أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مرح البقاعي - آل البيت السوري














المزيد.....

آل البيت السوري


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 11:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في لحظة سياسية دقيقة وملحّة، يدقّ أجراسَها فراغٌ مؤسسي مدني وسياسي تعيشه سوريا اليوم ـ اللهم إلا ما اتصل بالحضور الطاغي للمؤسسة الأمنية السورية القابضة ـ، وفي حمأة الاستقطاب والاصطفاف السياسيين البليغين بين مكوّنات المجتمع الواحد، تصبح إعادة قراءة التاريخ فرض عين ملزِم.
فالذي حدث في سوريا منذ بداية عقد الستينات كان أشبه بعملية "تغريب" منظّم للأدمغة السورية التي زُجّت في الملفات الأمنية المبكّرة تحت مسمّى الخوارج على منظومة الرعيل "الأحادي" القابض على السلطة، وكذا إجهاض دوري مبرمج لتيارات الفكر التنويري الحرّ، وسلخ موتور لمقدرات الاقتصادات البرجوازية؛ وكان قد نُفّذ ذلك، مُجْتمِعاً، بأدوات وتوجيهات رسمية، تفاوتت مفاعيلها بين إخماد حراك الرموز الفكرية، أو تركيعها، أو دفعها ـ قانطة ـ للهجرة خارج البلد. لقد كانت تلك الرموز/الصفوة، والتي تشكّلت من حوامل المجتمع السوري الثلاثة: الثقافيّ والسياسيّ والاقتصاديّ، كانت عقل الحراك السوسيولوجي في سوريا ما قبل النظام الأحاديّ، في مناخ تمتّع في حينها بقدر من التنوير الثقافي، والحريات السياسية، والاقتصاد الحيوي في ظل نظام للسوق شبه مفتوح وتداول لرؤوس الأموال بصورة معلنة ومقوننة وبشفافية ومساءلة عاليتين. غادرت تلك القوى والفعاليات الفكرية والسياسية والاقتصادية ـ مكرهةً ـ سوريا، وانتشرت في العالم، مُخلِية الساحة لما تطور بصورة مطردة، وعبر عقدين من الزمن، إلى طبقة من الأليجاريكية القابضة، ماليا وأمنيا، على زمام العباد قبل البلاد، هذا في ظل صراع شرس على السلطة بين تيارين سياسيين متناطحين:"القومي" بتمظهراته العسكرية، و"الديني" بإسقاطاته الأصولية؛ التياران اللذان لم يتمكنا من بناء دعائم الدولة السورية المعاصرة والمرتجاة من كل مواطن مغلوب على أمره ومصاب في سبل عيشه؛ التياران اللذان جعلا من أولوياتهما الجلوس إلى كرسي الحكم، لا إدارة الشأن العام وصون أسس الدولة؛ الدولة التي عمادها الديمقراطية وصنوها القانون.
في هذا التوقيت السياسي الدقيق والملحّ كان لابد للفرد السوري، من حملة المعرفة والتجربة والنوستالجيا أيضا، والمغيّب عن مجاله الجغرافي الحيوي منذ عقود، كان لا بد من أن يجاوز الصمت ليؤسس لكيان مستقل ورديف ملزِم في المعادلة الجيوسياسية للوطن السوري الأم؛ كيان يؤسس لحوار وطني شامل يكوّن نواة لمصالحة وطنية عميمة.
إن النهج السياسي التجديديّ الذي يدعو إلى تحرير الفكر وتفعيل الحريات وتداول السلطة وإحياء مفهوم المواطنة في الحق والواجب ونبذ التمييز العرقي والطائفي والمذهبي وتطبيق التعددية السياسية وتمكين المرأة وفصل السلطات، إنما هو حامل فعلي لمشروع تحديث مجتمعي بعيد المدى يطال بالتغيير البنى التحتية وهيكلية المؤسسات ومركزية رؤوس المال. وهنا تبدو الحركة التجديدية تلك علاجا عاجلا وملحّا للحالة السورية الراهنة.
نعم، هو نهج جديد تسوده مبادئ المشاركة وتسوسه دولة المؤسسات؛ نهج يتبنّى إصلاحا اقتصاديا عاجلا لا محسوبيّاتٍ فيه، لا إقطاعاتٍ طائفية، ولا احتكارا سياسيا؛ نهج يحتفي بالحرية ـ جوهر الممارسة الديمقراطية؛ الحرية المسؤولة ذات العمق الأخلاقي القِيَميّ؛ الحرية التي لا تصطدم مع هويتنا، بل تؤكدها في أولويات العمل السياسي من استعادة السيادة الوطنية كاملة على الكرامات الإنسانية والأرض والمقدّرات؛ حرية تنفي النهج العصابي الشوفيني في تقديس الدولة، وتنبذ دورها الضاغط على الحياة العامة بجلّ حمولاته الربوبية التي تتمظهر في علاقة العصا والجزرة بين العبد المستلب (الشعب)، والسيد المتسلّط (القبضة الأمنية)؛ حرية يساهم مريدوها في إعادة بناء دولة المؤسسات التي الديمقراطية أسُّها، والشفافية والمحاسبة نهجُها، وصندوق الاقتراع الشفيف الحَكَمُ الفيصلُ منها.
نعم، هو مشروع مدني أقرب إلى حركة تحديث سوسيوبوليتيكي شامل، منه إلى الانخراط في جوقات المعارضة المجانية ـ أو ما أحب ان أطلق عليه "العراضات" ـ التي بدأت تؤسس لحالة من الاستبداد بين أطيافها قد تكون موازية للفساد والتفسخ السياسيين في ممارسات السلطة ـ التي من المفترض أن تكون نقيضا لها. فالمجتمع الذي عاش عقودا في ظل أفول الفكر الحر يحتاج إلى فعل تجديدي استراتيجي بعيد المدى لا يدخل ضمن نطاق العمل السياسي الضيق في تبعاته وأزماته، فعل تجديدي يكون البعد السياسي حاضرا منه كعمق لعملية شاملة لتحرير المجتمع من "ثقافة الإلغاء" بتجلياتها كافة.

فالشعوب التي تعيش في دائرة القهر والعسف والنهب المنظّم في ظل غياب أية قيمة للحريات الفردية والعامة، تحتاج إلى زمن ليس بالمقتضب، وإلى عمل كثيف وموصول، من أجل التأسيس لهذه الثقافة التغييرية مستندة إلى تجربة الفكر التنويري العالمي في سياقه التاريخي؛ الفكر الذي أسس لحضارة ترفع من شأن الإنسان/الفرد أولا، وتمنحه المساحة الحيوية لممارسة حقوقه وحرياته كافة، موازاةً لما تغرس فيه من مسؤولية أداء واجباته الوطنية غير منقوصة، ليكون ـ نتيجةً ـ شريكا فاعلا في صياغة مستقبل مجتمعه، قياسا إلى كفاءاته، وبغض النظر عن انتمائه الديني أو القومي أو السياسي.
هذا المشروع ليس مشروعا لإعادة ترتيب البيت السوري وحسب، بل هو نموذج تنويري للعالم العربي بأسره من أجل المساهمة في نشر ثقافة مدنية تجديدية فاعلة، تشكل المسألة الديمقراطية جزء لا يتجزء منها، وعنصرا فاتحا للتغيير المنشود في ثقافة المجتمعات العربية. إن الثقافة المدنية، مضافةً إلى القراءة المعاصرة للحريات العامة والفردية، هي أبسط ما ترنو إليه شعوب المنطقة العربية، والتي تكاد تكون متجانسة في أجنداتها السياسية وفضائها الثقافي. وليست التجربة العراقية إلا دليلا مريرا ـ لا نريد له تكرارا ـ لحاجة شعوب هذه الساحة من العالم لمنطق المصالحة الوطنية بين آل البيت الواحد، في رؤية معاصرة للتجديد المؤسسي السياسي، والترشيد الاجتماعي، والتحديث الثقافي، الأمر الذي لا يستوي إلا إذا كان حامله "كتلة وطنية" من جمع الضمائر الوطنية البيض الخُلّّص.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدّ اللسان الإنكليزي
- ثالوث التجديد الإسلامي
- الشاميّة العالمية
- عودة الابن الضال
- في القراءة الأصولية
- امرأة غوانتانامو
- أفعى في بنطلون!
- في رثاء البلد.. وأمي
- بعد الذهاب.. قبل الوصل
- شرق الغيب وغرب المعرفة
- المنتحرون ‍!
- وديعة رابين أم وديعة الأسد ؟
- لا عزاء للسيدات
- تحييد الإسلام السياسي
- أل التعريف والأندلس المفقود
- المحور الثالث يطلق مشروعه الجديد: الحوار العربي الأميركي
- الشبكة.. والغربان
- -حروب -المؤمنون الجدد
- مرح البقاعي: الشاعرالفرد في مواجهة العالم
- عين سوريا السينمائية


المزيد.....




- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مرح البقاعي - آل البيت السوري