|
أهالي كركوك ضحايا القوى المتصارعة على النفوذ في العراق
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 10:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ها هي مآسي جماهير كركوك و العراق من جراء الاحتلال والقوى الرجعية والعنصرية والشوفينية تتفاقم ويواصل المحتلون والميليشيات الحاكمة بأمر بوش " أبو آزاد" منهجهم التدميري للتضحية بأبناء العراق على مذبح مصالح الفئات المتسلطة الجشعة ، مُستهدفين الحياة المتمدنة للجماهير و علاقاتهم التاريخية المتسمة بالإنسانية والوئام والإخاء و المحبة ، وهم يتمادون في لعبتهم القذرة في تصعيد الإيقاع على بث الفرقة والشقاق بين الناس الذين لا ناقة ولا جمل لهم في كل سياساتهم و تناطحهم على السلطة والنفوذ و الاستحواذ على مقدرات الشعب المظلوم . فلم تخف حدة تصاعد الصراع بين أطراف جوقة العملاء من الميليشيات الإجرامية على مغانم تهريب النفط في الجنوب ، والمخدرات وسرقة المال العام وتصاعد الصراع على مواقع النفوذ والسلطة، حتى انفجرت الأزمة بين القوى العنصرية العربية ، و المليشيات الكردية المسيطرة على إقليم كردستان ، على خلفية إقرار مستقبل كركوك الغنية بالنفط والمعادن ، والتي يعيش أهلها في بؤس مدقع ، و يعانون أشد المعاناة اثر انعدام ابسط الخدمات المعيشية .
إن تفاقم الأوضاع السياسية في العراق وكردستان ، وفشل العملية السياسية ، و إحباطها في إقامة حكومة قوية مستقرة تسيطر على الأوضاع ، في ظل الاحتلال الأمريكي ، أدى فيما أدى ، إلى أخطار تحدق بمستقبل المجتمع العراقي كلّه. فبعد إسقاط النظام البعثي على يد أسياده الأمريكان والإسرائيليين ، وتسليمهم زمام الأمور إلى القوى الإسلامية السياسية و القومية والطائفية و بإشراف قوات الاحتلال، إضافة إلى تناحر قطبي الإرهاب المتمثلين بالقوى الإرهابية الأمريكية وحلفائها الغربيين من جهة ، و الإسلاميين والقوميين من جهة أخرى أدى إلى أن تدخل الحرب على مصالح الجماهير ومعاداتها مرحلة جديدة ، ما يؤكد كذبة الإدارة الأمريكية والنظام الامبريالي الجديد في ادعاءاتها بالإتيان بالديمقراطية والرفاه و الاستقرار إلى المنطقة. فما الذي يمكن أن يرتجى في ظل سلطات لا يمكنها البقاء بدون قوات الاحتلال ، ومن نظام يستند إلى الطائفة والقومية والعشيرة هوية شخصية بدلا من المواطنة المتساوية للجميع ، فالأساس ، خطأ ، وكل ما يبنى عليه هو خاطئ.
ففي الآونة الأخيرة انفجر الصراع الكتيم بين أجنحة السلطات الحاكمة في العراق على خلفية تقاسم الحصص والنفوذ في كركوك ، و انفجرت أزمة عميقة بين أحزاب الكردايتي وبين حلفائها أثر وصول مشاريع هذه القوى وسياساتها مثل المادة لحل مشكلة كركوك إلى طريق مسدود . المادة 140 لحل مشكلة كركوك على أسس قومية وطائفية ، ولدت المادة 24 والتي تدعو إلى تقاسم السلطات في كركوك على القوميات بنسب لا ترضي القوى القومية الكردية. هذه المشكلة لم تكن يوما بين أهالي كركوك ، وإن ادعاءات القوى القومية المختلفة بتمثيلها لقسم من الأهالي كذبة محض . القوى القومية العربية معروفة تاريخيا بممارستها أبشع أنواع الاضطهاد العنصري والدموي بحق الأكراد والتركمان و المسيحيين ، والشيعة وذوي الأصول الإيرانية ، و المعارضين لسياستها من العرب ، ولم توفر أية وسيلة في سبيل تثبيت سلطاتها الدكتاتورية والعنصرية ، إلا تبنتها ومارستها في العراق . لقد هلل العناصر والقوى العنصرية العربية للمادة 24 الملتفة على المادة 140 الكردية ، ورأوا فيها بارقة أمل لإعادة الأمجاد والكرامة المهدورة للعرب ، بطرد الرئيس الكردي المفروض عليهم من قبل الأمريكان ، و إخراج بقية المسؤولين الأكراد من بغداد . وهكذا أصبح رئيس البرلمان بطلا قوميا بعد عبد الناصر وصدام بعد أن كان عميلا ومرتزقا للحكومة الكردية ، و أصبح النواب الصفويون الإيرانيون وطنيين وأحرار بتصويتهم على المادة 24 المعادية لأعدائهم الأكراد.
فالمادة 140 والمادة 24 فيما يخص مصالح أهالي كركوك وجهان لعملة واحدة ، لا تؤدي إلا إلى تكريس التفرقة والشقاق بينهم ، و لا تمثلان سوى مصالح الفئات المستغلة والعنصرية التي تختلف أحيانا في تقاسم كمية الحصص ، في عمليات تجري من وراء ظهر الجماهير المظلومة. المادة 24 لن تأتي بأي خير للجماهير الناطقة بالعربية ، فهي أتت لإشباع غريزة التسلط و الاستعلاء القومي و النازي عند قوى قومية شوفينية تدعي تمثيلها العرب . وما الذي سيجنيه أهالي كركوك من إضفاء الطابع القومي الكردي عليها؟ والجواب هو ما جناه و يجنيه أهالي السليمانية و أربيل ودهوك من السلطات الكردية في الإقليم. ومن الطبيعي أنني استثني قيادات الحزبين الحاكمين و التابعين لهما من هؤلاء الأهالي الذين يعانون من انعدام ابسط الخدمات المعيشية، من كهرباء وماء صالح للشرب، و خدمات صحية وغيرها. الإقليم الذي كان منطقة زراعية غزيرة الإنتاج والخيرات ألغي فيه الإنتاج الزراعي والحيواني ، و تعطلت كل المعامل والمصانع التي كانت تشتغل وتنتج و يعمل فيها آلاف العمال ، وأصبح يعتمد كليا على الصادرات التي تأتي من تركيا وإيران وخاصة من المواد الغذائية ، من قمح وخضار ( حتى الفجل والبصل) و زيوت وألبان . لكسب " قلب كُردستان" ، وإبعاد الأيادي الخارجية عنه ،كان حريا بالقادة الكُرد ، كسب قلوب أهاليه بدون أي تمييز قومي ، أو ديني أو طائفي، ، لا جرحها .وعلى القيادات الكردية أن تعلم أن أهالي كركوك هم القادرون فقط على إقرار مصير مدينتهم. فمنذ سقوط النظام البعثي ، والحزبان الكرديان يملكون زمام الأمن في كركوك ، لم يقدما أية خدمة للأهالي و لا للمشردين الذين يفترشون العراء في الساحات والميادين والملاعب المهملة والمزابل.
ولأكررها ثانية ، لا المادة 140 ، و لا المادة 24 تخصان مصالح أهالي كركوك ، وهما ليستا سوى وسيلتين مختلفتين على تقاسم وتوزيع السلطات بين هذه القوى التي تدعي تمثيل الناس الذين يعانون في ظل سلطاتها الأمرّين . إن شوفينية النخبة العربية كانت دائما نعمة كبيرة على القوميين الكرد ، و يستخدمونها وسيلة خبيثة لدفع المواطن الكردي إلى مواقع التعصب القومي ، وبث الفرقة والشقاق بين الناس ، و الاستفادة منها أداة تعمية للجماهير المضطهدة والبائسة عن أسباب مآسيها و مصائبها. فقادة الحزبين الحاكمين في كردستان كانوا دوما على أهبة الاستعداد للتعاون مع ألد أعداء الشعب الكردي سواء في بغداد، أو طهران أو أنقرة ، سواء مع الأنظمة الحاكمة ، أو الأحزاب القوى الرجعية والشوفينية ، بل أن تاريخهم يحكي عن أيام قاتمة معروفة للجميع ، اصطفوا فيها مع قوات الأنظمة الحاكمة ضد أبناء شعبهم ، من قبيل حكم العنصريين الحاقدين على الكرد والذين لا يرتوين من دمائهم من أمثال طاهر يحيى و العارفين و غيرهم ، نراهم في سبيل ابتزاز غرمائهم يحرضون الناس الآمنين على أصدقائهم وجيرانهم ، ويؤلبونهم بعضا على بعض ، وذلك لأغراض لا إنسانية ، ولا شريفة ، في مقدماتها تحديد معالم الناس الين يدعون تمثيلهم . ففي سبيل قطع دابر العنصرية ، و التشنج القومي ، وحرب أهلية، إن الجماهير الكادحة في كركوك مدعوة للعمل وفق مبادئ الأخوة والتعايش السلمي ، و العمل على إخراج كل الميليشيات المسلحة ، من الحزبين الكرديين و الجبهة التركمانية ،وقوات أمن الحكومة الطائفية الرجعية، والحرس القومي العروبي من المدينة ، و القيام بأنفسهم بتأسيس مجلس المدينة ، و القيام بإدارة شؤونهم بأنفسهم . 10/08/2008
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
برعم الحزن وقصائد أخرى لفروغ فرخزاد
-
الإتفاقية الأمنية لضمان أمن قوى الاستغلال والنهب في المنطقة
-
ثلاث قصائد للشاعرة الفنلندية أديت سودرغران ( 1892_ 1923)
-
حين تنسف مدفعية الأخوان المسلمين أوثان القوميين
-
أمريكا الصغيرة / قصيدة لبابلو نيرودا
-
صهيل الأفق الأحمر فوق نهر - مالمو -
-
من قصائد قرّة العين(1815_1852)
-
يا ابني! للشاعر الشيلي بابلو نيرودا
-
أي ّ عهد من دول ساهمت بتدمير العراق وشعبه؟
-
يا بني ّ ، يار - الحبيب-!
-
في الذكرى الستين لتأسيس إسرائيل
-
في رثاء فروغ فرخزاد
-
ألسنة الآلهة، وألسنة الملوك
-
فيكتور هوجو.. ارتباط الأدب والسياسة
-
نيران فتنكم تحرق الأبرياء
-
الِزْمو وو .. حرامي !!!!!
-
الحجاب و حرية الملبس
-
حمّالة الأقاصي
-
- الغجرية- قصيدة لأديث سودرجران
-
نبوءة قصب الأنين
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|