|
إفلاس الأحزاب الأسلامية الطائفية والأحزاب القومية العراقية
خالد عبد الحميد العاني
الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 10:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يوما بعد يوم تتكشف الحقائق حول طبيعة الأحزاب الطائفية والقومية العراقية التي تهيمن على الساحة السياسية العراقية بفعل عوامل عديدة أبرزها تراجع اليسار العراقي وانحساره بفعل السياسات القمعية للنظام البائد وبفعل العوامل الخارجية وأبرزها انهيار المنظومة الاشتراكية وهيمنة القوى الإمبريالية واستفرادها بالوضع الدولي دون وجود رادع قوي يتصدى لها كما كان يحصل بوجود الاتحاد السوفيتي ومنظومة البلدان الاشتراكية وبتحالف ذلك المعسكر مع قوى حركة التحرر الوطني ومنظومة دول عدم الانحياز قبل إفراغها من محتواها الوطني والتحرري.
لم تكن الأحزاب الإسلامية لتشكل رقما في الساحة السياسية العراقية على الرغم من أن أقدم هذه الأحزاب وهو الحزب الإسلامي وريث حركة الإخوان المسلمين قد تشكلت في أربعينيات القرن الماضي ثم تلاها حركة الدعوة الإسلامية التوأم الشيعي للإخوان المسلمين السنية في أواخر خمسينيات القرن المنصرم.:لقد كانت هناك عوامل عديدة لم تساعد هذه الحركات على الامتداد والتوسع على الرغم من أن تمويل هذه الحركات معظمه يأتي من الخارج وبالأخص من المملكة العربية السعودية بالنسبة لحركة لللأخوان المسلمين السنية ومن أموال الخمس وما تجود به قم والحوزة النجفية بالنسبة لحركة الدعوة الإسلامية الشيعية ولكن رفض الشارع العراقي لهذه الحركات المشبوهة كان أبز عوامل إنكفاء هذه الحركات على نفسها واقتصارها على نفر قليل من الأتباع داخل الطائفة نفسها دون أن تستطيع التمدد داخل المجتمع العراقي الذي كان يهيمن عليه اليسار العراقي بشقيه الشيوعي والديمقراطي الليبرالي. لم يرق هذا الوضع للإمبريالية وأذنابها فسارعوا للتآمر على نهوض المد اليساري التحرري في فترة نهوض حركة التحرر العربية بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة الفاشية في تلك الحرب وظهور المنظومة الاشتراكية فقاموا بالإيعاز بتشكيل حزب البعث لوقف المد الشيوعي الذي أخذ بالتمدد وخصوصا في بلدان المشرق العربي وقد تم لهم ذلك.في عام 52 قامت ثورة يوليو في مصر وبدأ نجم عبد الناصر بالسطوع وبدأت الجماهير العربية تتطلع إلى هذا القائد العربي الذي قام بتأميم قناة السويس واتجه صوب المعسكر الاشتراكي متحديا بذلك القوى الامبريالة بزعامة بريطانية الدولة الاستعمارية ذات النفوذ الأقوى في منطقة الشرق الأوسط والتي قامت بشن الحرب على مصر مع إسرائيل وفرنسا عام 56 وهو الحرب التي عرفت بحرب السويس . في تموز عام 58 قامت ثورة تموز بقيادة الضباط الأحرار وبتأييد من القوى السياسية الوطنية هذه الثورة التي دشنت مرحلة جديدة في تأريخ العراق حيث أطيح بالنظام الملكي الفاسد وأقيم النظام الجمهوري مدشنة بذلك مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والتي لو أتيح(بضم الألف) لهذه الثورة أن تستكمل مسيرتها بشكل طبيعي دون تدخل إقليمي وخارجي وعوامل داخلية لا مجال للتحدث عنها في هذا المقال لنقلت العراق والمنطقة إلى رحابات أوسع بفعل المد الجماهيري الذي إلتف حول الثورة حيث مالت موازيين القوى لصالح القوى الوطنية التي لها مصلحة في تجذ ير الثورة وصولا إلى إنجاز أهدافها الوطنية الديمقراطية. لقد انتكست الثورة وقفز البعث إلى السلطة بالقطار الأمريكي عام63 وحصل ما حصل حيث دخل العراق والمنطقة كلها بداية النفق المعتم ولم يخرج منه والمنطقة كلها لهذه اللحظة. خلال الفترة التي أعقبت انقلاب شباط الأسود حصلت تبدلات كثيرة في الخارطة السياسية العراقية حيث قفز البعث للسلطة عام 68 في انقلاب مشبوه وبدأت معاناة جديدة للشعب العراقي حيث شن النظام ألبعثي حربه على كل القوى الوطنية والقومية وعلى الحركة القومية الكردية والقوى الإسلامية التي أخذت بالظهور المتميز وبالأخص الشق الشيعي من هذه القوى بفعل عامل قيام الثورة الإيرانية ضد نظام الشاه المقبور عام 79 تلك الثورة الشعبية التي سرقها ملالي طهران بزعامة أية الله الخميني ود شنت لمرحلة جديدة في تأريخ العراق والمنطقة لم تنتهي إلا باحتلال العراق في نيسان عام 2003.لقد عادت الأحزاب الطائفية الشيعية إلى العراق مع الاحتلال الأمريكي –البريطاني مدفوعة بزخم إيراني حيث بدأت هذه الأحزاب بفرض هيمنتها على الشارع العراقي بفعل ملايين الدولارات التي تضخها طهران يوميا في الوقت الذي يعيش فيه 20% من الشعب الإيراني تحت مستوى خط الفقر وبفعل ممارسات الاحتلال المدمرة في خلق استقطاب طائفي وقومي في ظله جرت الانتخابات النيابية عام 2005 والتي أفرزت برلمانا وحكومة محاصصة طائفية هي الأسوأ في تأريخ العراق الحديث.لم تستطيع حكومات الاحتلال التي هيمنت عليها المحاصصات الطائفية والقومية أن تحقق شيئا للمواطنين الذين منحوا تلك الحكومات ثقتهم وصوتوا لممثليهم في البرلمان . في الوقت الذي يجري فيه نهب العراق على قدم وساق من قبل القوى المهيمنة في بغداد تقوم المليشيات الطائفية الشيعية المدعومة من طهران والمليشيات الإرهابية السنية المدعومة من قبل المحيط العربي والإقليمي بنشر الإرهاب بأبشع صوره حيث يجري القتل على الهوية كما ويجري تهجير مئات الآلاف من أماكن سكناهم . وفي كرد ستان العراق حيث تتخندق القوى القومية الكردية منذ عام 91 في مواقعها حيث تجري تحولات اقتصادية لصالح الإقطاعيات الحاكمة في أربيل والسليمانية بفعل هيمنة الحزبيين الحاكمين الذين يتقاسمان السلطة في كردستان في غياب الديمقراطية الحقيقية في الوقت الذي تعاني فيه جماهير كردستان من أبسط مقومات الحياة ويجري قمع الاحتجاجات الجماهيرية بكل قسوة كما حصل في حلبجة الجريحة.لقد فقدت الأحزاب القومية الكردية الكثير من التأييد سواء داخل كردستان العراق بفعل السياسات الاقتصادية الخاطئة لصالح شرائح طفيلية مقربة من الحزبيين الحاكمين في وقت يعاني فيه المواطن الكردستاني من شظف العيش كما وفقدت هذه الأحزاب تأييد القوى الوطنية العراقية خارج محيط كردستان بفعل سياسة لوي الذراع التي تمارسها القوى القومية الكردية من أجل الحصول على مزيد من المكتسبات وبالأخص في قضية كركوك التي يعتبرها الأكراد قدسهم وهي خط أحمر دونه القتال. إن القيادات القومية الكردية تتنكر للدماء الغزيرة التي أريقت دفاعا عن القضية القومية العادلة للشعب الكردي , إنها دماء الأنصار والبيشمركة من مختلف مكونات الشعب العراقي من عرب و أكراد وتركمان و آشوريين ومن كل أطياف الشعب العراقي سالت من أجل الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان والذي طور فيما بعد إلى شعار الفدرالية. لقد كشفت قضية كركوك المعدن الحقيقي للأحزاب القومية الكردية والتركمانية على حد سواء حيث يبتعد قادة هذه الأحزاب عن التفكير والحس الوطني في معالجة قضية كركوك وينطلقون من منطلقات قومية شوفينية لمعالجة قضية وطنية مثل قضية كركوك. أن القوى القومية الكردية تستغل ظروف الاحتلال وضعف الحكومة المركزية في بغداد لفرض إرادتها ليس في قضية كركوك وحدها ولكن في قضية سرقة نفط كردستان من قبل الشركات الأجنبية وبتواطأ القيادات الكردية كما وتحاول هذه القيادات بسط نفوذها ليس على كركوك وحدها بل على أجزاء واسعة من الموصل وديالى ومن يدري فربما ستطور مطالبها إلى بغداد أيضا. أما القوى القومية التركمانية والتي تشكل معظمها خارج الوطن فهي أيضا تريد معالجة قضية كركوك بالإستقواء بالعسكر التركي ضاربة بعرض الحائط كل القيم الوطنية وحقائق التأريخ والجغرافية من أن كركوك مدينة عراقية سكنها الآشوريون قبل أن يسكنها التركمان و الأكراد والعرب فعلام تتصارعون أيها القوميون الشوفينيون. لقد تجلى وبشكل واضح خلال الأعوام الخمسة المنصرمة منذ الاحتلال إفلاس القوى الإسلامية الطائفية والقومية الشوفينية لأنها لا تملك برامج وطنية تصون الوحدة الوطنية وتحفظ حقوق كافة مكونات الشعب العراقي فالكل يسعى لاقتسام الكعكة العراقية غير آبهين بمصالح الوطن العراقي الواحد فالقوى الإسلامية الشيعية وبالأخص المجلس الإسلامي بقيادة الحكيم يسعى لفدرالية الجنوب لتسليم الجنوب ونفطه لقمة سائغة لملالي طهران والأكراد يريدون فرض واقع يؤدي في النهاية إلى الانفصال وتبقى القوى اليسارية عاجزة عن القيام بدورها بسبب الشرذمة وابتعاد البعض عن الواقعية السياسية في التعامل مع المستجدات وعدم قدرتها على فهم الواقع الموضوعي المتغير بسبب الجمود الفكري. إن اليسار العراقي وبالأخص الحزب الشيوعي العراقي مطلوبا لأخذ المبادرة لاستعادة الشارع العراقي وهذا لا يتم إلا من خلال برنامج وطني عريض يرفض المحاصصة الطائفية يقوم على تعبئة الجماهير التي لها مصلحة حقيقية برفض الوضع السياسي الحالي الذي أراد له الاحتلال أن بكون مؤسسا لعراق تمزقه الصراعات الطائفية والعرقية برنامجا يبتعد عن الكسب الحزبي الضيق لصالح تعبئة أوسع الجماهير حول برنامج يساري عريض يرفض الطائفية والقومية الشوفينية ويؤسس لهوية وطنية عراقية برنامجا بديل لبرنامج القوى الطائفية المفلسة التي لم يعد لها ما تقدمه للجماهير التي أوصلتها إلى قبة البرلمان والحكومة سوى إقامة سرادق العزاء وتقديم الماء المثلج لجموع الزوار لمراقد الأئمة الذين أصبح عددهم خلال السنوات الخمسة ربما أكثر من أيام السنة نفسها بعد أن فشلوا في الإيفاء بوعودهم لمن صوتوا لهم. المطلوب برنامجا بديلا لاطروحات القوميين العنصريين الذين يسعون لتفتيت الوطن وتمزيقه مدفوعين بأنانيتهم ومصالحهم وضيق أفقهم القومي غير آبهين بوحدة العراق أرضا وشعبا . إن الشيوعيين العراقيين بما يملكونه من تأريخ طويل في النضال وقدرة على التعبئة الجماهيرية وفهم نبض الشارع العراق هم الأكثر قدرة على لم شمل القوى الديمقراطية واليسارية في جبهة عريضة قادرة على الوقوف ندا للقوى الطائفية والقومية العنصرية .
#خالد_عبد_الحميد_العاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|