|
منظمات المجتمع المدني بين الواقع والطموح
رزاق حمد العوادي
الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 03:05
المحور:
المجتمع المدني
تعددت المفاهيم والتعاريف لمنظمات المجتمع المدني فقد جاء في تعريف مدرسة لندن التابعة للمركز الاقتصادي للمجتمع المدني (ميدان العمل الجماعي المتعلق بالمصلحة العامة ولاغراض القيم والرؤى المشتركة , وهناك تعاريف كثيرة منها كونها منظمات غير سياسية وغير ربحية والعمل فيها تطوعي . واذا كان الفلاسفة امثال ارسطو 322-382 ) الذي اكد على ان المجتمع المدني يقوم على العدالة وسيادة القانون وان الدولة وجدت لصالح الانسان ولم يوجد الانسان لصالح الدولة , وكذلك مااكده جون لوك في كتابه الحكم المدني 1632-1700 حيث ان الشعب الذي يضطهد سوف يهب لدى اول فرصة وهذا مااكده مونتسكيو في كتابه روح القوانين واذا كانت منظمات المجتمع المدني في العراق حديثة العهد في التاسيس والتجربة واعتمدت اساسا على الامر45 الصادر عن سلطة الاحتلال حيث حدد الاسس والقواعد القانونية لهذه المنظمات والذي لازال ساري المفعول طبقا لاحكام المادة (130) من الدستور وقد تنوعت هذه المنظمات بين منظمات معاهد ومراكزربحية ولا وهي adf ,iri, ndi ذات توجهات اجنبية يوجد هناك اي تأثيرلاعمالها على الواقع الميداني وتوجد ومنظمات اغاثة وحقوق الانسان ومنظمات بيئية ومنظمات ذات منافع ذاتية...... ان عمل هذه المنظمات التي فاقت اعدادها الالاف لاتعدو نشاطها الااعطاء ورش ودورات وتوزيع معونات الاغاثة وحقوق الانسان .......الخ ويؤخذ على انشطة البعض منها انها لم تنطرق الى تحليل الواقع المجتمعي وما ينتاب الناس من الام وماعليه الناس وما المجتمع من مشاكل ومأسي . ولم تنزل هذه المنظمات في توجهاتها الفكرية والاعلامية الى الميدان ولم يخرج نشاطها الى مجموع الشعب الذي يئن من لوعة الاسى وعمق الجراح , ولم تتطرق الى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وحقوق الانسان والمرءة والفساد الاداري والمالي ........الخ بالرغم انها تستمد شرعيتها الدستورية من المادة 45 وقانون العقوبات رقم 111 لسنة 79 وقانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 97 ولايوجد المجال لشرح نصوص هذه القوانين المتعلقة بالموضوع . ناهيك عن قواعد واحكام الشرعة الدولية لحقوق الانسان المتمثلة بالاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 والعهدين الدولين لعام 1976 واتفاقية سيداوة 1979 وغيرها من الاتفاقيات الدولية المنظمات المجتمعية في العراق تواجه صعوبات متعددة متنوعة ولا بد من ذكر بعضأ منها توطئة لوضع المعايير والقواعد التي من الممكن معالجتها وهي : 1- ان اكثر مؤسسات المجتمع المدني الان لاترقى الى مستوى الطموح كونها ولا اقول جميع المنظمات اصبحت بيد قلة من المنتفعين واصحاب المصالح الانانية والشخصية (والانا) الذين استغلوا المتغيرات في البلاد والامواج العاتية التي تضرب المجتمع كونه مجتمعا تحت الاحتلال وهو جاثمأ على صدره محكما سيفه في نحره. 2- اكثر منظمات المجتمع المدني تفتقر الى التجربة والثقافة المجتمعية والثقافة الحوارية التي تنطلق اساسا من عنصر المواطنة لذلك ترى اكثر النشاطات في هذا المجال لاتعد كونها الا ضياع للوقت والمال . 3- بعض المنظمات اصبحت توجهاتها ذات طابع حزبي نظر لفشل الاحتراف الحزبي والايدلوجيات الحزبية لا بل واصبح كثيرا من المسؤولين يتودد بانفسهم لاحتواء هذه المنظمات لغايات انتخابية ومكاسب حزبية بالرغم من ان الدستور م/ 49/6 لايجيز ذلك . 4- اكثر ولا اقول جميع المنظمات تفتقر الى الكفاءة الادارية والعلمية والاكاديمية التي من خلالها تمكن النهوض بواقع اعمالها . 5- قلة الموارد المالية لهذه المنظمات وعدم دعمها من قبل الحكومة رغم ان المادة 45 من الدستور (كفالة الدولة لهذه المنظمات ودعمها كما ان اكثر المنح التي توزع من قبل السلطة التشريعية كانت لاحزاب ومنظمات قريبة لاصحاب القرار وقدمت على اساس طائفي بالرغم من ان الصلاحيات الدستورية الواردة في المادة 61 وما بعدها لا تجيز من هذه التصرفات وان المادة 27 من الدستور اعطت الحرمة العامة للاموال العامة وحمايتها واجب على الجميع وعلى كل مواطن ,والتأكيد في النصوص الدستورية الخاصة بالنزاهة والحفاظ على المال العام . 6- واذا كانت المعوقات لعمل منظمات المجتمع المدني كثيرة ولكن اكثرها ايلاما وقسوة وتجاهلا للديمقراطية والدستور هو تدخل الحكومة من تاسيس وزارة المرأة ووزارة حقوق الانسان هذه الوزارات تنفيذية وخاضعة لاحكام السلطة التنفيذية ولكن واقع الحال لم تقدم اي دعم لمنظمات المجتمع المدني بل على العكس اخذت هذه الجهات تعمل بديلا عن منظمات المجتمع المدني من حيث اقامة الورش والدورات والمؤتمرات واكثرها لمنتسبيها ولم تفعل دورها القانوني والانساني بهذا الشأن باعتبارها جزء من السلطة التنفيذية اذأ مالعمل؟ على ضوء هذه المصاعب والعراقيل فلا بد ان يكون هناك بيئة قانونية ودستورية تستند اساسا لما لهذه المنظمات من حق الاستقلالية والحيادية كحق طبيعي والحق في المسألة الشفافية كحق طبيعي للدولة للاشراف على اعمالها , بعيدا عن انضواء هذه المنظمات تحت عباءة الاحزاب وان يكون لها حرية التعبير والتاثير طبقا لاحكام المادة 38 والمادة 22 والمادة 42 من الدستور واذا كان هناك مسودة مشروع قانون المنظمات المجتمع المدني واذا كان القانون لم يطلع عليه احد كما يتطلبه ذلك العرف التقنيني للقوانين الااننا ومن الواجب المهني والانساني نضع بعضا من الاقتراحات التي من الممكن ان تدرس من قبل ذوي الشان حتى من الجهة المعنية لكي يصار الىتنشيط المشروع وهذه المقترحات :. 1- اعتقد من الافضل ان توضح العلاقة القانونية بين القوانين المدنية والقانون المقترح مثل القانون المدني رقم 40 لسنة 51 19وقانون العقوبات رقم 111لسنة 69 وقانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 79 وغيرها من القوانين وان تلتزم كافة الانظمة التي تعهد الى المنظمات الالتزام بهذه القوانين مع التقييد بالنصوص الدستورية بهذا الصدد وخاصة المادة 13 من الدستور 2- من الافضل ان لايكون اكتساب الوضعية القانونية او الشخصية المعنوية شرطا اساسيا لممارسة حقوق التعبير والتظاهر السلمي والاجتماع الوارد في المادة 38 والمادة 42 من الدستور وهذا تاكيد للعرف الدولي والاتفاقيات الدولية الخاصة بالشرعة الدولية لحقوق الانسان الذي اعتبر العراق احد الاطراف الموقعة على بعض من هذه الاتفاقيات . 3- نقترح ان يتضمن القانون على الحقوق والالتزامات الواجبة على المنظمة كونها ذات شخصية معنوية لها حق الاداء وحق التقاضي طبقا لاحكام المادة 48 من القانون المدني رقم 40 لسنة 51 الفقرات 1,2,3,4,5 ويمكن الى انشاء المؤسسة او المنظمة او الجمعية بوصية او بسند رسمي طبقا لاحكام المادة 52 من القانون المذكور 4- نرى من الافضل ان يصار الى الاشراف على المنظمات من قبل لجان مشتركة من الحكومة والمنظمات نفسها ووفق ضوابط محددة منعا للتعسف في استعمال الحق وان يكون استعمال الحق القانوني وفقا للقواعد والمعايير والاصول الدستورية مع التاكيد على الزام الجهة الرسمية مانحة الاجازة ان يكون لديها القانون والخبراء المحترفين علمأ ان بعض الدول تناط منح الاجازات فيها الى المحاكم او وزارة العدل او الداخلية وهذا ما معمول به دوليأ 5- نقترح عند صياغة القانون الجديد ان تكون هناك قواعد قانونية للاندماج او الانشطار للمنظمات واشتراط التصويت على مثل هذه الحالات من قبل الهيئة العامة للمنظمة. 6- ان المسؤلية القانونية على المنظمات بدأ برئيس المنظمة واعضاء مجلس الادارة والموؤسسين يجب ان توضح هذه المسؤولية وفق قواعد قانونية سواء كان عند عقد التصرفات العقارية او الاموال المنقولة او تنفيذ مشاريع انيطت لتلك المنظمة مع خضوعها للجان النزاهة والرقابة المالية وفق القانون ويجب على المنظمة ان تشعر الجهة الرسمية مانحة الاجازة عن الدعم الخارجي والجهة الممولة والمبالغ المستلمة وكيفية التصرف بها كما يؤخذ بنظر الاعتبار عمليات تصفية اموال منظمة عند حلها وفقأ للسياقات القانونية مع التاكيد بمسؤولية رئيس منظمة والهيئة الادارية مسؤولية تضامنية تجاه العقود والمشاريع التي يبرمونها او توزيع الفائض من تلك المشاريع . 7- نقترح ان يتضمن مشروع القانون السماح للمنظمات الانخراط في انشطة النفع العام والانشطة الخيرية وفقأ لقواعد قانونية ووفقأ للقرار 45 8- ان نظام المنظمات يجب ان يتسم بالوضوح والشفافية والاسس الديمقراطية وان لا تكون رئاسة المنظمة او الجمعية تمتد الى مابعد الموت وان يتولاها الابناء والاحفاد كما هو معمول به ونقترح ان تكون رئاسة المنظمة او الجمعية لمدة سنتين يصار بعدها الى انتخابات وتحت اشراف الجهة الرسمية المعنية 9- عدم تقييد حرية المنظمات في التمتع بحق حرية التعبير وحق توجيه النقد البناء باعتبار هذه المنظمات هي كالمرأة التي تعكس عمل الحكومة وبنفس الوقت تعكس هذه الافعال الى المجتمع للاطلاع عليها وان لا يفرض اي قيد على هذا الحق 10- نقترح ان تخصص الدولة بعضا من الاموال دعما لهذه المنظمات وفقا لسياقات قانونية مع ضرورة التاكيد على جهود المتطوعين في التمويل وان يكون هناك تنسيق لهذه النشاطات مع الجهات الرسمية والحد من التمويل الخارجي باعتباره اداة للفساد والمفسدين وان يكون الاشراف المالي لهيئة النزاهة والرقابة المالية لتدقيق مشاريع المنظمات وميزانيتها . واخيرأ فاننا نتحدث عن منظمات المجتمع المدني فانها ليست بديلة عن الدولة ولكنها تتمتع بحق طبيعي هو الاستقلالية والحيادية كما ان الدولة تتمتع هي الاخرى بحق طبيعي تجاه هذه المنظمات ممثلا بالمسائلة والشفافية والالتزام بالدستور والقانون ,واذا كان الواقع العملي قد افرز قلة من المنظمات المجتمع المدني الفاعلة والجمعيات الانسانية والخيرية هذه المنظمات لعبت دورا فاعلا في الحيا ة المجتمعية ومنها على سبيل المثال جمعية السجناء الاحرار التي اخذت على عاتقها مهام كثيرة تتعلق بالسجناء والمعتقلين في كافة انحاء العراق كونها تمتلك(19 ) فرعأ وابرزت نشاطها الميداني لفئة كبيرة من المجتمع قولا وتصرفأ وفعلا واخيرأ يبقى عنصر المواطنة الحقة وتبقى مسؤولية الدولة تجاه هذه المنظمات والتي لانشك فيها بانها مسؤولية دستورية وقانونية وفعالة وبما ان العراق في حالة تطور فاننا نبغي المزيد من الدعم خدما للصالح العام وان يكون مسير هذه المنظمات وانشطتها مقيدة بالدستور والقانون والاتفاقيات الدولية بهذا الصدد لكي يكون نشاطها يتماشى والاهداف والرؤى التي تسعى الى تحقيقها...
#رزاق_حمد_العوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من المسؤل عن سرقة ونهب الاموال العراقية؟
-
ستنتخبون من ايها المهجرون والمهاجرين العراقيين
-
التدهور البيئي في العراق , الاسباب والنتائج
-
الرأي الفقهي لتفسير ملكية النفط والغاز وفقأ للنص الدستوري ال
...
-
السياسة الاجتماعية للطفولة
-
القانون الدولي لحماية حقوق السجناء والمعتقلين
-
محكمة العدل الدوليه ودورها في رفع الجزاءت عن العراق وفقا لاخ
...
-
الابعاد الحقيقية للستراتيجية الامريكية في العراق والمنطقة
-
المعايروالقواعد الدولية للانتخابات الحرة والنزيهة ,وهل الانت
...
-
رسالة شكوى والتماس الى السيد الامين العام للامم المتحده بموج
...
-
رسالة مفتوحه الى السيد وزير الهجره والمهجرين العراقي
-
سلطة مجلس الامن في فرض الجزائات على العراق
-
الديمقراطية مفهوما وتطبيقا
-
رسالة مفتوحة الى السيدة وزيرة حقوق الانسان
-
حقوق الطفل في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والواقع في المشهد
...
-
رسالة مفتوحه الى السيد رئيس جمهورية العراق المحترم
-
العنف ضد المرأه انتهاك لقوانين الشرعية الدولية والقانون الان
...
-
من المسؤول عن سرقة ونهب وتدمير الاثار العراقية....؟
-
اضفاء الطابع الاانساني على الحرب وفقا لمبادىء وقواعد القانون
...
-
الاسس التاريخية والقانونية لنشأة منظمات المجتمع المدني
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|