|
جورجيا- هناك حرب.. هناك اسرائيل!
هاني حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:10
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
برز اسم اسرائيل "مجددا" في حرب القوقاز بين روسيا وجورجيا، وكأنما اشارة اضافية الى ان اي صراع يدور في هذا العالم، يكون لإسرائيل يد او طرف فيه، لكن اسرائيل كانت حاضرة حتى قبل هذه الحرب، فالطائرات بدون طيار التي اسقطتها روسيا فوق ابخازيا، قبل اشهر من الحرب المندلعة الآن، كانت طائرات من صنع اسرائيلي، أما بداية هذه الحرب، فلم تكن لتتم لولا مساعدة خبراء عسكريين اسرائيليين، قدموا الى جورجيا بعد ان كلف الرئيس الجورجي ساكاشفيلي مئات من المستشارين العسكريين في شركات أمن اسرائيلية خاصة، يصل عددهم الى الف، تدريب القوات المسلحة الجورجية على تكتيكات الكوماندوز والقتال الجوي والبحري ومعارك الدبابات والقصف المدفعي والحرب الالكترونية. البعض يشير الى ان قرار الرئيس ساكاشفيلي باعلان الحرب على روسيا، كان يعود الى عدة عناصر، اهمها رغبته في اشعار الحلفاء الاميركيين والفرنسيين عموما بضرورة انضمام بلاده الى حلف الناتو، وان بلاده تشكل البوابة الاساسية للاحتكاك مع روسيا، والأهم، ان هذه الحسابات وغيرها، قادت الى فشل ذريع، لكننا نعتقد ان وراء هذا الفشل ليس مجرد حسابات خاطئة، بقدر ما يعود بدرجة اساسية الى ثقافة "التغول" والشعور بالقوة مقابل وهن الخصم وضعفه، الاسلحة الاسرائيلية التي سادت لدى القوات المسلحة الجورجية - اسرائيل هي المزود الاول لجورجيا بالأسلحة - وآلاف الخبراء الاسرائيليون والطائرات بدون طيار التي تجمع المعلومات، وخبراء التقنيات الاسرائيليين، اشعروا الرئيس الجورجي بعظمة بلاده وقدرتها على ان تجابه الآلة العسكرية الروسية "المتآكلة" هذا الشعور الممزوج بثقافة عسكرية ارهابية اسرائيلية - اميركية، تتمثل بالشعور المسبق بضرورة القضاء على أي تهديد بشكل مبكر قبل ان يصبح تهديدا واقعا، وفي اطار ثقافة "الردع المسبق" التي تبناها بدرجة واضحة الرئيس الاميركي جورج بوش في الحرب ضد الارهاب، هذه الثقافة هي التي شجعت ساكاشفيلي على البدء بحرب على الجوار الروسي من خلال جر موسكو الى صراع في اوستيتا الجنوبية. اسباب فشل المغامرة الجورجية كثيرة، لكن ما غاب عن بعض المحللين اثناء تناولهم لاسباب هذا الفشل "العامل الاسرائيلي"، اذ ان الجنرال احتياط "غال هيرش" هو الذي اشرف ولا يزال على تدريب الجيش الجورجي، هيرش هذا اسرائيلي اقيل من الجيش في اعقاب اخفاقات الحرب الاسرائيلية على لبنان، احد الجنرالات الذين حملهم تقرير لجنة فينوغراد اسباب فشل الجيش الاسرائيلي في دحر حزب الله وهزيمته، وهو من مدرسة "التدمير المركز" للعدو في كافة المجالات، واذا كان مثل هذا الجنرال هو الذي قام بالاشراف على تدريب وتأهيل الجيش الجورجي، فأية نتيجة يمكن توقعها تختلف عن نتائج الحرب الاسرائيلية على لبنان؟! معظم بطانة ساكاشفيلي ومقربيه ومستشاريه من اصول يهودية - اسرائيلية، ويبرز من بينهم وزير دفاعه كرزاشفيلي الذي هاجر الى اسرائيل ودرس فيها الى ان عاد الى جورجيا واصبح المساعد الشخصي لساكاشفيلي عندما عين الاخير رئيسا للبرلمان الجورجي، حين تسلم كرزاشفيلي حقيبة وزارة الدفاع بعد ان نجح ساكاشفيلي في الانتخابات الرئاسية، وهذا كله يفسر العلاقات الطيبة والمتينة التي تربط القيادة الجورجية باسرائيل حيث تسود المفاهيم والثقافة الحربية والعسكرية الاسرائيلية، ومن ضمنها ثقافة "التغول" و"الردع المسبق". ولان حسابات الدول لا ترتكز فقط على المفاهيم الاخلاقية والتربوية، ولكن على المصالح بالدرجة الاولى، فان امداد اسرائيل لجورجيا بالاسلحة والخبراء، لا يتعلق فقط بعملية التصدير والتمويل والتأثير، اذ ان هناك مصالح ذات طبيعة استراتيجية، تجعل من اسرائيل صاحبة مصلحة اساسية في دعم القيادة الجورجية ذات التوجه الغربي - الاميركي، ونقصد هنا المصالح المرتبطة بالطاقة، ونقصد هنا اقتراحا اسرائيليا عرض على روسيا، التي رفضته يقضي بوصول خطوط انابيب النفط والغاز الى ميناء شيحان التركي بدلا من الشبكة الروسية، مقابل نصيب لروسيا في هذا المشروع، الرفض الروسي لم يثن اسرائيل ودول غربية عن استمرار طرحه للتداول والمشاورات، حيث تجري حاليا مشاورات حقيقية بين اسرائيل وتركيا وجورجيا وتركمنستان واذربيجان من اجل ترتيب وصول خطوط الانابيب الى تركيا ومن هناك الى صهاريج التخزين في ميناء عسقلان، حيث ينقل من هناك الى ميناء ايلات ومن ثم يتم شحنه عبر الناقلات العملاقة الى الشرق الاقصى والمحيط الهندي، الامر الذي يجعل من اسرائيل متحكمة في عمليات التصدير للطاقة، ويعوضها عن استيراد النفط والغاز باسعار دولية، ويجعلها اكثر قدرة على المنافسة في السوق النفطية رغم انها ليست دولة منتجة للنفط، اسرائيل من خلال هذا المشروع ستصبح "دولة نفطية" بدرجة او بأخرى!! وبفضل التهدئة بين اسرائيل وحركة حماس، امكن لإسرائيل مد جورجيا، ليس فقط بالطائرات من دون طيار، ولكن بالخبراء العاملين على الارض في مجال تقنيات التعقب والقصف كاعارة، رغم تراجع اسرائيل عن مد جورجيا بالاسلحة الهجومية خوفا من منح روسيا تبريرا لتزويد ايران وسورية بالاسلحة الاستراتيجية، والاهم من كل ذلك، ان اسرائيل ستبقى في خلفية أي نزاع أو صراع بين دولتين أو اكثر، في كل مكان، فنفوذها يمتد حيث تتولد الصراعات والحروب، فهي آلة للدمار الشامل، تنتشر اينما كان الا ان الاله "مارس" يمارس نزواته!
#هاني_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطة الأمنية وملاحظات زيدان
-
العلمانية .. واجتهادات عربية متناقضة!!
المزيد.....
-
-اختيار محتمل للغاية-.. محلل يشرح السبب الذي قد يدفع إيلون م
...
-
المبادرة المصرية تطالب بسرعة تنفيذ القرار القضائي النهائي بإ
...
-
-نتنياهو ضحى بالرهائن الإسرائيليين من أجل مصلحته الشخصية- -
...
-
أمريكا أوّلا وآخرا.. وزير خارجية ترامب المرتقب يتعهد بتغيير
...
-
فيرتز نجم ليفركوزن يدخل دائرة اهتمام بايرن
-
الانضباط أولا..مدرسة ألمانية تفرض غرامة مالية على المتأخرين!
...
-
سلطات مولدوفا تعرض الاستقالة على رئيسة إقليم غاغاوزيا مقابل
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مصادرة 3300 قطعة سلاح ودبابات للجيش ال
...
-
ساعر يرد على بلينكن: إقامة دولة فلسطينية ستؤدي إلى إنشاء -دو
...
-
نوع من الجبن -يحارب- ألزهايمر!
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|