أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد الخمسي - الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى















المزيد.....

الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2375 - 2008 / 8 / 16 - 08:20
المحور: المجتمع المدني
    


"لوتيير- زيطا"، كتاب سيييس، الراهب الذي التحق بصفوف الثورة الفرنسية. كتاب عرّف الفئة الثالثة في البرلمان الفرنسي في النظام القديم (ليزيطا جينيرو). والذي بقي مجمدا لا يجتمع سوى لإقرار الضرائب، قصد توفير مصاريف البذخ في أوساط الملكية والحاشية.

كان المجلس إذن يتألف من فئات ثلاث: رهبان الكنيسة الكاثوليكية+ النبلاء ذوي الامتيازات الإقطاعية+ الفئات المهنية المرتبطة بالعمل الإداري للدولة والقضاء، المحامون والموثقون وخبراء العقود العقارية وموظفو الإدارات مثل الجباة والمفتشون الماليون والمحاسبون.......

من الناحية العددية ومن الناحية المهنية، كان "لوتيير زيطا" يشكل 60 في المئة من البرلمان النائم (ليزيطا- جينيرو). وقد أحتج أعضاؤه ضد الإبعاد والتمييز في اللباس والمعاملة المهينة من طرف السلطات الملكية. مما حذا بأعضاء "لوتيير- زيطا" الاجتماع وإعلان اسم الجمعية النيابية منفصلين عن الرهبان وعن النبلاء.

في واقع الأمر، انبثقت الطبقة الوسطى في الثورة الفرنسية، من عنصرين: عنصر التنظيم المهني الحرفي التعاوني المغلق الموروث عن النظام القديم ذي السمات الاقطاعية. وعنصر الإثراء الفرداني المرتبط بالاقتصاد الجديد الناتج عن التجارة
الثلاثية (أوربا+ أفريقيا+ أمريكا). مما وفر عنصرين يتميز بهما المواطن الحديث. عنصر الانضباط المهني الحرفي الذي يوفر النظام وعنصر الفردانية والحرية التي توفر المقاومة (كتاب محمد عابد الجابري حول العولمة و....). ومن يرجع إلى الوظائف التي شغلها رموز الثورة الفرنسية مثل روبيسبيير، سيجد نسبة المحامين غالبة. مما يعني الارتباط بين روح القوانين لمونتسكيو وبين الأوصياء على المعاملات القانونية والقضائية في الدفع بمطالب الثورة الفرنسية فيما مضى. فقد أصبحت كليات الحقوق منبتا لتخريج اليمين "الليبرالي المحافظ".

II
في مغرب الحسن الثاني، لعب ادريس البصري دور الماكينة المؤسساتية المكلفة بالسحق المنهجي لعناصر الطبقة الوسطى. وذلك بالقضاء على العنصر الحديث في الفئات المكونة للطبقة الوسطى. فقد عمل على حصر المهن الحرة للأطباء والمهندسين والمحامين والموثقين والمحاسبين والجامعيين، ضمن أنظمة داخلية مغلقة منذ منتصف الثمانينات من القرن العشرين.

ومن المعروف أن الفئات المذكورة تشكل أنوية اجتماعية، تتبنى عمليا نمط عيش حديث. اكتسبت وفق التقاليد الفرنسية تقاليد التنظيم التعاوني الجمعوي التمثيلي المنبني على الاقتراع العام. مما ينبت بذور العمل الديمقراطي في تدبير التنطيم المهني الجماعي.

لكن تنظيم الثمانينات المعمول بها بتدخل من وزارة الداخلية، ربطت العمل بالهيئات المهنية بفيتو من جانب الوزارات الوصية، ووثقت الصلة بين أخلاقيات المهنة وبين الوصاية للوزارة.

فتآكلت الشخصية الرمزية والاعتبارية للمهنة وسط المجتمع. بما أن النقباء ورؤساء الجمعيات المهنية أصبحوا على بينة من المصالح المشروطة برضا وزارة الداخلية، فقد أصبحوا ملزمين بالاعتبارات الاحترازية. يضاف أن الدولة، اعتبرت الثورة الخمينية واليسار الماركسي جهتين مسؤولتين عن الأحداث العفوية التي انفجرت في يناير 1984 وقويت التهمة أكثر تجاه قطاع المحامين بعد أحداث 14 دجنبر1990.

هذا الإرث الخاص بالتدبير المخزني لشؤون الطبقة الوسطى منذ الحرب الباردة، شكل الأرضية الملائمة لما ستستند عليه السياسة المعولمة الليبرالية المتوحشة، والتي ستربط المهن الحرة بالمضاربات العقارية وبمواقع النفوذ الاداري. مما سيمزق نسيج الطبقة الوسطى شر تمزيق. كجزء من ظاهرة عالمية. بحيث أصبح جزء من الفئات المحظوظة سابقا مهدد بالسقوط في فئات الفقراء الجدد. وهو ما ساعد على تفشي ظواهر سلبية زادت من تدهور الصورة الاعتبارية للفئات المعنية في نظر المجتمع. خصوصا في قطاعي الطب والمحاماة.

هذا الوضع المزري للطبقة الوسطى يخلق نوعا من الرضا في الأوساط البيروقراطية والتقنوقراطية للدولة. خصوصا بعد استشراء الرشوة في الخدمات العمومية. مما يخلي الساحة العمومية من أي نموذج مهني مبني على ديونطولوجيا رفيعة.
وبما أن الطبيعة لا تحب الفراغ، فقد ترعرع نموذج مفيوزي مرتبط بالشبكات المالية القائمة على التبييض: التهريب والمخدرات.

III

كلام الملك في خطاب العرش الأخير يستند على ثلاثة عناصر في اتجاه تجميع العناصر الملائمة لإعادة بناء الطبقة الوسطى. هناك التبني النظري للمشروع المجتمعي الحداثي، وهو ما ليس بسيطا بالنظر إلى وجود التيار العام المحافظ (من حيث التصور الثقافي) في المجتمع والذي يخلق المبررات للعنصر المحافظ في الدولة (من حيث المصالح المادية للمتنفذين في السلطة). وهناك بناء القطب الاقتصادي من حول سبتة وامليلية. بالقدر الذي أزعج الإسبان حقيقة (رسالة إغناسيو سمبريرو إلى الملك). أما العنصر الثالث، فهو المردودية الملموسة، حتى لا نقول السريعة، بالارتباط ما بين السياسة الاقتصادية تلك وبين الدبلوماسية. فمن كان يحلم بالوضوح المساند للحكم الذاتي من طرف ممثل الأمم المتحدة؟ ومن كان يحلم بقدرة المغرب على إقناع الغرب بإمكانية إقامة قاعدة عسكرية على ساحل البوغاز كيفما كانت المساومات والتعلات...لقد بنى الملك الحالي رصيدا خاصا به تجاه قيادة العولمة. دون أن يبدد ما راكمه الحسن الثاني في فترة الحرب الباردة مع الغرب.

أما الوضع العام للدولة في العلاقة مع المجتمع فالعجز كبير وصعب الاستدراك. في حالة واحدة: إذا كانت للملك نواة صلبة من الأفكار الثورية. توفر للعائلة الملكية احتياطي مستقبلي قد يصل مئة عام من الحكم الهادئ. صلب هذه الأفكار الثورية أن يتم التوجه نحو الملكية البرلمانية بهدوء ورسوخ.

ليس المطلوب رأس الفصل 19. بل المطلوب منه بطن الفصل 19. أي دعم محتوى الفصل المذكور بملء قالب سيادة الأمة التي يرمز إليها عبر اختصاصات الملك، بواسطة مضمون يتعلق بسيادة الشعب. فالفصل 19 يجعل الملك ممثلا أسمى للأمة. وهو كذلك، لا يكفيه المحتوى الحالي للفصل 19 كي يكون فعلا ممثلا أسمى. مادام الممثل العادي للشعب لا قيمة لقراراته، أمام الاشتراطات الموضوعة في يد الممثل الأسمى. فالتمثيل البرلماني العادي بقي أجوفا. مما يؤثر على سمو التمثيل الأسمى للأمة من طرف الملك. وفي جميع الأحوال نفسية الفصل 19 لا تمت بصلة إلى نوعية شخصية وإنسانية محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف.

ثم استعمال الجهة الموسعة كإطار سياسي اقتصادي ثقافي للتنمية، سيوفر للتنمية الهيكلية (الواردة في خطاب العرش) السقف الاعتباري. مما سيحول محمد السادس إلى نمط من الملوك الموجودين قلبا وقالبا على الضفة الشمالية من المتوسط. وقد يهنأ من حيث الاطمئنان السياسي من زاوية الأطروحة المتبناة من طرف المؤتمر الأخير لحزب العدالة والتنمية. ليكون المغرب متوفرا على الضمانات النظرية لخلق طبقة متوسطة فعالة وجاذبة نحو التحديث والدمقرطة.

لكن، هل تحظى البرجوازية الاحتكارية بالتفهم للاطمئان على نمو مصالحها ضمن هذا الحلم؟ أم ستتجه اتجاها محافظا انتهازيا طبقيا أنانيا؟



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحلة بنكيران:ضد عالي الهمة أم ضد المجتمع؟
- حول -تخليق الحياة الثقافية-
- المتخيل الثقافي في المعيش السياحي
- الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
- ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
- صور زمن حزين
- لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
- اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
- الكتابة جبل ثلج
- حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
- عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
- التهامي الوزاني يحضر المهرجان
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا
- الحمالة والحطب والتاريخ
- عندما تمسح أوساخ العالم على وجه -الشمال- المغربي
- خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب
- تأمل في تمثال عبد الكريم الخطابي
- (II)أحلام من الخيال العلمي تأمل في تمثال الزعيم


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد الخمسي - الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى