صلاح الانصارى محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 04:37
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
نقطة نظام
الحديث عن الحريات النقابية والاستقلالية , والتنظيم النقابي القائم والتصريحات التي صدرت من رئيسه بشأن التعديلات التشريعية على قانون النقابات العمالية , حديث تحدثنا فيه مررا , ولكنه في هذه الأيام , وبعد التصريحات التي تعترف ضمنيا أن قانون النقابات لا يتوافق مع نصوص معايير العمل الدولية والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر . والتصريح يعترف ضمنيا أن التعديلات من اجل تلافى الانتقادات التي وجهت لمصر خلال مؤتمر العمل الدولي الأخير بجينيف , وان المنوط به إقرار التعديلات قبل عرضها على مجلس الشعب , هو الجمعية العمومية للاتحاد ؟ !
وان التعديلات سوف تضمن استقلالية التنظيم النقابي بشكل كامل عن الجهة الإدارية " وزارة القوى العاملة والهجرة "
وهى أيضا فقرة تحمل في طياتها أن التنظيم النقابي لا يتمتع باستقلالية كاملة . " المعروف أن مصر وقعت على اتفاقيات الحرية النقابية وصدقت عليها منذ 50 سنة " فهل أن الأوان أن يخلق التعديل التزامات داخلية باحترامها ؟
المعروف أن النقابات تصنف كا جماعة من مجموعات المصالح الضاغطة , التي تسعى إلى تحقيق أهدافها بممارسة الحوار والتفاوض والضغط للتأثير على صاحب القرار ومن بين أهداف التنظيم النقابي القائم والواردة بالقانون : حماية الحقوق المشروعة لأعضائها والدفاع عن مصالحهم و تحسن ظروف وشروط العمل . ومما لاشك فيه أن الحركة العمالية في مصر وخلال سنتين مضوا تمارس احتجاجاتها الضاغطة من اجل تحسين شروط وظروف العمل , وان التنظيم النقابي لا يمارس اى ضغط على صاحب القرار , وبالرغم من انه اتيح له تمثيل العمال في مجالس إدارة الشركات القابضة وجمعياتها العامة استنادا إلى القانون 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام . فضلا عن مشاركته ممثلا للعمال في المجالس واللجان القومية المتنوعة , وهى قنوات المفروض أن يلعب فيها دور مؤثر لصالح العمال , كا المجلس القومي للأجور الذي لم يتوصل إلى ألان في وضع حد أدنى للأجور منذ صدور قانون العمل في 2003 .
فهل يستقيم دور الاتحاد ومسؤولياته تجاه العمال بما أعطاه القانون من حق مطلق في قيادة الحركة النقابية المصرية ورسم سياساتها المحققة لأهدافها ليس فقط داخليا وخارجيا أيضا ! وإذا عددنا المجالس واللجان نجدها تقرب من العشرين مجلس ولجنة ( المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية , والمجلس الاستشاري للعمل , حتى اللجنة الوطنية لتنفيذ مقررات القمة الأفريقية . ولا ندرى اى قمة على وجه التحديد وصولا إلى مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية التابع لمجلس الوزراء ) . وكأن ما يحدث من ممارسات توصم بشبهة الممارسة الاحتكارية في الحديد والاسمنت في بلد أخر .
وإذا وجهنا نظرنا إلى ما يسمى بميثاق الشرف الاخلاقى للعمل النقابي , نجده يدافع عن سياسات الدولة في جوانب كثيرة منه . ويسرى على كل دافعي الاشتراكات في التنظيم النقابي . نجد منه على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي :
• الحفاظ على صيغة وحدة التنظيم النقابي كإطار للوحدة الوطنية وتحقيق السلم الاجتماعي , وعدم الإتيان بأي أفعال أو أقوال تمس هذه الوحدة ؟!
• تأييد سياسة الإصلاح الاقتصادي , والبعد عن كراهية اى طبقة أو فئة من فئات المجتمع حفاظا على الوحدة الوطنية ؟
• الالتزام الكامل بالسياسات التي يرسمها الاتحاد باعتباره قمة الحركة النقابية .
ماذا لو أن نقابي أو عامل اختلف أو اعترض مع السياسات المرسومة من الاتحاد ؟
ماذا لو أن نقابي أو عامل أعلن موقفه برفض سياسة الإصلاح الاقتصادي وما نتج عنها من خصخصة للقطاع العام و أعلن رفضه لنظام المعاش المبكر .
ماذا لو أن نقابي أو عامل أعلن انه ضد الوحدة النقابية آلاتية بالقانون وانه يروج لفكرة التعددية إيمانا بالحق في التنظيم كما نصت عليه المواثيق الدولية .
( إذا ما معنى توقيع مصر على اتفاقيات و مواثيق دولية إلا ممارسة لقيود على الحكومات والأنظمة من اجل تعزيز حقوق الإنسان في التعبير والتنظيم )
ماذا لو أن عامل أو نقابي المفروض انه منتمى للطبقة العاملة وعبر عن كرهه للطبقة الرأسمالية أو لفئة من أصحاب العمل .
إذا حدث وعضو جمعية عمومية خالف ميثاق الشرف الاخلاقى فالمادة ( 25 ) من القانون تعطى الحق لمجلس إدارة النقابة العامة أن تصدر قرار بفصله بموافقة ثلثي أعضاء المجلس.
وفى حالة النقابي فأن القانون يعطى الحق بإيقاف عضو المنظمة النقابية بمستوياتها لحين عرض أمر فصله أو سحب الثقة منه في أول اجتماع للجمعية العمومية .
ولقد ساهم القانون 12 لسنة 1995 ببلورة شريحة نخبوية داخل التنظيم النقابي وتمكنت هذه النخبة من السيطرة الكاملة على الهيكل النقابي بكافة مستوياته , ففي مارس 1995 وقبل تقاعد عدد معين من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر لبلوغ سن التقاعد القانوني , تأتى المادة ( 23 ) لتنص على : يحتفظ العامل المتعطل بعضويته في النقابة , إذا كانت قد انقضت عليه سنة على الأقل في عضوية النقابة , ويعفى في هذه الحالة من سداد اشتراك النقابة .
ويجوز لمن أحيل إلى المعاش لبلوغ السن القانونية والتحق بعمل داخل التصنيف النقابي الذي تضمه النقابة العامة دون فاصل زمني الحق في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية وفى جميع الأحوال يستكمل عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية مدة الدورة التي انتخب فيها .
والمادة صريحة في معناها وألفاظها ودلالتها فإذا بالتعديل الوارد على المادة في القانون 12 لسنة 1995 الصادر في مارس من ذلك العام - وكان المقصود بذلك بقاء رئيس الاتحاد " السيد راشد " الذي بلغ السن القانونية في ذلك العام وبعض المتربعين على قمم الاتحاد ومجالس إدارة النقابات العامة .
هذه المادة حدوتة بذاتها تحتاج إلى التدقيق والتمعن في مغزاها ومعناها وهى تعبير واضح عن نزع القاعدة القانونية من أهم خصائصها حيث التجرد والعمومية لتصبح مخاطية لإفراد بذواتهم ولجماعة في أشخاصهم .
أسفرت هذه الأوضاع من تمكن واسع النطاق للشيخوخة النقابية , ومن اخطر ملامحها احتكار العمل النقابي , طالما أن العضو بعد سن الستين يجد عملا ودون فاصل زمني . و في ذات التصنيف النقابي رغم أزمة البطالة المستحكمة في المجتمع , حتى أن احد أعضاء الاتحاد يتباهى بأنه نقابي منذ 1964 فماذا لو عرفنا انه أيضا متواجد في الاتحاد منذ خمس دورات نقابية , هذه الشيخوخة بملامحها لا تحتاج إلى سماع الآراء الأخرى , ولا تقبل منطق مغاير لما تأسس عليه ما تتخيله انه صحيح , وانه من حقها أن تمارس وصايتها على الأجيال الأخرى .
لكن في النهاية يجب أن يخضع التنظيم النقابي لإرادة العمال وان الحوار المجتمعي حول تطور النقابات ومستقبلها لا يستجدى بل ينتزع بإرادة أصحاب المصلحة الحقيقيين وهو العمال
#صلاح_الانصارى_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟