|
الإنسان والجماعة وسياسة الحكم (2)
عادل ندا
الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل الإنسان آلة، أم مقدس، أم شبه مقدس، أم تركيبة آخرى نسميها الإنسان ونبحث لها عن مدلول؟ الإنسان معنى وكينونة قادرة على الفعل، وما يمكن أن نتفق عليه هو أن الإنسان أعلى قيمة إذا ما قيمنا العناصر الكونية كلها. ومن هنا جاءت العديد من المقولات، منها "أن من اهان إنسان، أهان البشر أجمعين". وغيرها من المقولات وفى مختلف ثقافات العالم. مما لا شك فيه أن الإنسان لا يمكن تبسيطه فى نظرية. فهذا التبسيط مهما بلغت دقته العلمية، سوف يكون مخلا بشكل ما أو بآخر. ولكن مما لا شك فيه أيضا، أن أخطر صفات الإنسان، هى السلوك العدوانى، لأنه ببساطة مدمر. أبشع الأحاسيس الإنسانية هى الكآبة. وأخطر عرض مرضى (مفرد أعراض وعلامات مرضية) نفس-إجتماعى هو العدوان الإكتابى. العدوان الإكتابى يمارسه الإنسان كمحاولة لتقليل الإحساس الإكتآبى لديه، ثم يدمنه. معظم الساسة ورجال الأعمال اللا أخلاقيين، لديهم هذا العرض المرضى. ولو أمكننا منعهم أو تبصيرهم، ربما سينتحرون. وهذا افضل، طبقا للقاعدة القائلة "أخف الضررين". فمن المنطق أن نختار أخف الضررين إذا ما أجبرنا على الإختيار ما بين شيئين ضارين. فالمرض ضار والدواء أيضا ضار ولكن الدواء غالبا ما يكون، أخف ضررا من إستمرار المرض وإستفحاله. أنا لا أتحدث هنا عن السيكوباتيين المجرمين بطبعهم الجينى. فهؤلاء فئة نادرة الوجود جدا، وقد ينجحون ويفشلون. فى العدوان الإكتآبى، فبدلا من توجيه العدوان للذات، يطرحه الشخص أو الجماعة الفرعية، تجاه وعلى الآخر. ميكانيزم دفاعى مرضى، وذلك لإحداث تماسك نفسى لديه، ولكن هذا التمساسك هش. فيكرر هذا السلوك بالضرورة بغية الإستمرار فى التماسك والتكامل النفسى والإجتماعى. يتناسى هؤلاء أن الذات الفرعية، والذات الكلية الإنسانية، كيان واحد لا يمكن فصلهما. لا يمكن فصلهما إلا قسرا وتدميرا لكون الإنسان إنسان. إنسان ينتمى الى الإنسانية جمعاء. فهذا الفصل الكلى ضد طبيعة جدلية الأشياء. فى نظريات الحكم نجد الآتى: أولا: حب البقاء والاختلاف سنة الحياة وجدليتها. كل النظريات والمفاهيم المختلفة تعكس نظما اجتماعية وسياسية واقتصادية لتنظم حياة البشر. فطبيعة الإنسان هى أنه يتمثل المنظومات، ثم يولد الأفكار الجديدة التى تغيرها أو تصنع منظومة جديدة. وآلية التمثل تتحكم بشكل كبير في تحديد وتأسيس نظم حكم وإدارة تستطيع أن تحقق أكبر قدر ممكن من إستغلال الطاقات، والمقياس هو الوصول الى أفضل ما ينبغى بعد قراءة الأمور، ثم تأتى بعد ذلك محاولة تحقيق العدالة. وتبقى المحصلة النهائية وهى أن القيادة التى لديها القدرة على الإنجاز والإبداع، هى التى يسمح لها بالبقاء إتفاقا، لا قهرا، بالأساليب الأمنية الجائرة. ثانيا: على الرغم من أنه يصعب توقّع أن يتغير نمط تفكير القيادة في سن متقدمة من عمرها إلا أن حال الواقع يؤكد أن الأجيال المسنة تبدو أكثر تفهماً وترحيباً بالجديد في مجالات مختلفة، بما في ذلك المجال السياسي، مقارنة بالأجيال الشابة! فالأجيال الشابة فى العالم بدأت منذ منتصف السبعينات تتبنى منظوراً دينياً محافظاً للغاية ويمثل انقلاباً على مفهوم سلطة الشعب، وهو ما يدافعون عنه بتأويلات لاهوتية مغلقة. ولهذا عدة أسباب. ثالثا: أن سيطرة الأمن بذاته، صارت عاملاً أساسياً في إعاقة التطور الديموقراطي والعودة لأشد أساليب الحكم استبداداً وعنفاً. ولا يعود ذلك بالضرورة لمخاوف حقيقية، بل للتلاعب المنظم بالمخاوف. د.محمد السيد سعيد.. الاتحاد الإماراتية..11/6/2008 رابعا: وفي مصر بالتحديد، الطبقات الرأسمالية قد تستفيد من النظام الاستبدادي اللا ديمقراطى المحافظ التسلطي القائم، لكنها لا تقوده بالضرورة، ولن تستطيع. فهناك كتلة تعيها الحكومة وتلعب بها وعليها. كتلة لا يستهان بها وبرغم كونها غير منظمة إلا أنها قنبلة غير موقوته، شرطية بفتح الشين، إسميها الجماهير. يسميها البعض الطبقة الوسطى. وسماها السادات الله يرحمه، بإنتفاضة الحرامية. فالجماهير لا تلعب لحساب أحد ولها مصالحها ومكاسبها التى يجب الإزعان لها حتما. ولدى تلك الكتلة العديد من التكنيكات أهمها تكنيك العصيان، الذى تزيده وتقلله وفق الظروف. وبناءا عليه نجد أن في مصر، انفتاح سياسي وإقتصادى، لكن شكلي. وتطبيع مع العدو، لكن شكلى. وأحزاب معارضة، لكن شكلية. والشعب لا يريد الديمقراطية على الطريقة الأمريكية فلديه ديمقراطية أبن البلد. ولا يقبل ولن يقبل بوجود إسرائيل. ولكن هناك المستفيدون. خامسا: أظن وأعتقد أن ظنى صحيح، أن هذا النمط الجماهيرى موجود لدى شعوب الحضارات القديمة، وحتى فى الصين. ويجب دراسته وتفعيله. السارق والمسروق فى النار، أقصد نار الواقع المعاش. أكل حقوق الناس ممتع، ولكن إرجاع تلك الحقوق مؤلم. فالأكل ممتع والترجيع مقرف.
#عادل_ندا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنسان والجماعة وسياسة الحكم (1)
-
دولة إسرائيل وهم (21)
-
دولة إسرائيل وهم (20)
-
دولة إسرائيل وهم (19)
-
دولة إسرائيل وهم (18)
-
دولة إسرائيل وهم (17)
-
دولة إسرائيل وهم (16)
-
دولة إسرائيل وهم (14)
-
دولة إسرائيل وهم (13)
-
دولة إسرائيل وهم (9)
-
دولة إسرائيل وهم (7)
-
دولة إسرائيل وهم (6)
-
دولة إسرائيل وهم (5)
-
دولة إسرائيل وهم (3)
-
دولة إسرائيل وهم 1
-
مع خالص إحترامى لعقلى
-
من وحى فيلم الفالوجة
-
دعوة الى رحلة مع الجمال
-
لا أهلا ولا مرحبا بك يا بوش
-
العبقرية والجنون والمرض 6
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|