أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - مصر الأخرى!














المزيد.....


مصر الأخرى!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:21
المحور: المجتمع المدني
    


بدلاً من التوجه إلى الساحل الشمالى هرباً من هذا الحر القائظ والجو الخانق الذى تتحالف فيه اللزوجة مع الرطوبة والتلوث، حزمت حقائبى وسافرت مع عدد من الزملاء "الفدائيين" لـ "التصييف" فى الصعيد الجوانى، وبالتحديد فى قنا التى احتكرت فى أدبياتنا القديمة والحديثة والمعاصرة لقب "قنا عذاب النار" فى إشارة إلى مناخها القائظ من ناحية، وإلى تأخرها وصعوبة "المعايش" فيها من ناحية أخرى.
ولم يكن اتجاه السفر هى الشئ الوحيد المعاكس للمألوف والشائع، بل كانت كل وقائع هذه الزيارة مناقضة للمألوف والشائع.
ولنبدأ بأبسط الأشياء، أو ما يبدو بسيطاً للوهلة الأولى. ونعنى بذلك "النظافة"، أو بالأحرى الافتقار إلى النظافة فى شوارع القاهرة بحيث أطلقت عليها احدى كبريات الصحف الأمريكية لقب "عاصمة القذارة فى العالم"، وهى المدينة التى كانت حتى الستينات واحدة من أجمل مدن العالم وتنافس المدن الأوروبية فى بهائها وحسنها. وكذلك الحال فى معظم المدن المصرية التى تبدو وكأنها تتسابق على الوصول إلى أكبر درجة من القبح والدمامة والقذارة و"التزين" بالقمامة!
على عكس ذلك تفاجئك "قنا" بشوارع نظيفة جداً تحفها الخضرة من الجانبين بل والزهور أيضاً.. تصورواً: زهور وورود فى الشوارع!!
ثم إن هذه النظافة ليست حكراً على الشوارع الرئيسية فقط، ولا على قنا العاصمة فحسب، وإنما هى حاضرة فى الشوارع الجانبية وفى مراكز المحافظة الأخرى بشهادة زملائنا "القنائيين"، أبو العباس محمد والدكتور هانى رسلان اللذان أكدا لنا أنه من الصعب على أمثالنا من غير "الصعايدة" أن يدركوا الطفرة التى تحققت فى قنا لأننا لم نعش فيها – مثلهما – عندما كانت مضرب الأمثال فى التأخر والحرمان من أبسط الخدمات.
عكس المألوف والشائع أيضاً أنه بينما تنفض الحكومة يدها من إدارة وتملك أى مشروعات – وكأن ذلك رجس من عمل الشيطان – يصر محافظ قنا، مجدى أيوب، على أن تستمر المحافظة فى امتلاك وإدارة مشروعات للأمن الغذائى، منها محطة دواجن، ومجزر آلى للدواجن، ومزرعة تسمين للدواجن، ومشروع لإنتاج البيض، ومحطة لإنتاج الألبان، ومحطة تسمين للماشية، ومشروع مصنع لإنتاج الأعلاف، ومشروع مصنع لمنتجات الألبان.
وإصرار المحافظة على امتلاك وإدارة هذه المشروعات ليس حباً فى التملك، وإنما سعياً وراء تحقيق أهداف اجتماعية واضحة، أهمها المحافظة على توازن أسعار المنتجات وتوصيلها إلى محدودى الدخل بأسعار مناسبة وبأقل من أسعار السوق لمنع احتكار التجار لهذه السلع. وعلى سبيل المثال فان هذه المشروعات التى تمتلكها المحافظة توفر "كرتونة البيض" بسعر تسعة جنيهات بينما سعرها فى السوق يتجاوز 25 جنيهاً.
أضف إلى ذلك أن هذه المشروعات تساهم فى خلق فرص عمل للشباب حيث يعمل بها 730 موظفاً وعاملاً.
والأعجب أنها لا تكلف ميزانية الدولة مليما واحداً، بل إنها – بعد ذلك كله – تحقق أرباحاً بلغت خلال 2006/2007 أكثر من مليون جنيه تم دعم صندوق الخدمات والتنمية المحلية بها.
عكس المألوف والشائع أيضاً أنه بينما تحولت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين إلى خميرة عكننة سواء فى الجدل العلنى اليومى فى وسائل الاعلام أو فى الأحداث المتفرقة التى ما إن تتراجع حدتها هنا حتى تطل برأسها هناك،..، على عكس ذلك تشهد قنا حالة من "السلام الدينى"، رغم أن معظم المراقبين كانوا يرشحونها لكى تكون مسرحاً للقلاقل الطائفية، خاصة وأنها المحافظة الوحيدة التى يوجد على رأسها محافظ مسيحى بينما توجد فيها قبلية عتيدة تغذيها ثقافة محافظة تذهب فى تعصبها إلى حد رفض بعض أهم فصائل الإسلام السياسى لما يسمى بـ "ولاية غير المسلم".
رغم كل هذه الألغام استطاع مجدى أيوب أن يقود السفينة بمهارة وحكمة وحزم. وكانت كلمة السر فى نجاحه هى أنه تعامل مع الجميع باعتبارهم مصريين أولاً، قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين، والجميع يخضع للقانون دون تمييز إيجابى أو سلبى.
وكانت النتيجة هذا "السلام الدينى" الذى تنعم به قنا فى الصعيد الجوانى.
وليس معنى هذا أن قنا أصبحت "جنة" أو "يوتوبيا" أو مدينة فاضلة، فأمامها تحديات هائلة وصعاب لا يستهان بها، أولها وأخطرها الفقر الذى ينشب مخالبه فى القرى والنجوع التى لم تمتد إليها يد الإصلاح منذ عصور أجدادنا الفراعنة!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبروك للدمايطة.. على الانتصار فى نصف المعركة
- من يستحق التعويض .. -أجريوم- أم -دمياط-؟!
- تسليم وتسلم!
- إحرقوا كتب الفلسفة.. اليوم قبل الغد!!
- وثيقة مستقبل مصر «2»
- الجريمة... والعقاب
- تنويعات علي لحن المشروع الليبرالي (1)
- دبرنا يا وزير!
- وقفة احتجاجية.. من أجل البحث العلمي!
- دماء على رمال مرسى مطروح !
- هل استعار -الأخوان- شعار -الإسلام هو الحل- من أمريكا؟!
- .. و على المتضرر اللجوء الى .. الجماهير
- السفيرة وفاء: رغم كل شئ .. مصر تتغير
- -الشخص-.. الذى نحب أن نكرهه!
- شعاع أمل: رئيسة جمعية أهلية ترفض «التمويل الأجنبي»
- تصوروا: كيسنجر يرفض دبلوماسية العضلات الأمريكية!
- تأملات عبر المحيط الأطلنطى (2)
- تأملات عبر المحيط الأطلنطى: يوم الاعتذار القومى
- فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!
- عشاء ساخن جداً مع سفير كندا


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - مصر الأخرى!