علي حسين الخزاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2380 - 2008 / 8 / 21 - 01:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الواقع , فان العلوم الماركسية أكدت بأنه لايمكن للطبقة العاملة أن تتحرر من الأستغلال , دون أن تستلم الحكم بنفسها وتقود المجتمع الى شاطئ الأمان .
ان الأضطهاد الطبقي والسياسي والاجتماعي سمات أساسية بارزة للأنظمة السياسية ( الملكية , الجمهورية والبرلمانية ) التي تقودها البرجوازية بكل انواعها وفي كل الظروف والازمان , فالحديث عن البطالة يتم في ظل تلك الانظمة التي تعتمد في تطور ماكنتها السياسية والاقتصادية والحربية على استغلال العمال والكادحين , لذلك فجوهر الأستغلال واحد ويكمن في استغلال فائض القيمة التي تدر ارباحا لجيوب الرأسماليين الأحتكاريين .
لذلك يطلق على الصراع الدائر على كوكبنا , بالصراع الطبقي والذي ينحصر بين طرفي نقيض الصراع , تمثل فيها الطبقة العاملة وكادحي الشعوب من جهة والبرجوازية العالمية وحلفائها الطبيعيين من انظمة الحكم العسكرية والدكتاتورية الشمولية في العالم من جهة ثانية , بغض النظر عن نمط الحكم ونوعيته , فالكل يختلفون في كل شيء ويتفقون على اهمية تطوير الصراع وتوحيد السلاح ضد الطبقة العاملة وتحت عناوين ومسميات مختلفة .
في العراق كانت ولا زالت نفس القضية , والصراع الطبقي يتطور اشكاله مع تطور الظروف , وأساليب النضال فيها تأخذ مسارات تنسجم مع الامكانات والظروف المحيطة بها .
ولنأخذ بنظر الاعتبار , سواء في الحوارات وموائد النقاش او البحوث والدراسات والمقالات التي تنشر وبالاحصاءات التي تعتمد من دوائر ومؤسسات رسمية فان الامر يأخذ مسارات أدق , يعني هذا ان كانت هناك أرقام رسمية تتحدث عن مستوى البطالة والفقر في هذا البلد او ذاك , يولد ذلك فسحة أكبر لممارسة النقد البناء وحق وواجب المساهمة ورفع المقترحات والمعالجات السديدة الى الجهات المعنية والمسؤولة , وخاصة وزارة التخطيط وهي ( مشكورة ) على ذلك , من اجل المساهمة للخلاص من تلك المعانات , ومن هذا المنطلق نشرت الموضوع المعنون ( واقع البطالة في العراق اليوم ) حرصا مني وبهدف المساهمة المتواضعة لمعالجة ما امكن في هذا الصدد .
لم اقصد في طرح الموضوع تحميل طرف مسؤولية ما آلت اليه الاحوال المعيشية وما رافقها من أزمات مستعصية على حساب اطراف اخرى , فكل القوى السياسية تتحمل مسؤولية ذلك بهذا القدر او ذاك وخاصة القوى المحركة للعملية السياسية والحاكمة منها بدرجة اكبر .
ان الموضوع المنشور , هو سياسي ومن منظور طبقي بحت , لاعلاقة له بالقضايا القومية او الطائفية , رغم وجود تشابك في الوضع السياسي العراقي وما حصل في العراق بعد التاسع من نيسان/ 2003 من تشجيع متواصل لقوى الاحتلال لسياسة المحاصصة الطائفية التي ابتلى بها شعبنا وسببت الكوارث , وعزز الاحتلال تقسيم الشعب على اساس قومي وطائفي ( قومي متعدد , سني عربي وشيعي ) رغم ان الحقيقة هي ليست كذلك , لأن النهج هذا لايولد غير الشقاق والنفاق , بأعتبار ان في العراق ثلاث تيارات اساسية ( تيار ديمقراطي , تيار قومي – مكون بسبب من تعدد القوميات وتيار ديني – مكون بسبب من تعدد الاديان ) .
وقد استلمت رسالة من الاستاذ – تقي جاسم صادق – مشكورا على اهتمامه بالموضوع وبقضايا له قناعاته فيها , بدوري احترم كل القناعات التي تصب في مصلحة القضية العراقية , فان ما تطرقت له لم يشمل قضايا الفيدرالية في العراق كما وردت في رسالته , بل عن حياة العمال وظاهرة البطالة المتفشية واسبابها وسبل واهمية معالجتها التي تصب في خانة تطوير الحياة , حيث عانى ابناء شعبنا العراقي وطبقته العاملة ما لم تعانية شعوب العالم جراء القوانين والقرارات المجحفة بحقها والحروب الكارثية , وطالبت مرارا بالعمل الجدي لألغاء تلك القرارات وخاصة القرار ( 150 لسنة 1987 ) وكذلك القانون ( 52 لنفس السنة ) والقرار ( 8750 لسنة 2005 ) والتوقف عند سلوك بعض الوزارات والمدراء العامين بشكل جدي وخاصة في وزارة النفط واعتمادهم لقرار صدام حسين ( 150 لسنة 1987 ) في اعتبار العمال في القطاع العام موظفين بهدف تعميق حرمانهم من حقوقهم القانونية والاجتماعية , وعدم اتخاذ اية خطوة من اجل اعادة تأهيل المعامل والمؤسسات الحكومية والاهلية للمساهمة في تخفيف العبء الاكبر على العوائل الفقيرة بسبب البطالة المزمنة التي يعاني منها العمال .
وما يثير الشك في ذلك ان الاغلبية من المسؤولين هم من المتقين والمؤمنين والحجاج اليوم وهم في طريقهم كالعادة الى بيت الله الحرام في المرة القادمة , ولم يحرك احدا منهم ساكنا لتحقيق مقولة الامام علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهه ) – ( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) .
ما يثير العجب ان الاستاذ تقي جاسم صادق المتعاطف مع فيدرالية الوسط والجنوب , لم يناقش الاستاذ وائل عبداللطيف وافكاره حول تشكيل فيدرالية او اقليم البصرة , بل أجزم كأنه يبحث عن مؤازرين لموقفه معتقدا ان ما طرحته ينسجم مع تصوره ويأخذ جانبا طائفيا . فالموضوع الذي تطرق له الاستاذ عبداللطيف بعيد عن ما طرحته مع ملاحظة جادة , ان الاستاذ وائل عبداللطيف طرح وجهة نظره وموقفه دون الاساءة لأي طرف ولا اعرف ان كانت هناك قضايا مخفية سبق للأستاذ تقي جاسم صادق ان تعرف او عرف عنها , اما عن موقفي من تلك القضية , انني مع قناعاتي بأن اي من المعضلات السياسية والاقتصادية لايمكن حلها من دون اعادت بناء مؤسسات الدولة بأكملها على اسس ديمقراطية حقيقية وبمشاركة الجميع في ادارة دفة الحكم في العراق دون اقصاء لأحد او تهميش لدور أي طرف مهما كان حجمه , وما يجري ليس سوى هواء في شبك لايكسي عريان ولا يشبع جائع .
المشكلة ان رسالة الاستاذ تقي جاسم صادق تضمنت عدد من الاسئلة الموجهة ولا اعرف لمن , ولكن يمكن النقاش فيها مستقبلا , حيث اود وبشكل اولي تعريف القارئ العزيز على السؤالين المهمين بتقديري كما جاءت في رسالة الاستاذ تقي جاسم :
1 – هل بتمزيق اوصال الشيعة جغرافيا وسياسيا واداريا هي انقاذ للبصرة من الاهمال ؟
2 – لماذا يتوحدون الاكراد جغرافيا والعرب السنة يتوحدون وهناك محاولات لتمزيق الشيعة ؟
اعتقد ان السؤالين يمكن تحويلها الى الاستاذ وائل عبد اللطيف وهو يملك كامل الحق في الاجابة والتوضيح باعتباره صاحب الفكرة .
ترى من يريد تمزيق الشيعة اولا , وكيف له ان يقارن بين فيدرالية للأكراد تم الاتفاق الجماعي عليها ومن قبل كل القوى العراقية ويوجد نص في الدستور العراقي كحق مشروع لحل القضية القومية في العراق , الذي عانى منه شعبنا وكل مكوناته طيلة عقود من الزمن , وهل نسى الاستاذ تقي تواقيع ممثلي كل الاطياف العراقية والاستفتاء الشعبي على الدستور الدائم الذي لايتضمن الفيدرالية فحسب بل حق كل محافظة او ثلاث محافظات لتشكيل اقليم , علما ان الدستور لايتضمن اقامة اقليم لأكثر من ثلاث محافظات ومن هذا المنطلق فان ما طرحه الاستاذ وائل عبداللطيف لايخالف بنود الدستور بغض النظر عن صحة اوخطء الفكرة , وما طرحه الاستاذ تقي لاعلاقة له بالدستور أصلا والعمل على تشكيل محافظات الجنوب والوسط أي ( 9 محافظات ) لاينسجم مع بنود الدستور .
ان حاملي مشروع اقليم الوسط والجنوب يهدفون الى تحقيق هدف سياسي اكبر وابعد مما يتصوره الاستاذ تقي وهم لايمنحون الحق الشرعي للأكراد في تحقيق الفيدرالية ولا يتفقون معهم دون تحقيق اغراضهم السياسية ( شيلني واشيلك ) وهذه المشكلة التي وقع فيها القادة الكورد والا فان حق الكورد في اقامة الاقليم هو حق دستوري وشرعي واخلاقي .
ليس هكذا ياأستاذي تقي , يتم الاعلان عن الموقف , بل يجري الحوار على اساس الافكار وليس توجيه تهم للأشخاص , على سبيل المثال ان الاستاذ وائل يريد تمزيق الشيعة , رغم ان لي ملاحظات على دور الاستاذ وائل وافكاره لكن لايدل ذلك الا على ان الاستاذ وائل رجل يتحرك ويعمل ويحاول تحقيق ما له من افكار, مما يولد ذلك من ملاحظات جادة لدى الآخرين , تلك الملاحظات التي تصب في تطوير مسار العملية السياسية , تعتبر ظاهرة صحية تدل على الحرص الكامل والنزيه للمشاركة في تطوير العملية السياسية , لكن الموقف المتزمت الطائفي لايرحم حامله ويجعل منه في طريق المزالق ولا يخدم الطائفة نفسها فكيف لها ان تخدم الشعب العراقي .
فالشيعة ليسوا من المريخ ولا من بلد آخر بل هم عراقيون ابا عن جد ولا يسمح لأحد في تمزيق صفهم لان ذلك هو اضعاف للشعب العراقي نفسه كما هو الحال بعدم التهجم على مكونات الشعب العراقي الاخرى فهو اضعاف لدور ووحدة الشعب والوطن .
ويظهر ان عدوى التمزيق نابعة من اهل الطائفة نفسها , هذا ان كان هناك حقا ما يتصوره الاستاذ تقي بوجود حالة تمزيق , ولكن يتضح ان هناك قناعات سياسية واحزاب لها برامجها بغض النظرعن الاختلاف او الاتفاق مع برنامج هذا الحزب او ذاك , انها ظاهرة طبيعية وصحية ان يكون هناك تعدد للأفكار لكن الادق والافضل هو كيفية ادارة ذلك الصراع وبطريقة تخدم العملية السياسية وليس عبر التهجمات والطعون الشخصية .
وقبل ان اختم مقالتي هذه اود ان اشكر الاستاذ تقي وارجو ان يسع صدره لما طرحته فانا رجل ديمقراطي مؤمن بقضية الشعب اولا واعتماد الاساليب الحضارية في المعالجة وادافع عن كل ما يخدم الشعب والوطن وادعوا الى برنامج مشترك كحد ادنى ثانيا , يشارك فيه كل قوى الشعب المخلصة لاجل تعميق وحدة الشعب الذي تتحطم حتما عليه كل المؤامرات وهو يسير في طريق التحرر من الاحتلال واعادت بناء الوطن وخلاص شعبنا من الظلام الكالح الذي يعم سماء الوطن .
#علي_حسين_الخزاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟