اعادت العمليتان الارهابيتان الدمويتان في اربيل عاصمة اقليم كردستان الفدرالي في الاول من شباط الذي صادف اول أيام عيد الاضحى معضلة الارهاب الضارب اطنابه في مختلف انحاء العراق منذ سقوط الدكتاتورية الى واجهة الاحداث اللافته مرة اخرى ، كما أن توقيتها من جهة واستهدافها لقيادات سياسية وحكومية وادارية كردية رئيسية من جهة اخرى تطرح تسأولات عديده ومشروعة حول الاهداف السياسية المتوخاه ، والجهات المخططه ذات المصلحة ، والادوات المنفذه والظروف المحيطه بها القريبة منها والبعيدة واسباب استهداف عاصمة الاقليم والجهتين الكرديتين السياسيتين الرئيسيتين وبذلك نكون امام بعدين مفصليين من ابعاد تحديات الارهاب :
1- البعد الوطني العراقي :
من المعلوم أن القوى والاطراف الارهابية الاقليمية والعالمية وجدت في حرب تحرير العراق فرصة لاعادة احياء نشاطها والتعويض عما خسرته في مناطق اخرى من العالم عبر افتتاح معركة جديدة في الساحة العراقية وتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة الامريكية ، وقد تلاقت مصالح عدة جهات في آن واحد حول جملة من الاهداف ومنها مناهضة استعادة السيادة والامن والاستقرار من جانب الشعب العراقي ، ووقف محاولات بناء الدولة العراقية الديموقراطية التعددية الفدرالية ، وقطع الطريق على فكرة ان يتحول العراق الجديد نموذجاً لمواصلة التغيير والاصلاح في الجوار وفي دول منطقة الشرق الاوسط حتى يتسنى للانظمة الدكتاتورية والاستبداية أن تواصل استغلالها وتسلطها على رقاب الشعوب وحتى لاتنجح المطامح والاهداف المشروعه لشعوب المنطقة في تطلعاتها المستقبليه الى بدائل ديموقراطية لانظمة الحكم الفاسده القائمة ، وبالتالي حتى تصل الطموحات الى ادنى درجاتها ويدب اليأس في نفوس المناضلين من اجل التغيير والاصلاح ويصبح القبول الدولي والاقليمي بانصاف الحلول والعودة الى الاقتداء بانظمة حكم على غرار النظام التركي وحكومته المسلمة – المعتدلة والعلمانية كما يحلو للبعض تسميتها .
ان هذه الاطراف المتورطه في الاعمال الارهابية والتي تتوزع الادوار وتتعاون منذ عهد الرئيس العراقي المخلوع ونظامه الدكتاتوري المنهار عباره عن مخططين، وممولين، ومنفذين ، ومصفقين ، ومتفرجين من خارج العراق بالدرجة الرئيسية ومن الجوار الاقرب وكذلك من مجموعات وصلت من وراء الحدود واخرى مقيمة وهي جميعها دون استثناء تحمل عقائد اصولية متزمته وشوفينية جامده ، وكل عملية تقوم بها تحمل رسالة سياسية وهدفا واضحاً لدى مصدر القرار . فالتفجيرات الاخيره التي حصلت في الاسبوعين المنصرمين في مختلف انحاء العراق حملت رسالة اكثر من واضحة موجهة الى هيئة الامم المتحدة التي قررت ارسال وفد للاطلاع واقرار ما اذا تتوفر امكانية اجراء انتخابات عامة في العراق قبل نهاية شهر حزيران القادم كما هو مقرر ، والرسالة السياسية هي العمل على الغاء أو تأجيل الانتخابات حتى تزداد فرص الاعمال الارهابية ويستمر الفوضى وعدم الاستقرار ويدوم – الفراغ الشرعي –
2-البعد القومي الكردستاني :
للشعب الكردي تاريخ طويل مع الارهاب المنظم أو ارهاب الدولة حيث تعرض طوال مراحل وجوده ومنذ عهود الامبراطوريتين العثمانية والصفوية وحتى الآن مرورا بالدول التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية والتي اقتسمت كردستان . الى مختلف صنوفه واشكاله من ابادة ، واقتلاع وتهجير ، وتبديل التركيب الديموغرافي للكرد ووطنهم ، والتطهير العرقي ، وتعريض وجودهم القومي والبشري والتاريخي الى ( التعريب والتتريك والتفريس ) كل ذلك من تجليات الفعل الارهابي المنظم الذي يتعرض له الكرد حتى اللحظه ولذلك يمكن القول ان هذا النوع من اساليب قهر الانسان وتدميره وابادته ليس غريباً ومفاجئاً في الساحة الكردستانية والجديد في هذا المجال هو تطوير الارهاب كمنظومة وآليات ونوعية واهداف سياسية وتوسيع مجاله من حدود الدول والانظمة ليشمل المنظمات السرية الاصولية والمجموعات التي تعيش على – الارتزاق – والافراد بحيث وصلت المنظومات الارهابية الى مصاف المافيات – العالمية وسبقتها باشواط بعد أن اضيفت الى – اجندتها – العقائدية الاصولية اهداف سياسية ومالية واختلطت الدعوات الايمانية بالمشاريع الاقتصادية والبنكية وتجارة اسلحة الدمار الشامل والتكنولوجيا التدميرية والسيطرة على مقدرات الناس والبلدان كما حصل لافغانستان ابان حكم طالبان عندما سيطر تنظيم – القاعدة – وزعيمها – اسامه بن لادن – على زمام الامور .
ان ما تواجهة الحركة التحررية الكردستانية عامة وفي كردستان العراق على وجه الخصوص من تحديات ارهابية في المرحلة الراهنة تعود بالاساس الى افرازات الايديولوجية الشوفينية المثلثة الاضلاع : قومي علماني ، واصولي ديني ، وسلطوي دكتاتوري ، وقد التقت الجماعات والجهات التي تدين بالولاء لهذه المفاهيم والعقائد والمواقف أو التي تحكم بلدانا وتقود انظمة على اهداف موحدة تجاه الشعب الكردي وحركته القومية التحررية الديموقراطية باتجاه مواجهتها والنيل منها بكل الوسائل الممكنه بما فيها اسلحة الدمار الشامل وعمليات الابادة ومحاولات تصفية رموز الكرد وقادتهم السياسيين والثقافيين ومناضليهم ، وستواجه الحركة القومية الديموقراطية الكردستانية في المرحلة القادمة وعلى المدى المنظور هذه القوى والمجموعات الارهابية المتحالفة في خندق واحد والتي باتت تشكل المصدر الاساسي للخطر على الامن القومي الكردستاني . والعدو الرئيس للكرد وقضيتهم ، وسيتخذ الصراع مع هذا العدو مختلف الاشكال والوسائل المعروفه وغير المعروفه فالى جانب استمرارية الصراع مع الانظمة الشوفينية وارهابها ومخططاتها ستواجه الحركة الكردية ارهاب العقائد الاصولية وارهاب دعوات التخلف والظلامية والارهاب ضد المرأة والحريات والابداع والتقدم ، ولاشك أن ما سيواجهه الكرد مستقبلاً يؤهلهم ليقوموا بدور يتجاوز حدود كردستان الى الساحتين الاقليمية والدولية ، ويأخذوا مكانهم في الحرب الكونية الشاملة الدائره منذ اعوام ضد الارهاب العالمي .
لقد شهدت ساحة كردستان العراق وتحديداً عاصمة الشرعية الكردستانية – اربيل – تفجيرات انتحارية متتالية استهدفت اثنتان منها وزارة الداخلية ، والاخيرتان الحزبين الرئيسيين اللذين يقودان الحركة السياسية والحكومة في توقيت بالغ الدقه ومعبر في الوقت ذاته ، نعم بدأت العمليات بعد الاعلان من – اربيل – عن موقف
شعب كردستان تجاه العراق الجديد والفدرالية الكردستانية وبعد انخراط الفئات الشعبية والجماهير الواسعه في عملية التحضير لاجراء الاستفتاء العام ليقرر الشعب مصيره . وبعد أن نشط ممثلو شعب كردستان في مجلس الحكم والوزاره انطلاقاً من حرصهم على بناء العراق الجديد وتقديم كامل الدعم من اجل التوصل الى بديل ديموقراطي تعددي فدرالي ، وبعد أن توطدت علاقات الصداقة والتحالف بين شعب كردستان من جهة وقوى التحالف وحكومتى الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا من جهة اخرى . وبعد أن تبين للقاصي والداني نجاح التجربة الديموقراطية في كردستان واعتراف الخصم قبل الصديق بامكانية تحول هذه التجربة الى نموذج يقتدى به في الداخل والخارج ، وبعد أن بانت امكانية حل المسألة الكردية في العراق على اساس الخيار الفدرالي والاتحاد الاختياري وليس عن طريق الحل العسكري ووسائل الاباده وادارة الازمة بالمنظور الامني كما يجري منذ عقود من جانب الانظمة الغاصبة لكردستان في البلدان الاربعة .
وقد بدأت الاعتداءات الارهابية بعد ان قامت وسائل اعلام عربية رسمية وغير حكومية بنشر الافتراءات وتعبئة الرأي العام العربي ضد شعب كردستان واتهام الكرد بايواء مجموعات اسرائيلية واستخدام قواتها العسكرية أو بيع الاراضي لليهود أو السماح لشركات اسرائيلية بالعمل في كردستان ، أو الادعاء زوراً بأن شعب كردستان بصدد الاقدام على الانفصال عن العراق أو ان الفدرالية ستقود الى الانفصال . واعلنت بذلك حرباً اعلامية شعواء على القيادات السياسية الكردية. ان هذه الاضاليل والحرب الاعلامية القذره والحملة الظالمة التي مازالت مستمرة والتي صدرت عن انظمة عربية مجاوره للعراق والتي تغتصب اجزاء من كردستان أو وسائل اعلاميه تابعه لها او جماعات الاسلام السياسي والقومجيين من الصحافيين والكتبه من مرتزقه الانظمة ومؤسساتها ومن افراد مرتدين محسوبين على اليسار انما تدعو من وراء حملاتها الى – الجهاد – ضد شعب كردستان وقيادته السياسية ، والى ارسال – الانتحاريين – المعبئين ، واكثر من ذلك فقد سمعنا اصواتا عديده من رؤساء دول مثل الرئيس – بشار الاسد – ومن صحافيين واعلاميين ومن رؤساء منظمات ومرجعيات وزعامات دعت الحكومة التركية – جهارا نهارا – الى التدخل العسكري في كردستان العراق وابادة الكرد واحتلال مدنهم ومناطقهم . الم تكن زيارة الرئيس الاسد الى تركيا مقدمة لتصعيد المواجهة الارهابية ضد الكرد ، ألم تشكل الاتفاقيات الامنية الثنائية والثلاثية مؤشراً سياسياً وميدانياً على اطلاق الحملة الارهابيه ضد شعب كردستان والنيل من الوضع المستقر في الاقليم ؟.
تساؤل اخير : لماذا لاتحصل الاعمال الارهابية في كل من دمشق وطهران ؟