أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - حق درويش في العودة














المزيد.....


حق درويش في العودة


هشام نفاع

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 11:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


موقع دفن الشاعر محمود درويش يتعدّى الطقوس المعتادة. هنا، للجغرافيا معنى سياسيّ وتاريخيّ. أنحتاج شرحًا؟ لا. لأننا نتحدث في خاتمة المطاف، بل منذ البداية، عن ملفّ في قضية إسمها فلسطين. لا توجد لدينا ولو مساحة حاكورة غير مسيّسة، ودونما ذنب منها.. الذاكرة برمّتها مرسومة بالمكان وأطيافه وتداعياته. وعليه، فالقرار بدفن الشاعر في رام الله وليس في الجليل أو حيفا، يثير أسئلة سياسية وغيرها.
لمنع أي التباس، أو الزجّ بالنقاش في محلويّات تافهة، يجب القول إنه لا حاجة للإسهاب بغية التأكيد على أن رام الله أيضًا هي بيت للشاعر، ولا توجد بالتالي أية غضاضة في أن يُوارى جسده في ثراها. ثرى فلسطين بوصفها تاريخ وذاكرة وثقافة هو واحد، رغم حدود السياسة. لكن مصلحة رام الله، أيضًا، هي أن يعود درويش ليُدفن في امتدادها، في الجليل.
فالقرار بدفنه في رام الله ليس قرارًا بحد ذاته، بل إنه ينطوي على جوانب واستطرادات. إنه يعني تلقائيًا التنازل الطوعيّ عن مطلب (وحق!) دفنه في الجليل أو حيفا. التنازل عن هذا يثير تداعيات، ليس بخصوص خروج وعودة درويش الخاصة وحسب، بل عن معنى الخروج/التهجير والعودة الفلسطينيَّين عمومًا.
لا شك في أن المؤسسة الاسرائيلية مرتاحة جدًا للقرار. لأنه، دونما أن يقصد من قرّر، قرارٌ ينسجم رمزيًا مع موقف تلك المؤسسة الرسمي بأنه لا عودة فلسطينية إلا الى حدود 1967. والرمزيّة هنا ليست في سياق الشّعر، بل في لبّ السياسة. طبعًا، لا يبغي هذا الكلام التشكيك بأحد، بل النقد؛ نقد الاستعجال والتعاطي مع الأمر في حدود الرسميّات الشكلية بمعزل عن التعمّق. من الغريب أن من قرّر ما قرّر لم يتقدّم ببصيرته خطوة واحدة للأمام كي يرى بُعدًا آخر للصورة. وليسأل الجميع نفسه عن الفرق؛ ليتخيّل المشهدين ويقارنهما.. الجواب واضح: إكتمال معنى مسيرة درويش يتجسّد بعودته الأخيرة الى الجليل. خصوصًا أنها مسيرة تمثّل الكثير في التغريبة الفلسطينية الحديثة.
ولا يتناقض المطلب بدفن درويش في الجليل مع ضرورة تمكين أكبر عدد ممكن من المشاركة في تشييع جثمانه. فلتكن له جنازة في رام الله، ولتُستكمل بدفنه في الجليل. كذلك، يمكن إنشاء نصب تذكاري للشاعر في غير موقع دفنه.
من غير المعروف لي، رغم محاولات الفحص، ما إذا كان الشاعر أوصى بأن يُدفن في مكان محدّد. مع ذلك، يصحّ التمعّن في ما قاله ضمن مقابلة لصحيفة "الاتحاد" في تموز 2007. مما قاله:
"رام الله بالنسبة لي مكان للزيارة. مكان للمشاركة في صَوْغ الهوية الوطنية. أمّا بالنسبة لي شخصيًا فلا معنى خاص لها. لم أعرفها من قبل وليست لي فيها ذاكرة وليس لي فيها تاريخ. تعرّفت عليها منذ عشر سنوات فقط. وفي مثل هذا العمر لا أستطيع أن أبدع ذكريات وعلاقات حميمة مع المكان".
وقال أيضًا:
"لقد عشتُ في حيفا عشر سنوات كاملة، وفي حيفا عرفت كل أنواع التجارب الأولى: تجربة الكتابة، تجربة النشر، تجربة العمل الصحافي، تجربة السجن، الاعتقال المنزلي والإقامة الجبرية.. في حيفا ترعرعت شخصيتي الشعرية والثقافية والسياسيّة، أيضًا. وبالتالي أستطيع أن أعتبر أن أكثر مكان موجود في نصّي الشعري وفي تكويني الثقافي هو حيفا، بدون شك. صحيح أنني لم أولد في حيفا، وحيفا ليست مدينتي، لكنها مدينتي بالتبنّي؛ تبنيتُ حيفا مثلما احتضنتني هي كواحد من أبنائها".
إن الشاعر نفسه يعبّر عن خصوصيات علاقاته بالأمكنة الفلسطينية الممزّقة. ومن حقه علينا أن يعود ليجتمع مع سفوح مولده ونشأته وتبلور تجاربه، ولو رمزيًا، خصوصًا انها رمزية تخصنا جميعًا، ولها وقع مباشر على واقعنا ومستقبلنا. فشخصية كدرويش، جمعت في مسيرتها "قضايا قضية" فلسطين، قادرة حتى في مماتها على إعادة تجميع الصورة التي لا تزال عقليّة الاستعمار تسعى جاهدة لتمزيقها بشتى الأساليب. فمواراة جثمان درويش في ثرى الجليل أو حيفا رفدٌ للذاكرة وتعزيز للموقف برفض مشاريع تمزيق نسيج الوجدان والذاكرة الفلسطينيين. إنه إعادة نسجٍ يجمع ثلاث مسيرات متفاوتة/متداخلة معًا في الزمان والمكان الفلسطينيّين الحديثين: البقاء، الشتات والعودة.





#هشام_نفاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيف ماركس على ممرّ مشاة
- ماركس و-الفلورنسيّ العظيم-
- تجميلٌ فاشل ل -صورة إسرائيل-
- عن الطائفية وأسرار يغآل ألون!
- محكمة عُليا تحت الاحتلال
- جُرح غزّة، بعيدًا عن أصوليّات بعض اليسار
- جوهر السياسة الأمريكية هو نفسه: الهيمنة... وفقط الهيمنة!! -أ ...
- قمة مختلفة بفضل المقاومة
- ما أحوجنا الى -تيّار كُفّار- في حزبنا وجبهتنا
- نيران شقيقة تخدم الإحتلال
- يبدو أن مؤسسة الجريمة المنظمة الحاكمة في اسرائيل، كأخلاقها، ...
- شرطة اسرائيل تحارب إعلاميًا أيضًا لمنع كشف جرائمها
- عنجهيات الحرْب ومسارات الهرَب
- ملاحظة على حرب الحسابات الخاطئة
- البلدوزر التاريخ لا يغيب خلف آخر أيام الجنرال هشام نفاع
- التحريض والاستعلاء العنصري شفاعمرنا وصحافتهم
- عن اعادة ترتيب الدبابات
- فقر وجوع لدى بلفور وهرتسل
- حتى تصبح الدبابات بكامل كاريكاتوريتها
- عمليات انتحارية، سياسيا أيضا


المزيد.....




- نجاة طيار بعد تحطم طائرته المقاتلة إف-35 في ألاسكا.. وقائده: ...
- مسؤول أمريكي يجري أول زيارة إلى غزة منذ 15 عامًا
- تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا للجمهورية العربية السورية بش ...
- الجزائر.. تبون يلتقي باتروشيف
- إسرائيل تستعد للإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين مقابل ثلاثة محتج ...
- كوريا الجنوبية: حريق في طائرة إيرباص قبل الإقلاع ونجاة الركا ...
- ماذا حدث في مهرجان -كومبه ميلا- الديني الهندوسي في الهند؟
- هل تهدد خطط ترامب حول قطاع غزة استقرار دول الجوار؟
- الشرع يلقي خطابا هاما ينتظره ملايين السوريين
- غرينلاد.. توجس أوروبي من نوايا واشنطن


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - حق درويش في العودة