|
مساق الاقتصاد العراقي
السفير انترناشونال للدراسات والعلوم الانسانية
الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 09:54
المحور:
الادارة و الاقتصاد
المقدمة:
العراق الحديث حصيلة العملية التدريجية للتوحيد الاقتصادي الاجتماعي والسياسي للولايات التركية الثلاث: بغداد، الموصل، البصرة، توحيداً نجم عنه وطن واحد وسوق وطنية واحدة، وقد بدأت هذه العملية منذ الاحتلال التركي الثالث لبغداد في عام 1831، واشتد زخمها منذ ستينيات القرن التاسع عشر، حتى افضت الى تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة، تحت الاحتلال البريطاني، في عام 1920. 1 ان حدود العراق الحالية هي، في الاساس حدود ولايات بغداد، والبصرة، والموصل. فقد كانت تحدها ولاية وان التركية من الشمال، وولاية ديار بكر من الشمال الغربي، ومن الغرب تمتد الحدود نحو الجنوب الغربي من دير الزور الى ان تتصل بولاية دمشق في اواسط الصحراء، ومن ثم نحو الجنوب عبر صحارى شمال الجزيرة العربية، حتى مياه الخليج العربي، أما الحدود الشرقية للولايات الثلاث، فمتاخمة لايران على طولها. ولم تكن هذه الحدود الشرقية مقررة بصورة نهائية، حيث تحترم احيانا وتخترق احيانا اخرى في بداية القرن الماضي، حتى عدلت في الامكنة من قبل هيئة الحدود في عام 1914. وقد ثبتت الحدود مع تركيا في عام 1926، ومع سوريا في عامي 1920-1933. ولم تعد مناطق الاحساء وقطر والكويت تابعة لولاية البصرة اثناء الحرب العالمية الثانية. إن مساحة العراق تساوي حوالي 000,186 ميل مربع. وهذه المساحة تنقسم الى مناطق المرتفعات، والسهل السوبي لما بين النهرين، واراضي المراعي للسكان الرعاة، والصحارى التي تقطنها القبائل البدوية. الاطار التاريخي والجغرافي للاقتصاد العراقي.
ففي الشمال والشمال الشرقي يقع اقليم المرتفعات والجبال، وهو يتألف من حزام الى شرق خط، يكاد يكون مستقيما، ممتد من سنجار الى شمال الموصلن حتى خانقين على الحدود العراقية الايرانية، وجبال هذه المنطقة وان كانت جرداء في الغالب وتوجد فيها بعض الغابات ايضاً، تتخللها الوديان العميقة التي تتوسع الى سهول احيانا. وسكانها الاكراد ينتجون في قراهم محاصيل الحبوب، والرز، والخضروات، والفواكه، والتبغن وتسقى هذه الاراضي من العيون والجداول ومياه الامطار الغزيرة نسبياً، حيث تبلغ حوالي اثنتي عشر عقدة في السنة. والمنطقة التي تقع في جنوب منطقة سقوط الامطار هذه، وشمال منطقة السهول النهرية، تمثل وضفاً متوسطاً أو انتقالياً في المحيط والسكان. ومعظم مساحة العراق، الواقعة في جنوب منطقة الامطار، لاتتمتع بالامطار الكافية للزراعة. فعصب الحياة في هذا الاقليم، الذي هو أوسع اقاليم العراق وأكثرها تمثيلاً له، يعتمد على نظام نهري دجلة والفرات وروافدهما. ان الخاصية والمشكلة الرئيسية للنهرين التوامين تغير تصريفهما الموسمس أكثر من عشر مرات، بحيث ان مجراهما الذي يتسع لتصريفها في أشهر الجفاف، لايكفي لاستيعاب مياه الفيضان. وفوق ذلك، فان موسم الفيضان الذي يبدأ في نيسانـ يأتي في الربيع متاخراً لانضاج محاصيل الحبوب الحقلية، وعلى الاخص الحنطة والشعير، كما انه ينتهي قبل نضج المحاصيل الصيفية، وعلى الاخص الرز، الى درجة أقل، القطن والخضروات. ان تسخير مياه النهرين لاغراض الانتاج الزراعي يستلزم الفيضان الربيعي، وخزن مياهه لاستعمالها في مواسم انخفاض النهرين، وبناء السدود للمحافظة علة منسوب النهر لضمان جريان المياه في القنوات السيحية في المواسم الحيوية، وتنظيم احواض القنوات بالنواظم، وأخيراً، تكوين المبازل الحقلية والرئيسية للحيلولة دون الانتشار المحتوم للملوحة في التربة. ولم يتحقق اي شرط من هذه الشروط الى درجة كبيرة لاستغلال مياه دجلة والفرات حتى بعُيد نهاية الحرب العالمية الثانية. فلقد استمرت الزراعة في السهل الرسوبي لما بين النهرين على اساس الطرق البدائية للري سيحاُ او ضخاً فلول يعتمد على الفيضان أو الري الطبيعي الذي يقوم في مزارع الرز في أسفل نظام نهري دجلة والفرات، وبينما يقوم الثاني على فتح قنوات جديدة أو احياء قنوات قديمة تسقى بالدرجة الاولى اراضي الحنطة والشعير اواسط النهرين. 2 ومع ذلك، فقد حدث بعض التحسن المحدود في نظام الري في العراق. وتمثل هذا التحسن المحدود، بادىء ذي بدء، في فتح عدد من القنوات الجديدة، ونشوء طرق جديدة لرفع مياه النهرين، وتنظيم منسوب المياه في دجلة والفرات الى درجة اقل، وذلك عن طريق بناء مشاريع الري الحديثة كسدة الهندية(1913) وسدة الكوت (1929) ومشروع الثرثار(1954) وبعدئذ مشروع الحبانية (1956) وسد دربندخان(1961)، ودوكان (1959). وحتى بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بقي فيضان دجلة والفرات دون سيطرة ما. فقد حلّت اخر كارثة كبرى للفيضان في ربيع 1954، وبقيت مياههما مبددة الى حد كبير، والتربة في تردٍ مستمر بسبب ازدياد ملوحتهان ولم تكتسب مشاريع وليم ولكوكس لاصلاح نظام الري في العراق، التي وضعت في بداية القرن العشرين، أهمية عملية حتى السنوات القليلة السابقة لثورة 14 تموز 1958. وقبل ان يلتقي دجلة والفرات ليكوّنا شط العرب تتصرف مياه الفرات في الاهوار الكطبيرة في جنوب العراق. وهذه المنطقة يعيش معظم منتجي الرز، وصانعي الحصران، وصائدي السمك ومربي الماشية بالاخص الجاموس. وعلى شط العرب تقع أكبر بساتين العالم، حيث تمتد اميال من النخيل في حيز ضيق ما بين النهر والصحراء. اما المنطقتان الاخريان الباقيتان، فاحدها تمتد على مسافة بعيدة من جانبي النهرين، حيث لا يكفي الماء الا للرعي فقط، وحيث تقطن الاقسام الرعوية من القبائل الزراعية. والمنطقة الاخرى تتكون من اقليم جاف، حيث يحول الجفاف غالباً دون الحد الدنى من الرعي, وهذه المنطقة تغطي مساحة تعادل بقية مساحة العراق، وتشمل صحراء الشامية جنوب غرب الفرات وجنوبه، ومنطقة الجزيرة العليا ما بين النهرين الى جنوب غربي الموصل والى شرق دجلة الى الأسفل من بغداد، والى اعالي جبل حمرين فوق بغداد. " ان مواطني جميع هذه الاقاليم" - حسبما جاء في وصف تقليدي- يختلفون اختلافاً كبيراً في درجة قربهم من الحضارة والمدنية والحكومة. أقربهم سكان المدن، وبعدهم ياتي سكان القرى المستقرة، ومن ثم العشائر الزراعية في "جماعاتها" فسكان الاهوار، فالرعاة شبه المستقرين على حافة الصحارى، واخيراً البدو الاقحاح. يبدو من الممكن تحديد بداية عملية توحيد العراق الحديث سياسياً واقتصادياً بولاية داود باشا(1817-1831م). الذي اتسم عهده بالاستقلال الفعلي عن الدولة العثمانية، وبالحد من النفوذ البريطاني المتمثل في الموقف الحاسم من المقيم البريطاني ( سي.جي.ريج) الذي كان يعتبر الرجل الثاني في العراق، وبمحاولات التجديد العسكري والاقتصادي والمدني والاداري.3
التطور السكاني والاجتماعي.
في أواسط القرن الماضي وتحديداً سنة 1947 الذين ازدادو الى حوالي خمسة ملايين، منهم ربع مليون فقط هم من العشائر البدوية، 2.7 مليونين يمثلون السكان الريفين، بينما حوالي 1.8 مليون يمثل السكان المدنيين الذين يكسبون عيشهم في المدن التجارية والصناعية الكبيرة أو في المدن التسويقية التي تمثل مكاناً وسطاً بين حياة الريف والمدينة. ويعكس احصاء السكان 1954، استمرار التغييرات في تركيب السكان بصورة أشد، حيث ارتفع مجموع السكان الى 6.3 ملايين نسمة، لم يبق بينهم من سكان العشائر البدوية الا حوالي 1%، بينما ارتفعت نسبة سكان الارياف ارتفاعاً طفيفاً بسيطاً حيث أضحى 41% من مجموع سكان العراق. 4 يظهر التغيير في التركيب السكاني البدوي – الريفي – المدني، ظهوراً واضحاً، اول ما يتضح، الهبوط المطلق والنسبي في القسم البدوي من شعب العراق، منخفضاً انخفاضاً مطلقاً من حوالي نصف المليون في 1867 الى ربع المليون في عام 1947، ونسبياً من 35% الى 5% من مجموع السكان. وفي عام 1957ن انخفض هذا الجزء من السكان انخفاضاً أشد حيث لم يزد على 66 ألف نسمة او 1% من مجموع السكان. يتضح وحتى عام 1920، حدوث ارتفاع مطلق ونسبي في السكان الريفيين، الذين ارتفع عددهم ارتفاعاً من حوالي نصف المليون في عام 1867 الى ما يقارب المليونين وربع المليون في سنة 1930، واستمر سكان الريف العراقي في ارتفاعهم المطلق هذا حتى بلغعددهم 2,7 مليونين في 1947 وحوالي 3.7 ملايين في 1957، بينما هبطت نسبتهم من مجموع السكان الى 57% و58% على التوالي، ونظراً الى نمو السكان المدنيين. فعلى الرغم من ازدياد مطلق من حوالي ثلث المليون في 1867 الى اكثر من مليون وثلاثة ارباع المليون في 1947 و 2.6 مليونيين في 1957، فان مركزهم النسبي بقي مستقراً على حوالي 24-25% من مجموع السكان، حتى فترة 1930-1957 حين ارتفع الى 38% في سنة 1947 و41% سنة 1957. لم تكن هذه الاتجاهات الثلاثة في تركيب سكان العراق موحدة بين اقاليمه المختلفة فلقد كان الهبوط المطلق والنسبي للسكان البدو اكثر بروزاً في المنطقة الوسطى منته في المنطقتين الجنوبية والشمالية. لقد انخفض معدل السكان البدو في المنطقة الوسطى انخفاضاً مطلقاً من حوالي 115.00 عام 1867 الى 25.000 في عام 1947، والى حوالي 17 الف في عام 1957، بينما كان الهبوط المماثل من 260.000 الى 155.000 والى حوالي 10 الاف في عام 1957 في المنطقة الجنوبية، ولكن بقي السكان البدو في المنطقة الشمالية، مع تذبذب صعوداً وهبوطاً، مستقراً حتى 1947 اذ بلغ 70 الف، ثم هبط الى 39 الف في 1957. ونفس القول ينطبق على المركز النسبي للسكان البدو. ولذا، كان الهبوط النسبي في السكان البدو من 23% من سكان المنطقة الوسطى في عام 1867 الى 1% من سكانها في عام 1947، و0.6 بالمئة في عام 1957، بينما كان الهبوط المماثل في المنطقة الجنوبية من 50% الى 10% الى 5% الى 2% على التوالي. وفي المنطقة الشمالية من 26% الى 5% الى 2% على التوالي. ويقابل هذا الهبوط في السكان لاقاليم العراق المختلفة، ارتفاع في سكان الريف، وعليه، فقد ارتفع سكان الريف من حوالي 170.000 في عام 1867 الى 855.000 في المنطقة الوسطى، ومن 215.000 الى 872.000 في المنطقة الجنوبية، ومن 140.000 الى 519.000 في المنطقة الشمالية على التوالي. بيد ان الارتفاع النسبي كان اكثر بروزاً في المنطقة الجنوبية، صاعداً من 41% في عام 1867 الى 83% في عام 1930، بينما كان ما يماثله أقل بروزاً في المنطقتين الشمالية والوسطى، صاعداً من 52% الى 66% في الاولى ومن 36% الى 56% في الثانية. وبعد 1930، استمر ارتفاع سكان الريف في الاقاليم ارتفاعاً مطلقاً، بينما هبط مركزهم النسبي في جميع الاقاليم، وذلك لارتفاع سكان المدن ارتفاعاً ملحوظاً. ان هبوط السكان البدو المبكر والسريع وارتفاع سكان الريف، بالاخص في المنطقة الوسطى، وان هبوط السكان البدو البطيء وارتفاع والمتاخر وارتفاع سكان المدن، بالاخص المنطقة الجنوبية، يفسر لنا زيادة هبوط سكان الريف في هذه المنطقة من 83% عام 1930 الى 59% في عام 1947 على هبوطه في المنطقة الوسطى من 56% الى 53% على التوالي. ويظهر من مقارنة سكان الريف بين عامي 1947 و 1957 انه ازداد في المنطقة الشمالية بصورة مطلقة ونسبية، نظراً لهبوط السكان هبوطاً ملحوظاً، وانخفاض سكان المدن بعض الشيء, اما سكان الريف في المنطقة الوسطى فقد ارتفع ارتفاعا مطلقاً إلا انه هبط نسبياً، نظراً لارتفاع سكانها في المدن ارتفاعاً مهماً وانخفاض سكانها البدو بعض الشيء. وقد ارتفع سكان المنطقة الجنوبية بصورة مطلقة ونسبية، نظراً لهبوط سكانها البدو هبوطاً مهماً، وعلى الرغم من ارتفاع سكانها في المدن ارتفاعاً طفيفاً. ان هذه الاختلالات الديموغرافية القت بظلالها على الواقع الاقتصادي العراقي باثر مستقبلي، فالهجرات المعاكسة للنسيج المجتمعي العراقي مستمرة باستمرار الازمات السياسية والحروب والمجاعات التي جلبتها الانظمة المتعاقبة على سدة الحكم في بلد غني بثروات هائلة. ففي حقبة النظام السابق ومن احدى ممارساته بحق السكان:( لقد افضت عسكرة المجتمع الى نتائج خطيرة، اضافة الى التضخم الذي اصاب الهيكل العسكري والجيش وتضاعف عدد افراده مرات ومرات، كان الانفاق الكبير عليه قد بدأ بالتصاعد وبالتأثير في الانفاق على الجوانب الاخرى، فلقد بلغ ماهو مخصص رسمياً للجيش والتنيع العسكري ما نسبته 68% من الميزانية العامة، أما التخصيص الحقيقي فلقد بلغ بحسب اتهامات اخرى للنظام 75% من الميزانية5 ، وهو فعل سياسي اخرق لتبديد موارد المجتمع العراقي وثرواته.
السياسة التجارية ودورها في الاقتصاد العراقي
لقد جاء نمو التجارة الخارجية العراقية في العراق مصحوباً بتطور وتحسن وسائط النقل والمواصلات وربط العراق بالاقتصاد العالمي، بالاضافة الى الى ربط أجزاء القطر المختلفة بعضها مع البعض الاخر. وقد أدى ذلك الى انتشار الاقتصاد النقدي ، وتوفير المناخ الملائم للانتاج السلعي وتطوره، بالاخص الانتاج الزراعيز وكان من شان هذه الزيادة المطردة في الانتاج الزراعي أن تزايدت صادرات العراق من المواد من المواد الزراعية الى العالم الخارجي، مما أدى بدوره الى ارتفاع مطرد في حصيلة الصادرات وبالتالي فيما ينفق على الاستيردات. ولكن أهم حدث طرأ على الاقتصاد العراقي هو اكتشاف النفط والبدء باستخراجه منذ اواخر العشرينيات،ومن ثم أصبح القطاع النفطي يلعب دوراً حيوياً بارزاً في الاقتصاد القومي بالاخص منذ أوائل خمسينيات القرن المالضي، ومن خلال عملية تطور استخراج النفط من قبل شركات النفط الاجنبية، ارتبط الاقتصاد العراقي بالقطاع النفطي وغدت سلعة واحدة، وهي النفط، المحرك الاساسي والمحدد الرئيسي لمعالم الاقتصاد العراقي، اذ اصبح استخراج النفط الخام يسهم بجزء كبير من في توليد الدخل القومي، حيث كانت نسبته 25.9% عام 1958، مقابل 21% عام 1969. 6 انعكس هذا الوضع على التجارة الخارجية. وذلك بأن اصبحت معظم الصادرات تتألف من النفط الخام. ولما كانت صناعة النفط بوضعها القائم في الاقتصاد العراقي تمثل اقتصاداً حديثاً من حيث الفن الانتاجي واساليبه فقد كان لهذا انعكاسه على الوضع الاقتصاديث، اذ برزت من ثناياه ظاهرتان.. الاولى هي وجود اختلال أصيل ومستمر في الميزان التجاري (دون النفط) نتيجة استخدام موارد النفط، والثانية.. فهي أن التوسع في الاستيردات لم يكن موجهاً، لمواجهة متطلبات التنمية الاقتصادية. ويتضح أن قيمة الصادرات غير النفطية كانت تكون نسبة كبيرة من جملة قيمة الصادرات في بداية الخمسينات، ولكن قيمة هذه الصادرات كانت تميل نحو الانخفاض بصورة مطلقة ونسبية خلال الفترة 1950-1958، اذ كانت نسبة الصادرات المحلية نحو 45.9% من جملة قيمة الصادرات عام 1950 انخفضت الى 7.1% عام 1958.أما صادرات النفط فقد ارتفعت قيمتها من 23.63 مليون دينار عام 1950، وبلغت نسبتها نحو 54.1% من جملة قيمة الصادرات، الى 185.54 مليون دينار عام 1958 وبلغت نسبتها 92.9% أي بنسبة زيادة تبلغ 65.2% . كما ان الاستيرادات، باستثناء استيرادات شركات النفط، قد زادت من 29.20 مليون دينار عام 1958 الى 100 مليون دينار تقريباً عام 1958. أي بنسبة زيادة تقرب من 242.0%، أما استيرادات شركات النفط فقد زادت بنسبة تبلغ نحو 19.0 خلال نفس الفترة.7
تطور ظاهرة التضخم في الاقتصاد العراقي
التضخم في الاقتصاد العراقي ظاهرة مركبة لم تتشكل بفعل عامل واحد وهو الزيادة الأخيرة في أسعار المشتقات أوالزيادة في السيولة النقدية التي حصلت في ظل النظام السابق، بل ظهرت كنتيجة لتفاعل عوامل عديدة نقدية وحقيقية، ترتبط بالاختلالات الهيكلية في القطاع الإنتاجي، كنتيجة للتدهور الذي أصاب قطاعاته الإنتاجية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعة التحويلية.وبهدف تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية التي ساهمت في استفحال ظاهرة التضخم في الاقتصاد العراقي سنتناول مفهوم التضخم، وأثاره الاقتصادية ، وعوامل استفحاله:8 أولا: مفهوم لتضخم :- التضخم هو ظاهرة الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار وهو حركة مستمرة باتجاه تصاعدي في المستوى العام للأسعار سواء كان هذا الارتفاع ناتج عن زيادة في كمية النقد تجعل التيار النقدي أكبر من التيار السلعي أو أنه ناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج أو ناجم عن وجود فائض في الطلب الكلي ، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية. ثانياً: خصائص ظاهرة التضخم:- بناء على التعريف السابق يمكن أن نحدد خصائص هذه الظاهرة :- 1- التضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد ،فهي لا تقتصر على عامل واحد و أنما هي نتاج لعوامل متعددة ،قد تكون متعارضة فيما بينها . 2- التضخم ناتج عن اختلال العلاقات ألسعريه بين الأسعار النسبية (أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية و الإنتاجية) من ناحية وبين أسعار عناصر الإنتاج ( مستوى الإرباح ومستوى الأجور ) من ناحية ثانية وهذا الاختلال سينعكس أثرة بشكل ارتفاع في مستوى الأسعار . 3-أ التضخم يعني في الحقيقة انخفاض القوة الشرائية لحاملي النقود لهذا فالتضخم يعمق حالة التفاوت بين دخول عناصر الإنتاج . ثالثاً: أنواع التضخم
1- تضخم جذب الطلب:- ويحدث عندما ترتفع الأسعار نتيجة لوجود فائض كبير في الطلب الكلي مقارنة بالعرض الكلي ( الانتاج المحلي والاستيراد)، وفي هذه الحالة فإن زيادة الإنفاق في الاقتصاد القومي لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجتها زيادة الأسعار . 2- التضخم الزاحف:- ويقصد به الارتفاع بمقدار 1 أو 2 أو 3% سنويًا في المستوى العام للأسعار، وهذا النوع من التضخم عليه خلاف بين الاقتصاديين حيث يرى بعضهم في نسبة الارتفاع البسيطة في الأسعار ستحفز عملية النمو الاقتصادي ، ففي أوقات التضخم الزاحف ترتفع أسعار السلع قبل ارتفاع أسعار الموارد فيؤدي ذلك إلى زيادة الأرباح مما يدفع رجال الأعمال إلى زيادة الاستثمارات. بينما يرى البعض الآخر أن الآثار التراكمية لمثل هذا التضخم تكون شديدة؛ فارتفاع سنوي قدره 3% في المستوى العام للأسعار إنما يعني مضاعفة المستوى العام للأسعار في حوالي 23 سنة، كما أن التضخم الزاحف يتضاعف بسرعة ويؤدي إلى التضخم الشديد الجامح. 3- التضخم الجامح:- وهو تضخم حلزوني تصاعدي في الأسعار والأجور؛ وهذا النوع من التضخم يغذي نفسه بنفسه. و يحدث في الغالب نتيجة لقيام الحكومة باستخدام سياسة "تنقيد الدين" أو طبع النقود لتمويل العجز في موازنتها ، وأشهر مثال على هذا النوع من التضخم هو ما شهده العراق خلال سنوات الحصار الاقتصادي ، حين قامت الحكومة بطبع النقود بمعدلات مرتفعة للغاية لتغطية العجز المستديم في ميزانيتها .
رابعاً: آثار التضخم : يترك التضخم عدد من الآثار أبرزها 1- فقدان النقود لوظيفتها كمقياس للقيمة ومخزن للقيمة :- فكلما اشتدت موجة الغلاء انخفضت قيمة النقود مما يسبب اضطرابًا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضى داخل الاقتصاد المحلي، وإذا حدث ذلك فقد يتخلَّى الناس عن عملة بلدهم، ويلجئون إلى مقاييس أخرى للقيمة كالدولار والذهب.هذا كله نتيجة العبث الذي يحدثه التضخم في منظومة الأسعار النسبية؛ أي أنه لو كانت جميع أسعار السلع والخدمات ترتفع بنسبة واحدة وفي نفس الوقت، ما كانت هناك مشكلات. لكن ما يحدث أنه في غمار موجة الغلاء توجد طائفة من السلع والخدمات ترتفع أسعارها بسرعة كبيرة، وطائفة أخرى قد تتغير ببطء، وهناك طائفة ثالثة تظل جامدة بلا تغيير وهذا الأمر يعود الى مرونات الطلب السعرية لتلك السلع ، التي يتحدد في ضوئها مقدار التغير النسبي في الكمية المطلوبة من السلعة نتيجة للتغير الذي حدث في سعرها بوحدة واحدة، ولهذا هناك من يستفيد وهناك من يُضار من هذا التضخم المستمر. 2- إعادة توزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية:-يؤدي التضخم الى إعادة توزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع لصالح أصحاب الدخول المتغيرة مثل: التجار ورجال الأعمال، فتزيد دخولهم عادة مع تزايد مع معدلات التضخم، بل إنها في كثير من الحالات ترتفع بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وهم بذلك المستفيدون من هذا التضخم.في حين تتدهور الدخول الحقيقة لأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة مثل: موظفي الحكومة والقطاع العام لذلك فهم المتضررون من التضخم؛ حيث إن دخولهم عادة ما تكون ثابتة، وحتى لو تغيرت فإنها تتغير ببطء شديد وبنسبة أقل من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار . 3- إعادة توزيع الثروة القومية بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية:- فالمدخرون لأصول مالية كالودائع طويلة الأجل في المصارف؛ غالبا ما يتعرضون لخسائر كبيرة؛ عندما تتعرض القيمة الحقيقية لمدخراتهم للتآكل سنة بعد الأخرى مع ارتفاع الأسعار، أما من يجسد مدخراته في أشكال عينية أو حقيقية كالأراضي والمعادن النفيسة؛ فهو المنتفع من ارتفاع الأسعار على هذا النحو. ومع الارتفاع المستمر للأسعار يدرك الناس أن الشراء اليوم عند مستويات الأسعار السائدة أفضل من الشراء في الغد حيث ترتفع الأسعار؛ فيسارعون إلى "الاكتناز" أي شراء السلع والتحف والمعادن النفيسة. 4- التخلي عن العملة الوطنية واللجوء لعملة أجنبية أكثر ثباتًا في قيمتها:- وهو أمر ينعكس على تدهور سعر الصرف للعملة المحلية. 5- وسرعان ما يضر التضخم الآخذ في التصاعد بميزان المدفوعات للدولة، ومن ثم باقتصادها ككل ويتمثل ذلك في أوجه الآتية: أ- تعرّض الصناعة المحلية لمنافسة شديدة من الخارج ، وما ينجم عن ذلك من طاقات عاطلة وبطالة وانخفاض في مستوى الدخل المحلي. ب- نتيجة لزيادة الطلب على السلع المستوردة وانخفاض الطلب على السلع المحلية يزداد العجز في ميزان المدفوعات والذي تتطلب مواجهته إما استنزاف احتياجات البلاد من الذهب والعملات الأجنبية، أو اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، أو تصفية ما تملكه الدولة من أصول بالخارج. ومع نمو العجز في الموازنة العامة ، كما حدث في العراق في سنوات الحصار ستلجأ الحكومة إلى زيادة ضخ عملتها المحلية فتتزايد كمية النقود دون أن يقابل هذه الزيادة زيادة مناظرة في حجم الناتج، مما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع وتدخل الدولة في حلقة مفرغة.أما الأثر الاجتماعي الذي لا يمكننا إغفاله هو أن الغلاء المستمر يؤدي إلى تفشي الرشوة والفساد الإداري والتكسب غير المشروع وما إلى ذلك من معاملات فاسدة؛ حيث يلجأ الناس إلى هذه الأمور كخط دفاع لمواجهة التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقية، ومن ثم في مستوى معيشتهم.. ولهذا فليس عجيبًا أن تكون البلاد المصابة بالتضخم هي أكثر البلاد تعرضًا للفساد. شهد حجم الناتج المحلي الاجمالي تراجعاً من 15.9 مليار دينار عراقي عام 1988 الى 3.5 مليار دينار عام 1994( بأسعار عام 1980). وترتب على ذلك تقلبات واسعة في متوسط حصة الفرد من الناتج، فقد بلغ نحو 564 دولاراً في مطلع التسعينات، وأقصاه نحو1586 دولاراً في مطلع الثمانيات، ثم أخذ بالتراجع الى نحو 161 دولاراً في منتصف عقد التسعينيات.9
خامساً:- متى أصيب العراق بعدوى التضخم عرف العراق قبل عقد السبعينات من القرن الأنواع البسيطة من التضخم الزاحف التي ترافق عادة عملية النمو الاقتصادي ،الا أنه تعرف على كل أنواع التضخم بما في ذلك أكثر أنواعه فتكا ،بعد الفترة (1968- 2003 ) عندما ابتلى بحكومة تفتقر الى الرؤية والإرادة لتحقيق التنمية الاقتصادية ، ظلت تدير السلطة بدون سياسات اقتصادية وإنمائية واضحة، وضيعت الفرصة التي وفرتها موارد الريع النفطي التي تحققت في العراق خلال عقد السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم ،و لم تفلح في استثمار تلك الموارد في إيجاد مصادر قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة وفاعلة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية والعدل الاجتماعي،و تمخض عن ذلك تعميق للاختلالات الهيكلية و تدمير جهود التنمية،فرغم غنى العراق بالموارد المادية والبشرية ألا أنه شهد خلال تلك الحقبة السوداء من تاريخه أسوء أنواع الاختلالات الاقتصادية .بفعل الاستغلال الجائر للثروة النفطية والموارد العامة للإنفاق على الحروب و ألأنشطة الأمنية والعسكرية، وحالة الإهمال شبه الكامل لعملية التنمية وعملية الإصلاح الاقتصادي .وكان من الطبيعي أن تقود تلك الفوضى الاقتصادية الى المشاكل الكارثية التي واجهت العراق بعد ذلك ، وفي مقدمتها الحروب المدمرة الثلاث، الأولى مع إيران والثانية مع الكويت والثالثة انتهت باحتلال العراق وما رافق تلك الكوارث من مطالبات أبرزها :- 1- نشوء مطالبات بتعويضات جائرة وفرض نسبة تعويضات هائلة تستقطع من الإيرادات النفطية. 2- اللجوء الى استخدام السياسات المالية والنقدية التوسعية التي قادت الى التضخم الجامح و انهيار القوة الشرائية للعملة العراقية ،فتدنت حياة الملايين من العراقيين،وأصبح العيش بدون " البطاقة التموينية"مستحيل بالنسبة للسواد الأعظم من الناس، وبخاصةً ذوي الدخول الثابتة.كما أدى هذا التضخم الى إعادة توزيع الثروات لصالح فئات صغيرة متنفذة من التجار والفئات الطفيليةالتي تتمتع برعاية الحكومة. 3- مشاكل كارثيه أخرى رافقت الحروب والحصار الاقتصادي، كانتشار مظاهر الفساد الإداري والمالي، تدمير البيئة ،استنزاف الموارد الطبيعية ،تدمير نظم التعليم، والصحة، والغذاء، وتآكل رأس المال الوطني، تمزق النسيج الاجتماعي و بروز الاحتقان الطائفي، تدني القيم الأخلاقية بسبب الفاقة والعوز والخوف وانتشار الجريمة. والنتيجة الاقتصادية المترتبة على تلك المهالك هي دخول الاقتصاد العراقي في حالة من الركود الاقتصادي الطويل الأجل تمخضت عنه أسوأ أنواع الاختلال القطاعي، وتعمقت خلاله حالة عدم التناسب بين القطاعات التي تمثل مصادر العرض السلعي المحلي من جانب والقطاعات التي تمثل روافد الطلب المحلي التي يتم تغذيتها بموارد الريع النفطي وبخاصة أنشطة الأمن والمخابرات والدفاع ،الأمر الذي عمل على تعميق الهوة بين القدرات الإنتاجية الحقيقية للاقتصاد الوطني والمعبر عنها بـالقيم المضافة المتولدة في قطاعي الصناعة التحويلية والزراعة، والقدرات الاستهلاكية الكبيرة المتمثلة بالدخول المتولدة في هذه الأنشطة ، فضلا عن تفاقم الديون الخارجية المستحقة ، وتعاظم الانكشاف الغذائي ، وتعاظم معدلات التضخم المفتوح. ظاهرة التضخم بعد 2003 رغم ما شهدته هذه المرحلة من تطورات اقتصادية عديدة في مقدمتها رفع الحصار الدولي والتخلص من نسبة كبيرة من الديون الرسمية، والتوقف عن سياسة طبع النقود لتمويل العجز في موازنة الحكومة ألا أن هناك عوامل جديدة قد برزت و ساهمت في استفحال ظاهرة التضخم بشكل اكبر التضخم من أهمها:- 1- التدهور المستمر في الملف الأمني بسبب ضعف سلطة الدولة والقانون والعجز عن وضع حد لهجمات الإرهابية وسيطرة المليشيات والعصابات الاجرامية 2- الإخفاق في عملية إعادة أعمار البنية الإنتاجية و مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة المخربة ،وبخاصة في مجال صناعة تصفية النفط و قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. 3- ارتفاع معدلات الفساد المالي والإداري بين الموظفين الكبار. 4- منح الأولوية في عملية التوظيف للولاء الحزبي والطائفي وليس لعنصر الكفاءة والنزاهة. 5- لم يتحقق أي تقدم هام في عملية النمو الاقتصادي والتشغيل وتحسين مستويات المعيشة، وبخاصة في المحافظات الجنوبية والمناطق المهملة والمهمشة . وساهمت تلك الإخفاقات في تعميق الاختلالات السابقة في الهيكل الإنتاجي واستفحال ظاهرة التضخم ، وقد ارتبط ذلك الإخفاق بعاملين مهمين. الأول :- هو تدهور عملية انتاج المشتقات النفطية. والثاني:- اتساع نطاق العمليات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني وبشكل خاص عمليات التخريب الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية الإنتاجية والبنية التحتية،و بخاصة في قطاع الماء والكهرباء ، وترك هذان العاملان بصمتيهما الواضحتين على الأولويات القطاعية لصانعي السياسة الاقتصادية وبالتالي على آلية التصرف في الموارد الإنتاجية المتاحة ، فقد أخذت عملية تخصيص الموارد المالية وكذلك تجارة الاستيراد ، تتحيز بشكل واضح لصالح الأنشطة الأمنية، ومن الطبيعي أن يأتي هذا التركيز على حساب الإهمال النسبي للأنشطة الإنتاجية ، والأنشطة ذات الصلة بحياة الناس اليومية كالصحة والتعليم والخدمات البلدية وعدم تخصيص المبالغ الكافية لإعادة أعمار البنية الإنتاجية والبنية التحتية بخاصة ذات الصلة بالنشاط الإنتاجي في قطاع الماء والكهرباء ،وكان الوضع أكثر تفاقما في قطاع الصناعة التحويلية ،مقارنة بالقطاع الزراعي الذي حظي ببعض الاهتمام بسبب الضغط الشعبي ووجود الصعوبات الأمنية التي ترافق عمليات استيراد السلع الزراعية والمواد الغذائية من دول الجوار فضلا عن النقص في العملات الأجنبية .ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك بشكل ركود نسبي في مجموعة الأنشطة السلعية المسؤولة عن زيادة حجم العرض الإنتاجي الحقيقي و انتعاش في مجموعة الأنشطة الخدمية المغذية للطلب الفعلي ، كما انعكس هذا الاختلال بين هاتين المجموعتين على عدد غير قليل من العلاقات الاقتصادية فاختلت العلاقة بين الانتاج والاستهلاك ومن ثم العلاقة بين العرض والطلب فضلاً على الاختلال الموروث من النظام السابق بين الرأسمال الإنتاجي المباشر والرأسمال الاجتماعي الذي تعمق بسبب عمليات التخريب ، كما تعمق الاختلال بين القدرات المحلية على تحقيق الاكتفاء الذاتي والـتنمية الاندفاعية من جهة وبين التبعية المتفاقمة الاقتصادات المتقدمة من جهة أخرى . وأخيرا انعكست الاختلالات السابقة على مستويات الأسعار بالتضخم المفتوح ، وعلى الموارد البشرية بالهدر والتخلف وتدهور الإنتاجية. الخاتمة:
ما المطلوب لتخفيض معدلات التضخم في مقدمة المهام التي تواجه الحكومة لتخفيض معدلات التضخم ما يأتي :- 1- ضرورة التسريع بوضع برنامج واضح لإنعاش الاقتصاد العراقي وبخاصة من حيث :- أ- وضع جدول الزمني لبناء المصافي ومعالجة أزمة المحروقات، وجدول زمني تحدد فيه مدى قابليتها على زيادة العوائد النفطية ب- تفعيل سياسات تخفيض أعباء الديون الخارجية والتعويضات ت- تفعيل خطوات الإصلاح الاقتصادي لمواجهة الاختلال في الهيكل الإنتاجي ومشاكل البطالة والتضخم ،مع ضرورة تحديد معدلات النمو السنوية التي ستتحقق في الناتج المحلي الإجمالي، ودخل الفرد ، ومعدل انخفاض البطالة . ث- رفع كفاءة الأداء الاقتصادي من خلال محاربة الفساد الإداري والاقتصادي. ح- تحديد جدول زمني يحقق التناسب بين انسحاب قوات الاحتلال و تطوير القوات المسلحة العراقية خ- الاستفادة من المنح والمساعدات التي يمكن أن تتلقاها من الدول ومؤسسات التمويل الدولية ج- وضع السيناريوهات تحدد إمكانيات النجاح في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي الداخلي . 2- من الضروري أن يرافق سياسات التحرير الاقتصادي :- أ- وضع تشريعات وضوابط منظمة للسوق وقوانين تضمن حقوق العاملين وحرية التنظيم المهني والنقابي وتحفظ حقوق المستهلكين وتضمن للأطراف المتعاقدة تطبيق شروط المنافسة، وتؤمن السيطرة النوعية على المنتجات والسلع المتداولة، إضافة إلى التأكيد على تعزيز دور أجهزة الرقابة المالية للدولة في هذه العملية. ب- تقوية شبكات الحماية الاجتماعية . ت- الارتقاء بالخدمات الصحية و التعليمية الأساسية مع ضرورة الحرص على تقديمها مجاناً، واعتبار التمتع بها حقاً شاملاً من حقوق المواطنة والإقامة على أرض العراق والمطالبة بإلغاء نظام التمويل الذاتي. ث- معالجة أزمة السكن عبر الجمع بين مشاريع إسكانية تمولها الدولة للفئات الضعيفة الدخل وتيسير الإقراض العقاري للفئات المتوسطة الدخل. وأخيرا فأن أمام الحكومة مهمة معقدة جداً. لا تحسد عليها، فعليها أن تثبت بأن لديها الإمكانية للجمع بين أبعاد المثلث الصعب ،وهو قدرتها على تثبيت سلطة القانون وتحقيق الاستقرار الأمني، وقدرتها على البدء بتطبيق معايير العدالة الاجتماعية وعدم التفرقة بين فئات وطوائف الشعب العراقي وحركاته السياسية المختلفة ، وقدرتها على المباشرة بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي الناجح بمعيار القدرة على رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات التضخم،والبدء ببرنامج لتحقيق التنمية وتصحيح الاختلالات الهيكلية . 3- تضمين أولويات التنمية في العراق تحقيق الأمن الغذائي بتوفير أقصى حد ممكن من الاستغلالية في اشباع الحاجات الغذائية الأساسية، بالاخص وأن الغذاء أصبح سلاحاُ سياسياً بيد الدول المصدرة له ولم يعد مشكلة اقتصادية وحسب، كما أن القطاع الزراعي العراقي- وهو القطاع المسؤول عن توفير معظم السلع الغذائية- أصيب بالشلل شبه التام في الفترة الأخيرة وهناك عدد من المؤشرات التي يمكن اعتمادها لتقويم مدى التقدم في تدبير الاحتياجات الغذائية.10 أهمها: * نسبة الانتاج المحلي إلى جملة الاحتياجات من أهم السلع الغذائية. * نسبة استيرادات الغذاء إلى جملة العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات. * نسبة الاحتياطي من أهم السلع الغذائية الى الاحتياجات الاستهلاكية. * الدول التي تمد البلد بأكثر من نسبة معينة من اجمالي استيرادته الغذائية. * نسبة القروض والمنح الأجنبية التي تخصص لاستيراد الغذاء.
*** **** *** الهوامش ومصادر البحث:
1- د. محمد سلمان حسن، التطور الاقتصادي في العراق 1864 – 1958م، ج 1، منشورات المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صيدا- بيروت، 1965، ص2. 2- المصدر السابق، ص29. 3 - عبد الفتاح ابراهيم، على طريق الهند، بغداد، 1935، ص52-53. 4 - محمد سلمان حسن، التطور الاقتصادي في العراق 1864 – 1958م، ، ص55. 5 - عباس النصراوي، الاقتصاد العراقي: النفط، التنمية، الحروب، التدمير، الآفاق، 1950- 2010، ترجمة محمد سعيد عبد العزيز، بيروت، دار الكنوز الادبية، 1995، ص126. 6 - د. جواد هاشم، و د. حسين عمر، و د.علي المنوفي، لمحات في تطور الاقتصاد العراقي، قطاع التجارة الخارجية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الاولى، بيروت، 1973، ص7. 7- المصدر نفسه، ص9. 8 - فلاح خلف الربيعي، تطور ظاهرة التضخم في الاقتصاد العراقي/ مجلة الحوار المتمدن، العدد: 2244 – 7/8/2008، موقع النت: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=130619 9- جيف سيمونز، استهداف العراق: العقوبات والغارات في السياسة الأمريكية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003، ص109. 10- د. ابراهيم العيسوي، مؤسرات قطرية للتنمية العربية، التنمية العربية، الواقع الراهن والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1985، ص254.
#السفير_انترناشونال_للدراسات_والعلوم_الانسانية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقتصادي: العراق يمتلك قاعدة بيانات موثوقة والتعداد لا يصنع ا
...
-
هل تمنع مصر الاستيراد؟
-
كيف سيؤثر عدم إقرار الموازنة في فرنسا وحجب الثقة عن الحكومة
...
-
وزير الاستثمار السعودي: الجنوب العالمي يستقطب نصف التدفقات ا
...
-
انخفاض أسعار الذهب بعد سلسلة مكاسب
-
أهمية مؤشرات الأداء الرئيسية لتحقيق النجاح في الأعمال
-
-فينيسيوس استحقها-.. بيريز يطالب بتغيير آلية التصويت بالكرة
...
-
ألمانيا.. حزب شولتس يرشحه رسميا للمنافسة على منصب المستشار
-
انخفاض أسعار الذهب الأسود بعد موجة ارتفاع
-
في البحرين.. سياحة فن الطهي تعزَّز التنوع الاقتصادي
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|