري لماذا اجبت بسرعة: لكنني لم آت لشراء الكتب . بدأ يحملق بي ،ترى ماذا سيظنني سارق فاشل على سبيل المثال ؟! اكملت متعلثما : جئت لكي ابيعك ..... قاطعني : لكننا لن نشتري الكتب المستخدمة . وضحت له : جئت ابيعك كراستي هذه ابتسم وهو يتناولها من يدي بلطف : هل انت مؤلف اجبت باحباط : كلا .. بل متسائل . وبدأ يقلب صفحات كراستي وهو يقول ومن قال لك اننا نشتري التساؤلات. وكانني الهمت الجواب فقلت: حتى لو كان فيها راحة انسان! رمى الي بكراستي وسار بلا مبالاة لحقت فيه محتجاً : اذن لماذا تعلق يافطة ضوئية اكبر من حجم الانسان بعشرة مرات (مكتبة انسان!)؟ كنت ارتعش ، شعرت بجسدي ينتفض التفت الي مهدئا : يبدو انك عانيت من هذه التساؤلات . - عانيت بل شقيت ، تالمت ، سهرت ، الاسئلة تتوالد سمعت محاضرات تسمرت امام الفضائيات ، الاجوبة متوفرة لكنها كالطلاء الرخيص يمكن ان تزيلها قطرات من المطر او تغيرها ذرات من التراب . - وما ذا تظني عالم دين ، احد المشايخ ، خطيب منبر ، مؤلف كتب ؟؟؟ - لكن القاريء الواعي هو افضل من هؤلاء جميعا ، حتى من يؤلف ربما لايعرف سوى وجهة نظره ، لكن من يقرأ يعرف اراء الجميع ، وكما يقول الامام الصادق سلام الله عليه : اعلم الناس اعلمهم باختلافهم . فأنا لا ابحث عن رأي انتصر به ولا عن حجة اجادل بها ، بل ابحث عن المعرفة التي لاتقدم لي الحقيقة بل بالقدرة على ان اتفاعل معها واستوعبها . - ولماذا مصحف فاطمة ؟ اقتربت منه مبتسما : ببساطة لانه المكان الذي صحوت فيه ، او الذي ولد به عقلي الجديد . - حسناً .. سوف نلتقي كل مساء بعد دوامي في المكتبة في غرفة القراءة خاصتي فلها باب مطل على الفرع الخلفي . - أشكرك كثيرا يا....يا...شيخ - لاباس فقد كنت يوماً كذلك .. ولكن قل لي من وشى بي ودلكَ علي ؟! +انه احدهم وسوف اخبرك به لاحقاً . * كنت انتظر الموعد بفارغ الصبر ،وقبل الموعد بنصف ساعة كنت اسير في الشارع الخلفي، ومرت الدقائق ببطأ ،وبدأت قطرات المطر تتساقط ذهبت الى المكتبة كان قد اغلقها للتو ، عدت الى الشارع الفرعي قررت ان اطرق الباب ، فاقتربت ومع الطرقة الاولى انفتح الباب كان الباب مفتوحاً وسمعت صوته من الداخل : ادخل ايها المتسائل جفف نفسك ريثما اعد الشاي . - اذن فقد كنت تتوقع مجيئي قبل الموعد . - لكن هذه ملاحظة سلبية حينما يدفعنا التحمس للحضور قبل الموعد او تؤخرنا اللامبالاة في الحضور حسب الموعد وفي كلتا الحالتين نحن نسيء الى ديننا . - كيف؟ - الاسلام اراد بناء الحضارة لأقوام لم تكن متحضرة ، اراد الدين ان يقدم امكانية على الترويض الحضاري بعد ان استطاع الدين ان يبني الانسان وان يبني مجتمع وان يبني اخلاقه وان يبني الايمان. - تقصد ان هناك وظيفة حضارية للاسلام مع وظيفته الايمانية . - نعم.. - لكن للحضارة مقومات ربما توجد او لاتوجد على عكس الايمان والذي مادته الانسان . - بالطبع لانعني بالحضارة فقط المرتكزات المادية وان كان الاسلام قد قدم مبادرات لتفعيلها وفقا لضوابط الانتاج التي يسعى الى ترسيخها . لكنني اقصد بناء الانسان المتحضر والذي هو المادة الاساسية لبناء الحضارة ، والالتزام بالمواعيد سمة من مئات السمات التي تمتاز بها الشخصية المتحضرة . لقد كان الدين مدخلا لتحضر العرب ، والا فاِن الله موجود في كل الاوقات لكن الالتزام باداء الصلاة والصوم وعبادات اخرى في اوقات دقيقة جداً ترويض لشخصية العربي المتمرد على نمط من الالتزام وفقاً او انطلاقاً من قوة العاطفة الدينية . - كأنك تحسر الاسلام على العرب ! - كلا.. لكن العرب هم المادة الاولى التي تفاعل بها الاسلام وما حدث بعد ذلك تراكمات لتفاعلات سابقة . - لكن المسلمين بنوا اعظم الامبراطوريات والدول ... - جاهل في التاريخ من يقول ذلك ، فقد بنى البابليون والاشوريون والفراعنة والاغريقيون امبراطوريات اعظم . لكن وظيفة الدين في مرحلته الاسلامية لم يكن بناء دولة بل بناء انسان متحضر ،فقد نستطيع وبسهولة ان نأت بقاض عادل لكن من الصعوبة ان نصل الى مجتمع عادل ،من خلال انسان عادل. - لكننا لم نصل حتى الى مرحلة بناء سلطة عادلة في تاريخنا الاسلامي . - وهذا كان سمة الخلاف بين اسلام قريش واسلام ال البيت سلام الله عليهم ، فاسلام قريش كان هدفه ترسيخ سلطة قريش برجالاتها او باسرها المتنفذة بينما واصل ال البيت السعي في تحقيق هدف الاسلام في بناء الانسان المتحضر الى زمن الغيبة . لذا فعند حديثنا عن مصحف فاطمة وتساؤلاتك المتفرعة عنه ستجد ان هناك خطا فاصلا بين اسلام قريش وهو اسلام يكرس العداء والعصبية والاعتداء والغاء الاخر وبين اسلام ال البيت وهو اسلام يكرس المفاهيم الاصيلة للدين باعتباره مساحة للمحبة والتعاون والعمل البار واحترام الاخر . - كان بودي ان اسألك عن الاسلام قريش لكني متشوق للسماع حول مصحف فاطمة . - اذن وبعد ارتشفت شايك الساخن تستطيع ان تبدأ بما يحيرك من تساؤلات .
• فاطمة .. ام صراع عقيدي
- اذن فقد جئت في الموعد المحدد بالضبط - بلى.. لكي اكون مسلم متحضر . - وهل جلبت معك قلم واوراق للكتابة - كلا... واخرجت جهاز صغير جدا من نوع mp3 صغير جداً وقلت مبتسما : لنبدأ التسجيل ولنبدأ عن حكاية الصراع حول مصحف فاطمة ثم نتحول بعد ذلك الى التفاصيل والتوضيحات الموضوعية . - لقد أثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الكتاب واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيت سلام الله عليهم ، تارة باستغلال اسمه باعتبار انه يطلق عليه اسم مصحف – وجعله بابا لاتهامهم بأنهم لايعترفون بالقران الموجود بين الدفتين والمتداول بين المسلمين ، فيوقعون الناس في وهم بان مصحف فاطمة المذكور هو القران الذي يعتقده الشيعة. ويذكر العاملي في كتابه الانتصار ج3 ص 289 (انه حيث توجد روايات نقص القران وزيادته في بعض مصادر الشيعية طبل أتباع ابن تيميمة وزمروا باتهام الشيعة بأنهم لايؤمنون بالقران ! وانهم يعتقدون انه محرف ! وان عندهم قران آخر وهو مصحف فاطمة سلام الله عليها او مصحف علي المودع عند امامهم الغائب المهدي سلام الله عليه فأنى اتجهت في صفحات الانترنت تجد مواضيعهم وكلامهم المكرور حول هذه التهمة - وما هو رد الشيعة ؟ - هناك نوعين من الرد الاول هو رد بعض المعاصرين وهو يقلل من اهمية الروايات حول مصحف فاطمة ويقلل من اهمية هذا المصحف بل ينفي حتى وجود كتاب بعنوان مصحف فاطمة ومن امثلته رد الشيخ العلامة (محمد جواد مغنية ) في كتابه الشيعة في الميزان ص61 حيث يقول بعد ان يثبت ان الشيعة لاتقول بزيادة اونقصان القران (وبعد هذه الوقفة القصيرة مع الشيخ ابي زهرة نعود الى الحديث عن مصحف فاطمة وقد جاء ذكره في اخبار اهل البيت مع تفسيره ، وانه كان من املاء رسول الله على علي ، قال الامام الصادق : وعندنا مصحف فاطمة ، اما والله مافيه حرف من القران ولكنه املاء رسول الله وخط علي ، قال السيد محسن الامين في "الاعيان "قسم اول من ج1 ص248 : ان نفي الامام الصادق ان يكون في شيْ من القران لكون تسميته بمصحف فاطمة يوهم انه احد النسخ الشريفة فنفى هذا الايهام . وفي كتاب الكافي ان المنصور كتب يسأل فقهاء اهل المدينة عن مسألة في الزكاة فما اجابه عنها الا الامام الصادق ولما سئل من اين اخذ هذا ؟ قال : من كتاب فاطمة . اذن مصحف فاطمة كتاب مستقل وليس بقران فنسبة االتحريف الى الامامية على اساس قولهم بمصحف فاطمة جهل وافتراء والاولى نسبة هذا القول الى الذين زعموا بان لعائشة قرآنا في زيادات عن هذا القران . قال جلال الدين السيوطي في كتاب"الاتقان" ج2 ص25 طبعة حجازي في القاهرة ما نصه بالحرف : ( قالت حميدة بنت ابي يونس قرأ ابي ، وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة "ان الله وملائكته يصلون على النبي ياايها امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون في الصفوف الاولى " ارايت كيف يتهمون غيرهم بما هم به اولى .. ). - اذن فالموقف من مصحف فاطمة يؤجج صراعا عقيديا بين الشيعة ومناوئيهم . - بالاعتماد على جملة امور من ابرزها مصحف فاطمة فان اعداء الشيعة يتهمونهم بـ : الكفر عدم اعترافهم بهذا القران شذوذهم بالمعتقدات خروجهم عن الاسلام وهو ما يعطي مساحة كافية لاصدار فتاوى التكفير والقتل والذبح والردة والابادة الجماعية بحقهم ومحاربتهم والتحريض ضدهم واغراء الاخرين بهم . - لكن الا تعتقد انه كان على علماء الشيعة ان يبينوا الحقائق الموضوعية حول هذا الموضوع. - منذ اكثر من الف عام والشيعة يقومون بذلك الطرح الموضوعي وهو من النوع الثاني من رد معضم علماء الشيعة الذين يؤكدون على الاهمية الخطيرة لمصحف فاطمة ويمكن ان نلخص معظم محاور الرد في النقاط الاتية : 1- ان المصحف في اللغة من اصحف بالضم – اي جعلت فيه الصحف وسمي المصحف مصحفا لانه اصحف اي جعل للصحف المكتوبة بين الدفتين . ( كما مذكور في القاموس المحيط ، الفيروز اباد بمادة صحف ، و ( لسان العرب ) لابن منظور مادة صحف ). وجاء في كتاب اضواء على عقائد الشيعة الامامية للشيخ جعفر سبحاني ص 583 مانصه (لا شك أنه كان عند فاطمة مصحف ، حسبما تضافرت عليه الروايات ، ولكن المصحف ليس اسما مختصا بالقرآن ، حتى تختص بنت المصطفى بقرآن خاص ، وإنما كان كتابا فيه الملاحم والأخبار . المصحف : من أصحف ، بمعنى ما جعل فيه الصحف ، وإنما سمي المصحف مصحفا ، لأنه جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين . ولم يكن ذلك اللفظ علما للقرآن في عصر نزوله ، وإنما صار علما له بعد رحيل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال السيوطي : روى ابن أشتة في كتاب المصاحف أنه لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبو بكر : التمسوا له اسما ، فقال بعضهم : السفر ، وقال بعضهم : المصحف ، فإن الحبشة يسمونه المصحف قال : وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف). 2- نسبة المصحف الى فاطمة سلام الله عليها لايقطع بان هذا الكتاب او المصحف هو من تاليف الزهراء فاطمة وان كان يدل دلالة اكيدة على انه مختص بها سواء ورثته في حياة ابيها كما تشير المصادر المتفق عليها للشيعة كما في : • الايضاح/الفضل ابن شاذان الازدي / ص 462 . • عيون اخبار الرضا : ج1 ص40 وص 44 وص46 . • الاختصاص ص210 . • الامالي للطوسي ج1 ص297 . • الخصال ج2 ج2 ص 477 -478 . • كمال الدين ص 305 وص 313 . • الكافي – ج1 كتاب الحجة ص 138 . • بحار الانوار – العلامة المجلسي ج26 ص18 وص 38 وص 39 وص 52 . • دراسات في الحديث والمحدثين – هاشم معروف الحسني ص300 . • معالم المدرستين – العلامة مرتضى العسكري ج2 . اما الفرض الثاني فيقول ان مصحف فاطمة اختص بها بعد وفاة ابيها . فنسبة المصحف الى فاطمة لايعني بالضرورة انها هي التي ألفته وكتبته كمايؤكد على ذلك السيد جعفر مرتضى في كتابه مأساة الزهراء ص107 حيث يقول (إن نسبة المصحف إلى الزهراء ، وقولهم : " مصحف فاطمة " لا يعني بالضرورة أنها هي التي ألفته وكتبته ، فأنت تقول : هذا كتاب فلان ، إذا كان له نوع ارتباط به ولو من حيث ملكيته له ، وتقول : هذه ساعة فلان ، وقميص فلان ، وبيت فلان ، ولا يعني ذلك أنه هو الذي صنع الساعة ، أو بنى ، أو ملك البيت ، أو حتى خاط القميص ، فضلا عن أن يكون قد نسجه ، أو ما إلى ذلك . وفي الرواية : مسجد المرأة بيتها ، ويقال : لا تخرج المرأة من بيتها إلا بإذن زوجها ، مع أن لها مجرد السكن في البيت . ولأجل ذلك يقال أيضا : زبور آل داوود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، ويقال أيضا : مصحف عثمان . ويقال كذلك : صحف إبراهيم وموسى ، ودعاء كميل وعهد الأشتر). - لكن التداخل مايزل قائما عند من لم يرغب في رؤية الحقيقة ، فوجود لفظة المصحف في نعت مصحف فاطمة يسمح لاصحاب الاغراض ان يقولو ان للشيعة مصحف غير مصحفنا هو مصحف فاطمة ، وانه اوحي لها قبل او بعد وفاة النبي . - عزيزي ان صاحب الاغراض السيئة والاهداف المشؤمة لاتردعه الروايات الصريحة ولا الادلة القاطعة ، لانه ينطلق من مسبقات وقبليات تدفعه لبناء مواقفه واوهامه . والا فان الروايات الشيعية تصرح بصورة قاطعة بان مصحف فاطمة ليس قرانا . - اذكر لي مصدرا للتوثيق . - المصادر والمراجع الشيعية الموثقة لهذا كثيرة نذكر منها: • بحار الانوار ج26 ص42 رواية 74 باب 1 (عن علي بن سعيد عن ابي عبد الله سلام الله عليه ... مافيه اية من القران). • بحار الانوار ج26 ص46 رواية 84 باب 1 (عن علي ابن الحسين عن ابي عبد الله سلام الله عليه ... وعندنا مصحف فاطمة اما والله مافيه حرف من القران ) • بحار الانوارج26 ص33 رواية 50 (عن عنبسة بن مصعب قال : كنا عند ابي عبد الله سلام الله عليه ... ومصحف فاطمة اما والله ما ازعم انه قران ) . • بحار الانوار ج26 ص 39 (وما يدريهم ما مصحف فاطمة قال : فيه مثل قرانكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه من قرانكم حرف واحد ) • بحار الانوار ج26 ص48 ( عن ابي حمزة عن ابي عبد الله سلام الله عليه قال : مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ) • دلائل الامامة( لمحمد بن جرير الطبري ( الشيعي ) ص104 (عن ابي البصير ، قال سألت ابا جعفر محمد بن علي سلام الله عليه عن مصحف فاطمة سلام الله عليها فقال : انزل عليها بعد موت ابيها ، فقلت ففيه شيء من القران ؟ قال ما فيه شيء من القران ) • بصائر الدرجات ص156 حديث 14 ( قال وما خلفت فاطمة مصحفاً ماهو قران ولكنه كلام الله ... ) • شرح احقاق الحق للسيد المرعشي ج28 ص519 . • ماساة الزهراء للسيد جعفر مرتضى ج1 ص109 . • اضواء على عقائد الشيعة الامامية للشيخ جعفر سبحاني ص 584 . • شرح الزيارة الجامعة للسيد عبد الله شبر ص 82 • دراسات في الحديث والمحدثين لهاشم معروف الحسني ص 300 وما بعدها • معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري ج2 ص317 • مكاتيب الرسول للاحمدي الميانجي ج2 ص31 وملخص ماتذكره هذه المصادر والمراجع من كتب الشيعة ان مصحف فاطمة هو كلام الله وهو بحجم قراننا ثلاث مرات وانه مصدر اساسي من علم الامامة . - لكنني اشعر ان المسألة اكبر من الاختلاف حول مفردة المصحف ونسبته الى فاطمة او تراشق الاتهامات والاعتراضات بين الشيعة ومناوئيهم . المسألة اعمق واكبر واذا لم يدركها بسطاء العامة من كلا الطرفين فان رجال الدين لدى الفريقين قد ادركوا خطورة المسالة لكنهم لم يظهروا سوى مظاهر بسيطة تسوغ لهذا الطرف الاعتداء على التشيع وتلهم الشيعة اسقاط التهم عنهم . - حسنا.. لقد بدات تشعر ان مصحف فاطمة بوابة لحقائق اعظم ضلت مكتومة في صحف الاقدمين وقلوب الباحثين ...انا ارى الحيرة تتالق في عينيك ، فكر وتامل وفي اللقاء القادم نكمل ما ابتداناه .
•
فاطمة والمطر
صرفت الايام الماضية اقرأ عن حياة الزهراء ، عن طفولتها مع امها السيدة خديجة تلك المراة الموحدة التي احتضنت دعوة الرسول محمد ، وصبرها العظيم في تحمل الشدائد من اجل نشر الايمان الصحيح في امة كانت ماتزل ترزخ تحت وطئة الو ثنية والطوطمية وفي ادنى درجات الرقي الحضاري . قرأت عن شباب فاطمة الزهراء وتعرضها لأذى قريش ، قرأت عن صمود فاطمة وصبرها في التمسك بمبادئ الإيمان الصحيح ، قرأت عن معاناتها وجروحها التي رافقت ريعان شبابها ، قرأت عن زواج فاطمة واغتيالها بأنياب الجريمة ،قرأت عن خناجر الحقد التي مزقت زهرة شباها واسقطت جنينها من احشائها .. كنت استذكر بعض ما قراءت وانا في مسيرتي الليلية الى مكتبة انسان ، كانت حركة المارة قليلة بفعل البرد الشديد وقطرات المطر الصغيرة تضرب الاسفلت محدثة انات تكاد لاتسمع عندها تذكرت وصية الزهراء بان تدفن ليلا ويمحو قبرها ،وبدون ان اقصد بدائت اردد بعض اهات القوافي للدكتور الشيخ أحمد الوائلي وهي تداعب اوتار المشاعر حول فاطمة . ( كيف يدنو إلى حشاي الداء * وبقلبي الصديقة الزهراء من أبوها وبعلها وبنوها * صفوة ما لمثلهم قرناء أفق ينتمي إلى أفق الله * وناهيك ذلك الانتماء وكيان بناه أحمد خلقا * ورعته خديجة الغراء وعلي ضجيعه يالروح * صنعته وباركته السماء أي دهماء جللت أفق الإسلام * حتى تنكر الخلصاء أطعموك الهوان من بعد عز * وعن الحب نابت البغضاء أأضيعت آلاء أحمد فيهم * وضلال أن تجحد الآلاء أيها الموسع البتولة هضما * ويك ما هكذا يكون الوفاء ثم فيها إلى مودة ذي القربى سبيل * يمشي به الأتقياء أيذاد السبطان عن بلغة العيش * ويعطى تراثه البعداء وتبيت الزهراء غرثى ويغذى * من جناها مروان والبغضاء أتروح الزهراء تطلب قوتا * والذي استرفدوا بها أغنياء يا لوجد الهدى ، أجل وعلى * الدنيا وما أوعبت عليه العفاء نهنهي يا ابنة النبي عن الوجد * فلا برحت بك البرحاء وأريحي عينا وإن أذبلتها * دمعة عند جفنها خرساء وانطوي فوق أضلع كسروها * فهي من بعد كسرهم أنضاء وتناسي ذاك الجنين المدمى * وإن استوحشت له الأحشاء وجبين محمد كان * يرتاح إليه مبارك وضاء لطمته كف عن المجد * والنخوة فيما عهدتها شلاء وسوار على ذراعيك من * سوط تمطت بضربه اللؤماء في حشايا الظلام في مخدع * الزهراء آه ولوعة وبكاء وهي فوق الفراش نضو من * الأسقام كالغصن جف عنه الماء ألرزايا السوداء لم تبق منها * غير روح ألوى بها الإعياء ومسجى من جسمها وسمته * بالندوب السياط كيف تشاء وكسير من الضلوع تحامت * أن يراه ابن عمها فيساء فاستجارت بالموت والموت للروح التي أدها العذاب شفاء وبجفن الزهراء طيف تبدى * فيه وجه الحبيب والسيماء وذراعا خديجة وابتهال * الأم تشتاق فرخها ودعاء فتمشت بجسمها خلجات * ومشى في جفونها إغماء وبدت في شفاهها همهمات * لعلي في بعضها إيصاء بيتيمين وابنتين ويا للام * نبض بقلبها الأبناء ووصايا نمت عن الهضم والعتب روتها من بعدها أسماء ثم ماتت ولهى فما أقبح الخضراء مما جنوه والغبراء سجيت في فراشها وعلي * وبنوه على الفراش انحناء وتلاقت دموعهم فوق صدر * كان للمصطفى عليه ارتماء وعلي بمدمع يقتضيه الحزن سكبا وتمنع الكبرياء فاحتوى فاطما إليه ونادى * عز يا بضعة النبي العزاء وتولى تجهيزها مثل ما أوصته من حين مدت الظلماء وعلى القبر ذاب حزنا وندت * دمعة من عيونه وكفاء) طرقت الباب ، القيت التحية ، وقف امامي الاستاذ متسائلا قبل ان يقول : كأنك تبكي ! مسحت وجهي اكتشفت ان الدموع كانت تنزلق من عيني قلت : كأنه المطر انتظرت الاستاذ يذهب لاحضار الشاي وعندها شعرت ان قلبي يكاد ينفجر فأجهشت بالبكاء . * - يبدو ان مأساة فاطمة الزهراء قد لامست قلبك . قال الاستاذ هذا وهويتطلع الى عيني المحمرتين ، ثم اردف : ولكن هل تدرك لما أصبحت المأساة بهذه القوة التأثيرية ؟ - ربما لان حياة الزهراء هي سلسلة من الفواجع ابتدأت بفقدانها لامها السيدة خديجة وتحملها لاذى المشركين الذين كانوا يناصبون رسالة التوحيد العداء ثم هجرتها مع المسلمين الاوائل الى المدينة وما تبعها من حروب قدمت فيها أعزائها وأقربائها ثم وفاة أبيها واغتصاب قريش الخلافة من زوجها وتمعنهم في ايذائها واذلالها ومنعها ميراث ابيها ثم اهانتها على الملا من العامة وضربها وحرق بيتها ومحاولة قتل زوجها واسقاط جنينها مما ادى الىى مرضها وموتها وهي في ريعان شبابها . - اوافقك الراي في كل ما ذكرت فهذه السلسلة من الفواجع تمزق القلوب وتدمي الروح وتجعل من شخصية الزهراء مأساة تتنقل عبر الاجيال وتحتل في ذاكرة الزمن منصة الخلود . لكن ليست المعاناة وحدها هي التي صنعت هذه المأساة بل ان هناك عاملين اخرين . - وما هما ؟ - العامل الاول قدسية هذه الشخصية - لانها بنت النبي محمد ؟ - لا بل لانها سيدة نساء العالمين وهي قد تطابقت بهذه الصفة مع مريم بنت عمران كما في عدة روايات منها ما رواه الشيخ عباس القمي في كتابه بيت الاحزان ص47 عن الشيخ الصدوق في خبر طويل عن النبي يذكر فيه ما يجري من المظالم على اهل بيته فمما يخبر به :( وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة مني ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ويقول الله عز وجل لملائكته " يا ملائكتي أنظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي ، قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها إلى عبادتي ، أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار " . أقول : ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذل بيتها ، وانتهكت حرمتها وغصب حقها ، ومنعت إرثها ، وكسر جنبها ، وأسقطت جنينها ، وهي تنادي : يا محمداه فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث فلا تزال بعدي محزونة ، مكروبة ، باكية ، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة ، وتتذكر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في إيام أبيها عزيزة ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول : " يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " . ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها فتقول عند ذلك : يا رب إني قد سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي فيلحقها الله عز وجل بي فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة ، مغصوبة ، مقتولة) كما ذكرت هذه الرواية في الامالي للشيخ الصدوق ص 113 ، وفي بحار الانوار ج43 ص 23 حديث 17 ( فاطمة بضعة مني من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني ) وروى الشيخ الكليني عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي جعفر الثاني سلام الله عليه فأجريت اختلاف الشيعة (فقال يا محمد : إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة صلوات الله عليهم فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاءون [ ويحرمون ما يشاؤون ] ولن يشاؤا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى) ومن مصادر هذه الرواية الكافي ج1 ص441 حديث5 ، بحار الانوار ج25 ص 340 . ولك ان تراجع اي مصدر من مصادر احاديث الشيعة لتجد ان هناك مئات الروايات التي تروى في مناقب وفضائل فاطمة الزهراء بل ان احاديث اهل السنة تخصص العشرات منها في مناقب فاطمة الزهراء . ففي احاديث مقام الزهراء ومنزلتها عند الله وعند الرسول تذكر الروايات بان فاطمة هي سيدة نساء اهل الجنة او سيدة نساء هذه الامة او سيدة نساء المؤمنين او سيدة نساء العالمين وهذه الأحاديث موجودة بألفاظها المختلفة في صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق وفي مسند احمد وفي الخصائص للنسائي وفي مسند ابي داوود وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء وفي المستدرك وصحيح الترمذي وفي صحيح ابن ماجة وغيرها من الكتب . اما حديث ان فاطمة بضعة من النبي فهذا حديث مذكور في صحيح البخاري ومسند احمد وصحيح ابي داوود وصحيح مسلم . اما حديث ان الله يغضب لغضب فاطمة ويرضي لرضاها فهذا الحديث مذكور في المستدرك ج3 ص153 وفي الاصابة ويرويه صاحب كنز العمال ج13 ص674 و ج12 ص111 ، الى غيرها من الأحاديث التي مذكورة بحق فاطمة سلام الله عليها في مصادر أحاديث أهل السنة، وهي معصومة من الخطأ والسهو عن طريق النقد وما يثبتونه من دلائل عقلية فارزة وبالطبع فليس الغرض ان نبين كيف يجمع المسلمون على تقديس فاطمة الزهراء لكننا نريد أن نومئ الى إن هذه القدسية الكبيرة للزهراء قد ساهمت بتحويل آلامها ومعاناتها الى مأساة خالدة . اما العامل الثاني فهو الغموض الكبير الذي أحاط بفاطمة الزهراء سواء كان هذا الغموض متعلقاً بحياتها او بمكانتها أو باستشهادها أو بما أحيط حول دفنها وقبرها او بما ارتبط باسمها ، هذا الغموض كان عنصرا حاسما في تأجيج المعاناة والمأساة التي تمثلها الزهراء في ذاكرة المعتقدين بها ، - هناك غموض في حياة فاطمة الزهراء لكنه ربما بسبب تداخل ما هو موضوعي من الوقائع مع ما ينتجه العقل الاعتقادي . - لكن ماذا لو طرحنا التحليل السببي جانبا وتسائلنا عن سبب الغموض لا طبيعته . - سيدي ...انا اقصد ان للحدث الواقعي في حياة الزهراء ظل أنتجه العقل ألاعتقادي ، فحزن الزهراء على موت ابيها يتضخم بصورة فوق - طبيعية ويقابله رفض من السلطة التي تحاربها وتحارب هذا الحزن مما يضطرها الى الهروب الى خارج المدينة للتعبير عن حزنها ثم تعمد السلطة الى قطع حتى الشجرة التي كانت تستظل تحتها من حرارة شمس الصحراء لتمنعها عن التعبير عن ذلك الحزن والذي تحول فيما بعد الى رمز للمعارضة و التنديد بالسلطة وهذا ما سار عليه الشيعة خصوصا فيما يتعلق بواقعة الطف واستشهاد الامام الحسين سلام الله عليه . - انت ذكرت جانبا من الحقيقة لكن الجانب الاهم هو لماذا ؟ وانت قد اجبت في تضاعيف كلامك بذكر وظيفة المأساة ، فالمأساة ليست حلبة لاثارة المشاعر بقدر ما هي تعبير عن وظيفة . - ولكن ما علاقة هذا بالغموض ؟ الغموض مدخل يولد التساؤلات ، ويحفز العقل على البحث ،ويقلق الفكر فيحوله من السبات الى الحراك . فالغموض في حياة الزهراء (يومياتها ) وفي موتها (مرضها . مقتلها ,مدفنها )وفي ما يتعلق بها (منزلتها,مصحفها ) ليس غموض سببه نقص المرويات بقدر بما هو غموض متعمد ليعيد اكتشاف الوقائع ويرتبها خارج اي نمط سلطوي مفروض , بل ان الأدب الشيعي دفع بوظيفة الغموض الى اقرب غاياتها عندما بدأ ينتج التساؤل نفسه . ويقول الشاعر : (ولأي الأمور تدفن سرا * بضعة المصطفى ويعفى ثراها فمضت وهي أعظم الناس شجوا * في فم الدهر غصة من حواها وثوت لا ترى لها الناس * مثوى أي قدس يضمه مثواها) وينشد القاضي ابي بكر قريعة قي مقطوعته الشعرية الساخرة : (يا من يسائل دائبا * عن كل معضلة سخيفة لا تكشفن مغطاه * فلربما كشفت جيفة ولرب مستور بدا * كالطبل من تحت القطيفة أن الجواب لحاضر * لكنني أخفيه خيفة لولا اعتداء رعية * ألقى سياستها الخليفة وسيوف أعداء بها * هاماتنا أبدا نقيفة لنشرت من أسرار آل محمد * جملا طريفة تغنيكم عما رواه * مالك وأبو حنيفة وأريتكم أن الحسين * أصيب في يوم السقيفة ولأي حال لحدت * بالليل فاطمة الشريفة ولما حمت شيخيكم * عن وطي حجرتها المنيفة أوه لبنت محمد * ماتت بغصتها أسيفة) * (وسرحت بعيدا كنت افكر في هذه الابيات الشعرية وما تداولناه من حوار فتح امامي افاق جديدة لكنني وعلى عكس ما تاملت فانني بدات اتسائل اكثر ) - يبدو انك في عالم اخر . ( انتبهت كان الاستاذ قد عاد بكوبي من الكاكاو الساخن )فاجبت : - كنت في عالم التساؤلات التي ازدادت ولم تنقص . ( تناول الاستاذ كراسة تساؤلاتي ونشرها امامي ) - قارن بين تساؤلات الامس وتساؤلات اليوم . (تاملت : وادركت ان تساؤلاتي اليوم هي انضج واقرب لما أريد معرفته ، ربما كثرت لكن كثرتها هي نتيجة لمعرفتي بآفاق جديدة ) فقلت : - لكنني لم اصل الى اجوبة حاسمة . ابتسم وهو يقول : - الاجوبة الحاسمة هي ما ستكتشفه انت وليس ما يقدمه لك الاخرون . - عند عودتنا لشعر القاضي ابي بكر أجد إن احد أسباب الغموض هو الخوف من السلطة . - الخوف من السلطة الرسمية ! الم يدور بخلدك يوما ان صراع بين الزهراء السيدة الناسكة الزاهدة بنت البيت النبوي والخليفة ابو بكر احد الصحابة الكبار ورفيق الرسول الدائم لا يمكن أن تثيره قطعة ارض سلبتها السلطة من الزهراء بحجة إن الأنبياء لا يورثون . - بلى لقد اثارني هذا التساؤل خصوصا عندما اقرا ان الخليفة منح فلان ولاية وليست قطعة ارض , ووهب فلان خراج المدينة الفلانية واعطى فلان عشرت الالاف من الدنانير وسلم ممن لم يوثق بامانته ادارة ولاية او مدينة !!! فلماذا يصر الخليفة على سلب الزهراء هذه الارض او بالمقابل فان مطالبة الزهراء بهذه الارض يثير علامة استفهام امام زهدها بما كل ما هو دنيوي ؟ - كان بودي لو اطلعت على كتاب فدك في التاريخ للسيد محمد باقر الصدر ، اما فيما ذكرت فقد كان الصراع ذو مستويات متباينة من الفهم والوعي فالعربي ابن القبيلة يمكن ان يفهم الصراع من مكونات بيئته ، والمسلم العقيدي يمكن ان يفهم الصراع بمستوى اخر ، ورجل السلطة والمعارض لها ، والمسلم المعاصر جميعهم يثيرهم هذا الصراع ويثير معهم تساؤلات عميقة حول الزمرة التي استندت الى النبوة لبناء سلطة الخلافة وحول البيت النبوي الذي استند الى النبوة لتنمية العقيدة واثرائها . - تقصد ان كل من يستكشف الصراع بين السلطة ضد الزهراء لابد وان تتولد لديه التساؤلات . - ربما تكون هذه التساؤلات متباينة بحسب فكر واتجاه القاريء او المتلقي لكنها على العموم تساؤلات تثير علامات استفهام خطيرة أهونها انه كان بعد وفاة الرسول خطين متصارعين لتمثيل العقيدة الإسلامية ، إسلام قريش وهو ما تمثله السلطة بامتداداتها المتنوعة وإسلام أهل البيت (علي وفاطمة وأبنائهما )وهو ما مثله التشيع بفرقة ومراحله المختلفة . - إذن الصراع بين الخطين هو صراع عقيدي! - وهذا الصراع لم يكن وليد وفاة الرسول بل منذ أول يوم بدأت خيوط هذان الاتجاهان يظهران وتجد انعكاساته وتجلياته في يوميات المرحلة النبوية وآيات القران. *
• سلم الحقيقة
جلست في غرفتي صباح الجمعة كانت السماء صافية بعد ليلة مطيرة ، ورائحة الطين تفوح من الجدران والطرقات ، بدأت انظم أفكاري وملاحظات أستاذي حول مصحف فاطمة ، لم أقاوم الدفيء الذي تسلل الى غرفتي الباردة فانزلقت الى الشارع احمل كراستي وأوراقي ، وعلى مصطبة في متنزه بدأت انشر أوراقي وأعيد ترتيب أفكاري . وفي المساء وما أن جلست أمام أستاذي حتى قلت نافضا ما بصدري : - ان مصحف فاطمة بوابة لحقائق كثيرة وخطيرة ... - يذكر سماحة الشيخ إبراهيم الأنصاري في بحثه حقيقة مصحف فاطمة رواية عن أبي عبد الله (الإمام الصادق)سلام الله عليه انه قال (إنا أنزلناه في ليله القدر الليلة فاطمة والقدر الله فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر و إنما سميت فاطمة لان الخلق فطموا عن معرفتها)بحار الأنوار ج43ص65رواية 58باب3 . ويعلق الشيخ على هذه الرواية بقوله : إن ليلة القدر ظرف زماني قد احتمل كل ما انزله الله تعالى الذي كان في الكتاب المكنون في كتابه الكريم ففاطمة ظرف مكاني قد احتمل كل ما انزله تعالى فهي سلام الله عليها محل لتجلي الاسم الأعظم ومن هنا نسبت الى الله تعالى مباشرة من غير واسطة وهذا يدل على خصوصية في خلقها . -إن هذه الرواية والتعليق من الشيخ الأنصاري تفتح لنا أبوابا آخر لاكتشاف حقائق لم أكن يوما اتسائل عنها . - رويدك ..رويدك ، فما رأيك بان علامات الإمام المعصوم كما يذكرها الشيخ الأنصاري في هذا البحث وهي تلخيص ما موثق لديه من روايات هي : 1- أن تكون عنده الجامعة (وهي مصحف علي سلام الله عليه ). 2- أن يكون عنده الجفر الأكبر والأصغر (وعاء فيه التوراة والإنجيل والزبور والصحف الاولى بحسب تعبير الإمام الصادق في كتاب الاحتجاج ج2 ص134). 3- مصحف فاطمة (وبحسب روايات الإمام الصادق في البحار فانه ليس بقران ولكن فيه مثل قرانكم هذ ثلاث مرات )- بحار الأنوار ج26 ص38 رواية 70 – ويعلق الشيخ الأنصاري على هذه الرواية فيقول (والظاهر إن المقصود هو من ناحية الكمية وحجم المعلومات ، لا من حيث المحتوى ، ثم لا يخفى عليك ما في كلمة قرانكم من معان فتأمل جيدا !) - فالشيخ الأنصاري يدعونا للتأمل في كلمة قرانكم !! - بلى . - لكن التأمل والتدبر قد تكشف لنا حقائق دفنت وهناك من استمات في حجبها وإبعادها عن وعي الأمة . - وبالمقابل فان هناك من استشهد في سبيل إظهارها . - (وبدون أن اقصد بدأت أدندن بأبيات القاضي أبي بكر : (لنشرت من أسرار آل محمد * جملا طريفة تغنيكم عما رواه * مالك وأبو حنيفة وأريتكم أن الحسين * أصيب في يوم السقيفة ولأي حال لحدت * بالليل فاطمة الشريفة) - ها .. الى أين سار بك الشعر عني ... - لا.. لم اذهب ما زلت في الجوار ولكن هل يدرك هؤلاء الباحثين والعلماء الى ما يقود ذلك التأمل ؟ ! - لا ادري .. لكنني استطيع أن أتصور الأمر بالشكل التالي وهو إن التشيع سكة تقود جميع القطارات الى نهاياتها ، اما الباحثين فكل منهم يقود القطار الى المحطة التي يريدها لكن بصورة أو بأخرى فانه يساهم في توضيح جوانب من الاعتقاد الشيعي . - لكن ألا تجد إن علائم الإمام المعصوم او مصادر علمه بحسب قول الامام الصادق ما تزل مجهولة عند عامة الشيعة . - مثل ماذا؟ - مصحف علي ! - انه القران نفسه لكنه بترتيب وتأويل مختلف وقد لا يختلف كثيرا عن محتوى القران المتداول . - ومصحف فاطمة؟ - أنت لست متخصص في العقائد ولا في التاريخ وبالرغم من ذلك فأنك اطلعت على ما كتب عن مصحف فاطمة . - والجفر او التوراة والإنجيل او ما يعرف بالكتاب المقدس؟ - هذا موجود ومتداول أيضا . - هناك مجموعة من الدلائل التي تشير الى انه يمكن أن يكون مصحف فاطمة هو التوراة و الإنجيل والزبور؟وهو ما يعادل حجم قراننا بثلاث مرات وهو أيضا منزل من الله وبوحي منه ولكن هل المعني بهما التوراة والإنجيل الموجودان حاليا ؟! ولكن كيف يمكن ان تكون كتب التوراة والانجيل والزبور مصدر من مصادر علم الإمامة ؟!هذا كلام خطير ... - كلا بل الخطير هو موقفنا من الدين وفهمنا له وتعصبنا ضده (دين الآخرين ) أو له ( ديننا ). - لكن الدين عند الله الإسلام ! - حقا ..ان الدين عند الله الإسلام ، ولكن ماذا تعني بالإسلام ؟ - الشريعة التي جاء بها النبي محمد. - لكن القران يعارضك بهذا الرأي مع ملاحظة إن هذا الرأي قد تم ترسيخه من قبل المعارضين لآل البيت لأسباب تتعلق بديمومة الغزو العربي وشهوة إسلام السلطة (إسلام قريش ) للتوسع على حساب الرسالة الإسلامية العالمية ونشر ثقافة التوحيد . - أنا لا يهمني ما يتبناه الأمويون او العباسيون ولكن يهمني موقف القران مما اعتقده وما هو مفهوم الإسلام في القران ؟ أولا إن القران يؤكد على حقيقة إن كل الرسل والأنبياء مسلمون فالنبي نوح يقول :(وأمرت أن أكون من المسلمين )يونس ـ72. ويذكر الله نبيه إبراهيم بقوله:(ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين.إذ قال له ربه اسلم قال أسلمت لرب العالمين )البقرة 130ـ 131. والنبي يوسف يقول مخاطبا ربه :(أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين)يوسف ـ 101. كذلك النبي موسى يقول لقومه ( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين)يونس ـ84. وفي قصة المسيح (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري الى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بانا مسلمون)آل عمران ـ52. وفي توجيه للنبي محمد (فان حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)آل عمران ـ 20. -ولكن وهل يجوز أن يكون للإنسان دين غير الإسلام ؟ - الجواب في الآيات القرآنية ! (...فان اسلموا فقد اهتدوا ..)آل عمران ـ20. (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)آل عمران ـ85. (أفغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها واليه يرجعون )آل عمران ـ83. قف للحظة واحدة وتأمل مع نفسك الحقيقية التي أرادها الله أن يوصلها إليك عبر عشرات بل ومئات الآيات الكريمة ،حول حقيقة الدين ومعنى الإسلام.هل الإسلام هو ما جاء به النبي محمد فقط؟ القران يقول لك كلا لان إبراهيم هو الذي أطلق لفظة التسمية كما في الآية (ملة أبيكم إبراهيم وهل الذي سماكم المسلمين..)وبالطبع فانه جاء قبل النبي إبراهيم كما في قوله تعالى في أمره لنوح (وأمرت أن أكون من المسلمين )يونس ـ72. هل كان هؤلاء الأنبياء يدعون الى الشريعة نفسها من عبادات ومعاملات وسياسات؟ جرب أن تسال نفسك هل الشريعة التي تطبقها كان يطبقها أصحاب نوح وأتباع شعيب وأبناء إبراهيم يعقوب وإسحاق وإسماعيل ،وكان يلتزم بها أتباع موسى وعيسى؟ وانظر فيما أنت تتأمل جواب القران : ـ (لكل جعلنا شريعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ..)المائدةـ 48. فالإسلام ليس الشريعة ،وليس التشريع الذي يشتق من الدين بحسب المرحلة التاريخية التي تمر بها الإنسانية.. (مع ملاحظة ان الشريعة جلها أو كلها قابلة للتغيير أو المعالجة بينما الدين لا يمكن أن يغير أو يبدل). - ولكن أليس الإسلام هو الإقرار بنبوة محمد ؟ - تأمل الجواب من القران في قوله تعالى : (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها واليه يرجعون)آل عمران ـ 83. فالإسلام هنا هو حالة مغايرة لما يمكن ان تحدد بالإقرار والاعتراف بنبوة النبي محمد.. وفي الاية 64- آل عمران (قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بانا مسلمون) فالاسلام هو الوحدانية وإلغاء كل إمكانية للبشر ان ينطقوا باسم الله او بديلا عنه .. ولك ان تتسائل عن الجدوى من سعي الأنبياء السابقين وإقرارهم منذ بداية البشرية بالاعتراف بنبي لم يولد بعد ،والسؤال سيكون لماذا وما جدوى ذلك ثم ما علاقة التوكل بالإقرار بنبوة النبي محمد في حديث موسى مع قومه(يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين)يونس ـ84. ثم ان هناك مجموعة من الآيات الموجهة والآمرة للنبي محمد ان يلتزم الإسلام ويقر به،فهل يأمر الله سبحانه النبي بان يعترف أمام ذاته بنبوته؟ ثم ما علاقة الإقرار بالوحدانية بالإقرار بنبوة النبي محمد الخاتمة لمسيرة طويلة من النبوات قبل ان عددها ( 000/124)ألف نبي كلها موحدة وغير مروجة لنبي خاتم اسمه محمد،كما تلاحظ في قوله تعالى:(ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا،أيأمركم بالكفر بعد إذ انتم مسلمون )ال عمران ـ80. وليس في ذلك انتقاص من مكانة النبوة الخاتمة بل تحديد دقيق لمشروعها الذي أتت به وكانت بحق تأسيس للعودة الى مفهوم الدين في المجتمع العربي الجاهلي . - إذن ما هو الإسلام؟إذا كان الإسلام ليس الشريعة ولا النبوة إذن ما هو؟ - يجيبك القران : (ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن )النساء ـ125. فالإسلام هو التوجه الى الله ،وأنت لا تتوجه الى وجهة معينة إلا أن تدير وجهك لها،والوجه هنا ملتقى الحواس والمشاعر واللسان والتفكير والإسلام هو أن تتوجه الى الله بمشاعرك بأفكارك بكلماتك بأعمالك .وعرف الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه الإسلام بقوله : لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها احد قبلي .الإسلام هو التسليم .والتسليم هو اليقين .واليقين هو التصديق .والتصديق هو الإقرار.والإقرار هو الأداء هو العمل الصالح. فالدين /الإسلام أي ان الإسلام مرادف للدين لا جزء منه لان الدين عند الله الإسلام .,والإسلام هو الدين سواء كان في زمن نوح أو إبراهيم أو يوسف أو موسى أو المسيح أو الآن. فالإسلام /الدين هو التوجه الى الله وغيره سيكون كفرا كما يشير الى ذلك قوله تعالى : (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ،ايامركم بالكفر بعد إذ انتم مسلمون)ال عمران ـ80.
ان الإسلام هو مسيرة الموحدين العامة خلال مراحل التاريخ الروحي للبشرية كما في قوله (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون اللذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) المائدة -44. بل إن علينا أن نندمج بمسيرة الموحدين ونسير على خطاهم ونؤمن بما امنوا ونتبع آثارهم كما في قوله تعالى : (قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبييون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )البقرة – 136. فالأمة التي آمنت بابراهيم واولاده وآمنت بموسى ثم آمنت بالمسيح هي الامة المسلمة التي توجهت نحو الله بإخلاص ، ويقرن الله في الآية أعلاه الإيمان به بالإيمان بمسيرتها اليه . - ومن هنا أصبحت كتب تلك الأمة من توراة وأنجيل وزبور وصحف أولى مصدر من مصادر علم الأئمة وعلائم الإمامة لنا نحن الشيعة . - الم اقل لك ان مصحف فاطمة يفتح أبواب للتساؤلات لن يجيب عليها سوى القران . - حسبي اليوم ما عرفت فأنا بحاجة لتأمل عميق كي تتوضح لدي الرؤية اكثر واكثر.. *
• التحريف
لم تمر سوى ثلاث ليالي حتى وجدت نفسي اتصل بأستاذي قائلا له بعد السلام : - من الضروري أن التقيك الليلة .. - الليلة ؟! - نعم الليلة . - لكنني توقعت انك سوف .. قاطعته – أرجوك أستاذ ... قضيت الصباح متوترا ، تركت محاضرات ما بعد الظهر في الجامعة وعدت الى البيت مبكرا ، قلبت بعض الكتب ، راجعت مقالتين من الانترنت ، كنت ارسم دائرة بل دوائر متعددة ، كثيرة جدا حول الموضوع الذي سنتحدث عنه الليلة ، كنت أغوص في أفكاري بينما يدي ترسم الخطوط بتلقائية ، فتحت عيني مستيقظا كان المساء قد حل سريعا ، كنت اشعر بالنشاط والخدر في آن واحد في طريقي الى مكتبة إنسان . - إذن ما الذي دفعك للإصرار على الحضور هذا المساء . - التحريف . - ابتسم الأستاذ وكأنني ذكرته بصديق قديم .. - هل تريد مربى مع الجبن ؟ - أريد جبن ومربى وكلام عن التحريف . - لكنك نسيت أن تطلب الشاي - لم انسي ، لأنه قد أصبح من الأصول .. - اي أصول تقصد ! - أصول الجلسة ! - هل تعرف انك نهم . - في الطعام ؟! - بل في التساؤل . وهذا ما يجعلك باحث جيد . - أو متسائل ثقيل الظل .. صمت الأستاذ ثم انفجر ضاحكا . - لقد استوقفني موضوع التحريف من حيث إن التوراة والإنجيل محرفان - آسف لمقاطعتك لكنني مضطر أن لا ادعك تبني استنتاجات على فرضيات غير محسومة بقيت وحيدا في الغرفة انتظر عودته وأنا أتأهب لجولة جديدة من المعرفة - وجدت إن هناك أربعة آيات تشير الى تحريف أهل الكتاب التوراة والانجيل .. قال الأستاذ وهو يوزع الأطباق فوق المائدة : - أولا لنعرف ما هو التحريف : يقول السيد الخوئي في كتابه البيان في تفسير القران ص197- 200 ان لفظ التحريف يراد منه عدة معان على سبيل الاشتراك فبعض منها واقع في القران باتفاق من المسلمين ، وبعض منها لم يقع فيه باتفاق منهم ايضا ، وبعض منها وقع الخلاف بينهم واليك تفصيل ذلك الاول : " نقل الشئ عن موضعه وتحويله إلى غيره " ومنه قوله تعالى : " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه" النساء- 46 . ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله فإن كل من فسر القرآن بغير حقيقته ، وحمله على غير معناه فقد حرفه . وترى كثيرا من أهل البدع ، والمذاهب الفاسدة قد حرفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم . وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى ، وذم فاعله في عدة من الروايات . منها : رواية الكافي بإسناده عن الباقر عليه السلام أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير -يصف تحريف المسلمين للقران-: " وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية . . . " الثاني " النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره " . والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعا ، فقد أثبتنا لك فيما تقدم عدم تواتر القراءات ، ومعنى هذا أن القرآن المنزل إنما هو مطابق لاحدى القراءات ، وأما غيرها فهو إما زيادة في القرآن وإما نقيصة فيه . . الثالث : " النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين ، مع التحفظ على نفس القرآن المنزل " . والتحريك بهذا المعنى قد وقع في صدر الاسلام ، وفي زمان الصحابة قطعا ، ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان أحرق جملة من المصاحف وأمر ولاته بحرق كل مصحف غير ما جمعه ، وهذا يدل على أن هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه ، وإلا لم يكن هناك سبب موجب لاحراقها ، وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف ، منهم عبد الله ابن أبي دود السجستاني ، وقد سمى كتابه هذا بكتاب المصاحف . وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة إما من عثمان أو من كتاب تلك المصاحف. الرابع : " التحريف بالزيادة والنقيصة في الاية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل ، والتسالم على قراءة النبي - ص - إياها " . والتحريف بهذا المعنى أيضا واقع في القرآن قطعا . فالبسملة - مثلا - مما تسالم المسلمون على أن النبي - ص - قرأها قبل كل سورة غير سورة التوبة وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنة ، فاختار جمع منهم أنها ليست من القرآن ، بل ذهبت المالكية إلى كراهة الاتيان بها قبل قراءة الفاتحة في الصلاة المفروضة ، إلا إذا نوى به المصلي الخروج من الخلاف ، وذهب جماعة اخرى إلى أن البسملة من القرآن . وأما الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كل سورة غير سورة التوبة ، واختار هذا القول جماعة من علماء السنة أيضا - وستعرف تفصيل ذلك عند تفسيرنا سورة الفاتحة - وإذن فالقرآن المنزل من السماء قد وقع فيه التحريف يقينا ، بالزيادة أو بالنقيصة . - عذرا للمقاطعة ولكن هل تقصد ان كاتب هذا البحث هو نفس المرجع الديني الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي للشيعة في العالم طوال عقد السبعينيات والثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن المنصرم . - بلى هو علامة ومحقق يتفق عليه علمائنا الشيعة لكنه هنا لا يسطر رأيه ، بل يلخص لنا آراء علماء المسلمين عموما والشيعة خصوصا . وكما ترى فانا أقرا لك من كتابه البيان في تفسير القران والذي يعد حجة في اختصاصه .ولكن دعني أكمل لك معاني التحريف . - أرجوك اكمل.. - الخامس : " التحريف بالزيادة بمعنى أن بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل " . والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين ، بل هو مما علم بطلانه بالضرورة . السادس : " التحريف بالنقيصة ، بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، فقد ضاع بعضه على الناس " . والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون . - أكاد لا اصدق .. ان يتعرض القران لكل أنواع التحريف . - كل حروب الفكر والاعتقاد سببها التحريف الذي أصاب التأويل والمعنى و اللفظ بالزيادة او النقصان ، وأول من تصدى بعد وفاة النبي لتحريف الكلم عن مواضعه فاطمة الزهراء أمام الخليفة أبو بكر الذي منع عنها فدكا بحجة انه سمع الرسول يقول :نحن معشر الأنبياء لا نورث . فكانت سلام الله عليها لها خطبة في المسجد النبوي خاطبت فيها الخليفة ورموز السلطة وعموم المهاجرين والأنصار ومما قالته (هذا ، والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين . فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة وزواجره لايحة وأوامره واضحة قد خلفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .). - اذن فهي تتهم القوم بالخروج عن الاسلام ، الاسلام الحقيقي المتاصل في التوجه نحو الله والتسليم له . ثم تقول سلام الله عليها : (يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئا فريا ؟ ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : ( وورث سليمان داود ) ، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : رب ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ) وقال : ( أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) وقال : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وقال : ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ) وزعمتم أن لا حظوة لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي أم هل تقولون عن أهل ملتين لا يتوارثان ولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك .فالتفتت فاطمة صلوات الله عليها [ إلى الناس ] وقالت : معاشر الناس المسرعة إلى قيل باطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر ، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأولتم)الى اخر الخطبة كما في كتاب بيت الاحزان ص144 – ص149 للشيخ عباس القمي . - انني استذكر ان عمار بن ياسر في معركة صفين خرج الى ساحة الميدان معلنا ان هذه المعركة الفاصلة بين علي سلام الله عليه وقريش هي معركة التأويل كما كانت بدر هي معركة التنزيل . - ان تحريف المعنى اخطر بكثير من أخطاء اللفظ . - لكنني كنت اقصد بالتحريف التحريف الذي كان يدور حول الكتاب المقدس (التوراة – الإنجيل ) وكيف يصبح ذلك الكتاب مصدرا من مصادر علم الإمامة وهو محرف خصوصا وان القران يشير الى وجود ذلك التحريف . - أرجو ان تتأمل الفرضيات التي تذكرها .. - كيف ؟! - ان مؤسسة الإمامة متمثلة بالأئمة المعصومين لا يمكن بل من المحال ان تستند على كتاب محرف وهذا يجعلنا أمام فرضيتين الأولى :ان الكتاب المقدس غير محرف بالنص وإنما من الممكن ان : 1- يفسر في بعض الأحيان بصورة مغلوطة كما يحدث للقران . 2- قد يترجم بصورة غير دقيقة مما يؤدي الى تشوه المعاني واختلاط الدلالات وهذه الأخطاء واردة ويمكن تقليل آثارها مع تطور الترجمة والإمكانيات الكبيرة في ضبطها . - التوراة كانت تكتب وتقرأ بالعبرية في عصر النبوة فأن إمكانية حجب معلومات او نصوص من التوراة كان ممكنا في ذلك العصر لعدم معرفة المسلمين بالغة العبرية واحاطتهم بكل نصوص التوراة ، وهذا امر طبيعي . - الفرضية الثانية : ان الائمة المعصومين كانوا يملكون نسخا من الكتاب المقدس غير محرفة . ولكن هذا يفتح لنا بابا اخر للتساؤل وهو لماذا لم تطرح هذه النسخ للتداول خصوصا وان فيها تصحيح لمسار أكثر من نصف البشرية . - ربما كانت بسبب الخشية من السلطة القائمة . - السلطة القائمة كانت إسلامية في الظاهر على الاقل وكانت في حروب دائمية مع اهل الكتاب .. حروب امتدت لقرون طويلة تحت شعار الفتوحات الإسلامية بينما كانت في الحقيقة هي للسيطرة على موارد الثروات وجلب المزيد من الجواري والإماء . والعالم اليوم يعرف ان الاسلام الذي انتشر على يد الرحلات التجارية للمسلمين اوسع واهم من الاسلام الذي انتشر بالسيف ونهب الكنوز واستئصال معتقدات واديان الشعوب و لك ان تراجع موقف الائمة المعصومين من تلك الفتوحات المخزية والحروب الدامية التي أساءت لحقيقة الاسلام المكتومة ودفعت به من الصراع الروحي الى الصراع المادي . بل كان طرح كتاب مقدس غير محرف من قبل آل البيت النبوي يعطي دفعة قوية وغطاء شرعي لديمومة تلك الحروب التي كانت تجري في اسيا وافريقيا واوربا بين المسلمين والمسيحيين . بل ان الامر بالعكس فجعل الكتاب المقدس تحت عنوان غير واضح مثل كتاب الجفر او مصحف فاطمة يشير الى ان كان هناك خوفا من السلطة في توضيح حقيقة الكتاب المقدس وهو ما جعل الأئمة المعصومين وتلامذتهم يضيقون دائرة التداول بتلك الاخبار واقتصارها على الخاصة من خواصهم ومحبيهم ومواليهم ،بل قد مر بنا ان الامام ابو عبد الله الصادق يتضايق من السؤال حول مصحف فاطمة ويصفه بانه مثل قرانكم هذا بثلاث مرات . لكن هذا لا يمنع أن تجد في أمهات الكتب الشيعية مئات الروايات التي تثبت عناية الأئمة المعصومين بالكتاب المقدس وهذه بعض الروايات المذكورة في كتاب بصائر الدرجات الإمام علي يتمنى تطبيق الكتاب المقدس حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله ع قال قال علي ع لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل القرآن بالقرآن حتى يزهر إلى الله و لحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتى يزهر إلى الله و لحكمت بين أهل الإنجيل بالإنجيل حتى يزهر إلى الله و لحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتى يزهر إلى الله و لو لا آية في كتاب الله لأنبأتكم بما يكون حتى تقوم الساعة.ص 132 حدثنا محمد بن عيسى عن عبد الرحمن عن فضيل عن أبي بكر الحضرمي عن سلمة بن كهيل قال قال علي ع لو استقامت لي الأمة و ثنيت لي الوسادة لحكمت في التوراة بما أنزل الله في التوراة و لحكمت في الإنجيل بما أنزل الله في الإنجيل و لحكمت في الزبور بما أنزل الله في الزبور حتى يزهر إلى الله و إني قد حكمت في القرآن بما أنزل الله.ص 134 الامام الكاظم يقرأ الانجيل كما يقرأه المسيح حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم في حديث بريهة حين سأل موسى بن جعفر ع فقال يا بريهة كيف علمك بكتاب الله قال أنا به عالم قال فكيف ثقتك بتأويله قال ما أوثقني بعلمي فيه قال فابتدأ موسى ع في قراءة الإنجيل فقال بريهة و المسيح لقد كان يقرؤها هكذا و ما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ثم قال إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة قال هشام فدخل بريهة و المرأة على أبي عبد الله و حكى هشام الكلام الذي جرى بين موسى و بين بريهة فقال بريهة جعلت فداك أين لكم التوراة و الإنجيل و كتب الأنبياء فقال هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرءوها و نقولها كما قالوها و الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شيء فيقول لا أدري فلزم بريهة أبا عبد الله ع حتى مات.ص 136 حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع يا أبا محمد عندنا الصحف التي قال الله صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى قلت الصحف هي الألواح قال نعم. حدثنا محمد بن عيسى عمن رواه عن محمد قال حدثني عبد الله بن إبراهيم الأنصاري الهمداني عن أبي خالد القماط عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول لنا ولادة من رسول الله ص طهر و عندنا صحف إبراهيم و موسى ورثناها من رسول الله ص. حدثنا محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن الحسين عن أحمد بن الحسن الميثمي عن فيض بن المختار عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص أفيضت إليه صحف إبراهيم و موسى فائتمن عليها رسول الله ص عليا و ائتمن عليها الحسن و ائتمن عليها الحسين حتى انتهيت إلينا. حدثنا أحمد بن محمد عن ابن سنان عن عبد الله بن مسكان و شعيب الحداد عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع عندنا الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى فقال له ضريس أ ليست هي الألواح قال نعم. ص 137 - باب في الأئمة ع أنهم يقرءون الكتب التي نزلت على الأنبياء باختلاف ألسنتهم التوراة و الإنجيل و غير ذلك [ص : 341-340] 1- حدثنا موسى بن عمر عن الميثمي عن سماعة عن شيخ من أصحابنا عن أبي جعفر ع قال جئنا نريد الدخول عليه فلما صرنا بالدهليز سمعنا قراءة بالسريانية بصوت حسن يقرأ و يبكي حتى أبكى بعضنا. 2- حدثنا إبراهيم عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم في حديث بريهة النصراني أنه جامع هشام حتى لقي موسى بن جعفر ع فقال يا بريهة كيف علمك بكتابك قال أنا عالم قال كيف ثقتك بتأويله قال ما أوثقني بعلم فيه قال فابتدأني موسى بقراءة الإنجيل فقال بريهة و المسيح لقد كان يقرؤها هكذا و ما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ثم قال بريهة إني لقد كنت أطلب منذ خمسين سنة . 3- حدثنا محمد بن الحسين عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن موسى النميري قال جئت إلى باب أبي جعفر ع لأستأذن عليه فسمعنا صوتا حزينا يقرأ بالعبرانية فبكينا حيث سمعنا الصوت و ظننا أنه بعث إلى رجل من أهل الكتاب يستقرئه فأذن لنا فدخلنا عليه فلم نر عنده أحدا فقلنا أصلحك الله سمعنا صوتا بالعبرانية فظننا أنك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب تستقرئه قال لا و لكن ذكرت مناجات إليا لربه فبكيت من ذلك قال قلنا و ما كان مناجاته جعلني الله فداك قال جعل يقول يا رب أ تراك معذبي بعد طول صلاتي لك و جعل يعدد أعماله فأوحى الله إليه إني لست أعذبك قال فقال يا رب و ما يمنعك أن لا تقول لا بعد نعم و أنا عبدك و في قبضتك قال فأوحى الله إليه أني إذا قلت قولا وفيت به.
- اذن فنحن أمام الفرضية الثانية التي تقول بإمكانية تحريف معاني ودلائل وترجمة الكتاب المقدس . - ونحن هنا نجعل من القران هو معيارنا لاختبار هذه الفرضية مع إيماننا بان رأي الإمام المعصوم في الاعتقاد الشيعي هو مطابق لراي القران . - لكنني أريد ايضا ان أتعلم او استكشف على الأقل الرأي الصريح للقران في هذه الآيات التي كانت تشير الى التحريف . - لقد ورد التحريف بالنسبة الى الكتاب المقدس في أربع مواضع : الموضع الأول : في سورة البقرة الاية 75( افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريقا منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) يذكر علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (ج 1ص 50) إن هذه الآية نزلت في بعض يهود يثرب الذين كانوا يظهرون غير ما يكتمون في قلوبهم تجاه المسلمين . ويروي الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان (ج1ص313) عن ابن عباس والربيع وابن اسحاق والبلخي ان الفريق الذين سمعوا كلام الله ثم حرفوه هم الذين اختارهم موسى من قومه،فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا امره،وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم حتى رجعوا اليهم وهم يعلمون إنهم قد حرفوا . وهنا نتوقف أمام عدة استنتاجات ، وهي : - إن التحريف في النقل كان في زمن موسى وبالتالي فأن لا آثار سلبية له لان النبي موسى كان هو من يسطر وهو الذي يكتب . - إن التحريف لم يصدر من العموم بل من فريق شذ عن فهم واستيعاب النص الإلهي او فشل في تطبيقه . - إن الآية القرآنية أعطت التحريف بعد فكري من خلال عبارة (بعد ما عقلوه ) وعبارة ( وهم يعلمون ) وأقصت سياق التحريف النصي ( اللفظي) . الموضع الثاني : في سورة النساء الاية46 ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ). في تفسير هذه الآية يستعرض الشيخ الطوسي في تفسير التبيان ( ج3ص213) الروايات وآراء المفسرين ويصل الى نتيجة مفادها ان ليس جميع اليهود حرفوا لقوله تعالى ( من الذين هادوا ). وقوله :( يحرفون الكلم عن مواضعه) يعني يغيرونها عن تأوليها . وقوله :( سمعنا وعصينا) يعني ان اليهود يقولون سمعنا قولك يا محمد ،ويقولون سرا عصينا امرك. وبالطبع فان الحديث عن هذه الجماعة من اليهود يقصد به بعض يهود يثرب ممن عاصر الرسول . ويذكر الشيخ الطوسي في التبيان (ج1ص389) ان كلمة راعنا هي كلمة كانت اليهود تلوي بها ألسنتهم ،ويروي عن أبو جعفر سلام الله عليه قوله أن هذه الكلمة: سب بالعبرانية – واليه كانوا يذهبون -. ويروي عن الحسين بن علي المغربي قوله: فبحثت عن ذلك فوجدتهم يقولون راع رن ، قال:على معنى الفساد والبلاء. ويقول الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان( ج3ص98) في تفسير قوله تعالى (ويقولون سمعنا وعصينا ) معناه :يقولون مكانه بألسنتهم :سمعنا ،وفي قلوبهم عصينا. وقيل معناه سمعنا قولك وعصينا أمرك ( واسمع غير مسمع ) اي ويقول هؤلاء اليهود للنبي اسمع منا غير مسمع ،كما يقول القائل لغيره إذا سبه بالقبيح: اسمع لا أسمعك الله ، وعن ابن عباس وابن زيد قيل: بل تأويله:اسمع غير مجاب لك ،ولا مقبول منك ، وعن الحسن ومجاهد (إن هذا كله إخبار من الله عن اليهود الذين كانوا حوالي المدينة في عصر النبي، لأنهم كانوا يسبونه ويؤذونه بالسيء من القول .(وراعنا) قد ذكرنا معناه في سورة البقرة ، وقيل: انه كان سبا للنبي تواضعوا عليه . ويقال :إنهم كانوا يقولونه على وجه التجبر ،كما يقول القائل لغيره :أنصت لكلامنا ،وافهم عنا ،وأما هي من المراعاة التي هي المراقبة ( ليا بألسنتهم ) أي تحريكا منهم لألسنتهم بتحريف منهم لمعناه الى المكروه. ويتطابق هذا التفسير مع التفاسير التالية : ( تفسير جوامع الجامع – الشيخ الطبرسي ج1 ص403-404) ( التفسير الصافي – الفيض الكاشاني ج1 ص456) (التفسير الاصفى – الفيض الكاشاني ج1ص213) (تفسير كنز الدقائق – الميرزا محمد المشهدي ج2 ص468) ومن هذا نصل الى بعض الاستنتاجات ، وهي : - إن كل القرائن القرآنية تدل على إن التحريف المقصود هو تأويل للمعنى لا تغيير للنص لأن من يقوم بالتحريف هم جماعة محدودة الزمان والمكان في عصر النبي وليس كل اليهود في أرجاء العالم ولا في كل الأزمان أما باقي اليهود فهم لم يقوموا بهذا التحريف ولم يوافقوهم في ذلك التحريف بشهادة القران التي ميزت الفريق أو الجماعة المحرفة . - من الآية وتفاسيرها نتأكد بان التحريف المذكور فيها لا يقع على التوراة نفسها ، بل يقع في كلام اليهود في مخاطبتهم للنبي ، فهم يتلاعبون بالألفاظ ما بين اللغة العربية واللغة العبرية كقولهم ( راعنا )( رعنا )أي يا ارعن في لغتهم العبرية . - وحتى لو حاول البعض أن يقلب سياق ألفاظ الآية وافترض بان الكلم هو التوراة ( بدون قرينة قرآنية ) فالآية تفسر طبيعة التحريف الواقع من هذا الفريق بأنه ( ليا بألسنتهم ) أي يقرؤون التوراة في بعض المواضع قراءة غير صحيحة وبالتالي فأن النص يبقى سالما بغير تغيير وهذا ما تؤكده ألفاظ الآية . الموضع الثالث : في سورة المائدة الآيتين 12-13 (ولقد اخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم أثنا عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لاكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل . فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعفي عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ). يذكر الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان ( ج3 ص468 ) إن معنى هذه الآية (المائدة -13) لا تعجبن من هؤلاء اليهود (يهود يثرب) الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليك والى أصحابك ونكثوا العهد الذي بينك وبينهم ، وغدروا بك فان ذلك من عادتهم وعادات أسلافهم ، لأني أخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى على طاعتي وبعثت منهم اثنا عشر نقيبا فنقضوا ميثاقي ونكثوا عهدي فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم . وفي تفسير القمي (ج1 ص163-164) وتفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي ( ج1 ص601 )يفسرون التحريف بأنه إشارة الى ما سوف يحدث لدى المسلمين من تنحية الإمام علي عن إمارة المؤمنين بعد وفاة الرسول . وعندما نتأمل في الآيتين ( المائدة 12-13 ) تتكشف لنا الأمور الآتية وهي : - إن الخطاب موجه في القران الى اليهود عامة أما التفاسير فتقصره على يهود يثرب في عصر النبي . - إن نقضهم لميثاق الله ( العهد القديم ) بعدم إيمانهم بالسيد المسيح الذي بشر به العهد القديم قد كان بوابة لحلول اللعنة عليهم وتحول قلوبهم الى أوعية صلدة أدت بهم الى تحريف كلام الله أما طبيعة هذا التحريف فتنطق به الآية ( 15 من سورة المائدة )بقوله تعالى : ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ) . فالقران يقرن التحريف بالإخفاء ، إخفاء المعنى المقصود لان النص كان شائعا ومتواترا في أرجاء العالم قبل بعثة النبي محمد . الموضع الرابع : الآية 41 من سورة المائدة (من الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا ) التحريف المذكور في هذه الآية مقرون بقصة معروفة في التفاسير خاصة بأسباب نزول هذه الآية يرويها الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان ( ج3 ص333 )عن الإمام الباقر سلام الله عليه وجماعة من المفسرين وملخصها إن شريفا من يهود خيبر زنى بشريفة وهما محصنان ، وحدهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما . فبعثوا رهطا منهم أي بني قريضة ليسألوا النبي عن ذلك ، وقالوا : ان أمركم محمد بالجلد والتحميم فاقبلوا ، وان أمركم بالرجم فلا تقبلوا .وأرسلوا الزانيين معهم . فأمرهم النبي بالرجم فأبوا ان يأخذوا به، فجعل بينه وبنهم حكما هو ابن صوريا ، وهو حبر يهودي من فدك ، فشهد بان حكم التوراة الرجم ، فرجموهما عند باب المسجد النبوي لإقامة حد التوراة . وهذه القصة مروية في جميع التفاسير وهي تبين ان : *كانت هناك محاولة لتجاهل حكم التوراة من قبل مجموعة من اليهود . *كان هناك إصرار من النبي على تنفيذ حكم التوراة . *كان هناك فريق معارض من قبل اليهود أنفسهم يمثلهم ابن صوريا . - أهذا كل ما يتعلق بتحريف الكتاب المقدس ؟! - بل تستطيع القول إن هذا كل ما يتعلق بالتوراة أما الإنجيل فلا يجد تلميح او إشارة الى انه قد تعرض للتحريف في المعنى او اللفظ . - ربما لان اليهود كانوا على تماس مع النبي في يثرب . - لا بل لان اليهود لم يكونوا من الأمة الصالحة التي آمنت بالسيد المسيح. - لكن هناك بعض الآيات التي تنتقد بعض الاعتقادات للطوائف المسيحية حول الأرباب الثلاثة . - أكيد واليوم أكاد اجزم لك انه لا يوجد مسيحي يؤمن بثلاثة أرباب ، أما التثليث فهو فلسفة خاصة بطبيعة الله المركبة لا بتعدد الله ، وقد عبر القران عن المسيح بأنه كلمة الله وهو نفس التعبير الموجود في إنجيل يوحنا . - أتقصد إن القران يصدق أو يعترف بالتوراة والإنجيل ؟ - لا ادري كيف يفكر البعض عندما يمس الأمر معتقداتهم فأول ما يضطرب لديهم هو المنطق ثم الموضوعية - هل انت منزعج من تساؤلاتي ؟ - كلا .. كلا ، لكن يحز في النفس إن تلك التساؤلات و التي يتداولها الكثير من المسلمين يجيب عنها القران من خلال مئات الآيات التي توصي المسلم أن يلتزم ويعترف بالكتاب المقدس ( التوراة والإنجيل ومزامير داود)وان يؤمن بما فيها وان يقدرها كما يقيمها القران . فالإيمان بالكتاب المقدس واجب لقوله تعالى : (يا أيها اللذين امنوا امنوا بالله ورسوله ، والكتاب الذي انزل على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ) النساء -136. ويقول عز وجل في سورة الانبياء – 23 ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ). ويدعو القران الى سؤال اهل الذكر ( فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون البينات والزبر )سورة النحل 43-44 . واهل الذكر اليوم هم ال البيت لأنهم امنوا حقا بكل ما في القران دون زيغ او تحريف هم ومن يسير على خطاهم . بل ان القران والتوراة والإنجيل يطلق عليها اسماء مشتركة (موحدة ) في القران كما يوضح ذلك السيد مصطفى الخميني في كتابه تفسير القران الكريم (ج1 ص6 ). - أنا ألاحظ كم هي واضحة هذه الآيات لكنني أريد ان اعرف رأي المفسرين أيضا . - لولا الإسهاب والتكرار لذكرت ذلك فرأي اغلب المفسرين من أتباع آل البيت هو رأي القران نفسه ، فعلى سبيل المثال لو فتحنا موسوعة تفسير الميزان وهو من أهم تفاسيرنا الشيعية للسيد الطباطبائي (ج41 ص 295) في تفسير قوله تعالى ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) "رجوع بوجه الى تفصيل ما اجمل سابقا –وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم – الآية بذكر ما أوتي النبيون من المعارف والشرائع وأيدوا بهلاك أعدائهم بالقضاء بالقسط . والآية التالية تشهد ان المراد بالفرقان والضياء والذكر التوراة آتاها الله موسى ، وتسمية التوراة الفرقان لكونها فارقة أو لكونها يفرق بها بين الحق والباطل في الاعتقاد والعمل، وتسميتها ضياء لكونها مضيئة لمسيرهم الى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة وتسميتها ذكرا لاشتمالها على ما يذكر به الله من الحكم والمواعظ والعبر وقد سميت التوراة نورا وذكرا في قوله تعالى – فيها هدى ونور – المائدة 44 ". هذا مثال بسيط لتفسير المفسرين . ولا باس بان اذكر لك مثال آخر وهو من تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي (ج7ص80)في تفسير قوله تعالى "هذا ذكر من معي وذكر من قبلي " أي :وقل لهم يا محمد :هذا القران ذكر من معي بما يلزمهم من الأحكام وذكر من قبلي من الأمم ممن نجي بالإيمان او هلك بالكفر ، عن قتادة . وقيل هذا ذكر من معي بالحق في إخلاص الإلهية والتوحيد بالقران وعلى هذا ذكر من قبلي في التوراة والإنجيل ، عن الجبائي . قال لان القران ذكرا آتاه الله ومن معه والتوراة والإنجيل ذكر تلك الأمم . وقال أبو عبد الله سلام الله عليه يعني بذكر من معي .. من معه وما هو كائن وبذكر من قبلي ما قد كان . وتستطيع أن تراجع الموارد التي ذكرت فيها الآيات في التفاسير التي ذكرناها وغيرها من التفاسير . فالكتاب المقدس هو كلام الله على لسان أنبيائه وعلى لسان كلمته عيسى بن مريم كما في قوله تعالى ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل )آل عمران- 48. وِقوله تعالى (وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين )المائدة -46. والقران لا يمثل مشروعا مغايرا ومخالفا لدين الله وكتبه ورسالاته السابقة بل انه مشروعا لأمة لم تعرف من قبل رسالة التوحيد كما يشير الى ذلك قوله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) الجمعة – 2 . وقوله تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون )البقرة -151.
لقد جاء القران تصديقا للكتاب كما تشير عشرات الآيات القرآنية ومنها على سبيل المثال : الآيات 41-77-89-91-101-من سورة البقرة . والآية 3 من سورة آل عمران والآية 47-من سورة النساء والآية 46 من سورة المائدة والآية 92 من سورة الأنعام والآية 37 من سورة يونس والآية 111 من سورة يوسف والآية 31 من سورة فاطر والآية 30 من سورة الاحقاف والآية 6 من سورة الصف ولقد كان القران تفصيلا للكتاب المقدس كما في قوله تعالى ( وما كان هذا القران أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين )يونس -37. وقوله تعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) يوسف - 111 . وقوله تعالى (أفغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل إليكم الكتاب مفصلا واللذين أتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ) الأنعام – 114. فتفصيل الكتاب المقدس هو في لغة القران تعريبه مفصلا (ولولا جعلناه أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته )فصلت – 44 فالتفصيل الذي يشير اليه القران هو تعريب للكتاب المقدس أو لمحتوى رسالة التوحيد كما نص عليها الله سبحانه وتعالى في رسالات سابقة ويؤكد ذلك قوله تعالى في سورة فصلت الآية -1 :( تنزيلا من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرانا عربيا ) وقوله تعالى في سورة هود الاية1 (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن خبير حكيم) وذلك من اجل تيسيره كما في قوله تعالى :( ولقد يسرنا القران للذكر ، فهل من مذكر)والآية مكررة أربعة مرات للتأكيد في سورة القمر 17 و23 و32 و40) . فهو تيسير عربي لذلك الكتاب : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين، وتنذر قوما لدا) مريم 97 ؛ (فإنما يسرناه بلسانك ، لعلهم يتذكرون) الدخان 58. لاحظ دقة التعبير (يسرناه بلسانك) .
- لقد أدركت الآن الى ما يمكن ان يقوده الاعتراف بمصحف فاطمة وما يمكن أن يؤدي اليه من فضح لكل التشوهات والتحريفات التي غيرت ملامح الإسلام الأصيل . بدأت أدرك إن مصحف فاطمة ليس لغزا حول كتاب في الاعتقاد الشيعي بقدر ما هو البوابة التي من خلالها استطيع النفاذ الى الإسلام الأصيل ،إسلام الأئمة المعصومين سلام الله عليهم الذين سخروا كل حياتهم لتنمية وعي الأمة لكي تستكشف وتستلهم حقيقة الإسلام رغم سلطة الإسلام القريشية وقرون من الاضطهاد لمشروع الإمامة. - لكن مشروع الإمامة لم ينتهي بعد بل ان افقه المفتوح من خلال الإمام المهدي يمكن أن يدفع بالأمة الى استكشاف الحقائق وعلى الأقل معرفة القران . - حقا فان بعض الآيات التي ذكرتها كأني لم أقراها من قبل وكان غشاوة كانت تحجبها معانيها عن عقلي.اعتقد إنني بحاجة الى أن اعرف أمور أخرى. - إذن فأنت ترغب بمواصلة المسيرة لمعرفة دين الله وطريقة الاعتقاد السليمة به لكن على الأقل فان قصتك مع مصحف فاطمة سلام الله عليا قد انتهت. - بل تستطيع القول إن قصتي مع مصحف فاطمة قد بدأت اليوم ولكن بفصل جديد.
#بشير_المهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|