|
قطعة أرض وبضعة آلاف بلوكة!؟هل هذاهو حل أزمة السكن؟
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يعتقد بعض الناس (وأنصبها على الإختصاص فأقول)الجاهلين منهم أن أزمة السكن يُمكن أن تجد لها حلولا بمثل هذا الشعار أو المطلب المسطّح(الحل هو قطعة أرض وبضعة آلاف بلوكة) ، إنظروا ما ستؤول له الأوضاع لو طبّقنا هذا المفهوم وأجرينا هذا الإجراء؟ ! يستطيع أي شخص أن يستخدم جهاز الإنترنيت ويستخدم برنامج كوكل أرث(Google Earth )ليتطلّع إلى المناطق المترامية والتي تضم الأحياء البائسة والفقيرة في معظم محافظات العراق ،من مثل مدينة الصدر(الثورة) أو حي الحسين (الحيانيّة) في البصرة أو في كل أرجاء العراق ليرى العجب العجاب ، ليرى قبور الأحياء او الخنادق والجحورالتي تعيش فيها أعداد متزايدة من العراقيين البائسين ،احياء تضمّ جدرانا مائلة للإنهدام يُحاسب القانون والنظام النافذ على إبقائها على ما هي عليه كونها تشكّل خطورة كبيرة على ساكنيها ،تتكون من جدران مبنيّة بالبلوك والطين أو بمونة السمنت الضعيفة التي هي أدنى من الطين وبالبلوك (الشكرلمه) وبسقوف لو كانت من الصفيح لكانت أقلّ خطرا من العقادة المتهالكة أو أرحم من سقوف المسلّح المتكون من خليط من مواد لا نستطيع تحديدها على وجه الدقّة إذ يدخل فيها الطين والرمل الرديء المالح وشيء بسيط من الحصى الذي تتجاوز كل حصاة منه قياسا أكبر من خمسة إنجات وقد يتخلله شيءٌ من الجص وبعض النفايات المتنوعة أما حديد التسليح فهو من عمل المنطقة أي ما يُدعى بالسحب فهم ياتون بأنواع متعددة من الحديد الناجم عن أنقاض الأبنية القديمة التي يتم إزالتها ويتم سحبه بآلات بدائية حيث يفقد الحديد معظم خواصه الإنشائية امّا الحديث عن الخرائط والتصاميم فأمرٌ ليس له وجود وقد تجد غرفا او ممرات ليس لها شبابيك أو غرف بمساحات عجيبة غريبة وأمور كثيرة تثير الضحك والإستغراب كل هذا يتناثر في وسط مستنقعات مائيّة مغمورة طوال العام بالمياه الآسنة، لها ألوان أحيانا تجدها خضراء وأحيانا حمراء وأخرى سوداء تفوح منها روائح كريهة وعفنة طوال العام وليس من سبيل لا إلى أن تجففها الشمس المحرقة ولا إلى تسريب تلك المياه إذ أن التربة طينيّة غير ناضحة وتعلوها أملاح السباخ القلويّة التي تلتهم أية مكونات خرسانيّة مهما كانت مطابقة للمواصفات فكيف بما أورناه من خرسانة لا تصلح حتى للتعمية؟! ومن يفكّر بمستوى المياه الجوفيّة فهي على مسافة لا تزيد عن قدمين أو أكثر قليلا من سطح الأرض الطبيعيّة التي لا أحد يستطيع أن يستدلّ عليها،وليس من سبيل مطلقا لتسريب المياه لو فكرنا في جمعها فلا نهرٌ قريب ولا منخفض يمكن أن نفكّر فيه وكل أحياء المدينة تُعاني من طفح متواصل يجعل مياه الصرف الصحي تطفو على سطح مياه الأمطار ويبدأ أهل المنطقة بالبناء المرتفع فيعلوا بعضهم على بعض حتّى يأتي حينٌ يجد فيه من بدأ برفع مبناه قد أصبح منخفضا فيبيعه إلى آخر ليورثه معضلةً ليس لها حل سوى مضاعفة المآسي وقد تقوم الجهات المعنيّة بتبليط بعض الشوارع ولكنها لا تصمد حتّى عاما واحدا لتعود إلى حالٍ أسوأ مما كانت عليه لعد إمكان بناء شبكة مجاري تستوفي المتطلبات التصميميّة، وقد تكون المياه التي تُسمّى توريةً بالصالحة للشرب موجودة ولكن خطوط أنابيب الماء السوداء(البولتين) متشابكة مع بعضها وليس من سبيل إلى معرفة صمامات الأنابيب وأقفالها الرئيسية وقد يكون هناك من هو خبير بمساراتها منذ عهد تأسيسها فيبخل بمعلومته ليبتزّ الآخرين بقليل من المال ولكن لكم أن تتصوروا الوضع إن توفي أو انتقل هذا (الخبير!)إلى منطقةٍ أخرى أما خطوط الطاقة فلا حاجة للوصف إذ أن الأحياء الراقية يمكن أن توضح ما يمكن أن تكون عليه أوضاع تلك الأحياء البائسة. إن البؤس المتواصل ليس له حلّ وليس له نهاية فمالذي يمكن أن نصنعه لكل أولئك الناس لنُخرجهم من أقسى أحوال التخلف والمآسي؟ إن إنفاق الملايين بل البلايين لن يُجدي نفعا أبدا ولن يُخرجهم من تلك الفضائع والكوارث ! ولن نتطرّق إلى الخدمات التربوية والتعليميّة وحالة خطوط النقل والمواصلات التي يتعذّر معها وصول وسائط النقل إلى دور المواطنين إلاّ بشقّ الأنفس ، فالمدارس تتوزع بغير ما يخدم الأطفال الصغار إذ ليس من الممكن أن نعثر على قطعة أرض مناسبة لبناء المدارس المتنوعة فالأطفال يقطعون مسافاتٍ طويلة جدا إن شاءوا الوصول إلى أقرب مدرسة ولو عثرت الإدارة المحليّة على قطعة أرض كبيرة فستنتهز الفرصة لبناء مجمع مدرسي يجمع كل أشكال المدارس ولكل الأحياء في مكان واحد وطبعا لن تكون هناك ساحة أبداً رغم أن هناك من يقول أن المدرسة هي الساحة وليست الفصول الدراسيّة ،أما المؤسسات الصحيّة فقد لا يكون لها وجود وعلى المرضى أن يتوجهوا إلى المستشفيات الكبرى في كل أمر وكل هذه الأوضاع تجعل شبكة الطرق والمواصلات تعمل في كل الأوقات بنفس الكثافة المروريّة هذا بالنسبة للطرق الرئيسية أما الطرق الفرعية والقطاعية والمحليّة فالأطيان والأوحال كفيلة بإلغائها ومضاعفة الأجور عددا من المرات لما يُمكن أن يصلها من وسائل. إن فعلنا ما يطلبه بعض الناس ووزعنا قطعة أرض على أمل أن المواطن يستطيع أن يبنيها ببضعة آلاف بلوكة فإننا سنؤسس إلى ما هو أدهى وأمرّمن أنواع المشاكل الإجتماعيّة والأمنيّة والسياسيّة فضلا عن أننا سنبتعد كثيرا عن الوصول إلى أقرب حافّة للحضارة والثقافة والرقيّ. وإن توسعنا عامدين واسترسلنا في هذا فستكون أدغال أفريقيا أرحم بكثير ولن نستطيع حل المشاكل ولا بمال قارون! وستتسع الهوة بيننا وبين أمم الأرض ولكم أن تتصوّروا مدى ما سيتراكم من النفايات وكم سيتطلب الأمر من أموال وجهود لرفع ومعالجة تلك النفايات! أنظروا إلى كوكل أرث(Google Earth )فستصابون بالذهول فكيف بكم إن تجولتم في تلك الأحياء وكيف بكم إن حاولتم أن تعيشوا فيها بضعة أيام يا دعاة البضعة آلاف بلوكة! إن الكلاب السائبة لا تستطيع أن تحيا في مثل تلك البيئة ، وإن كان الأمر كذلك، وإن كنا سنتوسع في إقامة تلك الجحور والقبور التي لن نتمكن ابدا من إيجاد حلول مقبولة لها؛ فإن ذلك المسعى هو كمن يقدم للأرضةِ(والأرضة هنا هي هذه الظاهرة ،ظاهرة توزيع الأراضي ) الغذاء والمكان! هذا بلد فيه ما يقرب الآن من الثلاثين مليونا من المواطنين وعلينا أن نقودهم وأكثرهم يعيشون أحوال التخلف من جميع الوجوه فهل ندع التخلف يقودنا ونستمرّ على الإستجابة له؟أم علينا أن نعمل على قيادتهم؟ إن تركناهم فإننا نفعل كمن يترك أطفاله يلعبون بالنار!
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هي مقبرة للمواهب فعلا؟!
-
فضاءُ جهنَّم..!
-
نداء لمنع توزيع الأراضي لأغراض السكن!
-
هل أن ثورة تموز أسّست فعلاً لظاهرة الإنقلابات؟
-
كان هناك أستاذٌ كبيرٌ وتُوفّي!
-
مالشرف ومالشريف؟!
-
تبيتون في المشتى ملاءً بطونكم...وجاراتُكم غرثى يبِتنَ خمائصا
...
-
المستقلون عناصر تُثري الحياة السياسيّة لا ينبغي قمعها!
-
فجرٌ جديدٌ جداً ،حقّاً!
-
الحلّ..! في فن العمل بين الجماهير.
-
الشِّعريّةُ وقصيدةُ النثر !
-
رداءُ الإفلاس
-
الغش والخداع والتمويه
-
نقد فكر ومنهج الإسناد والترجيع!
-
في الحداثة وما بعد الحداثة!
-
متى ؟ ..متى؟
-
نوري السعيد..أيضا!
-
مغالطات وأكاذيب!
-
خليف الأعمى وسرُّهُ الصغير!
-
خليف الأعمى وسرُّه الصغير!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|